غير واقعية فكرة رحيل العظيم نائف الجماعي غير واقعية وليست قابلة للتصديق إلا باعتبارها تجسيدا لميوعة العيش في ظرف تاريخي تتشكل أحداثه وفقا لمزاج عصابة واتجاهات ظل بندقيتها . أما أنا فأشعر بأن قلبي يتصلب شيئا فشيئا كلما جالت بخاطري هذه الفكرة اللعينة ، وأجزم أن حالة الخدر التي تسكنني الآن ستأخذ مداها الغامض ، ثم سأفيق بعدها على عويل خانق في داخلي : يا لفداحة الخسارة ، خسارتنا بك يا نائف . أعرف تماما أنني أكتب الآن دون وعي حقيقي بفداحة هذه الخسارة ، بعيدا عن فلسفة الشهادة يمكن القول أن رحيل العزيز نائف الجماعي هي أكبر فاجعة تشهدها اليمن منذ سقوط صنعاء في يد المليشيات . صدقوني : ليس هناك أكثر خسارة من أن يفقد بلد مغتصب ، بلد بلا رجال ، ولا كرامة ، رجل نقي، وممتلئ بالإخلاص والحب كنائف الجماعي . وسط حشد من الموجوعين ستكتشف أن نائف أكبر من مجرد رجل أعمال صب كل أرصدته المالية في صناديق التبرعات ، إنه ظاهرة اغتالتها الأيادي الآثمة قبل اكتمال ملامحها ، ربما بعد عقد من صبيحة الرحيل الصاخب ، كان بإمكان طفل في أقاصي قرية نائية أن يلهج باسم نائف الجماعي كأي ظاهرة وطنية غزت شهرتها كل البراري والأرياف . رحل نائف الصديق وتركنا لوحشة النشيج ، نفكر فيما إذا كان من اللائق حقا الاعتقاد بأن رأس سيد الحوثيين يمكن أن يشكل حتى نصف الثمن الذي يفترض بهذه الجماعة أن تدفعه في مقابل شهيدنا الكبير.