جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    مذكرات صدام حسين.. تفاصيل حلم "البنطلون" وصرة القماش والصحفية العراقية    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    قيادات الجنوب تعاملت بسذاجة مع خداع ومكر قادة صنعاء    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    العلامة الشيخ "الزنداني".. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    على خطى الاحتلال.. مليشيات الحوثي تهدم عشرات المنازل في ريف صنعاء    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    وفاة شابين يمنيين بحادث مروري مروع في البحرين    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل نصبح مجتمع عانس..؟؟ (2)
بسبب المغالاة في المهور..

حين شرع الله سبحان وتعالى الزواج كان المقصد الاساسي منه هو العفاف في المقام الاول وبناء أسرة على اسس أخلاقيه ودينية سليمة، حفاظا على هذه النواة من جرثومة إختلاط الانساب التي تجعل المجتمعات تسير الى الهلاك، لم يكن الله عز وجل حين شرع الزواج قصد منه إقامة كرنفالا للترف والأكل والشرب والتفاخر، بل هو قيمة انسانية مقدسة يجب ان تحترم.
كنا في العدد الماضي قد ناقشنا موضوع المغالاة في المهور كونه مشكلة تجعل المجتمع يسير نحو العنوسة والتفسخ الاخلاقي القيمي في ظل واقع اعلامي وثقافي منفتح على العالم، عالم يتعامل مع الغرائز لا مع الانسان، في هذا العدد نستكمل مابدأناه باراء استطلعها مراسل الملحق في محافظة ابين..
توطئة..
قال الله تعالي" وخلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" الأية
في قولة إشارة إلى أن الرحمة والمودة على أجمل صورها وأكملها تكون بين جسدين وروحين وقلبان أمتزجا في الهم والالم والحزن والوجع والسعادة والفرحة,مودة ليست مصطنعة وليست مزيفة بل نابعة من عشرة وحياة وأعوام من التآلف والتناغم.وهي المودة التى يسعى لتحقيقها الكل.بل الفرحة التي لا تضاهيها فرحة وسعادة..ولكن ثمة ما يعيق الوصول إلى ذلك الهدف وإحال الإبتسامة إلى وجوم والسعادة إلى تعاسة والحلم إلى كابوس..ثمة عوائق كانت السبب في عزوف الشباب "وعنوس" النساء فلم يعد الشاب يحلم بذلك ولم تعد المرأة تنتظر أن يطرق بابها رجلا يسند أعوجاجها ويشد من أزرها وتستظل تحت كنفه..
العبرة في الأولين..
يقول الشيخ / عمر "أبوهمام" يفضل كثير من الشباب عدم طرق فكرة الزواج والحلم به، في ظل هذه المنغصات والمعضلات التي حالت بينهم وبينه, ولو أردنا أن نسبر أغوار أسباب عزوف الشباب عن الزواج، لوجدناها كثيرة ولا حصر لها ولكننا سنحاول أن نأخذ منها أحد الأسباب التي شكلت عائق لكل الأطراف وكل الطبقات،..ولعل أكثر الطبقات التي لا تزال تتوارث نهجها وعاداتها ولم تحد عنها هي طبقة "السادة"، حيث تولدت لدى هؤلاء فكرة خاطئة في علاقات الزواج فمثلاً "السيد" لا يتزوج إلا "بسيدة"، وأنتشر هذا الأمر فيما بينهم وأصبحوا يوالون لها ويعادون عليها بل وصل الأمر إلى القتل كما حصل في إحدى مناطق شبوة، حينما ذبح أحدهم أبنة عمه لرفضها الزواج بأحد "السادة" وقبولها بزوج من عامة الناس أي "القبائل"،..وترجع هذه الطبقة السبب في ذلك إلى الحفاظ على نسبها نقيا مبتعدين عن الأخلاط التي تفقدهم المكانة الاجتماعية العالية التي يتمتعون بها، وهذا الأمر لا يقره الشرع المبارك ولا مجال للتعليل أو التأويل، إذا جاء الدليل تلو الدليل مبينا أن اعتبار الدين والكفاءة هو الأساس في النكاح والزواج دون الإلتفات إلى غيره، والعبرة طبعا فيمن سبقونا مثل "زينب بنت جحش" بنت عم الرسول صلى الله عليه وسلم التي تزوجت "زيد بن حارثه"،..وكذلك "فاطمة بنت قيس" وهي سيدة قرشية والتي تزوجت " باسامه بن زيد"..ومن هذا نستنتج أن العبرة في الكفاءة وليس التعصب ومظاهر التقديس..
