الحاكم اليمني النازح الذي عجز عن تحرير أرضه لم ولن يوفر الخدمات لأرض غيره    الأحزاب اليمنية حائرة حول القضية الجنوبية.. هل هي جزئية أم أساسية    العليمي يعمل بمنهجية ووفق استراتيجية واضحة المعالم لمن يريد ان يعترف بهذه الحقيقة.    هل ستُصبح العملة الوطنية حطامًا؟ مخاوف من تخطي الدولار حاجز 5010 ريال يمني!    في ذكرى عيد الوحدة.. البرنامج السعودي لإعمال اليمن يضع حجر الأساس لمشروع مستشفى بمحافظة أبين    مفاتيح الجنان: أسرار استجابة الدعاء من هدي النبي الكريم    خبير جودة يختفي بعد بلاغ فساد: الحوثيون يشنون حربًا على المبلغين؟    الرئيس رشاد العليمي: الوحدة لدى المليشيات الحوثية مجرد شعار يخفي نزعة التسلط والتفرد بالسلطة والثروة    الرئيس العليمي : قواتنا جاهزة لردع اي مغامرة عدائية حوثية    رئيس إصلاح المهرة: الوحدة منجز تاريخي ومؤتمر الحوار الوطني أنصف القضية الجنوبية    الرئيس العليمي يبشر بحلول جذرية لمشكلة الكهرباء    جماعة الحوثي تعلن الحداد على ل"7 أيام" وتلغي عيد الوحدة اليمنية تضامنا مع إيران!    "العدالة تنتصر.. حضرموت تنفذ حكم القصاص في قاتل وتُرسل رسالة قوية للمجرمين"    "دمت تختنق" صرخة أهالي مدينة يهددها مكب النفايات بالموت البطيء!    بطل صغير في عدن: طفل يضرب درسًا في الأمانة ويُكرم من قِبل مدير الأمن!    قيادي إصلاحي: الوحدة اليمنية نضال مشرق    إيقاد الشعلة في تعز احتفالا بالعيد الوطني 22 مايو المجيد والألعاب النارية تزين سماء المدينة    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    الونسو: اتالانتا يشكل تهديدا كبيرا    أبين.. منتخب الشباب يتعادل مع نادي "الحضن" في معسكره الإعدادي بمدينة لودر    الوزير الزعوري يناقش مع وحدة الإستجابة برئاسة مجلس الوزراء الملف الإنساني    وزير الشؤون الاجتماعية يشيد بعلاقة الشراكة مع اليونيسف في برامج الحماية الإجتماعية    التعادل يسيطر على مباريات افتتاح بطولة أندية الدرجة الثالثة بمحافظة إب    القبض على متهم بابتزاز زوجته بصور وفيديوهات فاضحه في عدن    تراجع أسعار النفط وسط مخاوف من رفع الفائدة الامريكية على الطلب    الامين العام للجامعة العربية يُدين العدوان الإسرائيلي على جنين    لاعب ريال مدريد كروس يعلن الاعتزال بعد يورو 2024    المبعوث الامريكي يبدأ جولة خليجية لدفع مسار العملية السياسية في اليمن مميز    إحصائية حكومية: 12 حالة وفاة ونحو 1000 إصابة بالكوليرا في تعز خلال أشهر    الآنسي يعزي في وفاة الشيخ عبدالمحسن الغزي ويشيد بأدواره العلمية والدعوية والوطنية    الوزير البكري يلتقي رئيس أكاديمية عدن للغوص الحر "عمرو القاسمي"    تناقضات الإخواني "عبدالله النفيسي" تثير سخرية المغردين في الكويت    الحوثي للاخوان: "اي حرب ضدهم هي حرب ضد ابناء غزة"!!!!    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن حملة علاجية مجانية لمرضى القلب بمأرب    "وثيقة".. كيف برر مجلس النواب تجميد مناقشة تقرير اللجنة الخاصة بالمبيدات..؟    تقرير برلماني يكشف عن المخاطر المحتمل وقوعها بسبب تخزين المبيدات وتقييم مختبري الاثر المتبقي وجودة المبيدات    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طرق تعذيب المختطفين لدى المليشيا تكشف بشاعة الجرائم وسادية السجان
حين يغدو الموت أمنية!!!؟
نشر في أخبار اليوم يوم 12 - 03 - 2019

كشف تقرير إنساني عن تعرض 950 معتقلاً ومخفياً قسراً في سجون المليشيا الإنقلابية لعمليات تعذيب وحشية.
