تحليل من كتاب الشرق الأوسط الجديد بأجندة صهيونية لمؤلفه حسن الرصابي. الشرق الأوسط الكبير يتشكل ويحدد ملامحه بفعل متغيرات عديدة وجراء عواصف انهالت عليه من كل حدب وصوب فقد تكالب على هذه المسافة الجغرافية وكذا المساحة الديمغرافية البشرية تحديات كثيرة.. جراء كثير منها نابع من أطماع دولية وحسابات تخدم تلك الاطماع فيما جزء منها يأتي من ضرورات المتغيرات الحياتية والجيوسياسية التي تشهده المنطقة بعد سنوات من التحركات الشعبية والسياسية والجيوسياسية لشعوب هذه المنطقة. فهذه المنطقة العربية ورثت عن فترة الحرب العالمية الثانية ما انتجته منظومات الحكم العربية التي جاءت إما بفعل سايكس بيكو.. أو وفق ما انتجته المراحل التالية على سايكس بيكو.. من انقلابات ومن تدخلات مخابرات دولية لفرض أنظمة معينة تتوافق مع طبيعة دول الهيمنة والنفوذ بدءاً من واشنطن ولندن وباريس وكذا نفوذ مسكو وبكين وعواصم إقليمية أخرى كلما أنتجت أنظمة عربية مرتهنة ومرتبطة بتلك القرارات، وهذا ما تجسد واقعاً في أنظمة لا تملك قراراتها ولا تتحرك إلا وفق تحالفات وائتلافات ورعاية واسناد وتدخل واضح في أنماط حياتها وفي علاقاتها مما دفع الشعوب إلى العديد من الانتفاضات ومن التذمر ومن النظر إلى هذه الأنظمة التي حكمت وادارت الشعوب بالحديد والنار تارة وبالخديعة والتضليل تارة أخرى وتعمقت فيها جذور التناقض الحاد وحفلت بمكامن الصراع المتنامي .. مثل هذه المظاهر وهذه المحددات جعلت المنظومات العربية هشة ومتواكلة وضعيفة وربطت نفسها واقتصاد بلدانها بعجلة النفوذ الدولي والإقليمي المتعدد.. لذلك حين تتدخل قوى النفوذ الدولي لتغيير اتجاهات هذه المنظومة تجده سهلاً وتحدث ما تراه من متغيرات عاصفة حادة لتعيد ترتيب أوراقها حسب الأجندة المحددة.. ومن الواضح ان هذه المنظومة العربية هي منظومة مصطنعة خاضعة للقرار الخارجي المتحكم بها.. وهذا ما نلمسه من عنجهيات لرئيس وزراء إسرائيل نتنياهو الذي لا يخفي تباهيه وانتفاخاته المفتعلة حيث أصبح يطل من على شاشات التلفزة العربية ليعلن للعالم انه يعيد تشكيل وجه الشرق الأوسط ولا نجد في المنظومة العربية من يعترض أو حتى يبدي ملاحظة عابرة.. ومن الواضح ان الأجندة الصهيونية في وضع ملامح سياسية وجيوسياسية تخدم الصهيونية ومشروعها التوسعي ما نلمسه من متغير في الجغرافية السورية وقدرة الصهاينة وإسرائيل على اختراق النسيج الاجتماعي عبر دعم الأقليات واستمالتهم وعبر فرض واقع عسكري غريب مثلما حدث في الجنوب اللبناني وفي الجنوب السوري.. وتسعى إسرائيل إلى الاستفزاز " بإيران المعممة " وإلى ضرب نظام الملالي وفرض نظام آخر يكون بعيداً عن قضايا المنطقة وتحديداً القضية الفلسطينية ولا سيما وان الألة العسكرية الإسرائيلية تكثف من جهدها ومن عملها وعنفها ووحشيتها في غزة والضفة الغربية كمرحلة أولى.. وسوف تتحرك إلى غور الأردن وعينها تمتد بوقاحة إلى سيناء وترغب ان يكون لها يد تعبث في شمال السعودية ومن الواضح ان