لم تعد العاصمة صنعاء عاصمة يمنية تحوي كل أطياف المجتمع اليمني، بل أصبحت مركزا للمليشيات ومعتقلا يقطن فيه آلاف السكان الذين باتت تحركاتهم شبه محصورة. تغلق المحلات بعد المغرب وتخف حركة المرور وحركة الشوارع الرئيسية، فيما تنعدم الحركة في الفرعية منها، ما يثير حالة من الرعب مع انقطاع الكهرباء وانتشار المسلحين. حالة فوضى غير مسبوقة تعيشها العاصمة صنعاء بعد الأحداث الأخيرة، ومقتل الرئيس السابق "علي عبدالله صالح" على أيدي جماعة الحوثي المتحالفة معه، في انقلابهم على الحكومة الشرعية عام 2014. وخلال الأسبوعين الماضيين زادت معاناة السكان في صنعاء من ويلات الحوثيين الذين سيطروا بشكل كامل على العاصمة والمؤسسات، وتخلصت بوحشية من "صالح" وأنصاره. جرائم وتنكيل وبات سكان مدينة صنعاء يمسون ويصبحون كل يوم على هول جرائم جديدة من القتل والتنكيل والإعدامات والتصفيات الجسدية التي تواصل ميليشيا الحوثي، منذ مطلع شهر ديسمبر الجاري، ارتكابها ضد كل من يقف أمام مشروعها الطائفي المدعوم إيرانياً، حيث تسعى إيران لبسط نفوذها في العواصم العربية وبينها صنعاء وبيروت وبغداد ودمشق. وتعيش صنعاء واحدة من أكثر فتراتها الزمنية بؤساً وكآبة، وفيما يسود الصمت المطبق مختلف المناطق، يسود رعب جارف في قلوب سكّانها البالغ عددهم نحو 4 ملايين نسمة، يترقبّون المجهول ويتخوّفون من توحّش سلطة وليدة، باتت تحكم قبضتها بشكل مطلق عليها، بعد أن كانت لنحو ثلاثة أعوام محكومة برأسين. وتتواصل في أحياء متفرقة من العاصمة حملات اقتحامات واختطافات واسعة في أوساط مواطنين مدنيين، سيما المنتسبين لحزب المؤتمر الشعبي العام بعد يومين من اغتيال المليشيات للرئيس السابق رئيس المؤتمر. ويرى مراقبون أن مواصلة الحوثيين ممارساتهم الدموية في صنعاء، يعتبر بمثابة انتقام ورد على هزائمهم الميدانية. وتستمر موجة نزوح كبيرة للسكان من العاصمة صنعاء باتجاه محافظات أخرى نتيجة تدهور الوضع الأمني والمعيشي لتبدو صنعاء مدينة أشباح كما يصفها سكان. وتعيش العاصمة صنعاء حالة احتقان وغضب بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح برصاص المليشيات الحوثية، وانهيار متصاعد لمقومات المعيشة وانتشار كبير لعصابات النهب. أوضاع كارثية وتشهد أمانة العاصمة في الآونة الأخيرة أوضاعاً إنسانية كارثية وارتفاعًا غير مسبوق في أسعار السلع الغذائية والمشتقات النفطية، خصوصاً بعد المواجهات التي اندلعت وإحكام مليشيا الحوثي سيطرتها الكاملة على العاصمة ومحيطها. ويواصل الوضع الصحي تدهوره بشكل متسارع في ظل سيطرة مليشيا الحوثي المسلحة على مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء، وعدد من المحافظات. وقد ألقى استفراد الحوثي بالمؤسسات الصحية في العاصمة بظله على الأوضاع الصحية للمواطنين في المحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيا. كما تشهد العملية التعليمية في العاصمة صنعاء تدهور مستمر في ظل الأوضاع الأمنية الصعبة مع استمرار تسلط المليشيات على المدارس والمناهج التعليمية والعمل على تجنيد الطلاب في القتال الطائفي الذي تقوده الجماعة ضد القوات الحكومية. وتفرض مليشيات الحوثي الانقلابية رقابة مشددة على مدارس أمانة العاصمة صنعاء وتجند مخبرات لرصد أسماء المعلمين المضربين للمطالبة بمستحقاتهم او الأصوات المناوئة للجماعة .. وأكدت مصادر مطلعة أن شريحة واسعة من سكان أمانة العاصمة باتوا عاجزين تماما عن شراء مستلزماتهم الغذائية الأساسية والتي لاغنى لأحد عنها، بسبب ارتفاع أسعارها المتزامن مع انقطاع الرواتب للعام الثاني على التوالي . وبحسب السكان فإن الوضع الاقتصادي والمعيشي بصنعاء، يتفاقم يوما بعد يوم الأمر الذي يحتم جميع الأطراف الإقليمية والدولية التدخل العاجل لإنقاذ السكان. عداء متزايد بعد أنَّ قُتل "صالح" برصاص حلفائه الحوثيين، شنت الجماعة المسلحة حملة تصفية وملاحقة لأنصار صالح في صنعاء، اعتقلت العشرات وقتلت مثلهم في الخمسة الأيام الأولى؛ وفجرت المنازل في المحافظات الأخرى. كما اعتدت على نساء الحزب أثناء مظاهرة لهن في ميدان السبعين بصنعاء، وهددت المليشيات أعضاء المؤتمر في مجلسي النواب والشورى بخطف أسرهم في حال مغادرتهم للعاصمة صنعاء. وقال اثنين من المسؤولين في شركتي سفريات بصنعاء ل"العاصمة أونلاين" إنَّ جماعة الحوثي فرضت على شركات