عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الريال يخطط للتعاقد مع مدرب مؤقت خلال مونديال الأندية    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    غريم الشعب اليمني    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    الحكومة تعبث ب 600 مليون دولار على كهرباء تعمل ل 6 ساعات في اليوم    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    مئات الإصابات وأضرار واسعة جراء انفجار كبير في ميناء بجنوب إيران    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    لتحرير صنعاء.. ليتقدم الصفوف أبناء مسئولي الرئاسة والمحافظين والوزراء وأصحاب رواتب الدولار    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرصنة في البحر الأحمر تهديد مباشر لأمن واستقرار دول الإقليم
بعد امتلاكها مدافع وقاذفات للصواريخ
نشر في الجمهورية يوم 18 - 01 - 2009


راصع :
لا يمكن حل ظاهرة القرصنة إلا بمعالجة جذرية للمشكلة الصومالية
الدكتور الشعبي :
القراصنة اليوم يمتلكون الأسلحة المتطورة القادرة على اختراق جسم أكبر سفينة
شهد العام الماضي 2008م نشاطاً متزايداً لأعمال القرصنة الصومالية قبالة السواحل الصومالية والمياه الدولية في خليج عدن والمحيط الهندي وهو الأمر الذي لا شك يشكل تهديداً مباشراً لأمن واستقرار دول الإقليم واستقرار البحر الأحمر وسلامة الملاحة الدولية في هذا الممر الذي يعتبر أكثر الممرات الدولية حيوية وأهمية في العالم.
ولأهمية هذه القضية ومخاطرها والتي حذرت منها بلادنا منذ وقت مبكر نظم المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل (منارات) فعالية علمية لقراءة واقع وخصائص ظاهرة القرصنة الصومالية ومخاطرها على سلامة الملاحة الدولية وذلك بحضور رئيس مصلحة خفر السواحل في بلادنا العميد علي راصع وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي وعدد من الأكاديميين والباحثين.
رؤية اليمن
وفي هذا الإطار تحدث العميد علي راصع رئيس مصلحة خفر السواحل عن رؤية اليمن لمعالجة هذه القضية قائلاً :
} إن اليمن ترى بأنه لا يمكن حل ظاهرة القرصنة في خليج عدن بدون معالجة جذرية للمشكلة الصومالية التي تعاني من غياب الدولة ومن غياب الأمن والاستقرار ، وقال العميد راصع إن ظاهرة القرصنة الصومالية أصبحت اليوم من أهم وأبرز القضايا التي لا تسبب الكثير من الاشكاليات لليمن فحسب وإنما لكل دول الإقليم بشكل خاص وكافة دول العالم بشكل عام.
أسباب الظاهرة من وجهة نظر اليمن
وقال العميد علي راصع بأن من أهم وأبرز أسباب انتشار ظاهرة القرصنة الصومالية في خليج عدن هو الوضع الأمني المتدهور في الصومال وكذلك تردي الأوضاع الاقتصادية للشعب الصومالي وتفشي البطالة في هذا المجتمع بسبب المشاكل المعقدة التي يعاني منها هذا البلد ، والتي طال أمدها بين الأشقاء الصوماليين بسبب مصالح شخصية وأطماع إقليمية ودولية كل ذلك دفع بالكثير من الشباب الصومالي إلى احتراف القرصنة والتي تكون مكاسبها المالية عالية ، وأضاف قائلاً : حتى إن الفتيات الصوماليات أصبحن اليوم يحلمن بالزواج من قراصنة لثرائهم الفاحش حسب القنصل الصومالي في لندن في حديثه لإذاعة ال (بي.بي.سي).