وأفاد التقرير- الذي نشرته رابطة أمهات المختطفين (وهي منظمة تعنى بشئون المخفيين في سجون المليشيات السلالية) أواخر العام المنصرم- أفاد أن حالات القتل تحت التعذيب والتصفية الجسدية في أماكن الاحتجاز بلغت 128 موثقة، منها (71) حالة تعذيب حتى الموت و(48) حالة تصفية وإعدام في السجون، حيث تصدرت صنعاء المركز الأول من بين المحافظات، من حيث التعذيب، بواقع 144 حالة، تليها محافظة الحديدة ب(121) حالة حسبما أفاد التقرير الذي يوثق تلك الجرائم.
وأشار التقرير إلى أن محافظة إب جاءت في المرتبة الثالثة ب (88) حالة، وذمار في المرتبة الرابعة (87) حالة، وتوزعت بقية الحالات على المحافظات الأخرى.
وكشف التقرير- أيضاً- عن جرائم تعذيب مروعة، منها إحراق بعض المعتقلين بعد أن يتم وضعهم داخل أغطية بلاستيكية مما يؤدي إلى انصهار جلودهم.
وأكد التقرير أن بعض المختطفين أدخل عليهم ثعابين وهم مقيدو الأرجل، مما أصاب بعضهم بمرض السكري.
ولأهمية ما جاء في التقرير تعيد "أخبار اليوم" نشره على حلقات ابتداءً من اليوم الثلاثاء. علّ إعادة نشره يسهم في تسليط الضوء على جرائم مروعة بهذا الحجم لم تحض بحقها في الاهتمام من قبل المنظمات الأجنبية خاصة التابعة للأمم المتحدة والعاملة معها. وفيما يلي نص التقرير والذي سينشر على حلقات متتالية..
رابطة أمهات المختطفين
النشأة
نشأت الرابطة في منتصف إبريل من عام 2016م، من على أبواب السجون، بعد تعارف بين أمهات وزوجات وقريبات المختطفين، مطالبات بإطلاق سراح ذويهن من سجون جماعه الحوثي المسلحة التي يقبع خلف قضبانها ما يزيد عن ثلاثة آلاف مختطف في مختلف المحافظات التابعة لسيطرتهم ولم توجه لهم تهم قانونية، ولم تكن إجراءات ضبطهم وفق النظام، بل تم اقتيادهم من قبل مسلحي الجماعة من منازلهم ومساجدهم ومدراسهم وجامعاتهم ومقار أعمالهم تحت مرأى ومسمع أهاليهم وزملائهم فيما لايزال المئات مخفيين بشكل قسري- حتى اليوم- لم تعرف أمهاتهم أماكن احتجازهم ولم يحصلوا على أي معلومات عن سلامتهم وحياتهم.
وإزاء ما تعرضت له الأمهات من اعتداءات جسدية ولفظية وتعرضهن للابتزاز المالي والنفسي أمام أبواب السجون، انبثقت فكرة تكوين الرابطة لتجعل من الأمهات قوة جديدة في مواجهة تلك الانتهاكات..
وقد وصل عمل الرابطة إلى" الحديدة وتعز وحجة وذمار وإب: إثر وفاة (49) في هذه المحافظات داخل سجون وأماكن احتجاز جماعة الحوثي المسلحة دون رحمة، ووسط صمت المنظمات المعنية بحماية حقوق الإنسان.. حيث بلغ عدد وقفات الاحتجاجية للرابطة (129) وقفة سلمية..
