المتابع لحوادث تعقيد سير الطرق السلمية للتغيير عبر حادث العرضي ومجزرة سناح والزج بالأطفال ليكون ضحايا معارك سياسية واغتيالات الكوادر الأمنية يجعلني في حيرة وتساؤل عن الرصيد المتبقي من دمائنا لينال كل منا رغبته وهدفه؟ .. فالمخلوع مثلاً إلى كم سيحتاج من دمائنا ليثبت لليمنيين انه الوحيد القادر على إدارة البلاد ليندم المواطن على يوم من أيامه وتنجح ثورته المضادة وتعود أسرته وحاشيته في الجنوب والشمال إلى الحكم ... والمخدوع ( البيض) إلى كم سيحتاج من رصيد دمائنا حتى تصل طائرته إلى مطار عدن ليحدثنا عن النعيم الزائف في أيامه الخوالي و ليزايد بتلك الدماء التي خانها وباعها وكأنها حذاء يلبسه ويخلعه متى يشاء وتناسى انه عندما تكون حافيا فالوطن لا يساوي حذاء ... والى كم ستحتاج ثورة الشباب من الدماء لتبقى صامدة تؤسس للوطن الأكبر وتحمي مخرجات الحوار وتجبر ضرر اليمنيين اجمع وتسقط نظرية المؤامرة القائمة وتمضي بنا إلى دولة لا تعرف انفصال المخدوع ولا وحدة المخلوع فكلاهما طعمه كالسم الزؤام.. سيل الدماء المنهمر من حادث العرضي و دماج إلى دم بن حبريش و مجزرة الضالع وصبية المنصورة و ما سبق هذه الأحداث الدامية طيلة فترة الثورة الشبابية وفعاليات الحراك ,المتأمل في هذا السيل من الدماء يراه يصب في مجرى واحد وهو تأجيج المختلف وتفريق المؤتلف وشحن النفوس وإذكاء المناطقية في الجنوب والطائفية في الشمال هذا المجرى يغذي تحول النهج السلمي للحراك ليصبح مسلحاً وليبتلع الحراك حينها نفسه ويقضي على أي منجز إن وجد في سجلات نضاله المشروع, ويضع شمال الوطن في بؤرة الصراع الطائفي.. كثرة الفجائع بالدماء لا يراد منها إلا أن تحبط كل مؤيد للتغيير وتقضي على آمال كل محايد لا يزال يملك بصيصاً من الأمل في هذا التوقيت الصعب. أصبح الكل يراهن على انتصاره بمعدل إراقة الدم في سبيل الهدف والغاية ولم نفكر في صيانة الدم وزيادة رصيده, وان كان لابد من إراقته فلن يراق إلا في اليوم الذي نريده أن يراق , صحيح كل مشروع يحتاج إلى تضحية لكن بأقل خسارة ليكون مشروع بناء, لكن ليس في أتون مؤامرات تحاك ونحن ننفذ كما قال الخبير الإسرائيلي جاي ياخور :مستقبل كياننا أن نسهل إقامة الكيانات الطائفية و المناطقية في البلدان العربية !!في الوقت الذي نستهلك فيه رصيد دمائنا تنعم إسرائيل بمضي عام 2013خالي من النزاعات الداخلية فقد تفرغت هي وبقية الأنظمة العربية اللاعبة لإنهاك دول الربيع العربي في صراعات تزيد من معاناة مخاض ذلك الربيع الذي يهدف للانتشار وزوال هذه الأنظمة التي سيعقبها زوال دولة الكيان . بين يدي هذه الكلمات أخاطب تلك الأدوات التي يستعملها المخلوع لإراقة الدماء ..أو تلك المجاميع التي تشعل الفتيل لتختبئ بعد نيل المستحقات وتنفيذ المهمات ويذهب الأطفال والأبرياء ضحايا .. وأقول كذلك للأمن من بين هذه السطور .. أقول لهم جميعا : على من كل منا يصوب ناره وكأن بلادنا تصلح لتكون بقعة لمعارك أخرى كذكرى يناير وصيف 94 وكأننا لا نجيد إلا تكرار الماضي .. من بين هذه السطور تركت السياسة بكماء لا تنطق لينطق ضمير قلوبنا .... لتنطق فينا قبلة نتوجه إليها كل صلاة تتضاءل عظمتها أمام نقطة دم من دمائنا .. لا اعتقد أن أفضل ما لدينا لإيجاد الحلول هو أن نستهلك ما تبقى من رصيد الدماء ونتاجر بدماء الآخرين ..فالعاجز الذي تغريه مشاريع الهدم ويستصعب مشاريع البناء ولم الشتات وتغليب المصلحة . هزيمة الوعي في أوساطنا جعلت من تلك الدماء وسيلة للفرز جهويا أو مناطقياً أو طائفياً بدل أن توحد نظراتنا وتلفت انتباهنا ويزداد وعينا بالمستفيد الأكبر من سقوط الضحايا و الأبرياء ويقتل بعضنا بعضاً .. هزيمة الوعي التي جعلتنا ننظر لمن يحمل سلاحه يتمترس في أحياء تكتظ بالأهالي والأطفال ولم نحرك ساكنا لإبلاغهم أن الأحياء ليست مكانا للمعارك أو الهرب من الاشتباكات . هزيمة الوعي التي قتلت فينا الايجابية وصناعة الأمل وجعلتنا مكتوفي الأيدي تجاه من يريد تكرار مآسي الماضي .. برغم هذا الألم إلا أنني لازلت أجيب من يسألني عن أحوالنا بإجابات الأمل والتفاؤل قائلاً : قال (السماء كئيبة!) وتجهما قلت:ابتسم يكفي التجهم في السماء !