مخاطر الظاهرة
وأضاف العميد علي راصع قائلاً : إن مخاطر القرصنة كثيرة ولا تقتصر على دفع الفدية فقط بل يتعدى ذلك إلى تعرض حياة من يمر من خليج عدن للكثير من المخاطر ، خاصة أن أكثر من 60% من ناقلات النفط تمر عبر خليج عدن ، الأمر الذي سيؤدي بالسفن إلى تغيير ممرها إلى رأس الرجاء الصالح بدلاً عن خليج عدن أو دفع مبالغ كبيرة جداً كتأمين مما سيزيد من حجم المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها العالم اليوم خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية مما سيشكل ضغطاً كبيراً على المستهلك في دول الإقليم أو حتى دول العالم.
وقال : لذلك لابد من حلول ومعالجات سريعة على الأقل للحد من هذه الظاهرة من خلال الحوار الصريح والشفاف بين مختلف دول الإقليم وأن تساعد الدول الصناعية الكبرى دول الاقليم للحد من القرصنة، مؤكداً في ختام حديثه أن مصلحة خفر السواحل اليمنية تعد حالياً لمؤتمر دولي لمكافحة القرصنة وقال : نأمل من كافة دول الإقليم المشاركة الفاعلة في هذا المؤتمر للخروج بمعالجات واقعية على الأقل تحد من ظاهرة القرصنة.
القراصنة من السلاح الأبيض إلى قاذفات الصواريخ
أما استاذ التاريخ والعلاقات الدولية بجامعة صنعاء الدكتور محمود قاسم الشعبي فقدم من جانبه قراءة علمية لواقع القرصنة في القرن الأفريقي والردود الدولية تجاهها فقال : لاشك أن أعمال القرصنة البحرية حالياً تطورت وتنوعت طرقها وأساليبها تدريجياً على مر العصور ، عما كانت عليه في الماضي .. لأن حينذاك لم يكن لدى القراصنة غير المدعومين من دول بعينها في الغالب غير السلاح الأبيض ، واقتصرت أعمالهم على مهاجمة أهداف صغيرة وضعيفة ، ونهب خزائن السفن وركابها وما عليها من أشياء ثمينة ثم الفرار ، وترك الضحية تواصل سيرها ، تلك الأعمال اعتبرتها قوانين البحار جرائم دولية ، ولكن القراصنة والقراصنة المعاصرة تحتاج إلى قوانين حديثة مواكبة لتطور القراصنة ذاتها.
مضيفاً بأن القراصنة الصوماليين اليوم مزودون برشاشات وقاذفات قنابل يدوية ومدافع مضادة للدروع قادرة على اختراق جسم أكبر سفينة ، وقد يكون لديهم الآن قاذفات صواريخ ، وبعض المصادر تذكر أنهم يمتلكون أنظمة دفاع جوي محمولة على الأكتاف مشابهة لصواريخ سام الروسية واستنجر الأمريكية ، وقواذف صاروخية أخرى ، ولديهم هواتف متطورة تعمل بنظام مرتبط بالأقمار الصناعية ، ومهما كانت صحة هذه المعلومات فليس من السهل رفضها ، لأن الصوماليين قد ورثوا ترسانة الأسلحة التي كانت تابعة للدولة الصومالية المنحلة ، ونهبوا الكثير من القوات الأمريكية والأوروبية التي عسكرت في الصومال مطلع التسعينيات ، وحالياً يستولون يومياً على أسلحة من الجيش الاثيوبي ، إضافة إلى ذلك قدرة أمراء الحرب على توفير الأسلحة من السوق السوداء ومن بعض دول الجوار ، التي لها مصالح وأهداف في استمرار الصراع في الصومال ، علاوة على ذلك كله الغنيمة الكبيرة من الأسلحة الكثيرة الثقيلة والخفيفة والمتنوعة ، والتي استولوا عليها من على ظهر السفينة الأوكرانية ، في الوقت ذاته يرتبط الصوماليون بعلاقات قوية مع إخوانهم من العرق ذاته في جيبوتي وأوجادين وكينيا ، وعن طرقهم يمكن لهم الحصول على بعض الأسلحة الحديثة لاستعمالها في أعمال القرصنة.