كما تلقت الرابطة العديد من البلاغات والنداءات من مدينة عدن، التي تعاني فيها أمهات المخفيين قسراً معاناة كبيرة دون مساندة في رحلة بحثهن الشاقة عن أبنائهن لدى التشكيلات العسكرية المدعومة من التحالف، فانطلق فريق من العضوات المؤسسات إلى مدينة عدن للتضامن معهن، والتحمت جهودهن، فكانت رابطة أمهات المختطفين في عدن، تشارك المطالب والأمنيات في(20) وقفة احتجاجية، دون يأس أو استسلام وكان الإفراج عن (83) مخفياً قسراً صدرت في حقهم أوامر بالإفراج من النيابة العامة.
وحيث تنادي الأمهات سنكون ولن نتركهن وحيدات، وحيث يكون الألم والوجع وتتسامى الأمنيات تبقى الأمهات قوة من الله لا تقهر.
• مصطلحات:
- المختطف شخص حرم من حريته بدون مسوغ قانوني عن طريق احتجازه من قبل جماعة مسلحة خارجة عن إطار الدولة.
- السجون السرية: هي أماكن احتجاز استخدمتها الجهات المنتهكة لحقوق الإنسان في إخفاء معارضيها وتعذيبهم.
وطبقاً لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة.
- يقصد بالتعذيب: أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدياً كان أم عقلياً..
يلحق عمداً بشخص لأغراض مثل:
●الحصول من هذا الشخص أومن شخص ثالث على معلومات أو اعتراف.
●معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث.
●تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث.
●عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أياً كان
نوعه.
الإطار القانوني
تعد جرائم التعذيب من أفظع وأبشع الإنتهاكات التي يرتكبها الإنسان ضد أخيه الإنسان، كونها تفقد الضحية آدميته وكرامته وإنسانيته وحقه في الحياة، لذلك أجمعت الديانات السماوية والقوانين الوضعية والمواثيق والمعاهدات الدولية على حظرها والعمل على محاربتها والحد منها، بل ومساءلة القائمين عليها، الآمرين والمنتسبين في ارتكابها واعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
حيث تنص المادة(3) من الإعلان العالم لحقوق الإنسان على(لكل فرد حق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه).
وفي المادة (5) منه على أنه: (لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة اللاإنسانية أو العقوبة القاسية الحاطة بالكرامة)..
وفي حالة المنازعات المسلحة غير الدولية تحظر المادة (3) المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع ( المعاملة القاسية والتعذيب).
فيما الدستور اليمني النافذ أكد على مناهضة التعذيب وحظره بكل أنواعه وأشكاله، فقد نصت المادة (48/ب) على حظر التعذيب جسدياً أو نفسياً أو معنوياً وحظرت القسر على الاعتراف أثناء التحقيقات، بل إنه أكد نهاية المادة على تحريم التعذيب والمعاملة غير الإنسانية عند القبض أو أثناء فترة الاحتجاز أو السجن.
منهجيه التقرير
أعتمد التقرير على توثيق حالات التعذيب التي تمكنت فرق الرصد الخاصة بالرابطة من رصدها وتوثيقها وذلك عبر مقابلات للضحايا والسماع منهم مباشرة عن التعذيب الذي طالهم فترة اختطافهم وإخفائهم وذلك بعد أن أفرج عن الكثير منهم.
كما اعتمد التقرير على الرسائل المسربة سراً من المختطفين بخط أيديهم وهم يصفون أساليب التعذيب التي تعرضوا لها وقد أوردنا صوراً لبعض تلك الرسائل التي كانت تصلنا عبر أهالي المختطفين وأيضاً شهادات المختطفين عند مشاهداتهم لحالات تعذيب بحق زملائهم في السجون والمعتقلات وكذا شهادات أهالي المختطفين، نقلاً عن أبنائهم وذويهم المغيبين خلف القضبان..
وقد أقامت الرابطة جلسات استماع لعدد من المفرج عنهم، تحدثوا أمام وسائل الإعلام عما تعرضوا له من اختطاف وإخفاء وتعذيب وكل ذلك ضمن عمليات التوثيق التي تضطلع بها الرابطة.
والجدير بالذكر أن الرابطة على الدوام تعتمد المنهجية المتبعة المعمول بها لدى المنظمات الدولية في الرصد والتوثيق والتحقق من صحة وقائع الإنتهاكات الواردة في التقرير، وتحتفظ الرابطة بكافه الشهادات موثقة بالاسم وكافة البيانات.. واكتفاؤها بالرموز في هذا التقرير نزولاً عند رغبة الضحايا وحرصاً منها على سالمتهم وسلامة ذويهم.