المنظومة الخليجية واقعة في حبائل فرض الإرادة الغربية الأمريكية وفي التطبيع حتى تظل البقرة الحلوب التي توفر للمشروع الصهيوني مقومات استمراره عبر ضخ الرساميل والموارد الى المفصلية الأمريكية والغربية إذ تتكدس الأموال والموارد في بنوكها وحرمان المنطقة العربية من أية مؤشرات لا ستتمار اقتصادي فبدلاً من دعم السودان السلة الغذائية العربية تذهب الأموال لصناعة أزمة واحتقان واقتتال فيها.. وفي ذات الوقت جرى ويجري تحييد مصر عبر نظام أكثر انعزالية وأكثر هشاشة فمصر تعيش في مأزق الفقر والافقار.. وكذا فرض حالة حكم مرتبط بالقرار الإقليمي الأحادي نخلص إلى رؤية مفادها ان الشرق الأوسط يتشكل وأن تمزيقاً متعمداً يجري لمكوناته الاجتماعية والشعبية خدمة لأهداف مريبة وأجندة ظاهرة واجندة خفية ولا يعلم أحد الى اين يمكن ان يمضي هذا الواقع الهلامي المتماوج والمتقلب. ولا تخفي رغبتها في النفوذ في شمال العراق عبر أقلية الأكراد.. في ذات الوقت هناك تماهي بعض الأنظمة العربية مع حسابات الصهيونية سواء في دول الخليج أو في أنظمة الشمال الأفريقي.. وهذا التماهي العجيب والاختلاط الواضح بين المفاهيم أوجد لدى إسرائيل فرصة نادرة للاستقواء وفرض حالة نفوذ جديد يوفر لها إمكانية السيطرة والهيمنة على الكثير من القرارات العربية. وإذا عدنا قراءة الواقع العربي الراهن فأننا نجد تجريفاً واسعاً للجغرافية السودانية وانهياراً واضحاً للسيادة السورية واضطرابا واحتقاناً في تونس واحتدام الصراع الخفي بين المغرب والجزائر وكذا تمزق ليبيا.. ومحاولات فرض حالات التشظي في اليمن واهتزاز النسيج الاجتماعي في العراق فيما الصومال واقع تحت ظائلة التجاذبات والتدخلات وفرض حالة سيولة سياسية وجغرافية حتى وصل الأمر بان تمنح أثيوبيا موقعاً مستقطعاً من جغرافيتها المطلة على البحر الأحمر. ومن الوضح ان المنظومة الخليجية واقعة في حبائل فرض الإرادة الغربية الامريكية وفي تجريف الأموال وفي التطبيع حتى تظل البقرة الحلوب التي توفر للمشروع الصهيوني مقومات استمراره عبر ضخ الرساميل والموارد إلى المفصلية الأمريكية والغربية إذ تتكدس الأموال والموارد في بنوكها وحرمان المنظمة العربية من أية مؤشرات لا سناد اقتصادي فبدلاً من دعم السودان السلة الغذائية العربية تذهب الأموال لصناعة أزمة واحتقان واقتتال فيها.. وفي ذات الوقت جرى ويجري تحييد مصر عبر نظام أكثر انعزالية وأكثر هشاشة فمصر تعيش في مأزق الفقر والإفقار.. وكذا فرض حالة حكم مرتبط بالقرار الإقليمي الأحادي. نخلص إلى رؤية مفادها ان الشرق الأوسط يتشكل ولا وجود لخلاف ظاهر ولا خفي بين السياسة الأمريكية وإسرائيل وإنما هي أدوار درامية محسوبة بدقة وأن النتيجة الحتمية لهذه "الأدوار" ستكون احداث تفكك وإن التالي الأكيد هو تمزيقاً متعمداً مقصوداً يجري لمكونات الشرق الأوسط الاجتماعية والشعبية خدمة لأهداف مريبة واجندة خفية لا يعلم أحد إلى أين يمكن ان يمضي هذا الواقع الهلامي المتماوج والمتقلب.