ومن غير المستبعد أن يكون للقراصنة اتصالات وعلاقات تعاون وارتباطات مع خلايا إرهابية دولية ، وقد تستخدمهم دول لخدمة مصالحها ، وفي السنوات الأخيرة حصلوا على أموال كثيرة من أعمال القرصنة ، فهم يطلبون من كل سفينة عادية ينجحون في قرصنتها على الأقل ما بين 100 ألف إلى مليون دولار و حسب السفينة وهويتها وحمولتها وهوية الرهائن ، وأعلى فدية طلبت حتى الآن بلغت (30) مليون دولار.
إضافة إلى الأسلحة يمتلك القراصنة زوارق سريعة وحاملات القراصنة (أم الزوارق) ، وهي سفن كبيرة نسبياً تحمل عليها القراصنة مع قوارب وطرادات حديثة وسريعة ، توصلهم إلى إي نقطة بحرية يريدونها.
دور اليمن في محاربة القرصنة
كما تحدث الدكتور محمود الشعبي عن دور اليمن في محاربة ظاهرة القرصنة الصومالية فقال :
} إن اليمن حاولت منذ عقود طويلة ولا تزال تحاول إقناع دول الجوار بأهمية الحفاظ على أمن البحر الأحمر وخليج عدن وإبعادهما عن الصراعات والتنافسات الدولية ، ونصحت تلك الدول أن تشارك معها في حماية ذلك الممر، وقد تجنبت دائماً حدوث أي صراعات فيه وعليه وحوله، وتحاشت حدوث صدامات عسكرية ، رغم محاولة ارتيريا تحويل البحر الأحمر إلى ساحة حرب ، عندما اعتدت على جزيرة حنيش اليمنية، وتمكنت القيادة السياسية اليمنية بحكمة واقتدار من تفويت الفرصة على أرتيريا حينها ، كما نجحت في أوقات سابقة ولاحقة من القرن الماضي والحالي ، في عقد اتفاقيات ومعاهدات بحرية وبرية وتفاهمات مع جميع دول الجوار ، رغبة منها في الحفاظ على أمن واستقرار ذلك الممر الدولي المهم ، إيماناً منها في التعايش السلمي مع جيرانها ، وحاولت دائماً لم شمل الصوماليين ، وتوحيد صفوفهم ، من أجل اخراجهم من حالة التمزق التي يعيشونها ، غير أن بعض الأطراف الصومالية ذات المصالح الخاصة في تأجيج الحرب ، التي دفعت مع غيرها بالصومال إلى عصر القرصنة ، وفتحوا بها جبهة عالمية جديدة أدت إلى تدخل دولي غير محسوب العواقب.
ويعتقد أن عدم الاستقرار في القرن الأفريقي وحروب الخليج المستمرة من بداية ثمانينيات القرن الماضي ، والصراعات الدولية والحروب في افغانستان من سبعينيات ذلك القرن ، والصراع الهندي الباكستاني ، والحرب الأهلية في سريلانكا ، وعدم استقرار الأوضاع بما فيه الكفاية في الجزيرة العربية بنفس الفترة ، والتدخلات الدولية في جميع هذه المناطق المباشرة وغير المباشرة ، وتجاوز بعض الأنظمة لحدودها ، هي التي أوصلت مع غيرها الأوضاع في هذا الممر إلى ما هي عليه الآن ، وجعلت التدخل الدولي ضرورياً ، وشكلت القرصنة السبب المباشر للتدخل الدولي ، والآن أصبح من حق أي دولة في العالم إرسال أساطيلها العسكرية إلى هذه المنطقة ، مستمدة شرعية وجودها من قرارات مجلس الأمن الثلاثة الأخيرة ، رقم (1814 ورقم 1816 ورقم 1838 .
مشيراً بأن القراصنة الصوماليين قد نفذوا في شهر واحد فقط أكثر من (30) عملية واحتجزوا أكثر من (12) سفينة إضافة رلى 4 سفن محجوزة لديهم من قبل ، ويحتجز القراصنة أكثر من 100 بحار بالرغم من وجود أكثر من 30 قطعة بحرية عسكرية في البحر الأحمر.
