يبدو أن هناك توجهاً من قبل أجندة صهيونية لتصعيد قضية اليهود في اليمن كورقة ضغط تستخدمها إسرائيل على الحكومة والنظام اليمني حيث بدأ التصعيد الإعلامي يتزايد في تناوله لهذه القضيةمتزامناً مع حدوث توافق بين الفرقاء السياسيين في اليمن ولا سيما أن تناول الصحافة الإسرائيلية اقتصر على الجانب المعيشي ومعاناة اليهود في اليمن فحسب. وكانت مغادرة سعيد بن إسرائيل وأسرته اليمن في عملية سرية وعسكرية نقلت المواطن اليهودي وعائلته من صنعاء إلى إسرائيل قد أحدثت جدلاً واسع النطاق في اليمن فهناك من أطلق على هذه العملية ب "بساط الريح" التي هاجر فيها عشرات الآلاف من اليهود اليمنيين إلى إسرائيل عقب عام 1948م. ويعتقد أستاذ الصهيونية واليهودية بجامعة صنعاء الدكتور/ خالد الفهد أن المضايقات التي تعرض لها يهود اليمن مؤخراً خرجت عن القاعدة معتبراً أنها مصطنعة ومن بنات أفكار المنظمة الصهيونية أو الوكالة معللاً ذلك بما يعانيه الكيان الصهيوني من إشكالية هجرة معاكسة حيث بدأ المهاجرون إلى إسرائيل بالعودة إلى أراضيهم الأصلية لعدم ارتياحهم في إسرائيل، مشيراً إلى أن يهود الغرب أو يهود "الأشكناز" يرفضون الهجرة إلى إسرائيل متسائلاً كيف يمكن حل مثل هذه المشكلة عبر تهجير ما بقي من يهود العالم العربي أو يهود الشرق إلى الكيان الصهيوني والذين يعانون من الاضطهاد في إسرائيل حسب ما أكدته الدراسات؟ واتهم الفهد بعض منظمات المجتمع المدني في اليمن بأنها تعمل لصالح الصهيونية موضحاً ل "الشرق الأوسط" أنه في ظل الديمقراطية وإعلان التعددية السياسية والحزبية هنالك تواصل بين كثير من منظمات المجتمع المدني والمنظمات التي ترفع شعار حقوق الإنسان وبعضها قد تكون منظمات صهيونية ولها مسميات أميركية أو غربية، مشيراً إلى أن هذه المنظمات وراء تأجيج الإشكالات والخلافات في الوقت الراهن لإيجاد مبرر لهجرة اليهود اليمنيين مؤكداً أن عملية تهجير اليهود العشرة التي حدثت قبل أيام تمت كسابقاتها وأنها تبرهن وجود نية جادة لدى الوكالة اليهودية لتهجير من تبقى من يهود اليمن إلى إسرائيل. وعن علاقة اليمنيين مسلمين ويهود ببعضهم البعض يؤكد الأستاذ الجامعي أن ما يربط اليهود في اليمن هو نفسه ما يربط المسلمين من أصل وأرض وتاريخ وهوية، وأن العلاقة محكومة بين اليمنيين بمختلف دياناتهم قديماً ووسيطاً وحديثاً علاقة احترام متبادل وفي الوقت الراهن هناك قانون ودستور يحكمهم في حالة الخلاف. من جانبه المهندس/ حاتم أبو حاتم رئيس مقاومة التطبيع في اليمن الذي أشار إلى أن الحركة اليهودية أصبحت قوية جداً الآن في الغرب وبالأخص في أميركا وتعمل على تهجير اليهود بشتى الوسائل مؤكداً أن الموساد الإسرائيلي له دور كبير في هذه الأمور. . اعتبر حادثة مقتل اليمني اليهودي "ماشا النهاري" بدون طابع سياسي أو عنصري موضحاً أن القتل في اليمن بشكل عام منتشر للأسف بين المواطنين جميعاً لغياب النظام والقانون وقال: "نحن نطالب بمحاكمة عادلة لمن يقتل بغض النظر عن ديانته وأن يأخذ القانون مجراه". ويوضح سعيد بن إسرائيل ل "الشرق الأوسط" أن اليهود موجودين في البلد الطيب "اليمن منذ عشرات القرون"، مضيفاً: نحن يمنيون منذ خراب البيت الأول "هيكل سليمان قبل أكثر من ألفي سنة، مؤكداً أن مشكلتهم حالياً مع المتطرفين ولا شكوى عندهم من الحكومة اليمنية ويؤكد أولاده أنهم لم يخططوا للرحيل عن اليمن بيدا أن المضايقات الأخيرة التي اصطنعتها إسرائيل سربت إليهم الشعور بالهجرة. ويشكل اليهود اليمنيون في إسرائيل اليوم نحو "143" ألفاً و"500" مواطن هم جزء لا يتجزأ من اليهود الشرقيين الذين يعانون في إسرائيل من سياسة تمييز حتى اليوم، بل قد يكونون من أشدهم معاناة. وبدأت هجرة اليمنيين إلى إسرائيل بعد صدور وعد بلفور سنة 1917م، إذ بدأت الصهيونية تصل إلى اليمن وتؤثر على اليهود هناك، فأقامت أربعة معسكرات تجميعاً لهم في عدن كمحطة انتقال إلى فلسطين، بيد أن الهجرة اليمنية لم تكن كبيرة بسبب تمسك اليمنيين بوطنهم، وحسب السجلات الرسمية في الحكومة الإسرائيلية وصل إلى إسرائيل نحو "50" ألف يهودي من اليمن في السنوات 19491954 أضيفوا إلى "35000" يهودي يمني عاشوا فيها من قبل هذه الهجرة وتحولت إلى معاناة كبيرة، فقد حشروا في معسكرات مؤقتة وعاشوا في ظروف بيئية صعبة، وتحولت حياتهم في الأرض المقدسة إلى معاناة لهم بفعل الجريمة النكراء التي ارتكبت بحقهم آنذاك، فقد انتشرت بينهم ظاهرة اختفاء الأولاد، ففي حينه نشأت عصابة أو أكثر تتاجر بالأولاد تخطفهم من ذويهم ثم تبيعهم بالمال إلى عائلات تحتاج إلى تبني أطفال، وحسب شهادات عديدة فقد بلغ سعر الولد "5000" دولار في حينه. وهذه المأساة ما زالت تزعزع يهود اليمن، حيث أن غالبية الأولاد الذين خطفوا كانوا من بينهم، وقد بلغ عدد المخطوفين أكثر من "1100" ولد، وتم خطفهم بطريقة بشعة بشكل خاص، حيث شارك في المؤامرة أطباء وممرضات وسيارات إسعاف وموظفون وغيرهم، فكانوا يأخذون الولد من ذويه باعتباره مريضاً يحتاج إلى علاج فوري، ثم يستدعون أهله ليخبروهم بأن ابنهم توفي في المستشفى، ثم يقيمون مراسيم دفن للأطفال بحضور الأهل، ولكن من دون السماح للأهل بفتح الكفن لوداع ابنهم الذي أثبتت التحقيقات الإسرائيلية لاحقاً أنه يكون في الواقع حياً وفي الطريق إلى عائلة أخرى اشترته بالمال في إسرائيل أو الولاياتالمتحدة أو غيرها.