المواقف تكشف الأقنعة عمّن فقدوا بوصلة الجنوب.!    الحديدة و سحرة فرعون    الكثيري يدعو البيئة لتعزيز التنسيق مع المنظمات الدولية    ادانات دولية واسعة لجريمة العدوان الأمريكي على ايران    الدولار في عدن 3000    الإمارات ومليشياتها تضاعف من معاناة المواطنين بالجنوب    خبراء :المشروبات الساخنة تعمل على تبريد الجسم في الحر الشديد    اليمن يعلن الوقوف الكامل مع الشعب الإيراني    أيش ذا يا عم علي.. ليش ذا؟    إيران تطلق دفعتين صاروخيتين وإعلام إسرائيلي يتحدث عن دمار كبير    أيها الرئيس ترامب.. لا تنتحر    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (3)    حادث مفجع يفسد احتفالات المولودية بلقب الدوري الجزائري    أول موجة إيرانية بعد العدوان الأمريكي    السلبية تسيطر على ريفر بليت ومونتيري    الرئيس الزُبيدي يُعزّي الشيخ عبدالرب النقيب في وفاة شقيقه    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    من بينها فوردو.. ترامب يعلن قصف 3 مواقع نووية في إيران    العليمي وبن بريك والمعبقي يصادرون موارد الصناديق الإيرادية الجنوبية    أثار نزاعا قانونيّا.. ما سبب إطلاق لقب «محاربو السوكا» على ترينيداد؟    فلومينينسي ينهي رحلة أولسان المونديالية    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    ترامب يعلق مجددا على استهداف إيران    هاني الصيادي ... الغائب الحاضر بين الواقع والظنون    روايات الاعلام الايراني والغربي للقصف الأمريكي للمنشآت النووية الايرانية وما جرى قبل الهجوم    بتواطؤ حوثي.. مسلحون يحرقون منزلاً في محافظة إب بعد نهبه    الدفاعات الإيرانية تدمر 12 طائرة مسيرة صهيونية في همدان    استعدادات مكثفة لعام دراسي جديد في ظل قساوة الظروف    محافظ تعز يبحث مع مسؤول أممي أزمة المياه والحلول الممكنة    حملة لازالة البساطين والعشوائيات في باب اليمن    تدشين الدورة الآسيوية لمدربي كرة القدم المستوى "C" بالمكلا    ما وراء حرائق الجبال!!    الرهوي يشيد بجهود وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية    الطوارئ الإيرانية: إصابة 14 من طواقم الإسعاف وتضرر 7 سيارات جراء العدوان الصهيوني    إحباط عملية تفجير غربي إيران واعتقال عنصر مرتبط بالموساد    ليفاندوفسكي يحدد وجهته بعد حقبة برشلونة    تشيلسي يقترب من إبرام صفقة مؤجلة    من يومياتي في أمريكا .. بين مر وأمر منه    بين حروف الرازحي.. رحلة الى عمق النفس اليمني    قصر شبام.. أهم مباني ومقر الحكم    الترجي التونسي يهدي العرب أول انتصار في كأس العالم للأندية 2025    فساد الاشراف الهندسي وغياب الرقابة الرسمية .. حفر صنعاء تبتلع السيارات    الاتحاد الأوروبي يقدّم منحة مالية لدعم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 21 يونيو/حزيران 2025    على مركب الأبقار… حين يصبح البحر أرحم من اليابسة    البحسني يكشف عن مشروع صندوق حضرموت الإنمائي    مقتل عريس في صنعاء بعد أيام من اختطافه    مليشيا درع الوطن تنهب المسافرين بالوديعة    صنعاء .. موظفو اليمنية يكشفون عن فساد في الشركة ويطالبون بتشكيل لجنة تحقيق ومحاسبة جحاف    «أبو الحب» يعيد بسمة إلى الغناء    علي ناصر محمد أمدّ الله في عمره ليفضح نفسه بلسانه    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    الأمم المتحدة تقلّص خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن وسط تراجع كبير في التمويل    ديدان "سامّة" تغزو ولاية أمريكية وتثير ذعر السكان    نجاح أول عملية زرع قلب دون الحاجة إلى شق الصدر أو كسر عظم القص    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    الخطوط الجوية اليمنية... شريان وطن لا يحتمل الخلاف    الصبر مختبر العظمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرية الإرهاب والتضييق على المعتدلين
نشر في عدن بوست يوم 12 - 08 - 2015

ظهور الجماعات الإسلامية المتطرفة سببه الحجر على الجماعات الإسلامية «المعتدلة»، هذه مقولة طالما رددها المنتمون للجماعات الدينية. وقد اقتنعت الحكومات الغربية بها لفترة من الزمن، حتى صارت تُلِحّ على الحكومات العربية بفتح المجال السياسي للأحزاب الدينية، وإشراكها في الحكم، ديمقراطيا أو عبر الشراكة والمحاصصة.