وأضاف قائلاً : إن برنامج الغذاء العالمي طلب من دول حلف الناتو دعماً عسكرياً لحماية سفن الإغاثة المحملة بالمواد الغذائية ، للصومال وقد تتكرر هذه الحالة مع دول أخرى مجاورة للصومال .. وقد حصل الحلف على تفويض من الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالتدخل العسكري ، وأعلن أن القرصنة الصومالية في البحر الأحمر وخليج عدن قد أصبحت في مقدمة أولويات وزراء حلف دول الناتو كونه ممراً دولياً للتجارة العالمية لذلك تدخل الاتحاد الأوروبي بأسطول إلى جانب سفن ودول أخرى ومنها السعودية والهند وماليزيا وروسيا وجنوب افريقيا والصين وإيطاليا ودول كثيرة أخرى وهكذا اقتضت الضرورة أن تبحث الدول المطلة على البحر الأحمر عن حلول للمشكلة الصومالية ، وتقدم المساعدات اللازمة للسكان في جميع الأحوال ، وأن لا تقتصر اهتماماتها على البحث عن حلول للقرصنة وترك معالجة المسبب للمشكلة ، وإذا لم تفعل ذلك فإن القوى الكبرى ستقوم بالمهمة ، ولكن دول الجوار سوف تدفع الثمن وتخسر الكثير من مصالحها وسيادتها أيضاً.
الاجراءات الدولية ضد القرصنة
وتحدث استاذ التاريخ الدولي بجامعة صنعاء الدكتور محمود الشعبي كذلك عن الاجراءات الدولية ضد أعمال القرصنة فقال :
} القوانين والأعراف العالمية ، التي تنظم سير الملاحة الدولية في البحار والمحيطات كانت تتغير بين حين وآخر ، حتى أصبحت الأساطيل التجارية والسفن الحربية مخولة في ضرب القراصنة بشدة وقتلهم من غير تردد ، وفي مطلع القرن السابع عشر ظهرت مبادئ هوجو جروتيوس القائلة بحرية البحار ، والتي وضعت ضوابط وقيود استعمال القوة في أعالي البحار واستثنت القرصنة من تلك القيود ، وبعد ظهور الثورة الصناعية ، واكتشاف الآلة البخارية وانتشارها فوق السفن التجارية الضخمة والسريعة ، تراجعت أعمال القرصنة لبعض الوقت أمام النشاط التجاري البحري العالمي للدول الصناعية ، وخاصة في القرنين التاسع عشر والعشرين ، وبعد الحرب العالمية الثانية صدر عن منظمة الأمم المتحدة الاتفاقية البحرية في 92/4/8591م ثم قانون البحار الدولي في 01/21/2891م والتي تلزم دول العالم أن تشارك في مكافحة القرصنة ، وسمحت بمصادرة معدات القراصنة وما لديهم من ممتلكات ، وأخذهم أسرى ومحاكمتهم والزمت كل دولة أن تحارب القرصنة في مياهها الاقليمية أو تسمح للقوى الأخرى بالقيام بذلك إذا كانت غير قادرة مع الاحتفاظ بسيادتها غير منقوصة.
وفي البندين رقم 51 ورقم 101 من قوانين اتفاقية البحار والتجارة الدولية عبرها تم توصيف أعمال القرصنة والعقوبات عليها . وتعتبر بنود تلك الاتفاقيات ، أن أي حادث بحري يستدعي طلب الإغاثة من الغير ، هو بمثابة طلب إغاثة عاجل ، وملزم لجميع السفن العابرة في المنطقة أن تسرع لتقديم العون والإنقاذ.
