في الوقت الذي تألقت فيه وتكاملت المواقع الإخبارية مع مواقع التواصل الاجتماعي، لوحظ إخفاق الإعلام التقليدي خصوصا في نسخته الرسمية في لعب الدور المنتظر، وبقي ذيلا للحكومات ولكنه منح في الوقت ذاته الإعلام الالكتروني قوة إضافية ليتربع باسطا نفوذه وليحظى بمصداقية أكبر في الشارع العربي. يجمع إعلاميون وسياسيون وأكاديميون أردنيون تحدثوا لإيلاف بمناسبة ذكرى ميلادها العاشر، على أن الإعلام الالكتروني عربيا وأردنيا تميز الى درجة التفرد في نقل حالة الحراك الشعبي العربي والأردني، لحظة بلحظة بأدق تفاصيلها. وقالوا "واقعيا تأثير الإعلام الالكتروني كان كبيرا وفرض نفسه بتفرد وغيبّ الإعلام التقليدي الذي لم يصمد أمام منافسه الجديد. المواقع الالكترونية تقود التغيير في التفاصيل، تقول الوزيرة السابقة في الحكومة الأردنية والمفوض العام للمجتمع المدني العربي في جامعة الدول العربية نانسي باكير "علينا الاعتراف أولا أن العالم الحديث الحالي شهد ثورة تكنولوجية عالمية وهذا ألقى بظلال على نمط حياة المواطن باستخدام الانترنت والدخول إلى المواقع الاخبارية والاجتماعية لمتابعة آخر المستجدات". وتعتقد باكير أنّ المواقع الالكترونية نجحت في قيادة التغيير في الدول العربية لسرعة نقلها لمجريات الاحداث وتحديث المعلومات اولا باول وكذلك تنظيم الافراد عبر مجموعات لتحقيق اهداف الثورة في المواقع الاجتماعية وتحفيز الشعب على النزول للشارع والمشاركة في التظاهرات والاعتصامات. من جانبه ، لا يشكك ناشر ومدير موقع "عمون" الالكتروني باسل العكور في أن "الإعلام الالكتروني كان الوسيلة الاكثر نجاعة وتأثيرا وحضورا في نشر فكرة التغيير والحشد للثورات العربية المباركة ودعمها عبر نقل مجريات ما في الدول التي نجحت الثورات فيها وأسقطت الأنظمة القمعية". ويعتبر العكور أن " الوسائل الإعلامية ومواقع التوصل الاجتماعي كانت الارض الخصبة التي نمت فيها فكرة الثورة لتصبح شجرة التغيير وأغصانها الحرية التي باتت مطلب الشارع العربي". من جانبه، يرى رئيس تحرير جريدة "العرب اليوم" فهد الخيطان أنّ من لعب الدور في التغيير خلال الثورات العربية خصوصا في مصر، هي مواقع التواصل الاجتماعي تحديدا فايسبوك وذلك عبر التشبيك بين المجموعات وتنظيم الاعتصامات والاعلان عنها وتحديد أوقاتها وبهذا غيبت المواقع الحديثة دور الأحزاب والنقابات. ويضيف الخيطان:" علينا الإشارة إلى أن بعض الدول العربية كانت تعاني قمع الحريات الالكترونية على غرار تونس اي لم يكن تأثير المواقع الإخبارية او الاجتماعية كبيرا في الثورات". المواقع الإخبارية تكسر حاجز الخوف الأكاديمي في كلية الدراسات الدولية في الجامعة الأردنية والكاتب ضمن مؤسسة الرأي والجوردن تايمز، الدكتور حسن البراري يرى أن المواقع الإخبارية "خلقت رأيا عاما وكان لها دور في كسر حاجز الخوف والصمت خصوصا أن هذه الوسائل لا تخضع الى الرقابة ويصعب السيطرة عليها لذا ساهمت في إحداث التغيير ونجاح الثورة". وعدّد الدكتور البراري أسباب نجاح المواقع الالكترونية والاجتماعية في التغيير ومن ذلك إن الفضاء الالكتروني لايخضع للرقابة، والخبر فيها تفاعلي وان المواطن يعرف ما يجري وفي الوقت ذاته يضع وجهة نظره عبر التعليقات، والميزة الأخرى هي سرعة تدخل المحرر بتصحيح الاخطاء بسرعة وخلال ثوان في ظل