كان النبي محمد، عليه الصلاة والسلام، خلقه القرآن، هذا ما تؤكده كتب التراث وتجمع عليه كتب السيرة، فما النصوص التراثية التى تؤكد ذلك؟ يقول كتاب البداية والنهاية تحت عنوان "باب ذكر أخلاقه وشمائله الطاهرة صلى الله عليه وسلم": قال البخاري: حدثنا قتيبة، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو، عن سعيد المقبري، عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بعثت من خير قرون بنى آدم قرنا بعد قرن، حتى كنت من القرن الذي كنت فيه". وفى صحيح مسلم عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله اصطفى قريشا من بنى إسماعيل، واصطفى بنى هاشم من قريش، واصطفاني من بنى هاشم ". وقال الله تعالى: " ن والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربك بمجنون * وإن لك لأجرا غير ممنون * وإنك لعلى خلق عظيم". [القلم: 1-4] . قال العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى: {إنك لعلى خلق عظيم}: يعني: وإنك لعلى دين عظيم، وهو الإسلام. وهكذا قال مجاهد، وابن مالك، والسدي، والضحاك، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم. وقال عطية: لعلى أدب عظيم. وقد ثبت فى صحيح مسلم من حديث قتادة عن زرارة ابن أبى أوفى، عن سعد بن هشام قال: سألت عائشة أم المؤمنين فقلت: أخبرني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالت: أما تقرأ القرآن؟ قلت: بلى! فقالت: كان خلقه القرآن. وقد روى الإمام أحمد عن إسماعيل بن علية، عن يونس بن عبيد، عن الحسن البصري قال: وسئلت عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالت: كان خلقه القرآن. وروى الإمام أحمد عن عبد الرحمن ابن مهدى، والنسائي من حديثه، وابن جرير من حديث ابن وهب، كلاهما عن معاوية بن صالح، عن أبى الزاهرية، عن جبير بن نفير قال: حججت فدخلت على عائشة فسألتها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالت: كان خلقه القرآن. ومعنى هذا: أنه عليه السلام مهما أمره به القرآن العظيم امتثله، ومهما نهاه عنه تركه، هذا ما جبله الله عليه من الأخلاق الجبلية الأصلية العظيمة التى لم يكن أحد من البشر ولا يكون على أجمل منها، وشرع له الدين العظيم الذي لم يشرعه لأحد قبله، وهو مع ذلك خاتم النبيين فلا رسول بعده ولا نبي صلى الله عليه وسلم فكان فيه من الحياء، والكرم، والشجاعة، والحلم، والصفح، والرحمة، وسائر الأخلاق الكاملة ما لا يحد، ولا يمكن وصفه.