أكد الرئيس اليمني السابق/علي عبد الله صالح أنه يشعر حالياً بارتياح بعد تركه للسلطة، وأنه تقبل مسألة تركه للسلطة بارتياح ولم يجبر على ذلك، وقال في حديثه لبرنامج الذاكرة السياسية لقناة "العربية": لم أجبر على ترك السلطة وكان بمقدوري أن أحسمها عسكرياً وشعبياً، لكن لا يجوز أن أبقى على كرسي السلطة وتحتي نهر من الدماء، لأني أتيت للسلطة بطرق ديمقراطية ولم أوتى على ظهر دبابة أو انقلاب قبلي أو عسكري.. واعتبر صالح وصوله للسلطة عام78م، تخضع لقدر الإنسان، مشيراً إلى أن علاقته آنذاك بالناس طيبة. مضيفاً بحث الجمهور وكل القوى السياسية من يصلح خلفاً لهذه المرحلة الخطرة جداً بعد مقتل رئيسين خلال سنة واحدة، قالوا: لا يمكن أن يحسم هذا الأمر إلا شخصية عسكرية، فبحثوا من له ثقل عسكري، فتحركت الجماهير من تعز وإب وكل المحافظات بمسيرات إلى مجلس الشعب التأسيسي لترشيح علي عبد الله صالح رئيساً للجمهورية. وذكر صالح أنه كان يرفض الترشيح وكان يفضل تولي القاضي/العرشي أو الأستاذ/عبد العزيز عبد الغني إلا أنهما رفضا، موضحاً أن لم يكن لديه أي تواصل أو علاقة بأي دولة عربية أو أجنبية حتى يحظى بدعم خارجي. وعن محاولة الانقلاب على صالح من قبل الناصريين قال صالح: كانت محاولة فاشلة كنا على علم بها قبل أربعة أو خمس أيام من تنفيذها، لذلك كنت أعتبرها فاشلة وخرجت من صنعاء العاصمة ونزلت إلى الحديدة، وكان يرافقني أحد الناصريين الذين أعدموا "وزير العمل"، وكان هو المرافق والملازم لي، وقامت الحركة الانقلابية وتصدى لها العسكريون، وعامة الناس، منهم علي محسن أركان حرب الفرقة الأولى مدرع آن ذاك، وقائد الحرس الجمهوري اللواء/علي صالح، ومحمد عبد الله صالح، قائد الأمن المركزي، وغالب القمش رئيس جهاز الأمن السياسي الذي كان يشغل قائد الشرطة العسكرية آنذاك، ووزير الداخلية محسن اليوسفي، ومدير الكلية الحربية/علي العنسي، وقائد الجوية/محمد ضيف الله. وذكر صالح إلا أن تسرع الناصريين للقيام بهذا الانقلاب جاء من باب خوفهم من أن يسبقهم البعثيين للقيام بعملية انقلابية، مستغلين تواجدهم في معظم أجهزة الدولة. مؤكداً بأن نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية آنذاك "السقاف" كان عنصراً أساسياً، حيث ذهب إلى ليبيا، وأخذ خمس ملايين دولار وأكثر من بندقية كاتمة الصوت بهدف التخلص من القيادة السياسية والعسكرية، من علي عبد الله صالح، وعبد الله الأحمر ومن القاضي العرشي وعبد العزيز عبد الغني، ومن القيادات العسكرية كعلي محسن وعلي صالح وغالب القمش، مشيراً إلى أن من كان سينفذها مازال حياً، واسمه/علي عبد ربه القاضي عضو في البرلمان حالياً. وعما إذا كان الرئيس الليبي السابق/معمر القذافي هو المسؤول الأول عن محاولة الانقلاب الناصرية أكد صالح أن القذافي وأجهزته الاستخباراتية هم من وقفوا وراء المحاولة للانقلاب عليه، وأن أذى القذافي لليمن لم يتوقف عند هذه المحاولة فحسب، رافضاً الحديث عن هذا الملف كون القذافي قد مات. واعتبر أن قيام ثورات الربيع العربي نتيجة غياب الديمقراطية، زاعماً بأن هذا الوضع لا ينطبق على اليمن، كون اليمن قد قبل