تعود الشارع والمواطن اليمني أن يستقبل شهر رمضان المبارك مع كل عام جديد بأزمة خانقة تكاد تصل حد الانعدام لمادة الغاز وبعض المشتقات النفطية وارتفاع مفاجئ لأسعار معظم المواد الغذائية والاستهلاكية. وعادة ما تكون الحكومة اليمنية بعيدة كل البعد عن اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يخفف ولو بشكل بسيط من شدة وطئة هذه الأزمات والارتفاعات السعرية، ووصل الأمر بالحكومات اليمنية المتعاقبة على مدى أكثر من "15" عاماً إلى إيجاد المبررات لهذه الأزمات حتى بات المواطن والشارع اليمني يدرك بأن هذه الأزمات مفتعلة من الحكومة وهو ما لا يجعله يعول عليها أي شيء، مسلماً أمره للرزاق الكريم ومستسلماً لجشع حفنة من التجار يتاجرون بقوته ولقمة عيشه بتواطؤ حكومي رسمي من خلال ضعف المراقبة وعدم القدرة على ضبط إيقاع أسعار التجار للمواد الأساسية والسلع الاستهلاكية بما يتناغم مع مستوى دخل السواد الأعظم للشعب اليمني. وفي سياق الأزمات المفتعلة من "حكومة التجار" أو "تجار الحكومة" إن جاز التعبير ومع قرب حلول شهر رمضان المبارك بادرت حكومة "الحصان الحاكم" ومنذ وقت مبكر على غير عادتها السنوية إلى افتعال أزمة "غاز" و"ديزل" منذ الأيام الأولى ليس لشهر رمضان وإنما لشهر شعبان وقد بدى ذلك واضحاً وجلياً من خلال طوابير المواطنين والسيارات على أبواب محلات بيع الغاز ومحطات بيع الوقود في أمانة العاصمة والمحافظات الأخرى. شهر رمضان الكريم على الأبواب وثمة أسئلة تفرض نفسها على الوضع، فحمى الأسعار بدأت منذ أول أيام شهر شعبان في تصاعد مستمر دون وجود أي مسكنات أو مصل يحد ويوقف ارتفاع الحمى عند درجة معينة والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: الأسعار إلى أين؟ في ظل جشع التجار وغياب الرقابة الحكومية وعدم قدرة الجهات المسؤولة على اتخاذ أي إجراءات تعمل على ضبط ومحاسبة كافة المتلاعبين ومن يتسببون في هذه الأزمات بل إجراءات من شأنها تحديد السقف الأعلى الذي تصل إليه حمى الارتفاعات السعرية وتضع حداً لجشع التجار قبل كل شيء. أما السؤال الآخر الذي يطرح نفسه أيضاً هو هل ستقف الحكومة كعادتها مكتوفة الأيدي دون اتخاذ أي إجراء لتزيد من تفاقم الأزمة؟ أم أن الحكومة ستركن إلى إكرامية الرئيس التي لا تسمن ولا تغني من جوع لموظفي الدولة وتعتمد عليها في مواجهة هذه الحمى متناسية بقية أبناء الشعب من غير الموظفين.