دعا أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني السلطة إلى تقديم تنازلات حقيقية لصالح الوحدة اليمنية. وحمل الدكتور/ ياسين سعيد نعمان من قال إنهم يريدون أن تبقى مصالحهم الخاصة الضيقة أكبر من الوحدة -حملهم مسؤولية ما يصيب هذا المشروع من انتكاسة". وأرجع نعمان خلال ندوة ( الوحدة. . ماذا وإلى أين؟) والتي نظمتها أمس بصنعاء شعبة الإعلام بدائرة المرأة في التجمع اليمني للإصلاح - أرجع سبب التحديات التي تواجهها الوحدة اليوم إلى " الفشل في إيجاد الحامل السياسي الحقيقي للوحدة الذي ينتج الشراكة الوطنية في السلطة والثروة والقرار". وتساءل ياسين "هل الناس مستعدون في ظل هذه الأزمة التي تهدد اليمن بالتفكك السياسي والثقافي والاجتماعي - أن يقدموا تنازلات لصالح الوحدة وإعادة بناء الدولة القادرة على حملها ؟حينها نستطيع القول أن الوحدة مصانة"-حد قوله. وأشار الأمين العام للاشتراكي إلى الدور الذي لعبته عدن في بلورة مشروع الوحدة في الوجدان الشعبي والتي قال إنها كانت بمثابة ملتقى تتلاقح فيه الثقافات والأفكار المحلية. وأوضح الدكتور/ ياسين أن مقتل الرئيس الحمدي كان في اعتقاده بسبب تقاربه مع عدن حينها وجديته في الخطوات الوحدوية بالرئيس سالمين، داعياً كتاب التاريخ إلى المزيد من التمحيص والتدقيق في هذه المسألة بجدية وأن يكتبوا ماحدث حينها على الواقع بوجهة نظر محايدة وتحدث نعمان عن أهم المنعطفات التاريخية التي واجهت مشروع إعادة تحقيق الوحدة من قبل الطرفين الحاكمين في الشمال والجنوب بعد الاستقلال في الجنوب من الاحتلال البريطاني والتخلص من الإمامة في الشمال وقيام الجمهورية العربية، مشيراً إلى أهم التحديات التي واجهت قيام الوحدة والتي كانت تدفع إلى تجزئة الوطن إلى الأبد والتي تمثلت في المشاريع التي يدعمها الاستعمار وأهمها مشروع الاتحاد الفيدرالي وغياب موضوع الوحدة كمشروع سياسي في برنامج النظام الحاكم ( الأئمة في صنعاء ) وانشغال السلطة في صنعاء بعد الثورة بتحديات لم تمكنها من الاهتمام بمشروع سياسي للوحدة معتبراً أن الوحدة كانت في ذلك الوقت مجرد خطابات سياسية تحريضية للسلطة الحاكمة بصنعاء لمواجهة بعض التحديات التي كانت تأتيها من الجنوب". وأشار إلى أن مشروع الوحدة كان يتبلور في الجنوب وسط الكثير من النخب السياسية والثقافية في صورة صراع مع المشاريع الأخرى التي كان يدعمها الاستعمار والسلاطين بينما كان يتبلور داخل الوجدان الشعبي للناس. وأضاف ياسين :"كانت سلطنات الجنوب عقبة حقيقية أمام بلورة مشروع سياسي وثقافي للوحدة اليمنية، بينما كانت النخب في الشمال تنتظر أن يتحرر الجنوب وينضم إلى الأم ولم تهتم بالتفاعلات السياسية والاجتماعية التي تجري في الجنوب من أجل تثبيت الهوية اليمنية والتي هي أهم قضية في قضية الصراع من أجل الوحدة والتي لم يعشها الشمال بقدر ما عاشها الجنوب ". وقال نعمان إن أول مواجهة عسكرية حدثت بين الشطرين اليمنيين عام 72م كان الجميع يرفع شعار الوحدة وانتهت بلاشيء وبمزيد من التباعد والفرقة. من جهته قال الباحث والمحلل السياسي أحمد محمد عبدالغنى - رئيس مركز دراسات اليمن والخليج-" إن تراكم أخطاء السلطة وتجاهلها لما يجري في المحافظات الجنوبية منذ عام 94م، كان له دور كبير في دفع المزاج الشعبي هناك، حول الحديث عن مستقبل الوحدة