عندنا وفي هذا البلد البائس منذ مولده قبل نحو عقدين من الزمن تتداخل الأمور في بعضها بشكل غريب جدا، وتتخبط إلى درجة عدم التميز بينها، وينتج عن هذا التداخل لخبطة وعشوائية ستفضي بالطبع إلى أي نتائج مرجئة، وأعتقد أننا في البلد الوحيد بالعالم وإن لم نكن كذلك ربما نكون من العشرة البلدان على مستوى العالم التي تمكث فيه الرياضة بخنوع في حضن السياسة، وتدار شأنها من قبل الساسة حتى وإن كانوا لا يفقهون شيئا في أمور الرياضة، ومن الراسبين في امتحانات العمل الإداري الرياضي، وهو الشيء الذي أوصل قطار الرياضة اليمنية المنطلق منذ عام 1990م إلى محطات الفشل الكلي الدائمة وإلى الدرك الأسفل في بؤرة الانكسارات والاحباطات الرياضية اليمنية. فلان.. العقول التي تدير شئون الرياضة خاوية تماما، ولأنها محشوة بالسياسة وبلاويها أنتجت واقع رياضي مرير لا يطاق، فتلك العقول تدير الرياضة بعقلية التوازنات، ولعبة القط والفأر المتبعة في إدارة العمل السياسي اليمني منذ ذلك التاريخ حتى هذه اللحظة.. وها نحن نرى اليوم نتائج إدارتهم للعجلة السياسية، فما بالكم بالرياضة التي تدار بالعقول والأدوات والطرق نفسها التي أديرت بها العملية السياسية. فلإدارة الرياضية عملت من حينها ببركة الله ودعاء الوالدين!!، وليس بالتخطيط والعمل المنهج والمدروس والمعد من قبل أهل الاختصاص، فبعد تلك المقدمة التي تعمدت وضعها توطئة أو مدخل للموضوع الذي أنا بصدد طرقه الآن، وهو ملعب الوحدة في مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين الذي تم تشييده خصيصا لاستضافة أحد مجموعتي بطولة خليجي عشرين التي استضافتها بلادنا مطلع العام الجاري بتكلفة مالية بلغت أكثر من عشرة مليار، ومع ذلك لم يكتب له إلا أن تخاض فيه مباراتان فقط على بساطه الأخضر. فالملعب الذي يعد بحق درة الملاعب اليمنية، وتم إنشائه في أبين بقرار سياسي، وحتى تسميته بالوحدة أيضا بقرار سياسي وإخراجه من عدنالمدينة التي تستضيف منافسات البطولة الخليجية لأول مرة في تاريخ اليمن إلى زنجبار البعيدة بأكثر من 40 كم يدخل في مجال الحسابات السياسية ولعبة القط والفأر بين السلطة والحراك الجنوبي.. ومع أن الكثير من الزملاء بما فيهم كاتب هذه السطور انتقد قرار اختيار زنجبار لإنشاء الملعب، محذرين حينها من عدم الاستفادة منه بعد انتهى البطولة، وعدم قدرته على إضافة أي شيء إيجابي للرياضة والرياضيين في محافظة أبين نظرا لابتعاده كثيرا عن المدينة وفي منطقة خالية من السكان تماما، ولكن لم أجد آذان صاغية لما تناولناه حينها.. وهانحن اليوم نرى النهائية المستعجلة لتلك المنشأة، والصرح الرياضي الكبير.. وهاهو اليوم يستخدم ثكنة عسكرية يخوضا طرفا القتال في زنجبار حرب ضروس للاستيلاء عليه مستخدمين كل أنواع الأسلحة في ذلك.. فألف رحمة عليك يا ملعب الوحدة وعلى المليارات التي أنفقت على بنائه.