البعض محمول على الأكتاف والبعض يرقد على أسرة من تراب في حالة موت سريري جميعهم طالبوا بالموت بكرامة دون عذاب وعددهم أكثر من 450 مريضاً تنتظرهم ساعات الموت. هذا ليس في فلسطين ولا العراق ولا الشيشان ولا في أي بقعة محتلة في هذا الكون بل في ارض يمنية تدعى الحديدة. أرض أصابها الفشل الكلوي وعجز أهلها عن الذهاب إلى المستشفيات للعلاج ولجأوا إلى ساحة مبنى المحافظة في اعتصام يسبقه الأنين والألم، حيث خرج المئات من مرضى الفشل الكلوي في محافظة الحديدة في هذا الاعتصام ما بين رجال ونساء وأطفال وشيوخ بعضهم محمولاً على الأكتاف لأن المرض أقعدهم عن الحركة والبعض شبه نائمين أمام مبنى المحافظة معلنين اعتصامهم. ومن بينهم أرملة المناضل اليمني الفقيد يوسف الشحاري عائشة عبادي التي وجدت نفسها في غيبوبة وحالة حرجة لا تحسد عليها. طالب المعتصمون أن يموتوا بكرامة وبدون عذاب وتوفير مواد الغسيل من ضمن المعتصمين أحد المصابين بمرض الفشل الكلوي ويدعى محمد وآخر يدعى صالح وثالث عبيدة جميعهم أبدوا استغرابهم من الإهمال الذي وجدوه في أرضهم قائلين "كأننا لسنا بشر ولا مواطنين. . ولا قيمة لنا في هذه المحافظة البعض منا يموت ونحن في الطريق للحاق بهم دون أن يحرك أحد ساكناً" هذه الكلمات ليست أليمة وحسب بل قاتلة، حيث يجد الشخص نفسه في أرضه وبين أهله يموت لأنه لا يستطيع دفع تكاليف العلاج أو لا يجد الرعاية الكاملة. السلطة المحلية في المحافظة هي الأخرى في حالة غيبوبة ربما أصابها الفشل الكلوي أيضاً والوزارة والحكومة عاجزتين عن توفير مواد الغسيل. رغم المناشدات والرسائل التي وجهها هؤلاء المرضى إلى الحكومة وكل معني مطالبين بتزويد المركز "بالفلترات" اللازمة لإنقاذ حياتهم، لكن دون جواب وكأنه لا شيء يعنيهم. 450 مريضاً بالفشل الكلوي داخل مركز الفشل الكلوي بالحديدة منذ يومين دون إعطاءهم جرعات الغسيل المقررة لهم بعد نفاذها من المركز ونفاذ الاحتياطي منها، حيث تحول المركز وغرفة المرضى إلى مأوى للنزلاء يعج المكان بصراخهم وأنينهم بشكل مروع ودامي. الدكتور ماهر مدير مركز الغسيل الكلوي وصف الوضع "للصحوة نت" بالكارثي الذي سيؤدي بحياة هؤلاء المرضى في الساعات القادمة، إذا لم يتم تزويد المركز بالمواد والمحاليل والفلترات وخطوط الدم، ويضيف: إن ازدياد عدد المرضى المترديين على المركز سبب نفاذ الكمية حيث اعتمد للمركز 20 ألف جلسة في السنة في حين أصبح بحاجة إلى أكثر من 40 ألف جلسة في السنة كونه يستقبل المرضى من 5 محافظات. ويؤكد اعتماد 900 جلسة إضافة إلى ال"20" ألف حيث وجه البرنامج الوطني للإمداد الدوائي لاعتمادها إلا أن المركز يفاجأ بأن الشركة الأهلية المكلفة بشراء مواد الغسيل لم تشترِ هذه المواد وعدم تسديدها فواتير المواد لعام 2007م ليبقى المرضى ضحية التلاعب والتهاون بأرواحهم.