وكالة: الطائرات اليمنية التي دمرتها إسرائيل بمطار صنعاء لم يكن مؤمنا عليها    البرلماني بشر: اتفاق مسقط لم ينتصر لغزة ولم يجنب اليمن الدمار    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    السعودية تقر عقوبات مالية ضد من يطلب إصدار تأشيرة لشخص يحج دون تصريح    تعيين نواب لخمسة وزراء في حكومة ابن بريك    رئاسة المجلس الانتقالي تقف أمام مستجدات الأوضاع الإنسانية والسياسية على الساحتين المحلية والإقليمية    ضمن تصاعد العنف الأسري في مناطق سيطرة الحوثي.. شاب في ريمة يقتل والده وزوجته    السامعي يتفقد اعمال إعادة تأهيل مطار صنعاء الدولي    صنعاء.. عيون انطفأت بعد طول الانتظار وقلوب انكسرت خلف القضبان    وسط فوضى أمنية.. مقتل وإصابة 140 شخصا في إب خلال 4 أشهر    في واقعة غير مسبوقة .. وحدة أمنية تحتجز حيوانات تستخدم في حراثة الأرض    انفجارات عنيفة تهز مطار جامو في كشمير وسط توتر باكستاني هندي    وزير الاقتصاد ورئيس مؤسسة الإسمنت يشاركان في مراسم تشييع الشهيد الذيفاني    سيول الامطار تجرف شخصين وتلحق اضرار في إب    الرئيس : الرد على العدوان الإسرائيلي سيكون مزلزلًا    *- شبوة برس – متابعات خاصة    القضاء ينتصر للأكاديمي الكاف ضد قمع وفساد جامعة عدن    السيد القائد: فضيحة سقوط مقاتلات F-18 كشفت تأثير عملياتنا    تكريم طواقم السفن الراسية بميناء الحديدة    صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    صنعاء .. الافراج عن موظف في منظمة دولية اغاثية    مطار صنعاء "خارج الخدمة".. خسائر تناهز 500 مليون دولار    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    المرتزقة يستهدفون مزرعة في الجراحي    السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" يطلق سلسلة بطولات عالمية جديدة ل"جولف السيدات"    لوموند الفرنسية: الهجمات اليمنية على إسرائيل ستستمر    باريس سان جيرمان يبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    بعد "إسقاط رافال".. هذه أبرز منظومات الدفاع الجوي الباكستاني    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القبيلة والنفط في حرب اليمن.. معركة مأرب الأخيرة الحلقة (2)

منذ مطلع عام 2020 صعد الحوثيون من حربهم ضد القوات الحكومية اليمنية، لتحقيق سيطرة على مناطق النفط والغاز شرق وشمال البلاد، وتأمين العاصمة صنعاء ومعقلهم الرئيس محافظة صعدة من تهديد مستمر للجيش اليمني باقتحام المحافظتين.
- بعض القبائل تراجعت عن قِتال الحوثيين، بسبب تواصل القيادات السعودية ببعض أبناء القبائل ومنحهم المال والسيارات والسلاح، ولم تتعامل مع المشايخ الاعتباريين لتلك القبائل. كما أن قبائل أخرى سمحت للحوثيين بالمرور على أراضيها نكاية بالقبيلة المجاورة أو لوجود خلافات ثأر بين القبيلتين.
- بعض القبائل حددت موقفها من الشرعية نكاية بالمحافظ الذي عينته الشرعية لضعفه أو فساده، كما حدث في محافظة البيضاء. وقد تكون حنكة شخصية المحافظ وسلوكه واحداً من المعايير المؤثرة في قِتال القبائل للحوثيين، وكما التفت قبائل في مأرب مع محافظها سلطان العرادة ومنعت تقدم الحوثيين، كان للخلاف القبلي بين بعض القبائل في الجوف مع محافظها أمين العكيمي، قد أدى إلى عودة الحوثيين للسيطرة على عاصمة المحافظة، بينما تدور هناك شكاوى وسط قبائل البيضاء من محافظها وانعكس ذلك على الأعمال القتالية على الأرض.
