عدن أون لاين/ متابعات: بالرغم من أن «الحراك» بدأ منذ أكثر من 4 سنوات، إلا أن مختلف اللقاءات التي عقدت للتباحث في القضية كانت عادة في دول غربية وبحضور محدود. ولكن منذ مطلع العام الحالي، نشطت القيادات الجنوبية في التجهيز للعديد من اللقاءات في بيروت والقاهرة، المقر الحاضن لمعظم هذه الأنشطة، في ارتباط كبير بتطورات «الربيع العربي» وتبدّل القيادات التقليدية التي لم تكن تسمح بمثل هذه الاجتماعات التي كانت ترى فيها تهديدا لنظام صديق. الثابت أن اندلاع الثورة الشبابية مطلع فبراير 2011 أعاد الزخم للحراك الذي بدأ يخفت تدريجيا بعد انطلاقته العاصفة في عام 2007، حينها ظهرت حركة الاحتجاجات الشعبية ذات قاعدة واسعة في المحافظات الجنوبية، كحركة حقوق تطالب بالمساواة في ظل القانون وبتغيير العلاقات بين الشمال والجنوب.. وكل ذلك في إطار بلد موحد. الحكومة ردت على المطالب بالقمع، كما أنها تجاهلت بشكل كبير الوعود التي كانت قد أطلقتها بالإصلاح. وبحلول عام 2009، كان الحراك قد بدأ يطالب باستقلال الجنوب. وفي الأشهر التي أعقبت ثورة الشباب بات من الواضح أن نفوذ الحراك وشعبيته في الجنوب في حالة صعود، خصوصا في مدينة عدن التي احتضنت أضخم فعاليات الحراك الجنوبي خلال مناسبتي 14 أكتوبر و30 نوفمبر وشهدت حشودا هائلة الجمعة الماضية في إحياء ذكرى التصالح والتسامح. هل يمكن للتطورات الراهنة فتح فرص جديدة لتسوية قضية الجنوب سلمياً بتدخل دولي وإقليمي؟ إذا تصرفت كل الأطراف بحكمة، ينبغي أن يحدث ذلك. تؤكد المؤشرات على أن حكومة الوفاق والحراك المنادي بفك الارتباط في الداخل والخارج- باستثناء الفيدراليين- سيسيران نحو تلك الحصيلة. فمع تنامي الإحباط ومعه انعدام ثقة الجنوبيين بأن أي شيء يحدث في الشمال يمكن أن يحسن من أوضاعهم، خصوصا مع تزايد الاضطرابات وعدم الاستقرار في الجنوب وتوسع القاعدة في شبه الجزيرة العربية وغيرها من الجماعات العنيفة باتت مزدهرة أصلاً في ظل تزايد الفوضى وعدم الاستقرار؛ وبالتالي فإن مزيداً من التدهور سيؤدي إلى توسيع نفوذ هذه الجماعات وهو ما يدفع القوى الإقليمية والخارجية لتأييد يمن موحد. ثمة حاجة ملحة لرسم طريق واضح نحو إعادة تعريف العلاقات بين المركز والأطراف. وهذا يمكن تحقيقه فقط من خلال حوار شامل يعترف بالمظالم المشروعة للجنوبيين وأهمية إصلاح تلك العلاقة بشكل حقيقي. ثمة أربع نتائج محتملة يجري نقاشها في مختلف الأوساط، وبدرجات متفاوتة من الشعبية: المحافظة على دولة الوحدة لكن مع تحسين أداء الحكومة؛ والمحافظة على دولة الوحدة لكن بتفويض صلاحيات كبيرة للمحافظات؛ وإقامة دولة فيدرالية تتكون من إقليمين أو أكثر؛ وانفصال الجنوب. المحافظات الجنوبية وهي تطوي 4 أعوام من الحراك قدمت خلالها مئات الشهداء وآلاف الجرحى، يجاهر كثير من مواطنيها اليوم بحنينهم إلى دولة ما قبل 90م، ما لا ينبغي إغفاله هو أن ذلك يتصادم مع ما يطرحه طيف واسع من الجنوبيين بمن فيهم المنضوين تحت أحزاب المعارضة (المشترك) الذين أعادوا رفع أعلام الوحدة في معظم مناطق البلاد مع بدء الثورة في رسالة واضحة أحدثت نوعا من التوازن على الساحة الجنوبية. تحتاج البلد اليوم لإعادة تعريف العقد السياسي الناقص والفاشل الذي يربط بين مختلف مكونات البلاد. إلا أنها، وفي الوقت نفسه، رفعت بشكل كبير كلفة عدم التحرك. إذا لم يتم القيام بشيء وفوراً للتصدي سلمياً للمظالم الوطنية الشاملة والمظالم الجنوبية على نحو خاص، فإن فصلاً أكثر سواداً وشؤماً على وشك البداية.