أدى رواج العملات النقدية المزورة في الأسواق اليمنية وتزايد العصابات المروجة لها إلى زيادة المخاوف في الأوساط الاقتصادية والمالية من خطر تفاقم هذه الظاهرة على الاقتصاد المحلى، نظراً للظروف الأمنية الاستثنائية التي تعيشها البلاد. ويخشى اقتصاديون يمنيون من إمكانية ارتباط هذه المشكلة بالصراع السياسي، ومن وجود قوى سياسية نافذة تعمل في الخفاء على تنشيط أسواق العملة المزيفة لتحقيق أهداف سياسية من وراء تعطيل حركة النشاط الاقتصادي.
عصابات متخصصة وكانت تقارير أمنية كشفت عن وجود كميات كبيرة من العملات النقدية المحلية والأجنبية المزورة في الأسواق اليمنية، بالتوازي مع ظهور عصابات محترفة ومتخصصة في مجال تزييف العملات تعمل بإمكانيات فنية وتقنية متطورة.
وقال مدير البحث الجنائي بمحافظة تعز عبد الحكيم المغبشي إن قوات أمنية داهمت الثلاثاء الماضي أحد الفنادق وسط المدينة، وألقت القبض على عصابة مكونة من أربعة أشخاص وبحوزتهم مبالغ مالية مزورة لعملات محلية وأجنبية وأجهزة رقمية شديدة الدقة والوضوح ومواد أخرى تستخدم في التزييف.
وأكد في حديث للجزيرة نت أن الأجهزة الأمنية في تعز لا تزال تتعقب آخرين يعملون مساعدين على تصريف العملات بأسواق المدينة مع هذه المجموعة، ضمن شبكة كبيرة من المروجين للعملات المزيفة أخذت تنشط مؤخراً في البلاد.
وفي حين لم يفصح المسؤول الأمني عن حجم تلك العملة المزورة ، قال إن عناصر هذه المجموعة ذكرت أرقاما خيالية أثناء التحقيقات معها وأقرت بالقيام بتصريف كميات كبيرة من العملات النقدية المحلية والأجنبية المزورة بالأسواق المحلية وعبر محلات الصرافة.
قضايا تزييف وخلال الشهرين الماضيين، أعلنت السلطات القبض على أخطر عصابات متخصصة في مثل هذه الأعمال بمحافظتي إبوصنعاء ، حيث تباشر نيابة الأموال العامة الابتدائية بالعاصمة صنعاء التحقيق في ثلاث قضايا تزييف عملة تم ضبط المتهمين فيها وبحوزتهم مبالغ كبيرة من العملة المزيفة.
ونقلت صحيفة الثورة الحكومية عن مصادر قضائية قولها إن عمليات التزوير دقيقة ولا يمكن كشفها إلا عبر الأدلة الجنائية وخاصة العملات الصعبة.
صادق الحكمي عزا الغرض من تزييف العملات إلى أحد أمرين إما تجاري أو استخباراتي (الجزيرة نت) وأوضحت أنه تم ضبط عملة مزيفة للدولار مطابقة للأصل ولا يمكن التمييز بينها وبين الدولارات الحقيقية إلا عن طريق الأدلة الجنائية وذلك لدقة التزييف, طبقا لتقرير الأدلة الجنائية الذي أكد أن هذا الأسلوب والنوع يُعد من أخطر أنواع تزييف العملة.
ويعترف رائد شائف -الذي يعمل بائعاً للقات- بمدينة عدن أنه وقع مؤخراً ضحية تزوير عندما ناوله أحد الزبائن عملة فئة خمسمائة ريال سعودي اكتشف فيما بعد عند ذهابه إلى أحد محلات الصرافة بأنها مزورة.
وقال في حديث للجزيرة نت إن ظهور عصابات بشكل مثير للانتباه تمتهن تزوير العملة وتعمل على نشرها بالأسواق اليمنية دفع به إلى الحذر في تعاملاته المالية اليومية خصوصاً فيما يتعلق بالعملات الأجنبية خوفاً من أن تكون مزيفة.
ويري خبراء عملة وصيارفة أن ما يزيد من انتشار هذه الظاهرة هو ارتفاع كلفة الآلات الإلكترونية لفحص العملة واقتصار استخدامها في البنوك وبعض محلات الصرافة، إضافة إلى جهل عامة الناس والبسطاء بعلامات العملة السليمة ما يجعل خداعهم من قبل المروجين أمراً سهلاً.
غرض استخباراتي ويعزو مدير بنك سبأ في عدن صادق الحكمي الغرض من وراء نشر عملات مزورة إلى أمرين: إما أنه لهدف تجاري تقوم به كثير من العصابات والأفراد لتحقيق دخل مالي (غير شرعي ) أو غرض استخباراتي بحت الهدف منه زعزعة اقتصاد الدولة تقوم به بعض التنظيمات والعصابات الدولية بدعم من دول أو جهات أخرى.
وقال في حديث للجزيرة نت إن هناك فرقا بين التزييف للعملة وهو صناعة ورقة كاملة من البداية حتى النهاية، وبين التزوير وهو إجراء بعض التعديلات والإضافات على ورقة عملة نقدية صحيحة كأن يتم تعديل فئة الواحد دولار إلى مائة دولار.
وأضاف الحكمي: لا يوجد حتى الآن أي أرقام دقيقة حول حجم العملة المزورة الموجودة حاليا في الأسواق، والسبب في ذلك يرجع إلى كون هذه العملات ما زالت موجودة ومتداولة بالأسواق ويصعب على عامة الناس كشفها بسهولة إلا من خلال عرضها على مختصين.