وقد تبدو منطقية، بأن إشراك المعتدلين يطرد المتطرفين، لكن ليس لهذه النظرية براهين، على الأقل في ساحتنا العربية. مشكلتهم في مفهوم المشاركة التي تعني احتكار السلطة، بخلاف الإسلاميين في تركيا وإندونيسيا، الذين يعملون ويحكمون في ظل نُظم علمانية، كما أن «الليبرالية الإسلامية» غالبة عليهم، ولا تشبه في شيء إسلامية العرب المتشددة. وغاية الجماعات الدينية المسيّسة الوصول إلى الحكم بغض النظر عن الخطاب والوسيلة، ثم التحول لاحقا إلى نظام يهيمن ويقصي!
بالممارسة ثبت أن معظم الأحزاب الدينية العربية جماعات إقصائية، رغم ما تتحدث عنه من مفهوم الاعتدال والتعايش. وفي تاريخنا الحاضر نماذج كثيرة لها، استدل بأربعة منها. التجربة الأولى كانت إيران. فالحشود التي تظاهرت في شوارع طهران تدعو لإسقاط الشاه، واستقبلت آية الله الخميني في المطار، كانت خليطا من قوى سياسية اتفقت على إقامة نظام يسمح بالتعددية. الذي حدث أن الإسلاميين بعد تمكنهم من الحكم، قاموا بسن قوانين أقصت كل القوى إلا أنفسهم، ثم تخلصوا من منافسيهم بقسوة فاقت ما فعله نظام الشاه بمرات. عشرات الآلاف من مؤيدي أحزاب مثل «تودة» الشيوعي و«مجاهدين خلق» تمت تصفيتهم جسديا.
التجربة الثانية في السودان. فبعد إسقاط جعفر النميري ارتضى السودانيون بنظام سياسي تعددي، وفعلا جرت الانتخابات التي كسبها حزب الأمة، وجاء حزب الاتحادي ثانيا. أما الحزب الإسلامي، لأنه جاء في المرتبة الثالثة، تآمر زعيمه حسن الترابي مع الفريق عمر البشير ونفذوا انقلابا يحكم السودان إلى اليوم بالحديد والنار منذ 26 عاما.
التجربة الثالثة في قطاع غزة. فقد وافقت منظمة التحرير الفلسطينية، ضمن اتفاق أوسلو، على إجراء انتخابات برلمانية عام 2006، ومارس الأميركيون ضغوطا كبيرة عليها للسماح لحركة حماس بالمشاركة، وفق نظرية: إشراك الإسلاميين سيستأنسهم. النتيجة فازت حماس ب76 مقعدا من 132 مقعدا وشكلت حكومة، وبعد سنة أقصت شريكها فتح واستولت على غزة وتخلصت من منافسيها بالقتل والطرد.
التجربة الأكثر إثارة، حكم الإخوان في مصر. ربما لم تكن فترة رئاستهم كافية للحكم على نياتهم، لكن كثيرا من ممارساتهم كان فيها تغول على السلطة والدستور، بالتحكم في القضاء وتعيين النائب العام، في مخالفات تطيح بأي حكومة في نظام ديمقراطي.
وبالتالي لا نجد في نصف قرن حالة عربية واحدة يمكن أن تثبت أهلية الأحزاب الدينية في تعايشها وديمقراطيتها. حتى تونس التي يضرب بحزبها (النهضة)، المثل في اعتداله، الحقيقة لم يصبح معتدلاً إلا بعد إقصاء الإخوان في مصر بالقوة. «النهضة» خاضت انتخابات ما بعد الثورة وفازت ب89 مقعدا من 217 مقعدا، ورأست الحكومة عامين، خلالها حاولت تعديل الدستور للتضييق على خصومها وفشلت.
والأسوأ من عدم نضوج الأحزاب الدينية، أن وصولها للحكم أيضا لم يمنع التطرّف. فقطاع غزة يعاني من نشاط جماعات متطرفة تكفر حماس وتدعو لقتالها، وقد قامت حماس بهدم مسجدهم، وقتلت عددا منهم. وفي السودان ظهرت أكثر من مرة جماعات تكفيرية مماثلة لا تزال تحاربها حكومة البشير إلى اليوم. وحتى في حكم العام الواحد للإخوان في مصر نفذت جماعات متطرفة عمليات ضد الجيش في سيناء. وكذلك في فترة حكومة «النهضة» التونسية ظهرت الجماعات المتطرفة، واغتالت اثنين من قادة المعارضة، وذبحت جنودا على الحدود.
هذا الحديث يوصلنا إلى نتيجتين؛ إن الأحزاب الدينية ليست أقل ديكتاتورية، وإيصالها للحكم لا يمنع أن يظهر على يمينها جماعات متطرفة. كله يؤكد أن مقولة إن التضييق على «المعتدلين» سبب في ظهور المتطرفين مجرد خرافة، هذا إذا قبلنا بمصطلح «المعتدلين»! الأكيد أن المنطقة تعاني من مرض فكري خطير ينتشر، والقليل يتم في سبيل مكافحته، لكن لا يجوز أن نكافئ الجماعات الدينية بالحكم من أجل التخلص من التطرّف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.