تهميش وفقر..؟؟!!
وكذلك أظهر أبو محمد أحد المهمشين استياءه وسخطه من ذلك الواقع، وتلك المنغصات التي أعاقة مسألة الزواج وعرقلة الوصول إليه وبات الزواج من الأمور الصعبة التي يحسب لها المرء الف حساب، بل لا يحلم بالوصل إليها في ظل هذا الواقع وهذه العوائق .فمثلا نحن المهمشين يعتبرنا الآخرين "نكره"، ولا يتم القبول بنا أو التعاطي معنا بأي حال من الأحوال؛ لأننا وكما يقول الآخرين لسنا من الطبقة الراقية أو القبلية التي يتشرف المرء بالانتماء إليها، أو تزويجها متناسين أن لا فرق بين عربي وعجمي وأسود وأبيض، إلا بالتقوى وليس بالأنساب والأعراف طالما والمرء يتحلى بالخلق والإنسانية والدين, ولهذا فنحن ربما نكون من أكثر الطبقات معاناة وتهميشا بين باقي الطبقات المتواجدة في المجتمع اليمني..ولم نعد نفكر في الزواج إلا من طبقتنا، التي هي الأخرى يعاني أفرداها أشد عناء من كافة النواحي أكانت المادية أو المجتمعية..
مغالاة وعنوسة..!
"المغلاة في المهور من أكثر الأسباب التي جعلت الشباب يعزفون عن الزواج ولا يلحمون به، حيث قال: لم نعد نفكر نحن الشباب في الزواج ولم نعد نطرق فكرته على الإطلاق بعد أن جن جنون الآباء وتملكهم الجشع، وبات الواحد منهم يطلب مبالغ خيالية مهرا لأبنته غير مكترث بحال الشباب المادية وظروفهم الأسرية، التي يعلمها القاصي والداني حتى أن مهر بعض النساء وصل في بعض المناطق إلى" مليون وخمسمائة الف ريال"،..تخيل هذا المبلغ فقط للمهر ناهيك عن اللوازم الأخرى التي يحتاجها الزواج, فبا الله كيف سنفكر في أمر الزواج ونحن لا نملك تكاليفه الباهظة والتي لا يقوى عليها ميسور الدخل أو متوسطة، نستغرب ذلك الجشع والجنون في المغالاة في المهور والتفاخر بها بين الخلائق، بل وتحريض الغالبية العظمى على أن تسلك ذات النهج والطريق، والإقتداء بهم وتناسى هؤلاء الأباء "أن خير النساء أيسرهن مهراً" فهل سيدرك الآباء معاناتنا نحن الشباب,وكذلك الحسرة والألم التي تعتمر النساء حينما "يعنسن" بسبب جشع آبائهن ومغالاتهم في المهور" يقول أحمد سالم
الوظيفة شرط صعب..!
يشترك أبراهيم علي مع أحمد سالم من حيث معوقات الزواج، إلا أنه أورد عنصر علة هام جدا حيث أن الأباء والفتيات يفكرون فيه ولم تقتصر مسألة التفكير فيه على الآباء بل حتى أن النساء يفكرن فيه، ويسألن عنه عندما يطرق أحدهم باب بيتها طالبا يدها للزواج حيث قال: يمكننا أن نصنف العوامل التي أعاقة الزواج ويمكننا كذلك أن نسردها وهي كثيرة ومتعددة بل ومؤلمة، وعل أبسطها وأهمها هي مشكلة "الوظيفة" فأغلب المجتمع اليمني يعاني من البطالة بسبب تنصل الدولة وعدم توفير فرص عمل للشباب، وحرمان بعض الخريجين والجامعيين من الوظائف التي توزع هنا وهناك وتتخطى الجامعيين إلى غيرهم, وهنا تكمن المشكلة التي تعيق مسألة الزواج، فإن كنت تملك وظيفة أو ما يضمن لك دخل شهري أو يومي يعينك على الحياة ويلبي لك بعض متطلباتها فمن المؤكد ستحظى بالقبول من الفتاة وأهلها، وإن لم تكن تملك وظيفة فلا تفكر على الإطلاق في الزواج لان مسألة التفكير والحلم به وأنت عاطل عن العمل ضربا من الخيال..