-علاقة شيخ القبيلة والوجهات الاجتماعية في القبيلة بنظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، حيث سمح بعضهم للحوثيين بالمرور نكاية «بالحكومة الشرعية التي أفرزتها ثورة 11 فبراير/شباط2011».
وفي الوقت ذاته علاقة القبيلة بحزب التجمع اليمني للإصلاح والسعودية دفع شيوخها إلى قِتال الحوثيين.
- معظم التكتل السكاني من قبائل الجوف هي لازالت تحت سيطرة الحوثي منذ عام 2014. ولذلك معظم أبنائها لم يقاتلوا ضد الحوثي في الحزم لأن منازلهم تحت سيطرة الحوثيين الذين لا يتورعون في تفجيرها ونهبها أو تجريف الأراضي الزراعية فيها.
كيف يدير الحوثيون معركتهم في مناطق القبائل بمأرب؟!
يستمر الحوثيون بالمضي قُدماً بالحرب في مناطق القبائل بمأرب، بالطريقة ذاتها التي استخدموها مع القبائل في المناطق الأخرى لكن هذه الطريقة اصطدمت بإعاقات أهمها:
• تنظيم القبيلة لنفسها مبكراً: لم تقع مأرب ومثلها الجوف، في فخ التنافس الحزبي عندما استولى الحوثيون على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014. فعلى عكس القبائل في طوق العاصمة صنعاء التي وقعت في التنافس الحزبي واصطفاف قادة القبائل مع «ثورة 11فبراير/شباط2011» وضدها مع حزب المؤتمر الشعبي العام الذي ظل تابعاً للرئيس السابق «علي عبدالله صالح»، وقفت القبائل وحاربت الحوثيين دون انقسامات إلا لشخصيات محددة لم يكن لها تأثير على الإقليم.
الانتقام الذي حدث بين الأحزاب السياسية بالذات المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح أحدث إرباكا لدى كل القوى الوطنية والاجتماعية، وهو ما وفر أرضية خصبة للحوثيين بالتوسع في جميع أنحاء البلاد. فقد انتقل الخلاف الحزبي وانقسام السياسيين إلى قادة القبائل في اليمن وأصبح الجميع بين فسطاطين «ثورة» و»ثورة مضادة»، وهو ما انعكس لصالح الميلشيات الحوثية التي لا ترغب في رؤية عمل سياسي أو تنظيم اجتماعي يوازي سلطاتها.
وفي وسط هذا الخلاف ظهرت مأرب بشكل ملحوظ وسط الانقسام كناجية، وبقت موحدة لمناهضة الحوثيين ومنع دخولهم إلى عاصمة المحافظة.
يمكن الإشارة إلى تزعم مأرب أيضاً لمواجهة الحوثيين: في أغسطس/آب 2014 عُقد الملتقى العام الموسع لقبائل إقليم سبأ في منطقة «السحيل» ووقع وثيقة «عهد وميثاق» التي تطالب بانسحاب الحوثيين من أراضيهم وحشد 12 ألف مقاتل من أبناء الإقليم لمواجهة الحوثيين وما وصفوه ب»قوى الإرهاب والتخريب».
في أكتوبر/تشرين الأول2016 أعلن محافظو المحافظات الثلاث في إقليم سبأ عن «قيام الإقليم» واختيار محافظ مأرب سلطان العرادة رئيساً له «حتى يتم الاستفتاء على الدستور واختيار رئيس للإقليم باختيار أبناء المحافظات الثلاث».