وفي السنوات الأخيرة من القرن العشرين ، تزايدت أعمال القرصنة في الشواطئ والمضايق البعيدة عن الرقابة الدولية ، وتذكر مراكز البحوث المتخصصة أن الأرقام الحقيقية لأعمال القرصنة هي أعلى بكثير من الأرقام المعلنة ، لأن شركات الملاحة والشحن تخفي الكثير من الحوادث ، حفاظاً على سمعتها ، وحتى لا تضطر إلى دفع مبالغ إضافية لشركات التأمين على سفنها التجارية وما تحمله من مواد ، لذلك فإنها تفضل دفع فديات مالية وتسكت عن ذكر الحدث ، ومع ذلك فقد تزايدت أعمال القرصنة في الفترة الأخيرة.
وقال وفي العام الماضي 2008م اشتدت أعمال القرصنة الصومالية في المحيط الهندي وخليج عدن والبحر الأحمر ، فجاء رد المجتمع الدولي عليها برقابة ممرات آمنة لعبور السفن تحرسها أساطيل عسكرية من مختلف دول العالم ، مدعومة بقرارات دولية أهمها رقم (1814) ورقم (1816) ورقم (1838) الصادرة خلال عام 2008م والتي أعطت القوات الأجنبية الحق في القيام بعمليات حربية في مياه الصومال وفوق أراضيه ، وهكذا فرط ذلك البلد بسيادته بسبب عجزه عن مكافحة القرصنة التي تنطلق من أراضيه ، وفي هذا الصدد تفيد التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية الخاصة بجمع المعلومات عن حوادث البحار والقرصنة في جميع أنحاء العالم أن أكثر الأماكن تضرراً من القرصنة حتى منتصف عام 2008م هي :
1) اندونيسيا .
2) مضيق ملقا.
3) بنجلادش.
4) الصومال.
5) غرب افريقيا.
6) الكاريبي.
الأحداث الممهدة لأعمال القرصنة
وقال الدكتور الشعبي كذلك عن أهم الأحداث في الصومال والتي ساعدت ومهدت لأعمال القرصنة :
2002 جيش الرهنوية يعلن الاستقلال بجنوب غرب الصومال.
2003 جيش بونت لاند يستولي على أجزاء من صومالي لاند.
2004 البرلمان الصومالي المؤقت يختار عبدالله يوسف أحمد رئيساً للصومال.
2005 بونت لاند تتراجع عن الاستقلال وتبقى على الحكم الذاتي.
2006 (يونيو) بدأت المحاكم الشرعية ، وبشكل سريع تفرض سيطرتها على وسط وجنوب وغرب الصومال بما في ذلك العاصمة وأقاليم كثيرة أخرى.
41/8/6002م أعلن إقليم جالمودوج انفصاله عن صومالي لاند وبونت لاند.
41/21/6002م إثيوبيا تعلن الحرب على المحاكم وتبدأ غزوها العسكري للصومال بدعم أمريكي شامل.
قوات المحاكم تنسحب إلى الخلف ، وترتب صفوفها ، وتستعيد قوتها ، وفي عام 2007م عادت من جديد لتقاوم الجيش الإثيوبي والقوات الحليفة له ، وشارك في المقاومة إلي جانب المحاكم غالبية الشعب، وخاصة سكان العاصمة مقديشو ، التي تحولت إلى ساحة حرب حقيقية يومية ، وكانت المقاومة قد سيطرت على معظم مناطق وسط وجنوب الصومال.
2008 تدهورت الأوضاع في عموم الصومال ، بسبب الحرب الأهلية والاحتلال والجفاف والجوع والتضخم وغلاء المعيشة والزيادة الكبيرة في أسعار المواد الغذائية وغيرها من الأسباب ، وأدت إلى حدوث اضطرابات متواصلة في العاصمة الصومالية وغيرها من المناطق.
الضعف الكبير للحكومة المؤقتة ، وضع الشواطئ الصومالية خارج نطاق السيطرة.
السفن الأجنبية استغلت تلك الأوضاع وقامت بصيد الأسماك ، وتفريغ نفايات ذرية ومواد سامة في شواطئ الصومال ، فرد الصوماليون على تلك السفن الاجنبية بأعمال القرصنة ،التي تطورت وأصبحت تهدد التجارة البحرية عامة.
