نقلت مصادر إعلامية محلية عن مصدر حكومي وصفته بالمطلع تأكيده أن الهيئة العامة للاستثمار قدمت للحكومة مشروعاً بخصوص تمديد الإعفاءات لمشاريع استثمارية انتهت تمديداتها السابقة ومن المقرر أن يناقش المشروع في اجتماع مجلس الوزراء اليوم الأربعاء. يأتي هذا في الوقت الذي تعاني فيه اليمن من انهيار اقتصادي وشيك وعجز حتى عن دفع مرتبات موظفي الحكومة المدنيين والعسكريين لشهر ديسمبر الحالي. وسبق أن أثير جدل بين مصلحة الضرائب والهيئة العامة للاستثمار حول الإعفاءات الضريبية لمشاريع انتهت إعفاءاتها وأخرى أصبحت في عدد المشاريع الوهمية يستفيد نافذون ومراكز فساد من الإعفاءات الضريبية الممنوحة لها وأصبحت مصدراً لتسرب مليارات الريالات من الخزينة العامة. من جانبه علق لدكتور/ علي سيف كليب أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء على هذا التوجه للحكومة, بالتأكيد أن الإعفاء الضريبي يعتمد على نوع المشروعات, فإذا كانت المشروعات تمثل قيمة مضافة بالنسبة للمجتمع, بمعنى أنها تولد خلق وظائف بالإضافة إلى المساهمة في توليد أو تمثيل قيمة مضافة للناتج المحلي.. وإذا كانت هذه المشاريع استراتيجية تخدم اقتصاد البلد فالإعفاء الضريبي كنوع من تشجيع المستثمرين مقبول، ويأتي أيضا كنوع من المكافئة لمستثمرين يقدمون على استثمار سيكون فيه نوع من المخاطرة، هذا شيء مطلوب وخاصة في الظروف الحالية. وقال د. كليب في تصريح خاص ل "أخبار اليوم" : الإشكالية عندما تكون الإعفاءات الضريبية لمشاريع استثمارية غير ذات فعالية أو غير ذات جدوى بالنسبة للاقتصاد الوطني، بمعنى أنها مشاريع ممكن أن تكون مفيدة لأصحابها, وهي ذات عوائد عالية جداً لا تكلف المستثمر الكثير بينما تحقق له أرباحا عالية ولا يستفيد منها الاقتصاد الوطني بشكل كبير.. مثل هذه المسألة تمثل خسارة بالنسبة للاقتصاد الوطني. واعتبر الاعفاء لشركات الاتصالات أمراً خطيراً جداً لأن هذا النوع من الاستثمارات مربحة والدليل على ذلك الإعفاء أو القانون الذي صدر في ذلك الوقت، الذي تم تفصيله لأشخاص، ثم جاءت بعد ذلك الحكومة تريد فرض ضرائب أرباح بشكل كبير جداً ومبالغ فيه وبشكل غير مدروس، الأمر الذي أدى إلى تهرب ضريبي- حسب تأكيد د. كليب، مضيفاً: وبالتالي يجب أن تكون القرارات الاستثمارية قرارات مدروسة وتخدم الوطن وتخدم اقتصاد الوطن ولا تمثل مصلحة لأصحابها، أو عندما نقوم بمنح إعفاءات ضريبة لا تضيف للاقتصاد الوطني وإنما تضيف لأصحابها، أو منح أراضي لمشاريع استثمارية وهمية تُملك لأشخاص باسم مشاريع يمكن أن يشتري أصحابها هذه الأرض ولديهم القدرة، والمشاريع بالنسبة لهم مشاريع ذات ربحية عالية، في هذه الحالة نحن نجامل أشخاصا على حساب اقتصاد الوطن وعلى حساب المواطنين. وأشار أستاذ الاقتصاد إلى أن هناك الكثير من القرارات الاقتصادية، غير مدروسة وقرارات متشنجة وعشوائية، في حين أنه ينبغي أن تكون القرارات متأنية ومبنية على دراسات تحدد ماهي المشاريع التي نحن بحاجة اليها، خاصة واليمن تعاني من بطالة عالية جداً، بحيث تكون المشاريع التي ستعفى مشاريع تخلق فرص عمل, مشاريع تضيف إلى الناتج المحلي الإجمالي، لا أن نفرح بعدد المشاريع المسجلة في الهيئة العامة للاستثمار والقيمة المضافة للاقتصاد صفر. وتمنّى د. كليب في ختام تصريحه أن تعي الحكومة خطورة ما تقوم به، من قرارات اقتصادية وما ستولده من أعباء سواء على الحكومة نفسها أو على المواطن، الأمر الذي يفرض عليها بأن تكون قراراتها مدروسة وأن يتم التروي في اتخاذ القرارات الاقتصادية، مضيفاً: كما يجب إعادة النظر في السياسة الاقتصادية للبلد بشكل عام لأن الجانب الاقتصادي كما قلت في مرات عديدة غائب من أجندة الحكومة والاحزاب وبالتالي ينبغي أن يعطى المكون الاقتصادي او الجانب الاقتصادي الاهتمام الكافي وأن يعاد النظر في سياسة التنمية الاقتصادية التي تمتلكها الحكومة. وكان خبراء اقتصاديون قد عبروا عن خشيتهم من تمرير مشروع قرار تمديد الإعفاءات الضريبية, خاصة أن هناك لوبي كبير من المستفيدين من هذا القرار اشتغلوا في الترويج له طوال الفترة الماضية ووجدوا داخل الحكومة من يساندهم وأن وراء هذا الموضوع قضية فساد كبيرة، وعدم شعور بالمسؤولية، وتنازل عن أبسط الحقوق دون مقابل. وكان الرئيس هادي قد وجه في وقت سابق بشأن هذا الموضوع ب«الالتزام بأحكام الدستور والقوانين النافذة فيما يتعلق بالقوانين المالية والاقتصادية وعدم تجاوز أياً من أحكامها». تجدر الإشارة إلى أن الحكومة اليمنية الحالية تعمل منذ سنتين على استجداء وتسول المنح من أصدقاء اليمن كي تصمد أمام الانهيارات الاقتصادية المتداعية منذ 2011م.