• فشل تأثير الخلافات في معسكر الحكومة الشرعية: على عكس الانقسامات التي أحدثتها الإمارات في معسكر الحكومة اليمنية في المحافظات الجنوبية والتي استهدفت أيضاً القبائل وزعامتها، كما فعلت مع المكونات السياسية والاجتماعية في المحافظات المحررة. تمكنت السلطة المحلية في محافظة مأرب من امتلاك علاقة جيدة لكسب الدعم الداخلي والخارجي، فتوحدت القبائل والأحزاب والمكونات السياسية في إطار السلطة المحلية؛ ولم تظهر الإمارات عدائها بشكل مباشر للقيادة السياسية في مأرب. على الرغم من اتهام أبو ظبي لها بالتبعية لحزب التجمع اليمني للإصلاح.
لكن مع ذلك أُوجد الحوثيون فجوات بين بعض قادة القبائل في مأرب معتمدة على خلافات قديمة بين القبائل وطموح تلك الشخصيات بالسلطة. كما أن حالة الانقسام التي أوجدها التحالف العربي داخل معسكر الحكومة الشرعية، ساهم في إيجاد تلك الفجوات، وهو ما سنوضحه لاحقاً.
• التنمية الاقتصادية: تحولت مأرب وسط الحرب إلى تنمية اقتصادية حقيقية، فلم تكتف إدارتها بردع الحوثيين وحماية عاصمة المحافظة بل ازدهرت المدينة اقتصادياً، بعكس باقي المحافظات الأخرى المحررة من الحوثيين باستثناء محافظة شبوة، ما يجعل دفاع السكان عنها واجباً باعتبارها المعسكر الأخير، كما أن سكان مأرب بالذات قبائلها بدأوا فعليا الشعور بأن التنمية والرخاء الاقتصادي جلب لهم مصالح يجب عليهم ان يحاربوا من أجل حمايتها.
• الدعم القبلي من محافظات أخرى: مدينة مأرب تحولت إلى قبلة النازحين من مناطق شمال اليمن، ومعظم هؤلاء فروا من الحوثيين وينتمون إلى القبائل. وكونت تلك القبائل معسكرات خاصة بها في المحافظة الصحراوية ومجالس لمقاومة الحوثيين في مناطقهم، بعض تلك المناطق لم تصل إليها قوات الجيش وما يشير إلى ذلك مقتل الشيخ ربيش بن كعلان العليي وهو أحد شيوخ صنعاء البارزين وعضو في البرلمان، في معركة مع الحوثيين في منطقة «صرواح». ومن المجالس: مجالس المقاومة في «صنعاء وذمار وإب وتهامة» حيث يقاتل أبناء تلك المحافظات ضمن القبائل والجيش الوطني في جبهات مأرب والجوف والبيضاء.
قد تبدو تلك عوامل قوة كبيرة للمدينة إضافة إلى ما ذُكر آنفاً حول التركيبة القبلية لإقليم سبأ مقارنة بالقبائل الأخرى في شمال اليمن. لكن مع ذلك تمكن الحوثيون من إحداث اختراق بسيط يمكن أن يتوسع في المحافظة النفطية، ويهدد ملايين النازحين وأبرز ملامح هذا الاختراق:
1-توقيع الاتفاقيات مع بعض مشائخ القبائل: مضى الحوثيون في طريقتهم المفُضلة في دخول مناطق القبائل بتوقيع اتفاقات تشير إلى السماح للحوثيين بعبور مناطقهم إلى مناطق أخرى حيث القوات الحكومية. من ذلك ما حدث في قبيلة مراد، أعلن الحوثيون توقيع اتفاقات مع عدد من شيوخ القبائل في «رحبة» بينهم: «عبدالجليل القردعي، محمد حسين القردعي، احمد حسين القردعي، العنشلة القردعي».والشيخ أحمد علي جوهرة، وأحمد محمد أبو عوشه “وفهد عبدالله محمد جهلان”. ومن المفارقة أن هذه الإعلانات نشرت باستفاضة في الصحف الإيرانية التي تبدو مهتمة بشدة بالحرب في اليمن.