السفريات تقديم قائمة بأسماء المغادرين من صنعاء قبل ساعات من انطلاق الحافلة. وقال واحد من المسؤولين إنَّ الجماعة توعدت الشركة المخالفة بالإغلاق فوراً. وتشن مليشيات الحوثي حملة اختطافات واسعة في أوساط نشطاء وأعضاء في حزب المؤتمر الشعبي بعد اشتباكات المليشيات مع موالين لصالح الأسبوع الماضي جنوب العاصمة صنعاء، والتي انتهت بمقتل حليفها الرئيس السابق علي صالح برصاص مسلحي الجماعة. وتواصل مليشيات الحوثي الانقلابية، حملة مداهمة لعدد من الأحياء والمنازل بأمانة العاصمة صنعاء وتختطف عشرات المواطنين وناشطين وأعضاء في حزب المؤتمر الشعبي إلى جانب عملية نهب لممتلكات مواطنين. وأشارت مصادر مطلعة أن المليشيات الانقلابية داهمت، عدة منازل في أحياء متفرقة واختطفت عدد من الأشخاص. وفي سياق متصل، كشفت مصادر محلية أن مليشيا الحوثي تنشر عناصرها في مداخل الأحياء بالعاصمة، لمراقبة حركة السكان، وتفتيش المواطنين تفتيشا دقيقاً يصل لأغراضهم الشخصية وهواتفهم. وقالت المصادر، إنَّ ميليشيا الحوثي تختطف المواطنين لأدنى الشبهات، وتعتمد على مليشيات نسائية خاصة بالجماعة تدعى ب(الزينبيات) لقمع أي فعالية نسائية والاعتداء على بعض النساء وتفتيش المنازل بشكل كامل. وذكرت المصادر أن المليشيا تكثف دوراتها الطائفية في عدد من مساجد العاصمة كمسجد الفتح في السنينة ومسجد القبة الخضراء ومسجد الأنصار الذي يمتليء لوقت متأخر من الليل. موجات نزوح خلال الأحداث الدامية في شوارع جنوب العاصمة صنعاء نزحت معظم العائلات إلى مناطق ومحافظات أخرى خوفا من استهدافهم إلى داخل منازلهم أثناء المواجهات التي قامت بين الحوثي وصالح، بعد أن حوصر بعض السكان وتعرض بعضهم للاقتحام من قبل المليشيات، غالبيتهم في الحي السياسي بصنعاء. وقالت الهجرة الدولية بأن أكثر من 25 ألف شخص نزحوا من صنعاء إلى المحافظات المجاورة، فيما أعلنت السلطة المحلية في محافظة مأرب، عن آلية لاستيعاب النازحين، وجه رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر "كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية إلى عدم عرقلة نزوح السكان من المحافظات الشمالية، في حين واجهت بعض العائلات رفض دخولهم إلى عدن من قبل قوات الحزام الأمني". عمليات نهب ومع مغادرة آلاف السكان للعاصمة، توسعت عمليات النهب والسطو من قبل أفراد المليشيات الحوثية، حيث أكد شهود عيان بأن عمارة سكنية في شارع جيبوتي اقتحمتها المليشيات بعد فرار ساكنيها من المواجهات، فيما استولت على منزل أمام السفارة السعودية بحجة الاحتياطات الأمنية إضافة إلى منازل متفرقة من العاصمة. وقال سكان أنَّ المليشيات زرعت نقاط تفتيش جديدة في معظم الشوارع كشارع صخر والزراعة ومذبح والجامعة، وتعرضت نقطتين تفتيش لقصف جوي في مديرية بني الحارث. ويؤكد السكان بأن النقاط تقوم بتفتيش هواتف وأجهزة المارة، كما شكلت لجان نسائية تعمل هي الأخرى على التفتيش أثناء عملية اقتحام المنازل. ارتفاع الأسعار ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخدمية كان هو الأشد إيلاما لسكان صنعاء في ظل انقطاع المستحقات المالية المتوقفة لأكثر من عام. حيث تراوح سعر الوايت الماء الصغير إلى 7000 ريال وكذا الدقيق إلى 4500 لحجم 25ك، و4200 ريال لحجم 25 ك من القمح. وارتفع سعر الرز العادي إلى 5200 مع غياب الأصناف ذات النوع الجيد، وسعر السكر إلى 2800 لحجم 10ك. فيما شكل ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عائقا وتحديا آخر، ما ساهم بشكل مباشر في ارتفاع السلع الغذائية، فقد بلغ سعر البترول إلى 8500 ل 20لتر، و5200 لاسطوانة الغاز المنزلي الأمر الذي قد ينذر بكارثة إنسانية حقيقية. وتعيش العاصمة صنعاء أوضاع كارثية على كل المستويات، في ظل استفراد جماعة الحوثي بالسلطة، بعد تصفيتها لحليفها الرئيس السابق صالح في الرابع من ديسمبر.\ ويصف سكان الأوضاع في المدينة بأنها "مخيفة ومفزعة"، وسط استمرار انتهاكات الحوثين ضد كل من يقف أمام مشروعها الدموي. ومع التطورات الأخيرة التي أعقبت مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح على أيدي جماعة الحوثي أضحت العاصمة صنعاء مكاناً أكثر خطراً على الحياة من نواحي أمنية ومعيشية وتحولت بحسب سكان إلى مدينة أشباح إذا تتغول في أحيائها مليشيات الحوثي المسلحة وتبث الرعب في نفوس المدنيين.