بالديمقراطية والتعددية منذ إعلان الوحدة عام1990م. وعما إذا كانت حروب المناطق الوسطى يعد موقف اليساريين لنقل تجربة الجنوب للشمال أم أنها استهداف لحكم صالح كشخص، أوضح الريس السابق أن الهدف كان نقل التجربة الجنوبية إلى الشمال، لكي تكون تجربة واحدة في إطار الوحدة، إلا أنه استدرك وأكد أنه كان هناك استهداف لرئيس النظام. وعن حقيقة استعانته بالإخوان المسلمين لمواجهة المد الاشتراكي اليساري القادم من الجنوب، قال صالح هذا صحيح لكن حضورهم ليس أساسياً حضور سياسي وقاتل معنا جزء منهم في بعض المناطق الوسطى ومقبنة وكان تحالفهم يأتي كاعتقاد منهم ضد الماركسية، وأنا كان هدفي أن أحافظ على الجمهورية العربية آنذاك، وعلى مكتسباتها وعلى ثورتها السبتمبرية.. فأتوني حركة الإخوان المسلمين وقالوا سنتحالف معك ضد الشوعيين والماركسيين فأتوا إلي أصحاب الجبهة الوطنية وقلت لهم أقفوا الاغتيالات والاعتداءات وإسقاط المناطق واحتلال المرتفعات، وتعالوا إلى الحوار أفضل من أن يسيروا بمسارين مسار النقد والرأي في الصحف، والموضوع الآخر الاستيلاء على المناطق حتى تقرر موقف وصارم. وفي حديثه عن قمة الكويت ومن رتب لها أوضح صالح أن الدعوة جاءت من الكويت وأنه لبى الدعوة وكذلك تم تلبيتها من قبل القيادة في عدن، منوهاً إلى أن الجنوبيين رفعوا آنذاك شعار الوحدة الفورية الاندماجية عقب الحرب، إلا أن الشمال لم يكن مرتباً لنفسه لحدوث نكسات في الوحدات العسكرية. وعن رأيه حول عبد الفتاح إسماعيل ومدى خطورته ودهائه السياسي قال صالح أنا التقيته مرتين مرة في تونس ومرة في قمة الكويت، موضحاً بأن عبد الفتاح إسماعيل لم يكن بحجم الوصف الذي يوصف، وليس بالخطورة التي كان يُتحدث عنها وكان مفكراً سياسياً مثله مثل أي مفكر سياسي وكان هناك من هو أفضل منه. وحول موقف الرئيس الأسبق علي ناصر من الوحدة اليمنية، قال صالح: إن ناصر لم يكن متحمساً كثيراً للوحدة، حتى أنه حين حلت حرب صيف 94م التقى به في قطر، وطلب من ناصر العودة إلى صنعاء لتشكيل حكومة إلا أنه رفض وقال إنه سيعود لتشكيل المجلس الوطني، مشيراً إلى أنهما اتفقا على تعيين ناصر رئيس وزراء لحكومة الوحدة. ولفت صالح إلى أن الاتفاقيات التي سبقت الوحدة وبدأت في طرابلس كانت اتفاقيات ضمنية تضمنت أن يكون رئيس الدولة شمالياً ورئيس الوزراء جنوبياً، منوهاً إلى أن المحادثات التي جرت بين إبراهيم الحمدي وسالم ربيع علي في قعطبة تضمنت نقل العاصمة من صنعاءوعدن إلى محافظة تعز وأن يكون الحمدي رئيس الدولة، وربيع علي رئيس الوزراء، كما أشير إلى الحقائب السياسية، الدفاع والداخلية والخارجية. وحول اتهامه بالضلوع في أحداث 13يناير86م الدامية بالجنوب من خلال دعمه لجناح علي ناصر محمد.. أوضح صالح أن ذلك جاء على لسان البيض الذي قال إنه اتهمه بعمل انقسام داخلي في المكتب السياسي، مستدركاً بأن الانقسام كان حاصلاً بالجنوب والتوتر موجود والقبيلة هي القوية، رغم الثقافة الحزبية للماركسية التي قال إنها عجزت عن أن تحل محل القبيلة، مضيفاً أنه ما كان يريد لأحداث يناير أن غدت وأنه تحدث مع عضو المكتب السياسي فضل محسن، وقال له إن مجيء