سعر الذهب..؟!
العم عبدالله ناصر برر سبب المغالاة في مهور النساء بالثورة السعرية المجنونة التي تجتاح الوطن بين الفينة والأخرى, وكذلك بالارتفاعات المتكررة للذهب والأسعار الخيالية التي وصل إليها في الآونة الأخيرة ويضيف " نحن كآباء لا نريد من هذه الحياة إلا سعادة أبنائنا أكانوا ذكور أم أناث, فانا أب ولدي أبناء ذكور وإناث والمغالاة في المهور سأتجرع أنا أيضا من مرارتها في كلتا الحالتين، أي حينما أزوج أبني أو أبنتي, فالبنت يتطلب زواجها متطلبات واحتياجات وذهب ولبس وخلافه, وهذا طبعا لن يأتي دون مقابل بل لا يأتي إلا بشق الأنفس, وكذلك الحال مع أبنائنا الذكور فحينما نود أن نخطب لهم فأننا نسقى من ذات الكأس ولا ألوم الآباء على ذلك فالواقع، فالحياة المعيشية هي من تجبرنا ان نغالي في المهور كي نلبي احتياجات بناتنا وشراء متطلبات الزواج, ولهذا أتمنى ان يعي الكل أننا لسنا سبب في هذا كله بل نحن ضحية لإقتصاد هذا البلد الذي بات كل شيء فيه غالِ جداً، وصارت عملته لا قيمة لها وهو بدوره فرض علينا أن نغالي في المهور ونطالب بتلك المبالغ الخيالية".
هنا نورد بعض أسباب المغالاة في المهور كما وردت في الدراسة التي أعدها الدكتور فريد صادق زوزو بعنوان
معوقات تحقيق مقاصد الزواج.. المغالاة في المهور نموذجا..
أولاً- أسباب المغالاة في المهور..
1- لأجل التحضير للزواج وتكاليف الزفاف، إضافة إلى تهيئة بيت الزوجية، وتجهيز الفتاة نفسها للعرس، حيث تصرف أموال طائلة في الإعداد والتجهيز، مما يضطر الزوج للاستدانة والإقتراض، وتكلف ما لا يستطيع، فتتكدر حياته الزوجية منذ بدايتها بسبب الديون التي يكدح للوفاء بها لمستحقيها، مما يجعله -كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه-: "حتى يكون لها عداوة في نفسه"؛ وتؤكد التجارب الواقعية أن ديون الزواج لا يُتخلص منها إلا بعد مضي سنين غير قليلة على الزواج.
2- الاعتقاد بأنه حق خالص للمرأة؛ فهو مقابل قبول المرأة الزواج، يجعل الأولياء والمرأة نفسها يتغالون فيه، طمعا في التوفير والادخار واختبار مدى إقبال الرجل على هذا الزواج، وبخاصة إذا كانت المرأة عاملة، أو ثرية.
3- إدعاء الأولياء ادخار المهر لوقت الحاجة، فهو لضمان مستقبل آمن لابنتهم، وهو مبرر يدعو للتساؤل عن مدى الثقة التي يوليها الولّي لهذا الخاطب، فأهل المخطوبة منذ البداية "يضعون سوء الظن تاجا على رأس ذلك الزواج، مما يثير حفيظة الزوج وأهله".
