عاش المسلمون في المدينة، وبدأت الحياة يشتد عودها من حولهم، وتزوج الإمام على كرم الله وجهه من السيدة فاطمة ابنة النبي الكريم، فما الذى يقوله التراث الإسلامي في ذلك؟ يقول كتاب البداية والنهاية ل الحفاظ ابن كثير "فصل في دخول على بن أبى طالب على زوجته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم "
وذلك في سنة ثنتين بعد وقعة بدر لما رواه البخاري ومسلم من طريق الزهري، عن على بن الحسين، عن أبيه الحسين بن على، عن على بن أبى طالب .
وقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان، عن ابن أبى نجيح، عن أبيه، عن رجل سمع عليا يقول: أردت أن أخطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته فقلت: مالي من شيء ثم ذكرت عائدته وصلته فخطبتها إليه فقال: "هل لك من شيء؟ ". قلت: لا . قال: "فأين درعك الخطيمة التي أعطيتك يوم كذا وكذا؟ ". قال: هي عندي . قال: "فأعطينها ". قال: فأعطيتها إياه . هكذا رواه أحمد فى (مسنده) وفيه رجل مبهم .
وقد قال أبو داود: حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، ثنا عبدة، ثنا سعيد، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما تزوج على فاطمة رضى الله عنهما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعطها شيئا ". قال: ما عندي شيء . قال: "أين درعك الخطيمة؟ ". ورواه النسائي عن هارون بن إسحاق، عن عبدة بن سليمان، عن سعيد بن أبى عروبة، عن أيوب السختياني به . وقال أبو داود حدثنا كثير بن عبيد الحمصي، ثنا أبو حيوة، عن شهيب بن أبى حمزة، حدثني غيلان بن أنس من أهل حمص، حدثني محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن عليا لما تزوج فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يدخل بها فمنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يعطيها شيئا فقال: يا رسول الله ليس لي شيء . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أعطها درعك ". فأعطاها درعه ثم دخل بها . وقال البيهقي في (الدلائل): أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدثني عبد الله بن أبى نجيح، عن مجاهد، عن علي . قال: خطبت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت مولاة لي: هل علمت أن فاطمة قد خطبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . قلت: لا . قالت: فقد خطبت فما يمنعك أن تأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيزوجك . فقلت: وعندي شيء أتزوج به؟ فقالت: إنك إن جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجك . قال: فوالله ما زالت ترجيني حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أن قعدت بين يديه أفحمت فوالله ما استطعت أن أتكلم جلالة وهيبة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما جاء بك ألك حاجة؟"؟ فسكتّ، فقال: "لعلك جئت تخطب فاطمة؟ ". فقلت: نعم ! فقال: "هل عندك من شيء تستحلها به؟ ". فقلت: لا والله يا رسول الله ! فقال: "ما فعلت درع سلحتكها " فو الذي نفس على بيده أنها لخطيمة ما قيمتها أربعة دراهم، فقلت: عندي . فقال: "قد زوجتكها فابعث إليها بها فاستحلها بها"، فإن كانت لصداق فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن إسحاق: فولدت فاطمة لعلى حسنا وحسينا ومحسنا - مات صغيرا - وأم كلثوم وزينب . ثم روى البيهقي: من طريق عطاء بن السائب، عن أبيه، عن على قال: جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فى خميل وقربة ووسادة أدم حشوها أذخر . ونقل البيهقي من كتاب (المعرفة) لأبى عبد الله بن منده أن عليا تزوج فاطمة بعد سنة من الهجرة وابتنى بها بعد ذلك بسنة أخرى . قلت : فعلى هذا يكون دخوله بها في أوائل السنة الثالثة من الهجرة فظاهر سياق حديث الشارفين يقتضي أن ذلك عقب وقعة بدر بيسير فيكون ذلك كما ذكرناه في أواخر السنة الثانية والله أعلم .