الحشود العسكرية للبحار والمحيطات والممرات المائية من قبل قوات الدول الكبرى ظاهرة خطيرة وغير مسبوقة، وما يحدث من تجمع للأساطيل والمدمرات الحربية في مياه البحرين العربي والأحمر يعني أننا أمام ظاهرة دولية يتوافق فيها الكبار ويسجلون حضورهم العسكري على حساب سيادة وإرادة وأمن الدول المطلة على البحر الأحمر،والتي وحدها ستدفع ثمن هذا التواجد العسكري الخطير والمثير للجدل، والذي من الواجب من الدول المطلة على البحر الأحمر أن تسارع لفرض خياراتها وتجنيب نفسها مغبة الانزلاق في متاهات الحسابات الخاطئة والتلكؤ في اتخاذ القرار وحسم الأمور من قبل الدول المعنية قبل أن تجد نفسها بلا بحار وبلا شواطئ ولا سيادة يمكن أن تمارسها على مياهها الإقليمية .. إن هذه الحشود العسكرية من حيث الفعل والمنطق يصعب القول بكونها وجدت لصد أو ردع القراصنة الصوماليين مع الأخذ في الاعتبار أن قراصنة الصومال يصعب عليهم القيام بهذا الذي يحدث في الشواطئ القريبة من باب المندب لو لم تكن هناك جهات دولية كبرى تقف خلفهم وتدفعهم لاتخاذ مثل هذه الخطوة والتي ما كان لكل الصوماليين الإقدام عليها في ظل الظروف الحالية للصومال الأرض والإنسان أو في ظل استقرار الصومال، فالقرصنة خطوة من الصعب القيام بها لو لم تكن هناك جهات ساندة وداعمة للقراصنة وبالتالي فإن الحشود العسكرية رغم كل ما سلف ورغم كل أفعال القراصنة كافية لأن تقوم باحتلال الشرق الأوسط والجنوب بل واحتلال قارتي آسيا وأفريقيا , وهذا يجعلنا نستشرف مرحلة جديدة قادمة وقاسية وحافلة بكل الأخطار والمخاطر التي سوف تضاعف من هموم المنطقة والتحديات التي تواجه دولها وخاصة الدول المطلة على البحر الأحمر، واليمن في طليعة الدول التي سوف تواجه تحديات مضاعفة وأزمات حتماً سوف تترتب على هذا التواجد سياسياً وأمنياً وعسكرياً واقتصادياً فحجم هذه الحشود تعني أن على الدول المطلة عليها الإقدام في المزيد من الإجراءات الأمنية ورفع درجة اليقظة في أوساط أجهزتها الأمنية والعسكرية ناهيكم أن الدول المطلة على البحر الأحمر مطالبة إلى جانب اليقظة الأمنية والاستخبارية وكثافة النشاط في هذه الجوانب بتبعات أدبية ومعنوية واعتبارية على كل ما قد تواجهه هذه الأساطيل، إضافة إلى التسهيلات التي سوف تظل مسمار جحا تستغلها الدول الكبرى ضد الدول المطلة على البحر الأحمر رغم أن هذا البحر قد تم تدويله عملياً وفعلياً ولم يعد للدول المعنية علاقة به أو حكم عليه أو سيادة بعد أن تم السيطرة عليه، وأصبح بمثابة "بركنج" للأساطيل والمدمرات العسكرية الدولية؟ فهل ثمة حلول عاجلة يمكن اتخاذها من قبل الدول المعنية.