ويقف «حسين حازب» وهو شيخ قبلي في «مراد»، وقيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، في دعم الانشقاقات داخل قبيلته، وعينه الحوثيون في منصب وزير في حكومتهم غير معترف بها دولياً.
2- خلايا الحوثيين: يعتمد الحوثيون على خلايا من عدة أفراد -وأحياناً عشرات الأفراد- لبعض العائلات الهاشمية في إيجاد نفوذ في محافظة مأرب من بين تلك “خلية محسن سبيعان” التي قُتل أفرادها الثمانية في عملية عسكرية للقوات الحكومية في يوليو/تموز2020، بالتزامن مع هجوم الحوثيين على محافظة مأرب.
استغل الحوثيون مقتل أفراد الخلية في محاولة تحشيد القبائل في محافظتي مأرب والجوف وباقي المحافظات الشمالية، بدعوة «النكف» القبلي، ضد القوات الحكومية في مأرب. في يوليو/تموز2019 تمكنت قوات الأمن من إنهاء محاولة تمرد في مناطق «الأشراف» في محافظة مأرب ضد القوات الحكومية.
3- ورقة الإرهاب: عندما سيطر الحوثيون على مناطق في «قيفة رداع» بمحافظة البيضاء، أعلنت الجماعة تطهير تلك المناطق من «تنظيم الدولة» و»تنظيم القاعدة»، ومقتل زعيم تنظيم الدولة في المنطقة.
ومحافظة البيضاء هي واحدة من المناطق التي زاد فيها نشاط تنظيم القاعدة في جزيرة العرب منذ 2014.
وتمتلك قبائل «قيفة رداع» تاريخاً قتالياً ضد التنظيم قبل وصول الحوثيين، حيث ساهمت في دفع التنظيم خارج مناطقها عام2012 وعام 2013. وتبرأت العائلة والقبيلة من الشيخ «طارق الذهب» الذي أسهم في دخول أعضاء التنظيم إلى مناطقهم ما أفقده النفوذ والحماية من القبيلة لتنتهي بمقتله.
واندفع التنظيم إلى مناطق «المناسح» ليخرجوا منها بتفاوض مع القبائل مع تحرك قوات حكومية لإنهاء وجودهم في تلك المناطق، وخشية رجال القبائل من تدمير ممتلكاتهم ومنازلهم. لم تكن معظم القبائل لتقاتل الحوثيين في محافظة البيضاء -إذا ما استثنينا قبائل «آل حميقان»- فكانت القبائل تعيّ أن قوتها أقل من الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق «علي عبدالله صالح» لذلك وقعوا الاتفاقات -بنفس الصيغ السابقة عبور مقاتلي الحوثي وعدم استخدام أراضيهم للقِتال- لكن بعد سيطرة الحوثيين نقضوا الاتفاقات وقاموا بارتكاب الانتهاكات بحق القبائل وشيوخها ما اضطرهم للقِتال. وأتاح دخول الحوثيين إلى البيضاء لتنظيم القاعدة الفرصة لكسب نفوذ على الأرض والعودة إلى المناسح التي طُرِد منها في مطلع العام 2013.
نبيل الذهب – شقيق طارق، والذي كان قيادياً في جماعة أنصار الشريعة التابعة لتنظيم القاعدة في اليمن حتى مقتله في هجوم بطائرة أميركية من دون طيّار في تشرين الثاني/نوفمبر 2014 – حضر اجتماعاً عُقِد في المناسح في تشرين الأول/أكتوبر 2014، وشارك فيه بعض القيادات القبلية، لمناقشة التهديد الحوثي، وأصبح مقاتلو تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ناشطين في القتال ضد الحوثيين، وازدادت أعدادهم. ولم تعد القبائل التي كبحت نفوذ تنظيم القاعدة في المحافظة في فترات سابقة مستعدّة للقيام بذلك مجدّداً، لأنه أصبح لديها والقاعدة عدوا مشتركا، لكن تنظيم القاعدة هو الآخر وجد له ميدان معركة أخرى قللت من تأثير مواجهته مع الحوثيين، حيث دخل في مواجهات متقطعة مع تنظيم الدولة الذي كان يحظى بخلفية مؤمنة من الحوثيين لتفادي الصدام المباشر مع تنظيم القاعدة.