الحدود الزمانية والمكانية: اقتصر التقرير على ذكر الوقائع التي تم توثيقها في العام 2018م مع العلم أن معظم هذه الوقائع تمت في فترات سابقه.
كما شمل التقرير محافظات" صنعاء وعدن والحديدة وحجة وحضرموت وعمران وإب وتعز وذمار وصعدة".
الملخص التنفيذي
يرصد التقرير حالات التعذيب التي تعرض لها المختطفون والتي تم توثيقها من قبل فريق الرصد في الرابطة.
حيث بلغت الحالات المرصودة (950) حالة تعذيب تصدرت أمانة العاصمة المركز الأول بين المحافظات بواقع (144) حالة، تليها محافظة الحديدة في المرتبة الثانية ب(121)حالة، وإب في المرتبة الثالثة ب(88) حالة، وذمار في المرتبة الرابعة ب(87) حالة، ثم محافظة تعز (80) حالة، ثم محافظة عدن (35) حالة، وتوزعت بقية الحالات على المحافظات الأخرى..
كما تضمّن التقرير حالات القتل تحت التعذيب والتصفية الجسدية في أماكن الاحتجاز، حيث بلغت عدد الحالات الموثقة لدى الرابطة (128) حالة حتى تاريخ إصدار هذا التقرير.. منها (71) حالة تعذيب حتى الموت و(48) حالة تصفية وإعدام في السجون.. حيث تصدرت فيها محافظة عدن ب (16) حالة ونفس العدد في محافظة إب، تليها محافظة صعدة ب (15) حالة، والحديدة في المرتبة الثالثة ب (14) حالة، وفي المرتبة الرابعة محافظة تعز ب (13) حالة، وصنعاء في المرتبة الخامسة ب (12) حالة، وتوزعت الحالات على بقية المحافظات.
الفصل الأول
التعذيب في السجون
وأماكن الاحتجاز
يتعرض المختطفون في السجون وأماكن الاحتجاز إلى التعذيب الجسدي والنفسي وخاصة في فترة الإخفاء القسري وأثناء التحقيق مع المختطف لإجباره تحت التعذيب على الإقرار بما يملي عليه من قبل المحققين وإجبارهم على الاعتراف ضد أنفسهم.
وبلغت حالات التعذيب المرصودة من قبل الرابطة (950) حالة خلال عامي (2016 و2017) رصدناها عبر لقاءات بالمفرج عنهم أو شهادات كتبها المختطفون وأرسلوها لنا بطرق سرية عبر أهاليهم ووثقنا تلك الشهادات بعد خروج أغلبهم من السجون والمعتقلات..
نعرض هنا جزءا من تلك الشهادات والوقائع الموثقة:
- (ع . ب) 39عاماً- محافظة صنعاء-:
اختطفت في 30/3/2016م، من قبل مجموعة مسلحة تتبع جماعة الحوثي، ثم سلموني لمجموعة أخرى قاموا بتغطية عيني وربطهما ووضع القيود على يدي وأصعدوني فوق الطقم (مركبة عسكرية مكشوفة) وغطوني ببطانية كبيرة الحجم ووقف بعضهم على أطرافها حتى شعرت بالاختناق وكنت أطلب منهم إبعادها عني، فكانوا يردون عليّ بالضرب بأعقاب البنادق والتهديد بالتصفية الجسدية تجاوز ذلك الساعتين والنصف حتى أوصلوني إلى المعتقل- الذي علمت فيما بعد أنه "مركز الخياطة" في مديرية متنة بني مطر محافظة صنعاء، ثم سحبوني من رأسي حتى وقعت أرضاً.
أقعدوني على كرسي وأوثقوني عليه.. فبدأت الاتهامات تتوجه نحوي بقولهم هذا هو المرتزق الخائن الذي كنا نبحث عنه وسياطهم المفتولة من أسلاك الكهرباء ولكماتهم تنهال عليّ كل مكان في جسدي حتي بدأت أفقد الوعي جراء الضرب وكانوا يتعمدون استخدام السياط على الظهر والأيدي والركبتين..
