تستغل جماعة الحوثيين، فيروس كورونا لابتزاز المنظمات الأممية والإنسانية العاملة في اليمن، لتمويل محاجر عزل صحية، لا تنطبق عليها المعايير الصحية، فضلاً عن تحويل ما تسميها ب"المحاجر الصحية" إلى أماكن احتجاز جماعي وتكديس للمسافرين وتقييد تحركاتهم، واعتقال من تعتبرهم الجماعة موالين للحكومة الشرعية. وقالت مصادر عاملة في المجال الإغاثي والإنساني، إن الحوثيين طالبوا المنظمات العاملة في اليمن بتمويل المحاجر التي استحدثتها على الطرقات الرئيسية الواصلة بين المناطق الخاضعة لها والخاضعة للحكومة اليمنية. وأضافت المصادر ل"المصدر أونلاين" شريطة عدم كشف هويتها، أن المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي التابع لسلطات الحوثيين في صنعاء طالب منظمات الصحة العالمية واليونيسيف والغذاء العالمي والبرنامج الإنمائي وصندوق الأممالمتحدة للسكان، بتمويل إنشاء وتأثيث مراكز الحجر الصحي التي استحدثتها الجماعة في البيضاء ومناطق أخرى شمال ووسط اليمن. وأوضحت المصادر أن الحوثيين طالبوا تلك المنظمات ومنظمات أخرى، بتكاليف التجهيزات الطبية والدوائية، وخدمات الصرف الصحي والمياه النظيفة، إضافة إلى التغذية، والنفقات التشغيلية للعاملين في مراكز الحجر، ومخصصات مالية للجان الأمنية والنقاط التي ستقوم بعمليات الفحص والحجز للوافدين. وأشارت المصادر إلى أن المنظمات الدولية تواجه ضغوطاً كبيرة وابتزاز، حيث يستغل الحوثيون الإجراءات الوقائية والاحترازية، لابتزاز المنظمات وإجبارها على تمويل منشأة غير صحية، قد تكون مراكز احتجاز جماعية لليمنيين، ربما تتحول فيما بعد إلى معتقلات دائمة لتقييد حركة المدنيين بين المدن الرئيسية. وكانت جماعة الحوثيين بدأت منتصف مارس الجاري، منع حركة المسافرين بين المناطق الخاضعة لسيطرتها والمناطق الخاضعة للحكومة شرق اليمن، واحتجزت الآلاف من المسافرين في مبنى جامعي ومدارس في منطقة عفار بمديرية رداع، وسط اليمن. واعتبرت الحكومة اليمنية أن مراكز الاحتجاز والحالة المأساوية التي وضع فيها المواطنون تشكل خطراً كبيراً على سلامتهم، وتعكس صورة بشعة لانتهاكات الحوثي لكرامة وحقوق وحياة الانسان. وعبر مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن (أوتشا) في تغريدات على حسابه بتويتر عن "مخاوف بشأن آلاف الأشخاص.. في مرافق الحجر الصحي وفي ظروف سيئة ومزدحمة في مناطق مختلفة في البلاد". ويقر الحوثيون باحتجازهم للمسافرين في وضع مأساوي، محملين الأممالمتحدة مسؤولية ظروف الاحتجاز التي يسمونها مراكز حجر. ونقلت قناة المسيرة عن القيادي الحوثي "الطاووس"، يوم السبت، قوله، "إن المنظمات الأممية لم تتجاوب حتى الآن لدعم وتمويل المحاجر الصحية في المعابر لمواجهة أي مخاطر لوباء كورونا". وقال إن جماعته تحتجز "أكثر من 6 ألف وافد (مواطنين) يتم التعامل معهم في المعابر بالإجراءات المتاحة يوميًا"، متهماً السعودية ب"تعمد إعادة أعداد كبيرة من المواطنين ما يصعب معه إحراز تقدم في ظل الوضع الصحي الحرج في اليمن". ويقول المسافرون إن ما تقوم به مليشيا الحوثي لا علاقة له بأي إجراءات صحية في مجابهة خطر كورونا، ويتحدثون – وفق منشورات على التواصل الاجتماعي وتصريحات تناقلتها وسائل الإعلام- عن جبايات مالية تتراوح بين ألف إلى ثلاثة آلاف ريال سعودي، يساومهم الحوثيون على دفعها مقابل السماح بمرور المغتربين من نقاط الاحتجاز في البيضاء. ولم تسجل اليمن أي حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا، وقال ممثل الصحة العالمية في اليمن ألطف موساني، "في الإقليم الذي نقيم فيه تبقى اليمن هي الدولة الوحيدة التي لم تسجل أي إصابات بالوباء العالمي حتى صباح أمس الأحد". . وتأتي ضغوطات الحوثيين على المنظمات، فيما بدأت الولاياتالمتحدةالأمريكية إجراءات تقليص مساعداتها الإنسانية لليمن. ونقلت صحيفة واشنطن بوست الجمعة عن مسؤولون أمريكيون قولهم إن "هذا التحرك يهدف إلى دفع المتمردين لإلغاء التدابير في المناطق التي تقع تحت سيطرتهم والتي جعلت من الصعب على المنظمات الإغاثية تنفيذ أنشطتها". وإضافة للخلافات القائمة بين الأممالمتحدة والحوثيين، بسبب قيود الأخيرين وسرقتهم للمساعدات، فإن المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن، تواجه عجزاً في تمويلها وكانت الأممالمتحدة كشفت عبر وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارك لوكوك، مطلع مارس الجاري، عن سعيها لتنظيم مؤتمر مانحين عالي المستوى لتمويل الأزمة الإنسانية باليمن، سيعقد مطلع شهر أبريل/نيسان القادم، لكن التفشي الكبير لفيروس كورونا الذي تحول إلى وباء عالمي قد يؤجل المؤتمر لموعد غير معلوم.