ويتفق الحوثيون وتنظيم الدولة -الذي ما زال تكويناً غير معروف سلسلة القيادة داخلة في البيضاء- في قِتال القوات الحكومية ورجال القبائل، وشن تنظيم الدولة عمليات عِدة ضد القوات الحكومية ورجال القبائل حيث يتهمهم التنظيم بكونهم تابعين للجيش اليمني. وحسب أبناء قبيلة قيفة فإن «التنسيق بين الحوثي وداعش بات ظاهراً للعلن، حيث يتقاسمون الأدوار لكسر جبهات مقاومة قيفة، حيث شارك داعش في قتال المقاومة وقام من الخلف بقطع طرق الإمداد والسماح وفتح طريق للحوثيين للالتفاف من الخلف ضد القبائل».
4- دعم أصوات تنتقد السلطة المحلية: يعتقد بعض شيوخ القبائل في «العُزل»-وحدات سكانية أصغر من المديريات- أن السلطة المحلية التي تُدير المحافظة تقصي أبنائها، ويطالبون بمحاصصة في الوظائف والمناصب الحكومية.، شكا شيخ قبلي واحد على الأقل في منطقة «الجوبة» من أن «القيادة المحلية تجمد الأصوات المستقلة كصوته». شيخ قبلي تحدث أن الإمارات دعمت زعماء قبائل في مأرب لرفع الأصوات التي تتهم السلطة المحلية بالإقصاء والتهميش، وتؤجج حالة الانقسام الداخلي بين قبيلة مراد وبقية قبائل مأرب.
تتفرع محافظة مأرب إلى أربعة فروع من حيث الفخوذ القبلية والتقسيم الإداري، وهي: عبيدة وصرواح والجدعان ومراد، وتغطي عبيدة -التي ينتمي لها محافظ المحافظة- ثلثي محافظة مأرب من حيث المساحة، إضافة إلى كونها المنطقة الغنية في محافظة مأرب، وفيها يتركز أكبر مخزون نفطي وغازي في شمال اليمن ككل، وفيها الشركات النفطية الاستكشافية، إلى جانب محطة مأرب الغازية التي تعتمد عليها الكثير من المحافظات اليمنية في توليد الكهرباء، وبخاصة العاصمة صنعاء.

موقف القبائل من الحكومة:
أوقف الجيش اليمني التجنيد في صفوفه منذ 2017م، وتوقفت الرواتب عن الوصول إلى الجنود في جبهات القِتال أدى ذلك إلى تراجع أعداد القوات الحكومية الأساسية التي تواجه الحوثيين. لذلك فإن الضغط سيكون على رجال القبائل في مواجهة الحوثيين. وعلى الرغم من ملاحظات القبائل على أداء الحكومة الشرعية إلا أن معظمهم مقتنعون بضرورة قِتال الحوثيين، ومنع تغولهم في مناطقهم.
ويتحفظ معظم زعماء القبائل في المحافظات الثلاث من ذِكر ملاحظاتهم على توجه الحكومة الشرعية تجاه قبائلهم لكن عدد من زعماء القبائل أشاورا إلى عدد من النقاط:
• بالرغم من توجيهات الرئيس اليمني باستيعاب رجال القبائل الذين اندرجوا تحت مظلة المقاومة الشعبية في الجيش الوطني إلا أنه وبعد مرور أكثر من خمس سنوات لايزال افراد المقاومة خارج نطاق الجيش الوطني.
• يقول قادة القبائل إن حكومة الشرعية تُهمل أسر الشهداء والجرحى، ما جعل القبائل تتحمل عبء الرعاية، في وقت تتحمل عبء «اليُتم» و»مخاوف ضياع أفراد القبيلة في جماعات أخرى».
