البريطاني ديفيد جون موكيت الذي أغتيل قبل أيام في المعلا عدن أونلاين/ تقرير: عبدالخالق الحود لم يتلاش بعد وقع الصدمة من نفوس أهالي المعلا رغم مرور أيام عدة منذ اهتزت المدينة بدوي انفجار شديد الأربعاء الماضي استهدف سيارة خبير بريطاني.. لم يكن وقع الانفجار هو ما صدمهم رغم شدته إنما الرسالة التي حملها مع مكونات العبوة المتفجرة، ومفادها: عدن دخلت على خارطة استهداف الأجانب الذين طالما وجدوا فيها الأمن والأمان أكانوا في زيارة عمل أو سياحة. ولأنها المعلا صاحبة الريادة على مستوى الجزيرة العربية في التخطيط العمراني والتطور الحضري حمل التفجير الذي أودى ب (ديفيد جون موكيت – 65 عاما) دلالات غاية في الخطورة، أهمها نزع ما تبقى من طابع المدنية والسلم الاجتماعي والجنوح إلى الانفتاح على مختلف الثقافات الإنسانية وتقبل الآخر مهما كانت جنسيته أو عقيدته عن عدن ومواطنيها. هكذا مخاطر استوجبت التعمق في أبعاد جريمة تفجير الخبير البريطاني من جانب، وتسليط الضوء على مظاهر الفوضى والانفلات التي باتت عليها أولى مدن الجزيرة العربية، والتي ماتزال منذ نحو خمسة أشهر عجاف مسرحا مفتوحا لقطع الشوارع والطرقات وانتشار المسلحين وترويع المواطنين الآمنين بدوي الانفجارات ولعلعة الرصاص ليلا ونهارا إلى حد يهدد بوقوع كارثة وشيكة.
من وراء الجريمة؟ فتح استهداف الخبير البريطاني ظهيرة الأربعاء الماضي أمام مكتبه في مدينة المعلا بمحافظة عدن الباب على مصراعيه لأسئلة كثيرة وكبيرة أبرزها: من المستفيد من تنفيذ هذه الجريمة؟ ولماذا في عدن وبالقرب من مينائها الشهير وفي هذا التوقيت بالذات؟! المؤكد أن هذه الأسئلة وغيرها سابقة لأوانها, وأن إجاباتها ستنجلي فور انتهاء التحقيق، غير أن أمر الرسائل التي أريد إيصالها لهذه الجهة أو تلك من قبل هذا الطرف أو ذاك دفع ثمنها البريطاني (ديفيد) حياته.
إرهاب أم سياسة؟ الترجيحات تذهب - في الغالب الأعم - نحو اتهام القاعدة باعتبار أن أوليات التفجير تشير إلى ثنائية شخص المستهدف وجنسيته وطريقة الاستهداف بالعبوة الناسفة. وربط البعض الآخر بين دعوة الحكومة البريطانية نقل السلطة في اليمن وتوقيت الحادث، الذي جاء بعد يوم واحد من الدعوة في إشارة واضحة إلى تورط أطراف في السلطة أو موالين لها في التفجير، بحسب متابعين. بعيدا عن التكهنات فإن الأهداف السياسية تبدو حاضرة بشكل واضح في اختيار نوع الهدف وزمانه ومكانه فعدن تشهد انفلاتا أمنيا واضحا وخروج مديريات كاملة عن سيطرة السلطة منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في منتصف فبراير الماضي، وهي المدينة ذاتها التي شهدت مؤخرا حوادث مماثلة كان معظم ضحاياها شخصيات عسكرية وأمنية، غير أن عملية بهذه الدقة تتطلب دعما لوجستيا وتخطيطا ومعلومات مسبقة واختيارا للهدف يحقق الغرض الذي من أجله حصل الفعل يوازي أو يزيد. فاستفادة السلطة تتمثل في محاولة إقناع الأطراف الدولية بأنها الشريك المضمون القادر على مكافحة الإرهاب الذي بدأ يستهدف المصالح الغربية بشكل مباشر يوم أن بدأ النظام في الانهيار.. وعلى الجانب المحلي يأتي الحادث أيضا بعد أيام قليلة من وعد القائم بأعمال محافظ عدن عزمه فتح الطرقات المغلقة منذ شهور في مديريتي المعلا والمنصورة بالقوة إن تطلب الأمر ذلك، الأمر الذي يبرر للسلطة سلفا في حال إقدامها عليه وسقوط ضحايا حيث ستنطلق من منطق أن استمرار الانفلات في تينك المديريتين قاد إلى عواقب وخيمة عاد ضررها على الدولة والمواطن على حد سواء. وإذا سلمنا جدلا بأن من يقف وراء الحادث هي الجماعات الجهادية التكفيرية فهل تنفيذها عملية بهذا المستوى يمكن أن يحقق لها مكاسب مثل خلط الأوراق في عدن تخفيفا للضغط الذي تتعرض له عناصرها في مدينة زنجبار.. إذا لا نستبعد في هذه الحالة وخلال الساعات القليلة القادمة أن يظهر علينا فصيل منها يتبنى العملية انتقاما لمقتل الشيخ أسامة بن لادن.