لا يزال ميدان التحرير للأسبوع الرابع على التوالي يعج بعشرات الالاف من المرابطين المؤيدين للمبادرات الرئاسية من كافة شرائح المجتمع اليمني في ربوع الوطن . ميدان التحرير لا يغيب عن الذاكرة تاريخه النظالي ومكانته المقدسة في ربوع الثورة والتي أكسبته زخماً وطنياً وتنافساً سياسياً بين أوساط القواعد القاعدية والعليا للأحزاب السياسية ( الحاكم وحلفائه والمشترك وشركائه). منظمات المجتمع المدني لم تغب عن هذا المشهد، فقد بدت حاضرة في ميدان التحرير من خلال إقامتها لعشرات الخيم التي تسرق أنظار زائريها لما تحويه من تحف نادرة وفنون شعبية مختلفة تتمثل في الرسم والنحت والحرف المصنوعة محلياً لمختلف أواني المطعم والمشرب وكذا الملبس من مختلف الأعمار . من يحط رحاله في ميدان التحرير تزول عنه كل الشكوك والأوهام والدعايات المغرضة التي يشنها الطرف الأخر المناوئ للنظام السياسي المناصرين له في التحرير. ما يشاهده الزائرون من فعاليات متنوعة وفقرات هادفة يشعر بأن الواقع خيال ومع مرور ثوان من متعة السماع والمشاهدة حينها يتأكد أنه أمام جمع حاشد من مختلف شرائح الوطن يتمتعون بثقافة فكرية وأدبية غالية الثمن ونادرة الوجود، البعض يغادر بعد أن يأخذ نصيبه من متعة المشاهدة والبعض الأخر ينوي الإعتكاف قولاً وفعلاً إلى جانب المعتصمين المرابطين في الميدان . الإذاعة المركزية لا تغادر الأناشيد الوطنية ولا الأهازيج والزوامل الشعبية وغيرها من الفقرات التي يعجز اللسان عن وصفها لما تحمله من معاني في غاية الإبداع ولما تتركه من وقع وتأثير في ذاكرة سامعيها . أما الفعاليات الثقافية الأخرى فعلى ثلاث مراحل ( صباحي ، مسائي ، ليلي ) حيث تبدأ كل فعالية بالنشيد الوطني والقرآن الكريم ثم محاضرة دينية لعالم أو مرشد ديني ثم محاضرة سياسية لأكاديمي ، وكذا كلمات أخرى للشباب والمنظمات والتربويين والمعتصمين المرابطين والوجهاء والمناضلين الثوار والأحزاب تتمحور حول وجوب الحفاظ على الأمن والإستقرار والثوابت الوطنية وتأييد المبادرات الرئاسية وتفضيل المصالح الوطنية على الشخصية ومناشدة الأطراف السياسية سرعة العودة للحوار البناء وتحكيم العقل والمنطق ومطالبة أصحاب القرار والرأي والعلماء والمثقفين والإعلاميين ومنظمات المجتمع المدني وضع حلول عاجلة تكفل إنهاء الأزمة السياسية الراهنة والخروج بمشروع وطني بين الأطراف ككل ... الخ كما تهدف تلك الكلمات لمناقشة الأحداث على الساحة الوطنية من خلال إقامة العديد من الندوات التي تستضاف فيها شخصيات سياسية وإعتبارية تصب بمجملها السعي للمصالحة الوطنية والتحذير من الإنجرار وراء المشاريع الهادمة والأفكار الغاوية وتحمل المسئولية الدينية والوطنية من قبل كل فرد من أبناء الوطن في الداخل والخارج من منطلق الحديث القائل ( كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته ) . لا تتوقف الفعاليات الثقافية عن هذا الحد، فشعر الشعبي والفصيح حضرواً بالغ بصورة إبداعية نادرة حيث تحمل تلك القصائد معاني بديعة تخلف أثراً حسياً ومعنوياً لدى سامعيها . كما يشهد التحرير الكثير من العادات والتقاليد الشعبية التي توارثها الأبناء عن الأباء والأجداد منها البرع التي تأتي على ضوء أصوات دقات الطبول والمزمار الذي يترنح بنغماته عاشقيه ويتمايل كالغصن الرطيب . إلى جانب هذه الإبداعات يأتي دور الزوامل الشعبية التي لا تكاد تغادر الميدان على مدار الساعة وتستمر حتى وقت متأخر من الليل وتعد هذه الزوامل أسرع رسالة لتحريك القبائل بل وأقصر خطاب يستهدف المعنيين وتتنوع الزوامل الشعبية كتنوع الشعر الشعبي والفصيح وقد تكون سياسي أكثر من غيرها إلى جانب أنها تأتي للتعبير عن الفرح العام والخاص ، ومن تلك الزامر التي يتغنى لها المرابطون في التحرير ما يلي : من لسان واحد قالت أفراد القبائل كلها .. لا وألف لا للعنف والأرهاب وتخريب الوطن ورواحنا ترخص ويرخص كل غالي لجلها .. وتقطع اليد التي تعبث بأمنك يايمن . للشاعر : ( يحيى نهشل ) . ومن تلك الزامل : عنس قالت بحذر كل عقل أخضع .. ياعلي من عصاك با نقطع أنفاسه شعبك اليوم هو الرشاش والمدفع .. من تطاول عليك بايطحنوا راسه للشاعر : ( محمد أحمد العنسي ) .