أمثلة من أعمال القرصنة
كما قدم الدكتور الشعبي أمثلة لأعمال القرصنة الصومالية فقال: هناك العديد من حوادث القرصنة الصومالية ففي عام 1991م هاجم قراصنة ناقلة نفط يابانية كبيرة ، وأثناء صدامهم مع طاقمها أبحرت تلك الناقلة من غير قبطان ، واصطدمت في مضيق ملق وقتل بسبب ذلك (52) فرداً ، وتسرب منها (12.000) طن من النفط الخام إلى البحر.
- 5/5002 هاجم قراصنة صوماليون سفينة ركاب بأسلحة رشاشة ومضادة للدروع ، وجرحوا بعض ركابها ، لكن تلك السفينة أفلتت من أيديهم إلى داخل المياه البعيدة من شواطئ الصومال.
- 2006 في هذا العام خسر العالم بسبب أعمال القرصنة أكثر من 16 مليار دولار.
- 9/7002 هاجم قراصنة صوماليون سفينة تابعة لكوريا الشمالية ، ولكن طاقمها نجح في مقاومتهم لمدة 24 ساعة ، والتغلب عليهم وأسرهم.
-1/2/8002 خطف قراصنة من بونت لاند سفينة دنمركية مع طاقمها المكون من 6 أفراد وأفرجوا عنها مقابل فدية مالية قدرها (700.000) دولار.
- 02/4/8002 تم خطف سفينة صيد التونة الإسبانية مع (26) من طاقمها وافرج عنها بفدية (1.500) مليون دولار.
- 4/4/8002 استولى 6 قراصنة صوماليون على يخت فرنسي خمسة نجوم ، واسروا طاقمه المكون من (03) فرداً ، وأفرجوا عنه بعد حصولهم على فدية مالية كبيرة ، ولكن البحرية الفرنسية هاجمتهم وأسرتهم وتبين أن (4) من (6) قراصنة ينتمون إلى قبيلة الرئيس الصومالي عبدالله يوسف أحمد. وحكم عليهم بالسجن في فرنسا.
- 12/4/8002 خطف القراصنة سفينة الخليج الإماراتية مع طاقمها المكون من (61) فرداً وحررتهم قوات بونت لاند.
- 42/5/8002 خطف القراصنة سفينة ألمانية مع طاقمها المكون من (9) أفراد ، وأفرجوا عنها بفدية.
- 72/5/8002 خطف القراصنة السفينة الاردنية فيكتوريا وأفرجوا عنها بفدية مالية ، ولكن قوات المحاكم هاجمتهم وأسرتهم وحكمت عليهم بالمؤبد.
- 82/5/8002 استولى القراصنة الصوماليون على سفينتين ، واحدة منهم المانية.
- 92/5/8002 استولى القراصنة على سفينة شحن المانية تابعة لشركة ليمان تيمبر.
- 12/8/8002 خطف القراصنة سفينة ألمانية وحصلوا على مليون دولار فدية.
- 52/9/8002 خطف القراصنة الصوماليون السفينة الأوكرانية ذائعة الشهرة ، بسبب حمولتها الغير عادية والمكونة من (33) دبابة روسية ت (27) وكمية كبيرة من قاذفات الصواريخ ، ومدافع مضادة للطائرات ، وذخائر وعتاد وغير ذلك من المعدات الحربية ، وقد تضاربت المعلومات حول حمولتها والجهة المرسلة إليها وبعد أن كشف سرها وتحولت إلى فضيحة سياسية ، وثبت أن حمولتها كانت مرسلة للمعارضة في جنوب السودان ، وعلى الرغم من الغنيمة الكبيرة من الأسلحة ، فإن القراصنة يطالبون بفدية مالية قدرها (02) مليون دولار ، ومن غير المستبعد أن تكون تلك الحمولة من الأسلحة المتنوعة قد أفادت القراصنة وزودتهم بالأسلحة المناسبة ، وقوت سطوتهم وضاعفت من أعمالهم في البحر في الفترة الأخيرة ، ومكنتهم من اختطاف ناقلة النفط السعودية العملاقة وغيرها من السفن الأخرى.