4 - اتجاه الشباب للزواج بالأجنبيات؛ لأن مهورهن قليلة، أو الانصراف عن الزواج والعزوف عنه بالكلية، وهذه النتيجة أضر من الأولى، إذ تظهر العنوسة عند الفتيات ويتأخر زواجهن وربما ينعدم.
5- وفي هذه النتائج يظهر إسقاط لمقاصد الشارع في حفظ النسل، وهو أحد مقاصد الشارع الخمسة؛ فالزواج هو الوسيلة الوحيدة المشروعة لحفظ النسل، والمهر وسيلة محققة لمقاصد النكاح، أي هو وسيلة الوسيلة، فهل يمكن لوسيلة الوسيلة أن تُسقط المقصد الأصلي؟ وهل هذا أمر مُسَلَّم به عقلا قبل التسليم به شرعاً؟ فمن خصائص الوسائل أن الوسيلة إذا عارضت المقصد سقطت، فأنَّى للمغالاة ذلك؟ وهي غير مشروعة، بل مكروهة في أكثر الآراء؛ حيث إن المهر وسيلة واجبة لكنها غير متعينة المقدار بالنص، فلا حد له؛ لكن يتعين هذا المقدار حسب الأعراف، كما أن مآل التغالي في المهور إما العزوف عن الزواج بالكلية، أو الانصراف للتزوج بالأجنبيات، وهو ما لا يحقق مقصد حفظ النسل في وجود الأسرة محضن الأولاد.
الترشيد في مسألة المهور ودور المجتمع في تيسير سبل الزواج..
قال تعالى {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين} وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض} فالآية الكريمة وحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، يحثان على إنكاح الشباب الصالح غير القادر ويدعوان إلى ذلك، إعفافا لهم من السقوط في مزالق الشيطان، وتحصينا للفتيات المؤمنات حتى لا يبقين عوانِسَ؛ لأن في ذلك مضرة كبيرة على المجتمع، ولأنها تؤول إلى نتائج غير حميدة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض}. فالآية الكريمة دعت الأولياء[49] وحثتهم على تزويج الأيامى، وإعانتهم على ذلك بما يقدر عليه ، وأما الحديث فقد بيّن عواقب عدم المسارعة في تزويج الشباب وإعفافهم. وهنا يتبدى للمجتمع دوره في منع الفتنة، وإخماد جذورها، بتيسير سبل زواج الشباب؛ حتى لا تتسع وتصير فسادا عريضا يتضرر منه كافة أفراد المجتمع.
وإذا كان من أسباب العزوف عن الزواج، أو عدم المقدرة عليه المغالاة في المهور، وارتفاع تكاليف الزواج، اللذين اعتبرا من أحكام عقد الزواج لا من أركانه؛ فمن باب أولى كما هو معلوم أن الوسيلة تبع للمقصد الذي تؤدي إليه لا العكس كما هو حادث واقعا،كون التغالي في المهور وتكاليف الزواج سببا موجبا لإسقاط الزواج الذي هو المقصد الأصلي.
وبعد أن استتب أمر المغالاة وانتشر في أوساط المسلمين، مخالفين بذلك ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه الأمر في حياته صلى الله عليه وسلم وحياة صحابته رضوان الله عليهم، فإن المسؤولية تقع على كاهل المجتمع وأولي الأمر في توجيه من بيدهم عقدة النكاح وكبح جماحهم بحثّهم على عدم المغالاة، فهذا الخليفة عمر بن الخطاب يدعو الناس من على المنبر " ألا لا تغالوا في مهور النساء"[50]، توجيها وإرشادا للعامة بخطر المغالاة في المهور والتعسف في ذلك، بما يعود بالبلاء على الجميع؛ فإن الفرد لا يستطيع تحقيق مصالحه بمفرده ودون معونة أفراد مجتمعه، لا أن يكونوا هم أنفسهم من يعيق ذلك. وللحكومات والمؤسسات أن تسهم عمليا في تيسير سبل الزواج للشباب وذلك بطرق مختلفة.
طرق التوعية..