وهذه الفترة فقط هي فترة تفتيش وتسجيل المقتنيات التي كانت معي..
ثم قاموا بسحبي إلى زنزانة صغيرة جداً شديدة البرودة يطلق عليها "الضغاطة" ورفضوا السماح لي بدخول دورة المياه وقاموا برمي قطعتي كدم (نوع من الخبز الرديء، طعمها لا يستساغ)، حيث يبدو أنها مصنوعة من قبل ثلاثة أيام، وكان الجو بارداً جداً ولم يكن هناك بطانية أو غطاء ألتحف به، حتى كانت الساعة الثامنة والنصف مساءً.. أخذوني- معصوب العينين- إلى غرفة التحقيق واستخدموا معي- في ذلك التحقيق- تكسير الأصابع بلفها إلى الخلف والضرب المبرح بأسلاك الكهرباء وأسياخ الحديد وأعقاب البنادق واللكم على الوجه حتى شعرت أن فكي سينخلع، وكانوا يقومون بخنقي حتى الشعور بالموت دون رأفة أو إنسانية، ثم قاموا بشد يدي بحبل وكذلك قدمي، حيث قال لهم المحقق علقوه، فادخلوا عصا أو قضيباً من الحديد تمتد بين اليدين والقدمين (يعني تعليق شبيه بتعليق الشاة عند الشواء) فصار جسدي معلقاً إلى تحت، حيث كان العرق يتصبب بغزارة.. ظل المحقق يسأل ومعاونوه يضربونني بالسياط ويهددونني بنزع أظافري وغرز الإبر في مفاصلي..
ظللت على هذا الوضع لمدة تزيد عن أربع ساعات، وأنا أصرخ من شدة الألم، ثم طلبت منهم ماء فأحضروا الماء وكانوا يريقونه على صدري وعنقي.. ثم أنزلوني وأنا في أشد إنهاك وتعب يمكن أن تتخيله، فلم أستطع أن أقف على قدمي، ثم أعادوني إلى تلك الزنزانة وأنا في غايه التعب وارتعش من شدة البرد..
حتى كان اليوم الثاني جاءوا لأخذي وجراحي لم تلتئم بعد وبدأوا بتهديدي.. كان أحدهم يقول: سنستخدم اليوم أسلوباً أشد من أسلوب الأمس، فنحن إلى الآن لم نستخدم العصا الكهربائية والكرسي الكهربائي وإلى الآن لم ننزع له ظفراً أو نغرز في جسده إبرة.. وبدأ التحقيق والضرب والتعليق لعدة ساعات، لكن هذه المرة كنت أشعر أن أطرافي تتمزق ولم أستطع التحمل حتى دخلت في غيبوبة ولم أفتح عيني إلا وأنا في الزنزانة..
استمر التعذيب لمدة أسبوع بنفس الوحشية؛ وقد تسبب ذلك في تورم الذراع واليدين وتمزق أنسجة الظهر والركبتين.
نقلوني بعد ذلك إلى الزنزانة الجماعية، لكنني كنت أعيش آلاماً نفسية مضاعفة وأنا أسمع أصوات وصرخات الأبرياء بسبب التعذيب، حتى أطلقنا اسم "المسلخ" على ذلك المعتقل، لأنه من شدة التعذيب فيه يصبح الموت أمنية.. أذكر أنه في أحد الأيام أدخلوا أحد المختطفين علينا بعد جلسة تحقيق فقد كان يصرخ من شدة الألم لأنهم غرزوا الإبر في ركبتيه وآخر كانوا ينزعون جلدة بآلة حادة.
ظللت ستة أشهر في ذلك المكان- رغم أنهم حين اختطفوني قالوا لي نريدك فقط لخمس دقائق فحسب- بعد تلك المدة نقلت إلى السجن المركزي بصنعاء وفيه مكثت ستة أشهر، ليتم نقلي إلى سجن سري- علمت فيما بعد أنه يقع جنوب العاصمة صنعاء وأنه يتبع جهاز الأمن السياسي- وهناك مارسوا معي نفس الأساليب الوحشية التي تعرضت لها في معتقل (مركز الخياطة) لمدة عشرين يوماً ثم أعادوني إلى السجن المركزي بصنعاء وأنا في حالة يرثى لها.. ثم بعد أربعة أشهر تم الإفراج عني في عملية مبادلة بأسير حرب..