- 21/11/8002 نجحت البحرية الهندية في إنقاذ سفينة شحن هندية من أيدي القراصنة في خليج عدن.
- 21/11/8002 أنقذت البحرية الروسية سفينة الشحن السعودية (رابح) من أيدي القراصنة الصوماليين.
- 51/11/8002 استولى القراصنة الصوماليون على أحدث وأكبر وأطول وأغلى ناقلة نفط في العالم Sirius Star من على بعد 800 ميل من الصومال ، قيمة السفينة (250) مليون دولار.
وقيمة حمولتها من النفط الخام (140) مليون دولار ، واسروا طاقمها المكون من (25) فرداً ينتمون إلى جنسيات مختلفة ، والقراصنة يطلبون (30) مليون دولار ، ذكرت وسائل الإعلام مؤخراً أنه قد أفرج عنها مقابل فدية مالية قيل إنها بلغت (3) ملايين دولار.
- 91/11/8002أغرقت البحرية الهندية سفينة كانت تحمل (61) قرصاناً ، وبعد فحصها تبين أنها سفينة الصيد التايلاندية، التي خطفوها وأصبحوا يستعملونها لأعمال القرصنة ، وتقوم بمهمة (أم الزوارق).
- 81/11/8002تم خطف السفينة اليمنية MVADINAالتابعة لشركة أبو طلال ، وبعد أكثر من أسبوع أعلن عن فقدان الاتصال معها ، وفي البداية طلب القراصنة حوالي مليوني دولار فدية ، وفي 3/21 أفرجوا عنها بدون مقابل.
- 82/11/8002 أنقذت البحرية الألمانية سفينة ألمانية ، كانت محاصرة باثنين من القوارب السريعة ، والتابعة للقراصنة.
- 2/21/8002 نجحت بحرية حلف الناتو مع مدمرة ايطالية في إنقاذ (5) سفن شحن ، كانت محاصرة ب (02) من قوارب القراصنة السريعة.
وعلى الرغم من تدني أعمال القرصنة مع نهاية العام (المالي) الحالي 2008-2009 وعدم حل مشكلة الكثير من السفن المحجوزة لديهم حتى الآن ، فإنهم لم يتوقفوا عن مهاجمة السفن التجارية في المحيط الهندي وخليج عدن والبحر العربي والبحر الأحمر حتى اليوم ، على الرغم من وجود أعداد كبيرة من الأساطيل الحربية ، التي حققت بعض النجاحات.
الأخ رضوان حرسي محمد القنصل في السفارة الأرتيرية تحدث من جانبه عن هذه الظاهرة فقال :
} الحديث عن الصومال والقرصنة في المياه الدولية لخليج عدن هو فعلاً من القضايا المهمة جداً على المستوى الإقليمي والدولي ، والمشكلة الرئيسية أن العديد من المؤتمرات الدولية التي تعقد لمناقشة هذه القضية الخطيرة لكن لا وجود للأشقاء في الصومال وكأن الموضوع لا يخصهم.
وأضاف حرسي قائلاً :
وإذا كنا نريد فعلاً الحديث بعمق عن هذه القضية لا بد لنا من الحديث عن الأسباب الرئيسية لها والمتمثلة في انعدام الأمن والاستقرار في الصومال لأن هذه الظاهرة لم تخرج بهذا الشكل بشكل مفاجئ وإنما كانت هناك العديد من المقدمات والأساليب منها كما أسلفنا انعدام الأمن والاستقرار وتقسيم أرض الصومال إلى دويلات ممزقة وكذلك تكالب القوى الدولية والاقليمة على الصومال خاصة تلك القوى التي لها مصالح في استمرار الوضع المأساوي للشعب الصومالي .
