نعرف أبو قحافة والد سيدنا أبى بكر الصديق، ونتذكر قصته في الهجرة، ولكن ماذا نعرف عن إسلامه يوم فتح مكة، وما الذي يقوله التراث الإسلامي في ذلك؟ يقول كتاب البداية والنهاية ل الحافظ ابن كثير: قال محمد بن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن جدته أسماء بنت أبى بكر قالت: لما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي طوى، قال أبو قحافة لابنة له من أصغر ولده: أي بنية اظهري بي على أبى قبيس. قالت: وقد كف بصره، قالت: فأشرفت به عليه. فقال: أي بنية ماذا ترين؟ قالت: أرى سوادا مجتمعا. قال: تلك الخيل. قالت: وأرى رجلا يسعى بين يدي ذلك السواد مقبلا ومدبرا. قال: أي بنية ذلك الوازع - يعنى الذي يأمر الخيل ويتقدم إليها - ثم قالت: قد والله انتشر السواد. فقال: قد والله إذن دفعت الخيل، فأسرعي بي إلى بيتي فانحطت به، وتلقاه الخيل قبل أن يصل بيته. قالت: وفى عنق الجارية طوق من ورق فيلقاها رجل فيقتطعه من عنقها. قالت: فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ودخل المسجد، أتى أبو بكر بأبيه يقوده، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "هلا تركت الشيخ فى بيته حتى أكون أنا آتيه فيه؟". قال أبو بكر: يا رسول الله هو أحق أن يمشى إليك من أن تمشى أنت إليه، فأجلسه بين يديه، ثم مسح صدره، ثم قال: "أسلم فأسلم". قالت: ودخل به أبو بكر وكان رأسه كالثغامة بياضا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "غيروا هذا من شعره". وقال الحافظ البيهقي: أنبا أبو عبد الله الحافظ، أنبا أبو العباس الأصم، أنبا بحر بن نصر، أنبا ابن وهب، أخبرني ابن جريج، عن أبى الزبير، عن جابر: أن عمر بن الخطاب أخذ بيد أبى قحافة فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما وقف به على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "غيروه ولا تقربوه سوادا". قال ابن وهب: وأخبرني عمر بن محمد، عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هنأ أبا بكر بإسلام أبيه.