تسارع الأحداث. وعامل نجاح الإعلام الالكتروني تجسد بحجب المواقع الإخبارية المهمة في الدول التي شهدت الثورات وهذا دليل قوة وتأثير تلك المواقع وفق العكور. وتؤيد باكير هذا الرأي قائلة إنها عندما عاشت اجواء الثورة في مصر عملت الحكومة على تعطيل وقطع شبكة اتصالات النت والخلوي وهذا دليل على مدى قوة تأثرها في الشارع العربي لذلك حاولت قمع وتحجيم انتشار الثورة لكنها فشلت. المفارقة في التأثير فيما بين الصحافة الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي ان الاولى تنقل تفاصيل الحدث بدقة ودخلت في دور تكاملي وداعم للثانية بحسب باسل العكور الذي لفت إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي كانت تجد في المواقع الإخبارية مصدرا للأخبار وتضع موادها على صفحاتها ،أي كان هناك تعاون وتبادل، والمواقع الإخبارية ساعدت مجموعات التواصل الاجتماعي بنشر نشاطاتها أولا بأول. ويرى الدكتور البراري ان كلا النوعين اجتمعا في نقاط كثيرة، وكانا في حالة انسجام في الوقت الذي كان الإعلام الالكتروني يوجه الرأي العام ويحشده نحو التغيير، كانت مواقع التواصل الاجتماعي تقوم بحشد الجموع وإطلاق حملات وشعارات لخدمة أهدافها. وفي السياق ذاته ، تقول نانسي باكير إن مواقع التواصل الاجتماعي في الاساس عبارة عن مجموعات تعمل ضمن قاسم مشترك واهداف مشتركة تكونت بشكل تلقائي ينتهى دورها بمجرد تحقيق الهدف عكس المواقع الالكترونية التي احتلت الصدارة وأثبتت انها قادرة وباتت مصدرا وحيدا للمعلومات استفاد منه الجميع، وأصبحت المواقع الإخبارية أكثر أهمية ما يعني تعاظم دورها ووجودها في المستقبل بحسب باكير. هزيمة الإعلام الرسميّ لعل الخاسر الوحيد في مسألة ثورة الشعوب العربية كانت وسائل الإعلام الرسمي التي اقتصرت أخبارها على نقل وجهة نظر الحكومات في الدول التي شهدت ثورات واحتجاجات. وتعلق نانسي باكير قائلة إنّ وسائل الإعلام الرسمية بكافة أشكالها أخفقت في نقل مجريات الثورة والانتصار للشارع..كانت بطيئة في بث الخبر في وقت كانت الأحداث تتسارع خلال دقائق ولم تقدم اي إضافة لإثبات وجودها الاعلامي او الشعبي". ويشير باسل العكور إلى أن "الإعلام التقليدي انهار تماما ولم يعد له حضور وظل سجين الموقف الرسمي المتخاذل ومتعلقا بذيل الأنظمة التي سقطت، خصوصا في تونس ومصر". غير أن الأستاذ الخيطان يرفض فكرة تعميم إخفاق وسائل الاعلام التلقيدية قائلا ان تأثير تلك الوسائل كان متأرجحا بحسب محددات، منها خط الصحف ومدى استقلاليتها وسقف حريتها. وأكد ان الصحف الورقية لعبت دورا مؤثرا في توجيه الرأي العام وخلق مواقف ازاء التغيير في العالم العربي عبر متابعة الاحداث ورصدها ونقل المعلومات والتحليلات الخاصة لان الصحف الورقية نفسها لديها موقعها الالكتروني التي يتم تحديثها إضافة إلى أنّ انتشار الانترنت في الدول العربية لا يزال محدودا. لكنه أكد بالمقابل أن " التأثير الأقوى في ثورة الشعوب العربية خصوصا الحالة المصرية سجل لمواقع التواصل الاجتماعي خصوصا فايسبوك. ويؤكد الدكتور براري من جهته أن الإعلام الالكتروني باتت مصداقيته اكبر لدى الشارع العربي وهو من يتحدث عن فساد الأنظمة وينقل للمواطن الحقائق ليس كالإعلام الرسمي الذي يلمّع الحكومة ويروّج لأعمالها وبرامجها التي تبقى في الغالب حبرا على ورق".