أقام اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين -الأمانة العامة- ندوة بعنوان «من الاستقلال الوطني إلى الوحدة» في قاعة الزعيم/جمال عبدالناصر في جامعة صنعاء وشارك في الندوة العديد من السياسيين في السلطة والمعارضة وهم د. احمد الاصبحي والأستاذ انيس حسن يحيى ود. عبدالله عويل وم. حسن اللوزي، حيث قدم الفعالية د. عبدالكريم قاسم. هذا وقد بدأ الدكتور احمد الأصبحي في قراءة ورقته المتعلقة بالدور النضالي الذي قدمه الشعب اليمني سواءً بالمحافظات الجنوبية ضد الاستعمار البريطاني، أم بالثورة على الإمامة والاستبداد، مؤكداً ان هذه المرحلة التاريخية هي التي صنعت مستقبل اليمن والتي أوصلتنا إلى هذه اللحظة من الحياة في دولة الوحدة وما الوحدة اليمنية إلا جانب من جوانب النضال الذي قام به المناضلون، الذين بذلوا دماءهم وأرواحهم من اجل تقدم اليمن، وان ما حدث على الساحة السياسية اليمنية من توترات وأزمات ادت إلى نشوء الصراعات، انما هي آنية وارتبطت بمصير التحولات السياسية مشروع ما بعد الوحدة. مشيراً د. الأصبحي إلى ان الثقافة والسياسة عاملان يخرجان من صلب الإرادة التصحيحية الحقيقية فالادباء والمثقفون هم القطب الصلب في بناء الدولة اليمنية الحديثة ولابد ان يكملوا الدور الذي بدأوه في الماضي، ويصنعوا المجتمع اليمني المنشود، وما من قضية مستقبلية إلا ترسيخ الوحدة اليمنية دون مزايدة أو غش أو تخوين والكل يحفظ هذا الدور ويعيه ولابد من بذل قصارى الجهود في الحفاظ على ذلك. وفي ختام ورقته حيا الدكتور الأصبحي قيادة الاتحاد وعزز حضورهم وايد اهدافهم التي يسعون إلى تحقيقها وانما ذلك هو الدور النضالي الفعال في حياة الثقافة اليمنية. في السياق ذاته تحدث الأستاذ انيس حسن يحيى في ورقته المقدمة عن المحطات السياسية التي وقفت في وجه مشروع دولة الوحدة والفت الكثير من التطلعات والرؤى التي كان ينشرها الشعب اليمني قائلاً : المسألة لا تتعلق بهذا التوجه السياسي أو ذاك، وانما المواطن يهمه جداً ان يعيش في دولة يكون لها دستور، ويحكمها القانون، وانا هنا لا أتحدث بصفتي عضواً في الحزب الاشتراكي اليمني وانما أتحدث كيمني يهمني ان اعيش في دولة مؤسسات دولة نظام وقانون لا تحكمها القبيلة، وكان يجب ان تنص الدولة على اقامة نظام محلي واسع الصلاحيات، المحافظ يجب ان ينتخب والمأمون يجب ان ينتخب، السلطات يجب ان تتمتع بحق تقرير الأمور في المحافظة أو المديرية. مؤكداً أ/انيس يجب التأكيد على أهمية المواطنة المتساوية وعلى أهمية حقوق المرأة في المجتمع ولا نكذب ونضحك على انفسنا حتى اذا كانت المرأة وزيرة فهي مهمشة ويهمنا ان تكون الوزيرة ذات تأثير في الحياة والمجتمع وكلها من رؤى الحداثة ونحن نريد هذه كأسس اساسية في بنيان الدولة، وهناك ايضاً مسألة مهمة غابت وهي التوزيع العادل للثروة في المحافظة والثروة الوطنية في كل البلد يجب اقتسامها بالعدل، وبنسبة معينة من هذه الثروة وجزء من هذه الثروة يجب ان يذهب للمحافظة والمديرية حتى تأخذ تنمية متوازنة وشاملة. ثم تحدث أ. انيس عن الاخطاء الكبيرة التي دفعت فيها الاشتراكية في العالم بشكل عام، وما دفع فيها مفكرو النظام الاشتراكي من اخطاء لم تعالج مما ادى إلى انهيارها سواءً ليسنين واستالين أو ماوتشي تونج. مشيراً إلى ان الادباء والمثقفين في كل دول العالم هم ضمير الأمة ويجب ان يكون المثقف على مسافة واحدة بين السلطة والمعارضة لا ينجر للسلطة ولا ينجر للمعارضة ومن يريد ان ينحاز لابد ان ينحاز إلى قضايا الشعب الحقيقية. اما الدكتور عبدالله عوبل -أمين عام التجمع الوحدوي الديمقراطي فقد أكد في ورقته المقدمة على اهمية الأدوار النضالية وما شكلت من قدرة في صناعة الأعياد الوطنية الحقيقية في اليمن، وان الثورات اليمنية بحاجة إلى ثورات تعزز الدور النضالي، قائلاً: الثلاثين من نوفمبر يوم عزيز في تاريخ الشعب اليمني الذي حرر من الاستعمار البريطاني الغاشم الذي مكث في وطننا 128 عاماً، لقد عاشت بلادنا طيلة الفترة الماضية من القرن الماضي انتفاضات متواصلة حتى بداية الأربعينيات ومن ثم تواصلت الجهود على يوم الثلاثين من نوفمبر، اليوم الخالد في الذاكرة اليمنية لأن الاستعمار البريطاني خلف الجهل والفقر والتخلف في المحميات الشرقية والغربية، باستثناء بعض التمدن في عدن لأسباب تتعلق