1. الدعوة لتوعية الناس عن طريق الإعلام والخطابة في المساجد
بالحث على التقليل من المهور، والتخفيف منها اقتداء بالمصطفى صلى الله عليه وسلم في مهوره التي أمهرها زوجاته، والمهور التي قدمت لبناته، واقتداء بالصحابة رضوان الله عليهم، والسلف الصالح في هذا الأمر، والتحذير من عواقب الإسراف والتبذير التي تنتشر أيام الزفاف، وإن استدعى الأمر معاقبة من أسرف في ولائم الأعراس كما ذهب لذلك مجلس هيئة كبار علماء المملكة العربية السعودية.
2 . المساهمة في إقامة الحفلات الجماعية.
والغرض منها تخفيف أعباء تكاليف وليمة الزواج، والقضاء على مظاهر الترف والبذخ، بتحضير الولائم الجماعية التي تجمع زيجات كثيرة، سواء لأفراد أسرة واحدة أو على مستوى الحي أو البلدة أو المدينة، ليحضرها أهل الأزواج دفعة واحدة. وإن لهذه التجمعات الكثير من الأهداف النبيلة في إعلان الزيجات، ورفع العنت عن كاهل الأهل والأزواج، والحث على التأسي بهذا المشهد، حتى يتحقق إجراء الزواج واقعا. ومثال ذلك ما قامت به إحدى محافظات مصر عندما " قررت محافظة أسيوط إقامة حفل زفاف جماعي يوم 18 أفريل 1999م وفي ملعب أسيوط الرياضي، يجمع 156 عريسا وعروسا... وقال بيان صادر عن محافظة المدينة إن المحافظة قدمت العون المادي لهؤلاء الشباب الراغبين في الزواج ،وتقوم مجموعة من الشركات والمؤسسات، ومحلات القطاع الخاص بتقديم هدايا مالية للعرسان لتأثيث عش الزوجية، كما قدم بعض الأهالي ثلاجات وغسالات وأدوات مطبخ مشاركةً في إتمام حفل الزفاف الجماعي. وقال محافظ المدينة إن الخطوة محاولة من المسؤولين لحل أزمة بعض الشباب غير القادرين على الزواج مؤكدا أن الحفل سيتكرر"[
3. فتح صناديق الزواج:
ويكون ذلك من ميزانية الدولة، أو من مصارف الزكاة، أو الأوقاف الخيرية الخاصة بالزواج وغيرها. فيمكن أن يخصص للتزويج أو التيسير فيه ميزانية خاصة من ميزانية الدولة نفسها، ومن أمثلة ذلك "صندوق الزواج في دولة الإمارات العربية" الذي تأسس عام 1993. وهو مؤسسة حكومية تُعنَى بمنح الشباب منحاً مالية للزواج ، وهي منح تعطى ولا تسترد.
ويمكن أن تؤسس هذه الصناديق من مصارف الزكاة، "بتخصيص جزء من الزكاة المفروضة، فالفقراء هم أحد مصارف الزكاة الشرعية، وكذلك الغارمون، وهم الذين يتحملون الديون للزواج أو لمواجهة تكاليف الحياة وأعبائها". فقد روي عن عمر بن عبد العزيز أنه لما أبلغ بفيض أموال الصدقة بعد توزيعها إلى المستحقين أمر بتزويج العزَّاب من أموال الصدقة، وفي هذا أورد صاحب "البداية والنهاية" أنه "كان مناديه في كل يوم ينادي: أين الغارمون؟ أين الناكحون؟ أين اليتامى؟ حتى أغني كلا من هؤلاء"
ومن خلال "إنشاء الأوقاف الخيرية الثابتة لمشروع الزواج". واهتمام الدولة بمثل هذه المشاريع، وإجرائها واقعا يحقق لا محالة التكثير من النسل وإيجاده بالطريقة المشروعة طريق الزواج الشرعي، فيتحقق مقصود الشارع في حفظ النسل بإيجاده وتيسير سبل ذلك، وهو من شأنه أن يعود بالنفع على المجتمع في تكثير عدد أفراده، وإنجاز العمران، وتحقيق الاستخلاف في الأرض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.