ما تم تداوله يوم أمس حول حكاية إغلاق السفارة الفلسطينية في صنعاء خبر مثير يتحمل السفير الفلسطيني الذي عليه أن يتعامل وفق الأعراف الدبلوماسية والقانونية ويكون أكثر من حريص على ألا ينقل الخلافات الفلسطينية الداخلية إلى الساحة اليمنية هذا أولاً، ثانيا:على السفير الفلسطيني أن يدرك ومعه الكثيرون أن اليمن حريصة ربما أكثر بكثير من بعض الفلسطينيين على القضية الفلسطينية والمصلحة الوطنية والنضالية للشعب الفلسطيني ولأجل هذا دفعت اليمن الكثير من التضحيات من أجل القضية الفلسطينية ولم تبخل عليها لا بالمال ولا بالدم ولا بالمشاعر والمشاركة السياسية، وتبني القضية الفلسطينية رسمياً وشعبياً في اليمن رسالة يمنية وهوية تعكس مشاعر الشعب اليمني التي لا تقبل المزايدة ولا المس بها من قبل أي شخص كان حتى لو كان السفير الفلسطيني ذاته الذي يبدو أنه أخذه الحماس الحزبي وتجاهل دوره الدبلوماسي ومكانته ورؤية اليمن للقضية الفلسطينية ولكل الفصائل النضالية الفلسطينية التي تجد من الشعب اليمني كل ترحيب وتقدير واحترام طالما يرضى عنها الشعب الفلسطيني وطالما هذه الفصائل تناضل في سبيل استعادة الحقوق المشروعة لهذا الشعب وبالتالي لا يجوز لسفير أن يطلب من دولة ذات سيادة قائمة من الشروط أو يفرض عليها الإملاءات ويطالبها بما يجب وما لا يجب أن تعمله. إن الشعب اليمني قيادة وحكومة وشعباً يتألمون من تبعات الصراع الداخلي الفلسطيني والكل في اليمن يعمل جاهداً وكل من موقعه على المساهمة والمشاركة الفعالة في احتواء صراع الأشقاء لكن الشعب اليمني كله يرفض أن يجعل الأشقاء من الساحة اليمنية مسرحاً لتصفية حساباتهم ومن يقدم على مثل هذا فقد أساء التصرف وأخطأ في تقدير مواقف اليمنيين ورد فعلهم، وإن أفترضنا أن هناك خلافاً أو إشكالية بذاتها فإن ثمة قنوات قانونية يُفترض أن يلجأ إليها السفير والسفارة وهذا هو الموقف السليم بدلاً من أن يثير ضجة باطلة فقط من أجل لفت الأنظار، وهي محاولة رخيصة مع الأسف ومثيرة ومفاجئة لليمنيين الذين قدموا - ولا يزالون كل التعاون والتسهيلات لللأشقاء قبل فتح وقبل حماس ومنذ عام النكبة واليمنيون يقدمون التسهيلات والتضحيات، واعتقد أن دماء اليمنيين على تلال جبل المكبر في القدس شاهدة وتلك الدماء ساحت ربما قبل أن يفكر السفير الفلسطيني ونائبه بالنكبة والمقاومة.!! أن الشعب اليمني لا يفرق بين أي فصيل فلسطيني ولا ينحاز لأي فصيل إلا بمقدار انحياز هذا الفصيل أو ذاك للقضية التي لأجلها نستقبل الأشقاء ونقدم الدعم والمساندة، ونحرص على التوفيق بينهم إن اختلفوا أو تصادمت مساراتهم ومصالحهم مع المصلحة الفلسطينية حريصة على توافقهم وتصالحهم والارتفاع فوق الجراحات والسمو بالمواقف إلى مصاف التحديات التي تواجههم. إن البيان الصادر عن السفارة والسفير يشكل فضيحة للسفير ومن في السفارة، والمزاعم الكاذبة الواردة في البيان والمطالب تمثل وقاحة سافرة وتدخلاً وقحاً من قبل السفير الذي لا يخدم قضية فلسطين، بل يخدم مخطط أعداء الشعب الفلسطيني وأعداء اليمن والأمة العربية والإسلامية. فيما المشكلة التي حاول إثارتها السفير وسفارته هي مشكلة مفتعلة ويدرك السفير الحقيقة الكاملة، ولكنه حاول التغطية على الأمر بإثارة زوبعة، الغاية منها خدمة مكاسب لا نحبذ الإفصاح عنها، فالحليم هنا تكفيه الإشارة، مع العلم أن المشكلة فجرها بعض المنتمين لجهاز المخابرات، وربما هم من رجال "دحلان".. وإن كانت حركة حماس قد طردت هؤلاء من غزة إلى مصر ورفضت الأخيرة استضافتهم وقبلتهم اليمن فإن الأجدر بهؤلاء أن يحترموا موقف اليمن الداعم، وألاَّ يحاولوا الانتقام فيها لما حصل لهم في غزة فالمقر الذي يتحدث عنه بيان السفير ليس مقراً للقنصلية بل هو ملك ومسكن لمواطنين فلسطينيين منذ زمن بعيد ولا علاقة لساكني المقر بحركة حماس وحين يأتي أفراد فلسطينيون طردتهم حركة حماس من غزة ليقتحموا السكن ويكبلوا النساء وينتهكوا الحرمات فإن هذا لا يمكن السكوت عنه في اليمن قبلياً، فما بالك شعبياً ورسمياً وكان من الطبيعي أن تتدخل الجهات ذات العلاقة وتحرر النساء المكبلات بالحبال داخل السكن وتطرد أولئك "الزعران" الذين كلفهم السفير بالانتقام مما حصل لهم في غزة، وهذا الخطأ ربما يكون القاتل لمستقبل السفير ومصداقيته تجاه قضية شعبه، ليضيف في بيانه مطالباً بإغلاق مكاتب حماس، فهذا تدخل وقح لا يصدر إلا عن أشخاص أشد وقاحة وقلة حياء وحيلة..!! فهل يدرك السفير المزعوم ما قد يترتب عليه موقفه المغامر والغير سوي..؟ هذا ما نأمله من كل الفعاليات السياسية اليمنية التي عليها أن تحدد مواقفها من هذا السلوك الغير لائق للسفير ونائبه وللسفارة التي ليست هي من تعلمنا القانون وأصول العلاقات، إن ما قام به السفير انتهاك صارخ لكل الأعراف والتقاليد الدبلوماسية، وهو تجاوز طال الإساءة لهيبة ومكانة الدولة اليمنية وسيادتها، فهل سيكون الرد مناسباً لمثل هذا الفعل المراهق والغبي..؟؟