ورغم كل ما عانيته فترة اعتقالي لم تجد الابتسامة طريقها إلى شفتي عند خروجي، حيث فقدت والدي قبل الإفراج عني بيوم واحد ولم أتمكن من إلقاء نظرة الوداع عليه.
- حمدي أبو الغيث- 38 عاماً- محافظة الحديدة:
عند اختطافي (بتاريخ 1/12/2015) قاموا باحتجازي في أمن المنطقة، وهناك أدخلوني في غرفة مظلمة وربطوا على عيوني ثم أدخلوا في أنفي إبرتي خياطة عن اليمين وعن اليسار حتى خرجت الإبر من الجانبين واستمرت لعدة ساعات، ثم قاموا بضربي بخشبة على وجهي وبطني وقدمي، حتى سالت الدماء من وجهي وسائر أجزاء جسمي، رافضين إسعافي، كما أفرغوا مادة مجهولة في وريدي عن طريق إبرة.
بعد ذلك نقلوني إلى معتقل آخر (مبنى مؤسسة الغيث الخيرية) وهناك قاموا بضربي بكيبل الكهرباء، من الساعة الثانية عشر ليلاً إلى الساعة الخامسة فجراً، ضرباً مزدوج من قبل شخصين حتى أغمي عليّ.. يريدون مني الاعتراف بأشياء لم أقم بها ولا أعرف عنها شيئاً.
ثم نقلوني إلى إحدى المزارع- كانت هدفاً للتحالف، تم قصف الطائرات لتلك المزرعة، فاستشهد أربعة زملائي المختطفين، وكنت ضمن الجرحى، نقلونا بعدها - في ثلاجة سمك محكمة الإغلاق وأغلقوا علينا الباب حتى كدنا نموت من انعدام التهوية وألم الجراح إلى المستشفى- ولم نلبث في المستشفى إلا يوماً واحداً فقط ثم أعادوا احتجازنا في مكان آخر معرّض للقصف -أيضاً وما زالت دماؤنا تنزف من أجسادنا وبالفعل تم قصفة ونجونا للمرة الثانية.
ظلينا لمدة عام ونحن مقيدو الأرجل وممنوعون من الاتصال والتواصل بأهلينا وممنوعون- أيضاً- من التعرض للشمس وكانوا يغلقون الأبواب والنوافذ علينا، رغم حرارة الجو المرتفعة، وكان الطعام الذي يقدّم إلينا متعفناً وبكميات قليلة للغاية، ولم يكن يسمح لنا بالخروج إلى دورة المياه مما يضطرنا للتبول وقضاء الحاجة في نفس الغرفة.
- (م. س) محافظة عدن
تم اختطافي من قبل مسلحين يتبعون الحزام الأمني واقتادونا- ونحن معصوبو الأعين- إلى مكان مجهول، وتم ربط أعيننا، حتى لا نتعرف على هوية من يقومون بتعذيبنا، وتم تجريدنا من ملابسنا بشكل كامل، بحيث جلسنا على كراسي التحقيق ونحن عراة، وكان يتم التحرش الجنسي بطريقة استفزازية، حيث يتم إخراج العضو الذكري للمعتقل وتسليط الكهرباء عليه، وكما يعمل المحقق على إخراج عضوه الذكري ويضعه في وجه المعتقل مع التهديد بالاغتصاب، وكما كان يتم فتح فتحة الشرج بقوة حتى ينزف المعتقل، بحجة أنهم يخفون الجوالات في الداخل، وتم تعليق بعض المعتقلين.. خلال شهر رمضان كان يتم إجبارهم على الإفطار ومنعهم من الصلاة.. وكنا إذا ذكرنا الله يقومون بسب الرب والدين أمامنا.
ومن أكثر المواقف المؤلمة التي أتذكرها أنهم أحضروا فتاة، وقاموا باغتصابها أمام المعتقلين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.