سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قال: إن التخريب والنهب مستمران رغم "نداء باريس" الذي وجهه 150 باحثاً يمنياً وأجنبياً.. عربش: في مأرب يتم يومياً نقل القطع الأثرية من المواقع كما ينقل القات إلى الأسواق
وجه منير عربش -باحث في المركز الوطني للبحث العلمي معهد الدراسات السامية القديمة، باريس، نداءً إلى مثقفي اليمن ومؤرخيه، أكد فيه أنه يتم يومياً نقل القطعة الأثرية من المواقع الأثرية في مأرب كما ينقل القات إلى الأسواق وأن التدمير بحافظات: مأربوشبوةوالجوف يتم على علم من الجميع. وقال: عرفت اليمن في السنوات الخمس الأخيرة حربا لا يعرف اسمها في صعدة ومطالبات اقتصادية وانفصالية في الجنوب. في هذا الوقت تتعرض آثار اليمن القديمة لحرب مدمرة أخرى تهدف إلى طمس هوية اليمن التاريخية، ومن الصعب إعادة إعمارها وترميمها فيما بعد. فالأضرار المادية التي تسببها حرب لا يمكن تعويضها، أما الحرب على آثار اليمن وتاريخه التي يحاول المخربون تدميرها ومسحها من الوجود، فلا يمكننا ولا بأية طريقة سحرية إرجاعها، فالهوية اليمنية لا يمكن ولا بأي شكل من الأشكال أن تكون سلعة تجارية يمكن أن يتلاعب بها فئات من الأشخاص الضعيفي النفوس. وأشار عربش إلى أنه في الواقع تغذي حملات التنقيب العشوائية المنظّمة الأسواق المحلية والعربية والدولية لتجارة الآثار والتحف، وذلك دون أي رادع قانوني أو قبلي أو ديني. وتخرج بشكل منتظم من أراضي اليمن قطع أثرية مهمة ونادرة معروضة للبيع في صالات العرض الدولية في دبي وبيروت وعمان ونيويورك وواشنطن ولندن وباريس وسويسرا. والجدير بالذكر هنا أن اليمن لا يمكنه المطالبة بهذه القطع لأنها خرجت من المواقع الأثرية ومن أراضيه بشكل غير قانوني من قبل مواطنين يمنيين، ومن الصعب اللجوء إلى إنتربول لأن اليمن لم يوقع حتى الآن على معاهدات اليونيسكو وجنيف وخاصة البنود المتعلقة بملاحقة المخربين ومحاكمتهم مهما كانت هويتهم وأينما كانوا وحلوا. وأكد أن ما يحدث يتم على علم ومعرفة الجميع وبشكل منظم من عمليات تخريب وتدمير المواقع الأثرية في محافظة شبوة، خاصة في وادي حريب ووادي مرخة، وفي محافظة الجوف حيث توجد أقدم مدن شبه جزيرة العرب أهمها مواقع السوداء والبيضاء وكمنة ومعين، وأيضا في وادي الشظيف شمال غرب الجوف، حيث يوجد موقع هام كان يستخدم كمحطة تجارية قديمة تم تدميره بشكل كامل. هذا عدا عن الذي يحدث يوميا في محافظة مأرب عاصمة مملكة سبأ، حيث يتم يوميا نقل القطع الأثرية المنهوبة من المواقع كما ينقل القات إلى الأسواق. لقد أصبحت تجارة الآثار مهنة كأية مهنة تجارية مربحة سهلة المنال، فما أسهل من التخريب. واعتبر السكوت والصمت على هذه الحرب القائمة على آثار اليمن وتاريخه العريق، هو جريمة بحد ذاتها لن تغفرها لنا الأجيال القادمة. وتسائل: هل يعقل أن صالات العرض في أوروبا مليئة اليوم بقطع أثرية يمنية نادرة منها عروش يمنية قديمة وصلت من مواقع الجوف -السوداء والبيضاء وكمنة وخربة همدان- ومنها أيضا عشرات التماثيل البرونزية وعشرات القطع المنحوتة من حجر المرمر الرائعة، المكونة من المباخر والتماثيل، وعشرات الموائد والمذابح من الحجر الجيري، بالإضافة إلى مئات النقوش التي تعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد. ولا ننسى آلاف النقوش المكتوبة بخط الزبور، والتي تم بيعها بالكيلوهات، والموجودة الآن عند تجار الآثار والتحف، والتي تشكل مكتبة يمنية قديمة تحتوي على أرشيف الممالك العربية الجنوبية الاقتصادي والاجتماعي. وهل يعقل أن يتم نبش قبور أجدادنا وبيعها في الأسواق، فقد تم نبش وتخريب مقبرة بكاملها مكونة من 600 قبر في موقع خربة همدان في الجوف، لم يبق منها إلا أسماء الأشخاص. وأوضح بإن تجارة الآثار لا تمس فقط الآثار اليمنية القديمة بل الآثار الإسلامية، فقد تم بيع مئات المخطوطات الإسلامية النادرة، وهي الآن موجودة في دول الخليج العربي عند مجمعي التحف الإسلامية، وفي بعض متاحف هذه الدول، دون ذكر مصدرها...، متسائلا أيضا أين هم أعلام اليمن في صنعاء وزبيد وتريم وصعدة وسيئون وذمار وعدن ويافع وتعز وإب؟ أين هم مؤرخو اليمن؟ أين هم مثقفو ومفكرو اليمن؟ أين هم أحرار اليمن؟ أين هم رجال الدولة في اليمن؟ أين هم سفراء اليمن في الخارج؟ أين هم نزهاء اليمن...؟ أين هم حماة وحدة اليمن الثقافية؟ أين هي الجامعات اليمنية؟ أين هي المؤسسات الثقافية اليمنية المعنية...؟إلى متى السكوت والصمت والاستهتار بتاريخ اليمن وهويته؟ وقال: إن العبث بتاريخ اليمن وآثاره هو العبث بتاريخ الأمة العربية، وإذا لم تتدخل الحكومة اليمنية فوراً لوقف هذا النزيف وهذه الحرب القائمة على آثار اليمن، سيفوتنا الأوان، فكل يوم تأخير هو لصالح المخربين. وأبدى تأسفه حيال ما تواجهه كل المحاولات الوطنية أو الدولية لإنقاذ هذا التراث اليمني العالمي التي باءت بالفشل، لافتا إلى انه في عام 2003 وجه رؤساء البعثات الأجنبية للآثار في اليمن رسالة إلى رئيس الجمهورية اليمنية، يطلبون منه التدخل لحماية المواقع الأثرية في الجوف. وفي 2004 قدمت منظمة اليونيسكو للتربية والثقافة والعلوم مشروع دعم للحكومة اليمنية لحماية مواقع الجوف... ولم يتمكن الفريق العلمي من الذهاب إلى المواقع لتنفيذ المشروع بالتعاون مع الصندوق الاجتماعي للتنمية والهيئة العامة للآثار والمتاحف. واكتفى المشروع بدراسة القطع التي تم جلبها من أهالي الجوف، والموجودة الآن في المتحف الوطني بصنعاء، وعددها 2000 قطعة... وفي 2009 وجه 150 باحثاً يمنياً وأجنبياً شاركوا في مؤتمر الدراسات السبئية بباريس، نداء جديدا لرئيس الجمهورية، تم نشره في الصحف اليمنية، يطالبون فيه بالتدخل الفوري لإنقاذ ما تبقى... وللأسف التخريب والنهب مستمران حتى الآن.