• تشكك القبائل في قدرة الحكومة الشرعية على دفع تكاليف الحرب وتعزيز الدعم بالذخائر والأسلحة، في وقت تعجز عن تأمين رواتب جنودها. وتخشى من تحمل تبعات ذلك لاحقاً. ويقول قادتها: إن تقييد صلاحيات الشرعية أولا -من قبل التحالف- وصلاحيات محافظي المحافظات انعكس سلباً على دور القبيلة في مواجهة الحوثي.
• التباين الواضح في رواتب وتجهيز المقاتلين في جبهات الحدود السعودية ضد الحوثيين، ورجال القبائل والجنود في مناطق سيطرة الحكومة. حيث أصبحت جبهات الحدود تستقطب المقاتلين من إقليم سبا بينما الأخطار تحدق بمناطقهم.
• استبعاد أبناء المحافظات الثلاث، من المناصب الوزارية والسيادية، وقيادة الوحدات العسكرية في الجيش، وهو خطأ تتعامل معه الحكومة دون «جدية في إيجاد حل لملف قد يصبح قنبلة موقوتة».
• يشعر القبائل أنهم لا يواجهون الحوثي كعدو وحيد وأن هناك ضغط واضح من التحالف على الحكومة يدفع ثمنها ابناء القبائل على الأرض.
• حجم التسليح والدعم العسكري للقبائل من الحكومة والتحالف لا يرقى إلى خطورة المعركة، بل إن بعض الدعم ذهب إلى شخصيات ذات ارتباط بالحوثيين.

ثالثا: تأثير معركة مأرب على وحدة البلاد
ستؤثر نتائج الحرب في مأرب بشكل مباشر على وحدة البلاد إذ أن هزيمة أو انتصار القوات الحكومية هي التي ستحدد ذلك، وسقوط مأرب يعني أن فرص انفصال الجنوب تتضاعف بعد ان أصبح الشمال بيد الحوثيين كاملا.
ولأن محافظتي مارب وشبوة هما المحافظتان اللتان تدينان الولاء بشكل مطلق لشرعية الرئيس هادي، وتشكلان حجر عثرة أمام تمزق البلد، فإنه من المهم قراءة وضع شبوة.
هناك جملة من المحددات التي تجعل من الحرب في مأرب مؤثرة على الوضع في محافظة شبوة منها:
1-هناك تداخل مجتمعي وقبلي بين المحافظتين.
2-تصدر محافظة شبوة النفط الخام القادم من مأرب من خلال أنبوب نفطي يمتد من صافر إلى ميناء النشمة البديل عن ميناء رأس عيسى في الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيين.
3-في محافظة شبوة أكبر مشروع اقتصادي في اليمن وهو مشروع تصدير الغاز الطبيعي المسال من خلال ميناء بلحاف، ويمثل أهمية استراتيجية للحكومة وبفقدانه تسقط آخر ورقة اقتصادية.
4-هناك اعتقاد لدى المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا أن سقوط مارب يسهل لقواته استعادة محافظة شبوة بحجة حمايتها من الحوثيين، بينما يرى الحوثيون أن إسقاط مأرب يسهل لهم مهمة الوصول إلى شبوة والسيطرة على مصدر النفط والغاز.

شبوة بين القبيلة والدولة والنفوذ الخارجي:
ما يميز محافظة شبوة حضور الدولة الطاغي وهو ما أدى إلى تراجع الدور القبلي في كثير من القضايا بالذات في المشاكل التي تتعلق بالجوانب العسكرية والأمنية، وهو ما يراه البعض على أنه وضع طبيعي، فكلما حضرت الدولة في تحقيق مصالح القبيلة تساند القبيلة الدولة. لكن البعض الآخر يرى أن نموذج شبوة يتمثل في تماسك المجتمع (القبلي) وتنسيقه الكامل مع سلطة الدولة (قيادة المحافظة).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.