عبد الفتاح إسماعيل من موسكو هو تفجير للوضع إلا أنه رد علينا بأن الحزب هو من سيقوم بحمايته إلا أن الموقف تصاعد حتى وصل إلى الانفجار حسب تعبير صالح.. ووفقاً للرئيس السابق صالح فإن طرفاً متطرفاً بالشمال كان يضغط للتدخل بالجنوب إبان أحداث يناير وذلك من أجل تحقيق الوحدة إلا أنه أي صالح أقنع هذا الطرف بعدم سماح المجتمع الدولي بذلك طالما الدولة في الجنوب معترف بها وهناك حوار لاستعادة الوحدة بطريقة سلمية، وقال بأن طرف علي ناصر كان يطلب من الشمال التدخل إلا أن الشمال رفض ذلك، مشيراً إلى أن روسيا اعتبرت أي تدخل من الشمال خطاً أحمر، لكن الشمال بنفسه قرر عدم التدخل أولاً فهذه بلادنا ولا تستطيع أية قوة تمنعنا. أي لو أرادوا التدخل. وحول تصريحات المهندس/حيدر العطاس التي حمله فيها مسؤولية تفجير الأوضاع في الجنوب.. أجاب صالح بأن أي شخص فاشل سياسياً أو عسكرياً أو أمنياً أو اقتصادياً سواء قبل الوحدة أو بعدها يقوم يحمل المسؤولية علي عبد الله صالح. وبحسب صالح فإنه احتضن ناصر وكافة العسكريين والمدنيين النازحين من الجنوب وعاملهم كدولة، إلا أنه رفض ضغوطات علي ناصر بالتدخل بالجنوب وفق مخطط عسكري. وأضاف صالح انه استعان "بالإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) في الحرب التي خاضها ضدّ الجنوب وكان تحالفهم معنا ضدّ الماركسية . وأشار إلى أنه لوح للجنوبيين باستخدام الإسلام لمواجهة الماركسية إن لم يتوقفوا عن تصدير أفكارهم إلى الشمال . وقال صالح إن أمير الكويت الراحل جابر الأحمد الصباح "جمعني مع رئيس اليمن الجنوبي وقتها عبدالفتاح إسماعيل للتوفيق بيننا".. مضيفا أن الاتحاد السوفيتي السابق وضع خط أحمر بين شطري اليمن ودعا الفريقين إلى عدم تجاوزه". وكشف أن على عبد ربه القاضي عضو الإصلاح حالياً والمحكوم عليه بالإعدام سابقاً كان مكلفاً باغتيال شخصيات كبيرة في الدولة وكان ممولاً من القذافي". وذكر صالح أن "الرئيس السابق إبراهيم الحمدي وسالم ربيع علي اتفقا على الوحدة وأن تنقل العاصمة من عدنوصنعاء إلى مدينة تعز ". وأضاف أنه سعى مع أبو إياد ونايف حواتمة القياديين الفلسطينيين إلى رأب الصدع الجنوبي , وأن الخلاف بين الجنوبيين كان في العمق مناطقياً ولم تستطع الماركسية الحلول محل القبيلة". وأشار إلى أن نائبه السابق بعد الوحدة "علي سالم البيض كان يعتقد أنني كنت ادعم علي ناصر محمد في الجنوب". وقال صالح " نعم أنا انتمي إلى عائلة عفاش المسماة على اسم كبير شيوخ قبيلتنا" .. مضيفا انه يفتخر باسم عفاش شيخ العشيرة والتربة كان لونها احمر, مؤكداً أنه ليس من قبيلة الأحمر ولكنني من قبيلة عفاش واعتز بكل من يناديني بهذا الاسم". وأضاف صالح " بأنه كان بمقدوره أن يحسم عسكرياً وشعبياً ولكنني آثر عدم البقاء في السلطة على نهر من الدماء ". وأشار إلى أن علاقته "الجيّدة مع مختلف أطياف المجتمع اليمني أهّلته لقيادة البلاد في مرحلة خطرة ..مضيفا أنه عارض ترشحه للرئاسة أول مرة ورشّحت القاضي العرشي وعبد العزيز عبد الغني ". حول ولائه لأي من دول الخليج قال صالح " لم أرتبط بأي دولة خارجية لا قبل وصولي للسلطة ولا بعدها .