عدن اون لاين/ حاوره/ أبوبكر الجبولي أفرزت ساحة الحرية بطور الباحة واقعا ثوريا رائعا منذ الوهلة الأولى لانطلاق الثورة في عموم الوطن وتواكب حماسها الثوري مع كل الأنشطة الثورية المحيطة تعددت فيها الكيانات الثورية المدنية والعسكرية لكنها كانت مثالا في الانسجام والاتفاق وبما يخدم الثورة وواحدية النضال حتى مع تلك المحاولات التي كانت تحاول الزج باسم الحراك الجنوبي في صراع مع شباب الثورة. ومن هذا التعامل العقلاني الراقي برز مجلس قيادة الثورة السلمية الشبابية الشعبية في طورالباحة ككيان واسع يفتح الباب أمام مزيد من نقاط الالتقاء والانسجام . التقت أخبار اليوم أمينه العام أستاذ التاريخ في جامعة عدن محمد أحمد محمد صالح ومن خبراته كسياسي وثائر واعي أثارت معه عديد تساؤلات وخرجت بالاتي: مجلسكم الثوري من أين أنطلق وماهي أهدافه وهل نجح فيما طمح إليه حتى الآن؟ - مجلسنا تكوين سياسي اجتماعي ثوري وهو كسائر المجالس والائتلافات التي تعج بها الساحة الوطنية انطلق من الواقع والمستجدات التي أفرزتها ثورة الربيع اليمني والحراك الشعبي السلمي ويعكس في نشاطه السياسي والاجتماعي والثوري وهيكله التنظيمي رؤى المكونات المنضوية فيه حتى الآن ومجلسنا منذ تأسيسه مستمر في مد جسور التواصل والتنسيق سعياً منه لإستقطاب لتوسيع قاعدته الجماهيريه الكفيلة لتحقيق أهدافه القريبه والبعيدة والمحددة في لائحته الداخلية ووثائقه وأدبياته الأخرى . ما دوركم في الواقع المحيط وخصوصاً فيما يدور في المديرية ومعاناة الناس إزاء العديد من القضايا؟ تأتي على رأس أهداف مجلسنا المحلية توحيد النسيج الاجتماعي لأبناء المديرية والحفاظ على مكتسباتهم وتلبية احتياجاتهم الخدمية والتنموية والمعيشية ووقف حالات الانفلات الأمني ,فالمديرية تكاد تكون جميع مرافقها ومؤسساتها مشلولة وكثيرا ما يدعوا المجلس القائمين عليها لاستئناف عملهم واستعداده ان يكون عوناً وسنداً لهم هذه هي اهدافنا في اطار المديريه . ما يدور في أبين أمر أثار لغطاً كبيرا إلى أي مدى نجحت القاعدة في تجذير وجودها في البلد؟ - الأمور الجارية في أبين أو شبوه ورداع أو في صعده أو في أماكن أخرى من اليمن ليست محيرة للعارفين بمراكز القوى السياسية المحلية والإقليمية والدولية ولامفاجات لمن يقرا بتمعن تجاذبات هذه القوى وصراعها المحموم من اجل رسم ملامح الخريطة السياسية لليمن والمنطقة الشرق أوسطية ومن أجل تحديد هوية النظام السياسي في اليمن على النحو الذي يمكنه من لعب الدور الإقليمي والدولي المحدد له سلفاً هذه المعطيات يضاف إليها واقع اليمن الاقتصادي والاجتماعي والثقافي إلى جانب إنها توفر بيئة مناسبة وأرضيه خصبة لنشاط القاعدة وتجذير تواجدها فإنها أيضاً جعلت من القاعدة حمالة أوجه فلم تعد في اليمن قاعدة واحدة التي نعرفها، بل أصبحت توجد عدة قواعد مستنسخه وبمرجعيات متعددة وأعتقد أن التخلص من القاعدة على المدى القريب والبعيد مرهون بدرجة أساسية بتحقيق استقرار اليمن اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وأمنياً وبتوقف مراكز القوى المحلية والاقليميه والدولية عن استنساخ قاعدات خاصة بها والكف نهائياً عن اللعب بورقها وبتظافر جهود الجميع لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه . هل للثورة اليمنية مايميزها عن باقي ثورات الربيع العربي ؟ ما من شك في أن للثورة اليمنية خصوصياتها التي تميزها عن كل ثورة من ثورات الربيع العربي منفردة أو مجتمعة وهو شيء طبيعي ناتج عن أختلاف واقع وأوضاع كل قطر عربي عن الأقطار العربية الأخرى . الدولة المدنية هدف ثوري كيف تنظر إلى هذا الطرح من حيث إمكانية تحقيقها في اليمن؟ - رفعت ثورة الربيع اليمني شعار إقامة الدولة المدنية تماماً كما رفعت ثورات سبتمبر وأكتوبر ومايو شعارات الجمهورية الوحدة الديمقراطية العدالة الحرية إلى آخر وإذا نظرت إلى هذا الشعار من حيث متطلبات ومعوقات قيام هذه الدولة إنطلاقاً من قرائاتي التاريخية البسيطة أقول كان اليمنيون يعلقون آمالهم على وحدة 22 مايو التي اعتبرها البعض ثورة اليمن الثالثة في تحقيق الشعارات التي ظلت مرفوعة على إمتداد 50 عام تقريباً لكن انظر ما الذي افرزته هذه الثورة الثالثة ستجد أمامك قضية سياسية بإمتياز وهي القضية الجنوبية وستجد قضية صعده وستجد ثورة الربيع الحالية وقبلها الإقصاء والتوريث وتأبيد الحكم من هنا يمكن لنا رؤية المعوقات التي تقف في طريق إقامة الدولة المدنية أي أن ثورة الربيع اليمني كثورة يمنية رابعة إذا صح لنا القول مطالبة بحل كل المشاكل والقضايا وعلى رأسها القضية الجنوبية وبتحقيق كآفة الشعارات التي رفعتها الثورات السابقة لها بكل ما تحمله هذه الشعارات من مضامين ودلالات كي يتسنى لها إقامة الدولة المدنية المرجوة . - قراءتك لتطورات المشهد بعد عام من الثورة؟ - بعد عاماً من قيامها حققت ثورة الربيع اليمني الكثير من الانتصارات والمكاسب منها على سبيل المثال وليس الحصر كسر حاجز الخوف لدى الناس دق آخر مسمار في نعش التوريث والتمديد والاستبداد الفردي والسياسي والمناطقي، تعميق ثقافة القبول بالآخر ، إثبات خطأ سياسية الإقصاء والتهميش والضم والإلحاق ، الدفع بالمرأة والشباب وبكآفة فئات وشرائح المجتمع إلى الساحات للمشاركة في تقرير مصير اليمن ومستقبله ، والتأكيد على نجاح النضال الجماهيري والسياسي السلمي ، إظهار حضارية الإنسان اليمني وحيويته وتوقه لبناء دولة المؤسسات والنظام والقانون ، إفراز اصطفافات وتحالفات سياسية في مختلف الميادين والساحات ، إحداث شرخ في بيئة النظام السياسي وإضعافه وتهيئة المناخات المناسبة لإسقاطه وغيرها الكثير . يعني ماهي المسارات المحتملة للثورة في قادم الأيام بنظرك؟ - المسارات المحتملة للثورة في قادم الأيام ستكون مرهونة بالكيفية التي ستسير فيها العلاقة بين أهم أطراف العملية السياسية التي أفرزتها الثورة كاطراف سياسيه تأخذ على عاتقها تشكيل حكومة الوفاق وقيادة المرحلة الانتقالية لتنفيذ المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن الدولي 2014 من جهة ومكونات الثورة في مختلف الميادين والساحات والحراك الجنوبي السلمي كحامل سياسي للقضية الجنوبية والحوثيين كحامل سياسي لقضية صعدة وغيرها من القوى السياسية المعارضة لحكومة الوفاق من جهة أخرى وعلى مدى إقتراب أو إبتعاد حكومة الوفاق لتحقيق أهداف الثورة وتطلعات الشعب ستتحدد مسارات الأحداث القادمة في اليمن عموماً . برز بعض التباين بين المكونات الثورية إلى ماذا يرمي ؟ - ثورة الربيع اليمني استوعبت في صفوفها قوى محركة كثيرة تمثل كآفة مكونات المجتمع اليمني من مختلف طبقاته وفئاته وشرائحه الاجتماعية ومن شتى القوى السياسية والعسكرية والقبلية والفكرية ومن سائر منظمات المجتمع المدني وتنتصب أمامها قضايا عدة لا يمثل إسقاط النظام إلا مدخلاً لحلها مثل القضية الجنوبية ومشكلة صعده وغيرها من القضايا التي راكمها الواقع السياسي اليمني منذ سنوات لذا فمن لبديهي جداً وجود مثل هذا التباين في مكونات الثورة تماماً كما توجد قواسم مشتركة بين هذه المكونات لكن يجب على كل هذه المكونات أن تلجأ إلى طاولة الحوار لحل كآفة التباينات الموجودة بينها وعلينا إلا نستبعد أيضاً إمكانية تغيير الإصطفافات السياسية والاجتماعية عند كل منعطف من منعطفات الثورة القادمة . كيف تقيم التدخل الإقليمي والدولي في الشأن اليمني؟ - التدخل الإقليمي في الشأن اليمني يفرضه بدرجة أولى موقع اليمن الجيو- سياسي الهام فالقوى الأقليميه تقلقها أوضاع اليمن غير المستقرة ولا يمكن لها أن تبقى طويلاً في موقف المتفرج حيال الأحداث والتطورات الجارية فيها كما أن التدخل الخارجي في شؤون أي بلد لا يستطيع أن يتسرب إلا من خلال الثغرات الداخلية وفي كل الحالات فإن عوامل الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي لأي بلد ووحدته الداخلية الراسخة والمتماسكة وامتلاكه القدرة على حل مشاكله الداخلية أي كانت هي الحصن الحصين لأي مجتمع لأي بلد من أي تدخل إقليمي أو دولي في شأنه الداخلي. ألا تعتبرون أن بقاء أبناء الرئيس وأقاربه في مناصبهم يمثل استفزازاً لشباب الثورة ؟ - ليس فقط بقاء أبناء الرئيس وأقاربه في مناصبهم هو ما يستفز شباب الثورة ولكن بقاء كثير من رموز النظام ومؤسساته وقدرتهم على الحركة والمناورة وبقاء الخوف من الانحراف بالثورة عن مسارها ومحاولة احتوائها وإفراغها من مضامينها وقيمها الديمقراطية والمدنية يستفز الثوار ودماء الشهداء وتطلعات اليمنيين للاستقرار والحرية والعيش الإنساني الكريم وهو خوف جسده شاعر الماضي والحاضر والمستقبل عبدالله البرد وني بقوله: لماذا الذي كان مازال يأتي لأن الذي سوف يأتي ذهب برأيكم ما الذي يجب على حكومة الوفاق تحقيقه كأول خطوة ؟ - يجب على حكومة الوفاق أولا إزالة المظاهر المسلحة المستحدثة في المدن والأحياء والشوارع وإعادة قوى الجيش والأمن إلى ثكناتها ووضع هيكلة وطنية للقوات المسلحة واتخاذ إجراءات وخطوات ملموسة توفر الظروف المناخات الملائمة لاستمرار الحوار والتواصل بين كآفة الأطراف المعنية بتحقيق أهداف المرحلة الانتقالية وتثبت من خلالها أهليتها لكسب ثقة الجميع ولو بشكل تدريجي وتصاعدي وتكون ثمرات ذلك كله إعادة تطبيع الحياة في مختلف جوانبها . ماهو العائق الذي تعتقد أنه سيكون حجرة عثرة أمام هذه الحكومة لتحقيق أهدافها؟ - العوائق التي تقف حجرات عثرة أمام هذه الحكومة كثيرة وأخطرها على الإطلاق هي تلك العوائق والأمراض الحاملة لها بين طيات مكوناتها لكن بمقدور هذه الحكومة بعد أن اتفقت على برنامج عملها تذليل معظم الصعاب وتخطي معظم العوائق إذا ما امتلكت إرادة سياسية وطنية حقيقة تبرهن بها للداخل والخارج إنها حكومة وفاق لا حكومة شقاق . بحكم خبراتك المتراكمة هل تستطيع حكومة الوفاق حل قضيتي صعده والجنوب؟ - لا أعتقد أن بمقدورها حلها حلاً جذرياً تقبل به كآفة الأطراف ذات الصلة بهما ولكني أتفاءل بقدرتها على الإسهام بفعالية في المضي قدماً على هدى خارطة حلهما ، فالقضية الجنوبية ومشكلة صعده أوجدهما وخلفهما النظام السابق وتسبب في إبقائهما مع قضايا كثيرة غيرهما ضمن القضايا المعقدة والمستفحلة إمام أي نظام يأتي من بعده ، وهما ضمن قضايا كثيرة أثبتت عجزه ليس فقط أن يكون مؤهلاً لحمل لواء أهم مشروع حضاري في تاريخ اليمن شماله وجنوبه الحديث والمعاصر وإنما أيضاً عن الحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي وتعايش التركيبة الدينية والقبلية والمناطقية في الجزء الذي حكمة قبل الوحدة وأتى به إليها ولأن الحكومة الحالية لا تمثل كآفة أطياف، وأطراف العملية السياسية في اليمن بجميع مكوناتها فإن قضايا بهذه الحجم يقف أمامها مؤتمر الحوار الوطني الذي ينبغي أن يتم خلال الفترة الانتقالية . الانتخابات القادمة تعترضها قوى ممانعة كثيرة(كالقاعدة – والحراك – والحوثيين) هل تعتقد أنها ستجرى في موعدها وماذا إذا نجحت قوى الممانعة في عدم إجراءها هل سيؤثر هذا على شرعية الرئيس المنتخب ؟ - إلى جانب هذه القوى الثلاث لا تنس ساحات وميادين الحرية والتغيير وألاصوات التي ترتفع منها معبرة عن معارضتها ومقاطعتها أيضا. أهم مافي هذا كله هو على من سيشارك في الانتخابات ألا ينتقص من حق الآخرين في مقاطعتها وعلى من سيقاطعها لا ينتقص من حق الآخرين في المشاركة بها للجميع الحق في التعبير عن موقفه منها بطرق سلمية وحضارية ومن مصلحة المشاركين فيها والمقاطعين لها أن تتم في موعدها المحدد ليظهر كل معسكر حجمه وثقله الشعبي والجماهيري وإذا لم تجري في موعدها فإن العملية السياسية برمتها ستصاب في مقتل لان عدم إعطاء شرعية لعبدربه منصور هادي عبر هذه الانتخابات ستجعل علي عبدالله صالح يتمسك ببقاء شرعيته حتى إنهاء فترة ولايته عموماً فإن هذه الانتخابات ستجري في ظروف صعبة وغير طبيعية وقانون الانتخابات اليمني الحالي يسمح بفوز مرشح الرئاسة وبصرف النظر عن نسبة المشاركين والمقاطعين لها فإن نتائجها ستكسبه الشرعية كرئيس منتخب . ختاما ما رأيكم في قيادة عبدربه منصور هادي للمرحلة القادمة؟ - يجب الأخذ بعين الاعتبار وجود جهات تقف على رأسها الجهة السياسية المحسوب عليها عبدربه منصور هادي أظهرت موافقتها على نقل الصلاحيات الرئاسية اللازمة إليه وأضمرت له مختلف العراقيل والمكائد للحيلولة دون وصوله ووصول البلاد إلى استحقاق 21 فبراير الحالي فإن هذا الرجل هو نتاج وإجماع قوى محلية وإقليمية ودولية فاعله ومؤثرة في المشهد اليمني وهو محط مباركتها وتقديرها وسيحظى هو وحكومته بدعمها ومؤازرتها وفوق هذا وذاك فإن تجربته السياسية الطويلة ومزاياه وقدراته الذاتية واستعداده للخوض في غمار هذه التجربة الجديدة توفر له مقومات النجاح والتوفيق في قيادة وأحده من أصعب وأخطر المراحل التي ولجت فيها اليمن اليوم.