وأضاف رضوان حرسي قائلاً :
كما نلاحظ أن هناك حديثاً دائماً عن القراصنة الصوماليين والاستيلاء على السفن وما إلى ذلك من اشكاليات وهي فعلاً مشكلة خطيرة يجب الوقوف أمامها طويلاً لدراستها ومعالجتها لكن في المقابل لم نسمع عن القرصنة التي تتعرض لها الموارد الطبيعية في الصومال ، لأن هناك قرصنة كبيرة تعرض لها الصومال منها نهب ثرواته الطبيعية وثروته السمكية وتدمير البيئة التي تنشأ فيها الأحياء البحرية النادرة كما كانت السفن الكبيرة ترمي بالنفايات السامة في المياه الاقليمية للصومال وكل ذلك كان يحدث أمام مرأى ومسمع القوى الدولية المؤثرة في العالم.
كوارث اقتصادية
بعد ذلك تحدث الدكتور محمود الشعبي عن الكوارث الاقتصادية الناتجة عن عدم معالجة قضية القرصنة في البحر الأحمر وخليج عدن فقال :
} ترك هذه القضية بدون معالجة من قبل دول الإقليم بشكل خاص سيؤدي إلى انتقال الملاحة من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح وهو بمثابة كارثة اقتصادية واجتماعية وسياسية لدول البحر الأحمر عامة ، ومصر التي يمثل قناة السويس المصدر الثاني لدخلها القومي خاصة، وسوف تتضرر جميع الموانئ على البحر الأحمر من الشقين ، ولكن الموانئ اليمنية ستصاب أكثر من غيرها ، لأنها ليست طرفا في نزاع القرن الأفريقي ، وليس لها علاقة بالقرصنة ، لا من قريب ولا من بعيد ، وسوف تؤثر القرصنة على أعمال الصيد اليمنية والتجارة والأيدي العاملة ، والسياحة ، والاستيراد والتصدير ، والمعونات الإنسانية والبنية التحتية ، وسوف ترتفع أقساط التأمين على جميع السفن ذهاباً وإياباً والاجراءات الإضافية الأخرى .. ونتيجة لذلك سوف ترتفع الأسعار بوجه عام، في الوقت ذاته يشكل هذا الممر أهمية كبيرة لدول الخليج والعراق ، وتذكر الدراسات أن أكثر من 07 ألف صياد يمني وصومالي سوف يتضررون بشكل مباشر ، وسوف ترتفع أسعار السمك أكثر مما هي عليه الآن وتنعكس على أسعار اللحوم.. مما لاشك فيه أن محاربة القرصنة الصومالية سوف تؤدي إلى زيادة الوجود العسكري الأجنبي واستمراره لفترة طويلة ، وقد تقود إلى تدويل المنطقة أو بعض أقاليمها ، وسيكون خليج عدن وباب المندب والبحر الأحمر في مقدمة مناطق التدويل طويل المدى ، وقد بدأت الخطوة الأولى بتدويل الصومال ، وقد يؤدي ذلك إلى تدخل مباشر بغطاء دولي أو بدون ذلك ، خاصة إذا توفر أي شرط ولو عن طريق الخطأ ، أو الصدفة ، أو قام به بعض المنظمات الإرهابية ، كما حدث في افغانستان ، والعراق وحتى قصف مواقع في سوريا والتدخل الدولي في لبنان والسودان ، وقد يُستخدم ذلك كله في ترويض دول المنطقة والضغط عليها ودفعها إلى الاعتراف بإسرائيل وإقامة علاقات طبيعية معها ، والاعتراف بها لاعباً وشريكاً رئيسياً في جميع شؤون المنطقة.. كونها تمثل القوة العسكرية الأعظم في المنطقة ، وكما هو مرجح امتلاكها للسلاح الذري ، فسوف يوكل إليها في المرحلة الثانية لعب دور الوسيط في حل النزاعات الإقليمية وقد تمنح مقعداً دائماً في مجلس الأمن الدولي كونها دولة نووية وديمقراطية !!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.