تعد ظاهرة غلاء المهور واحدة من الظواهر المنتشرة في بلادنا التي تؤثر تأثيرا سلبيا على الفرد والأسرة والمجتمع ككل بما تحدثه من مشكلات اقتصادية واجتماعية ونفسية وسلوكية أيضا .. وأصبحت المغالاة في المهور من أبرز الظواهر التي تهدد كيان الأسرة والمجتمع في بلادنا لاسيما وان أسهم العزوبية والعنوسة في ازدياد مستمروتسير وفق متوالية هندسية تنذر بخطر قادم يهدد حياة ومستقبل أبنائنا وبناتنا لا ينبغي عدم السكوت عليه والوقوف أمامه بكل ما نملك من قوة حكومة وشعبا وجمعيات خيرية وشخصيات اجتماعية واعتبارية وأئمة وخطباء المساجد وأولياء أمور وغيرها من المؤسسات تربوية وتعليمية وإرشادية أيضا . ويحز في نفوسنا ان نرى الكثير من الشباب (ذكورا وإناثا ) ممن هم في سن الزواج أو فاتهم قطاره وهم محرومون من نعمة الزواج بسبب المغالاة في المهور والتي تتراوح بين خمسمائة ألف ريال إلى مليون ريال وأكثر في بعض المناطق ولا شك أن قصور الوعي بأهمية الزواج من قبل أولياء الأمور أحد الأسباب في تفشي هذه الظاهرة التي يعاني منها شبابنا بسبب عدم تخلي الآباء عن مغالاتهم في المهور وتفاخرهم بارتفاعها حتى أصبحت الفتاه كأنها سلعة تباع وتشترى دون مراعاة ما ينتج عن ذلك من نتائج وخيمة يدفع ثمنها الأبناء والأسرة والمجتمع . ولا ننكر ان الوضع المعيشي والاقتصادي ومستوى دخل الفرد بما يصاحبه من ارتفاع في الأسعار من الأسباب الرئيسية في غلاء المهور كما أن عدم تنظيم قوانين خاصة بالأسرة أو حتى قوانين عرفية يتم الاتفاق عليها بين الناس تحدد سقفا محددا للمهور وتلزم الناس عامة بتنفيذها تعد من أسباب هذه الظاهرة ..وهناك أسباب أخرى لعزوف الشباب عن الزواج منها المادي والاجتماعي وغيرها كالحسب والنسب والمال وعوامل أخرى كفارق السن والتموطن الجهوي وكذا جهل كثير من أولياء الأمور بتعاليم الدين الإسلامي والرأي الشرعي في غلاء المهور كونه أمر كرهه الإسلام كما ورد على لسان خير الأنام القائل صلى الله عليه وسلم " ان أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة " وقوله صلى الله عليه وسلم " يمن المرأة خفة مهرها ويسر نكاحها وحسن خلقها وشؤمها غلاء مهرها وعسر نكاحها وسوء خلقها " . ان المغالاة في المهور ينتج عنها نتائج وخيمة على الأسرة والمجتمع ويدفع ثمنها الأبناء بما ينتج عن عزوفهم عن الزواج من عواقب أخلاقية ناهيك عن تحمل كثير من الأسر تبعات تكاليف الزواج الأخرى كالخطوبة والزفاف والضيافات وغيرها ومن نتائجها إصابة كثير من الشباب الذين بلغوا سن العزوبية والعنوسة بأمراض نفسية وعضوية بسبب هذه الظاهرة المميتة في بلادنا . وهناك كثير من المعالجات للحد من انتشار ظاهرة غلاء المهور وتتمثل في اضطلاع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والقنوات الفضائية ومواقع الشبكة العنكبوتية ( الانترنت ) للقيام بدورها في توعية الناس بمخاطر الظاهرة الشباب والأسرة والمجتمع وما تفرزه من مخاطر عزوف الأبناء عن الزواج من عواقب لا تحمد ..ومن المعالجات الأخرى ان يتفهم المشائخ والأعيان والشخصيات الاجتماعية والاعتبارية لمعاناة الشباب من ظاهرة غلاء المهور والقيام بدورهم في سن القوانين العرفية التي يتفق عليها جميع الناس كضوابط لتقليل أسعار المهور دون شروط في مكملات الزواج من ذهب وغرف نوم وملابس ونحوها . ومن ضمن المعالجات للحد من الآثار السلبية الناتجة عن غلاء المهور قيام الجمعيات المختصة بتسهيل أمور الزواج في إطار القرية أو العزلة ونحوها بهدف التعريف بمخاطر وأضرار الظاهرة ونشر الوعي بين أفراد المجتمع والأسرة وتمثل القدوة الحسنة من قبل الأسر بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف في تيسير الزواج وإعداد وثيقة تلتزم بها الأسر تحت إشراف المشائخ والواجهات الاجتماعية بعدم المغالاة في المهور والإسراف والتباهي في مظاهر الزواج . ومن المعالجات أيضا أن يضطلع خطباء وأئمة المساجد وأمناء المناطق والمرشدون من الوعاظ بالتوعية الشرعية بخطورة الظاهرة وما تسببه من آثار سلبية على المجتمع وذلك بقيامهم بعقد اللقاءات المستمرة مع أولياء الأمور لتزويدهم بالتوعية الدينية بهدف تشخيص أسباب الظاهرة ومعرفة نتائجها الوخيمة الضارة بالفرد والأسرة والمجتمع وكيفية الحد من انتشارها وتجنب مخاطرها في نفس الوقت . ولا يفوتني في ختام المقال أن أذكر أن هناك دور ينبغي أن تلعبه الجمعيات الخيرية التي تتبنى إقامة حفلات الزواج الجماعي والتي تستهدف في غالب الأحيان شرائح المجتمع التي تعاني من الفقر والعوز والظروف الأسرية الصعبة لما من شأنه الإسهام في التغلب على الآثار المترتبة على المغالاة في المهور ليتسنى لها تكوين أسرة مترابطة لا يوجد بين أفرادها احد تكون له علاقة بالعزوبية أو العنوسة إطلاقا .