تزامناً مع المظاهرات التي شهدتها معظم المدن التونسية احتجاجاً على تشكلية الحكومة الجديدة وما أعقبها من استقالة بعض الوزراء الممثلين لبعض الأحزاب المعارضة وكذا الاتحاد العام للشغل التونسي، قدم كل من الرئيس/ فؤاد المبزع والوزير الأول/ محمد الغنوشي مساء الثلاثاء استقالتهما من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقاً. وفي هذا السياق وحول الأسباب التي دفعت بعض الوزراء للاستقالة عن الحكومة الانتقالية التي لم يمض بعد على تشكيلها 24" ساعة.. أوضح وزير النقل والتجهيز التونسي المستقيل/ حسين الديماسي – وهو خبير اقتصادي ويمثل أحد القيادات النقابية الفاعلة في اتحاد الشغل "العمال" التونسي- أوضح أنهم لم يعرفوا تشكيل الحكومة إلا عن طريق التلفزيون، ولم يكن لهم علم بهذه التركيبة.. مشيراً إلى أنهم بوغتوا عند سماعها في الإذاعة والتلفزيون، لأنه لم يتم وضع إعتبار مبدأين أساسين عندما قرروا المساهمة في هذه الحكومة. وقال الديماسي في تصريح خاص من تونس ل"أخبار اليوم": هذان المبدآن الأول: يتمثل في عدم اللجوء إلى الإقصاء أو الهيمنة.. بمعنى أنه يتم تجاهل بعض الاتجاهات السياسية والفكرية، أو أن تياراً سياسياً معيناً يهيمن على الحكومة.. لكن مع الأسف هذا ما وقع.. الإقصاء والهيمنة. أما المبدأ الثاني: أننا أكدنا أنه لا يمكن انضمام أشخاص ورموز ينتمون للحكم السابق وساهموا بشكل كبير في إرساء الديكتاتورية بتونس إلى الحكومة التي من مسؤوليتها إعداد ديمقراطية حقيقية. وأوضح الخبر الاقتصادي – وهو أحد الوزراء الذين كانوا يمثلون حصة اتحاد الشغل التونسي قبيل الاستقالة - أوضح أن هذا الأمر والطلب لا يعد إقصائاً.. حيث أنه لم يتم إقصاء المنتمين لحزب التجمع "الحاكم سابقا" وإنما تم المطالبة بإقصاء الأشخاص لذاتهم، الذين كانوا ينصرون ويطبقون الديكتاتورية، لأنه من غير المنطقي أنه من كان ينظر للديكتاتورية أن ينظر للديمقراطية.. مشيراً إلى أن هؤلاء كأفراد ساهموا وبصورة سلبية للغاية في مصير تونس نسبياً، ولم يتم إقصاء المنظمة والتيار السياسي بحد ذاته. ونفى الديماسي أن يكون قد تم توافق أو أي مناقشة لإبقاء بعض الوزراء السابقين والوجوه على رأس بعض الوزراء لعدد من الأسباب – كما ذكر وزير الصحة المستقيل أيضاً- الذي تحدث للصحيفة يوم أمس الأول وتم نشر تصريحه وعدد تلك الأسباب. وقال الديماسي: هذا غير صحيح لأنه – وأكرر- إننا علمنا بتركيبة الحكومة والمسؤوليات التي أعطيت لكل طرف منها إلا عن طريق التلفاز، فكيف ناقشنا هذا الأمر ونحن نجهل هذه التركيبة؟!. وعن مصير الحكومة المشكلة يوم أمس الأول بعد استقالة العديد من الوزراء وهم "حسين الديماسي، أنور بن قدور، عبدالجليل البدوي، مصطفى بن جعفر"، وما إذا كانت ستتعثر قال الديماسي: الحكومة ستواصل عملها ولا توجد إشكالية لأن تمثلينا قليل والحكومة مشكلة من أكثر من "40" شخصاً.. مشيراً إلى أن استقالة الرئيس المؤقت والوزير الأول من التجمع الدستوري لا تعنيهم ويعد عد قراراً شخصياً لا يعنيهم، ولم يطلبوا هذا أصلاً.. موضحاً إلى أنهم قالوا: لا للرموز التي ساهمت بترسيخ الديكتاتورية في البلاد، ومن غير المنطق أن تشارك نفس هذه الرموز في تنظيم الديمقراطية وإرساء الديمقراطية وهذا متناقض. وأضاف: ثمة شخص من هذه الرموز قال: إن الفصل بين الدولة والحزب من باب الهراء.. فكيف يمكن لهذا الشخص أن يساهم في إرساء أسس الديمقراطية في البلاد.. ونحن في الاتحاد لا نقصي الحركات السياسية وقد نشأنا وترعرعنا منذ الوهلة الأولى للعمل في المجال النقابي إتحاد الشغل التونسي.. وعن المستقبل الذي تنتظره تونس بحسب قراءته للمشهد أوضح الديماسي أن الشارع التونسي أصبح متقدماً في مطالبه واختياراته السياسية حيث أن هناك مطالبات بضرورة إقصاء كلي لأي تمثيل للتجمع الدستوري.. وهذا ما يرفضه اتحاد الشغل التونسي لأنه سيكون مصدر خراب وفوضى للبلد ولو يفتح باب الإقصاء فلن يغلق.. مضيفاً ونحن لدينا مبدأ أساسي تربينا عليه من زمان في إطار الإتحاد وهذا في أدبياتنا ومواقعنا الدائمة في الاتحاد وليس بجديد.. مؤكداً أنه شخصياً لن يشارك في هذه الحكومة حتى وإن تم إبعاد هؤلاء الأشخاص الذين أشار إليهم بأنهم عملوا على تكريس الديكتاتورية.. وأفاد بأن الحل لهذه الإشكالية بصورة أساسية يتمثل في اختيار شخصية تونسية قديرة ونظيفة وليست لها أي سوابق فيما وقع من قبل والبلاد تعج بهذه الشخصيات ويتم تكليف هذه الشخصية بتشكيل تركيبة حكومة انتقال وحدة وطنية.. ولم يستبعد الوزير التونسي المستقيل الديماسي بأن يكون وضع شرط إصدار عفو على الشيخ/ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية المنفي في لندن من أكثر من 22 عاماً مقدمة أو محاولة لإقصاء الحركة الإسلامية التونسية من أي تمثيل في أي تشكيل حكومي تونسي قادم.. مؤكداً رفضهم القاطع لأي من صور الإقصاء ويعارضونه بشدة.