بموقعها كأكبر محمية عسكرية في الشرق الأوسط فكان لابد من انشاء مصفاة عدن في اوائل الخمسينات ومع كل ما رافق الكفاح المسلح من سلبيات فقد كان ذلك هو الاسلوب الامثل لاعتراف بريطانيا بالجهبة القومية، والتعاون معها. ان الأحزاب والنقابات والمؤسسات لم تكن محصورة على الجنوبيين وحدهم، بل كانوا في جميع انحاء اليمن يقومون بهذا الدور وكان الشعب اليمني موحداً بمشاعره ووجدانه لم يستطع الاستعمار ان يزرع التفرقة بين ابناء اليمن الموحد وقد استطاع المناضلون ان يشيدوا نظاماً سياسياً واقتصادياً وان يرتفع مستوى الدخل بصورة ملحوظة وكذلك مستوى الخدمات الاجتماعية، لكن مع ذلك هل انجزت ثورة اكتوبر كلها إلى ان حصل الاستقلال؟ جزئياً نعم ولكن مشروع الثورة اكتمل بثورة الاستقلال ومثلما تعثر مشروع الثورة في الوطن العربي عن تحقيق اهدافها تقرر كذلك مشروع اكتوبر وسبتمبر أيضاً. مؤكداً ان هناك اخفاقات في مشروع الثورة خاصة تحقيق المواطنة الاجتماعية الشاملة، مما جعل الانظار تتجه إلى صياغة مشروع سياسي مكتمل وهو مشروع دولة الوحدة، على اعتبار ان الحلم لم تحققه الدولة الشطرية، وان هذا المشروع يخطط لانطلاق اليمنيين إلى رحاب العصر، ودستور دولة الوحدة قد أسس لدور مهم للقوى الاجتماعية الجديدة التحديثية مما لا شك فيه ان القوى التقليدية التي عارضت الوحدة كانت لها حساباتها وتعبر عن شعورها بالخطر القادم. مشيراً إلى ان إلغاء دستور دولة الوحدة وتعديل 128 مادة هو تراجع الدولة الحديثة ومشروع الوحدة الوطني الديمقراطي، متسائلاً د. عوبل عن ماهية العمل؟ نحن بحاجة إلى حماية الوحدة وتعزيزها من خلال مشروع تنموي ديمقراطي، وإلى اعادة صياغة مرجعية وطنية نتفق عليها جميعاً من خلال الاجابة على اسئلة ثلاثة هي : أي انسان تريد؟ اي نظام سياسي تريد؟ اي طريق للتنمية تريد؟ والاجابة على ذلك لابد ان يكون بمشروع وطني يحدد اطر المرحلة القادمة. أما الأستاذ حسن اللوزي- وزير الإعلام فقد استهل ورقته بالحمد لله والثناء عليه والتحية كذلك للذين بذلوا أرواحهم ببطولاتهم وانجازتهم الاستقلال والحرية، قائلاً فلقد وصلنا إلى الوحدة الوطنية وهو عيد متميز في باكورة الاعياد الوطنية الخالدة سبتمبر واكتوبر ومايو، في حرية الارادة التي صنعت بالحرب والقوة وهو يوم الثلاثين من نوفمبر 1967م، تحية لكم وانتم تمثلون قيم الوفاء ومن سار على دربهم، وفي الطليعة الشهداء وما ادراك ما الشهداء؟ تحية انسانية مقدسة في الحياة وفي الخلود وعند الله لا بتلغها مراتب الإنسانية، قال تعالى «ومن يطع الله والرسول فأولئك الذين أنعم الله عليهم من الصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا» فنحن نعيش افراح الحرية والاستقلال والنصر العظيم لاكتمال إرادة الشعب، في تحرير الوطن من براثن المستعبد. مؤكداً أ.حسن اللوزي لقد صوت شعبنا اليمني الأبي ضد الاستعمار والاستبداد إلى الوصول إلى الحرية والكرامة والاستقلال ولم يكن لغراً يمنياً فحسب، بل لغزاً عربياً في مرحلة كانت حابسة الظلام، وحياة عربية تعتصرها الآلام والمرارات بفجيعة النكسة العربية ووطنية بالغة الشدة والصعوبة، فجاء النصر ليضع المعجزات النضالية ويقوي الثورة اليمنية الباسلة في العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في إطار الوحدة العربية الشاملة، ذلك وحركة الثورة اليمنية الأبية لم تتوقف عند تلك المحطة وان ذلك جاءمن اجل اعادة لحمة الأرض وتوحيد الشعب من اليمن لمساره الصحيح. ومشيراً إلى ان عظمة الاستقلال جاءت بقيادة رئيس الجمهورية الذي رفع علم الجمهورية اليمنية، ليؤكد بكل جوانب العمل بأنه القائد الحكيم والحارس الأمين لتواصل حركة البناء والعمل في كل قمات ومكونات المشروع الحضاري الذي لابد ن يتشكل به الواقع اليمني الجديد بكل طاقاته البشرية والمعلوماتية والعصرية والقيمية والتاريخية الأصيلة نحو الأفضل. هذا وقد حضر فعالية اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، رئيس الاتحاد الدكتور عبدالله حسين البار، والأمين العام المساعد أ.احمد ناجي احمد والعديد من قادة الأمانة العامة في الاتحاد وبعض من الأدباء والكتاب واساتذة من جامعة صنعاء وكذلك جمع غفير من الطلاب والطالبات الذين توافدوا لسماع ما يدور من محاور في الندوة تخص الاستقلال الوطني والوحدة اليمنية.