باتجاهات نفسية مضادة". وأضاف ما لم تبادر السلطة إلى اتخاذ إجراءات علاجية حقيقة، فإن التراكمات النفسية المضادة للوحدة ستزداد اعتمالاً مهما خفت التعبير عنها - هذا إن خفت لحظياً بسبب معالجات جزئية - وعندما تصل التراكمات النفسية إلى أبعد مدى لها ستجد السلطة أنها خارج سياق الممكنات ". وأردف "إن مشكلة السلطة الحاكمة في بلادنا هي أنها لم تقرأ نتائج حرب 1994م قراءة وطنية وحدوية صحيحة، وبدلاً من قيامها بلملمة الجراح والعمل على توظيف الالتفاف الجماهيري الوحدوي في الشمال والجنوب باتجاه بناء دولة مدنية حديثة تتحقق فيها العدالة والمساواة وحكم القانون، وتزال من طريقها كل عقبات الظلم والطغيان ومختلف الممارسات والتجاوزات التي حدثت. . بدلاً من ذلك راحت السلطة الحاكمة تتعامل مع نتائج الحرب بروح الانتقام، وذلك في إطار تكريس ثنائية تدميرية قائمة على تصنيف مناطقي (وحدويون مقابل انفصاليون، ومنتصرون مقبل مهزومون)". ودعا عبدالغني السلطة إلى عدم الاتكاء على المواقف الدولية والإقليمية الداعمة للوحدة التي قال إنها مرتبطة بمصالح مؤقتة ولا يمكن أن تتسم بالثبات والديمومة. مشيراً إلى أن موقف السلطة التصعيدي والرافض للحلول السلمية يزداد حدة عندما تعلن بعض الأطراف الإقليمية والدولية مواقفها بشأن أهمية استقرار اليمن ووحدته. وقال إن دعم الخارج لا يعفي السلطة من بذل الجهود الضرورية والملحة لحل المشكلة القائمة بصورة شاملة وعاجلة. مؤكداً أن الوحدة اليمنية محمية بإرادة الجماهير إلا أن هذا الأمر لا يعفي السلطة من تحمل مسئوليتها السابقة واللاحقة تجاه ما وصلت إليه الأوضاع، وأنه من الخطأ محاولة توظيف هذا الشعار واستخدامه واستغلاله لإذلال الآخرين وحرمانهم وتهميشهم وتحويلهم إلى أسرى ومقهورين داخل وطنهم. وأضاف : "لابد من التأكيد هنا بأن الوحدة هي في حقيقتها شراكة وطينة، وهي شراكة اجتماعية، وهي شراكة سياسية، وهي شراكة اقتصادية، وهي شراكة ثقافية، وهي شراكة تنموية شاملة، وبدون تحقيق هذه الشراكة الصحيحة سيظل الانتهازيون ينخرون في الجسد الوحدوي دون الالتفات إلى حجم الكارثة أو الكوارث التي يمكن أن تحل بالوطن بسبب هذا التعامي والتجاهل واللامبالاة التي يمارسها هؤلاء مع سبق الإصرار والترصد". من جانبها أكدت نبيلة سعيد- نائبة رئيس شعبة الإعلام في دائرة المرأة بالإصلاح أن المرأة اليمنية لم تغب في تلك المسيرة، وأن الغائب هو توثيق ذلك الدور، مؤكدة أن للمرأة اليمنية دوراً مهماً في مسيرة الوحدة فهي التي قدمت الأب والأخ والزوج وتحملت المعاناة في سبيل التئام الأرض اليمنية - حد قولها. وقالت سعيد إن المنحنى الذي تمر به الوحدة حالياً والتداعيات على الساحة السياسية والشعبية تؤثر بشكل مباشر وخطير على المرأة في حصد الألم والمعاناة من آثار الحروب والنزاعات المسلحة التي تصيب المجتمع عامة رجالاً ونساءً وأطفالاً، لكن انعكاسها النفسي والمعنوي والاجتماعي والاقتصادي القانوني والسياسي على المرأة أكثر. ودعت نائبة رئيس شعبة الإعلام في دائرة المرأة بالإصلاح إلى النظر للمرأة كشريك أساسي في عملية التنمية والبناء ، لافتة إلى أنها تعيش أوضاعاً غاية في الصعوبة بسبب الفساد السياسي والتدهور الاقتصادي والاجتماعي والتركة الإقصائية التي عاشتها المرأة اليمنية منذ عقود طويلة-حسب تعبيرها.