الترامبية كمفهوم حكم وكسلطات مفروضة بدأت تجد فرصتها مؤخراً للظهور وتحديد معطياتها في بناء الشرق الاوسط الجديد في تصاعد غير مسبوق برزت أطروحات كثيرة في مجملها توضح الخطوط العريضة لما يسمى انشاء شرق أوسط جديد وآخرون يشيرون الى شرق أوسط أوسع . وهي في كلياتها اسهامات تضع في اعتبارها الكيان الصهيوني وكيفية دمجه في اطار هذا الشرق الاوسط , بل وتقيم له الغلبة والسطوة والإدارة تحت اسناد غربي امريكي وجندت كل القوات لخدمة هذا الكيان الدخيل والغاصب , ولكنها المشيئة الأمريكية الغربية وقد حفلت روزنامة الدول العظمى تصورات عن بناء شرق أوسط جديد منذ أن بشرت به كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة وتعاقبت الادارات الأمريكية ظل الاهتمام بهذه المعطيات مستمراً وظل الكُتاب والمعنيون في الغرب الأمريكي يصرون على ذلك ويحشرون اقلامهم في هذه المطالبات والتصورات .. ومؤخراً اشار كاتب عمود أمريكي مشهور في صحيفة نيويورك تايمز الى هذه القضية في رسالة علنية نشرها تحت عنوان : لديك فرصة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط ..هذا الكاتب الأمريكي توماس فريد ما ن وهو كاتب كبير قال يخاطب الرئيس الأمريكي المنتخب ترمب ليس في الأمر مبالغة فلديكم فرصة لا عادة تشكيل هذه المنطقة بطرق يمكن ان تعزز بشكل اساسي السلام والازدهار للإسرائيليين والفلسطينيين وجميع شعوب المنطقة فضلاً عن مصالح الأمن القومي الأمريكي . فريد ما ن اضاف : ان الشرق الأوسط أما أن يولد من جديد لمنطقة قوية حيث العلاقات الطبيعية والتجارة والتعاون أو ان يتفكك إلى بضع دول قومية محاطة بمناطق شاسعة من الفوضى وأمراء الحرب والارهابيين الذين يتقنون في استخدام الطائرات المسيرة بشكل مخيف الكاتب الأمريكي انحى بمسؤولية اندلاع تلك الحروب على المتعصبين اليهود في الحكومة الإسرائيلية وتحديداً وزير الأمن القومي المستقيل اريمنار بن غفير ووزير المالية بنسلئيل سموتريتش . ومن الجلي ان العالم اليوم ذاهب إلى المجهول والى الفوضى وأبرز مظاهر ذلك ما يجري في الشرق الأوسط من عواصف ومن حروب ومن احتقانات لا قبل للمنطقة أو شعوبها على التعايش معها أو التعاطي مع ذرائعها ولا سيما وان الصهيونية لها حساباتها من اثارة هذه الفوضى وهذا التدمير الممنهج والتجريف للهويات القائمة في سبيل ارساء هوية طاغية للكيان الصهيوني والحرص على أن تكون المنطقة تحت سيطرته السياسية والعسكرية .. وهذا الاضطراب دفع الكاتب عريندي ان يكتب في صحيفة نيويورك تايمز ويقول ان العالم ينزلق نحو قدر أعظم من الفوضى ويشير إلى ان المشهد العالمي يبدو اليوم أقل قابلية للتنبؤ وأكثر اضطراب واكثر فوضوية فالعالم بحاجة سلسلة من التحديات الخطيرة ومثل هذا الاضطراب في المفاهيم دفعت الكاتب اللبناني سام مسي المدير العام لإذاعة صوت لبنان سابقاً وهو كاتب عمود في صحيفة الشرق الأوسط إلى التأكيد بان الشرق الاوسط بين ارث بايدن وتأثير الترامبية امام فرصة لا تعوض تبدأ بالاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره بوصفه مدخلاً رئيسياً لاستقرار الإقليم وأمنه ويختم قوله : إن الشرق الأوسط يأمل خلال السنوات الأربع المقبلة في نظرة سياسية امريكية بأهداف واضحة تثبت دور امريكي عادل .. هذه مجرد تطلعات الى دور منصف لأمريكا وربما هذا من سابع المستحيلات جراء الاصطفاف الأمريكي مع الاجندة الصهيونية وتبين هذه الحظاية الصهيونية . والحقيقة أن الصهيونية اتسعت وشهدة الاستيطان لديها وهي من خلال المستوطنين تشهد تنمراً وفرض سيطرة على الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة وكذا في الضفة الغربية في سعي لاجتثاث أي وجود فلسطيني .. وإذا عدنا وقرأنا ما كتبه الكاتب الأردني خالد الحروب تبين لنا مثل هذه الرؤية .. حيث يقول في مقال بعنوان شهدة التوسع والاستيطان الصهيوني من غزة الى إلى التطبيع مع الخليج .. والاستيطان والتوسع يجسدان الدورة الدموية للصهيونية إذا توقفا انهار المشروع كما يؤشر تاريخ هدف الايدلوجية منذ ولدت في أواخر القرن التاسع عشر ويضيف الحروب : انهما يتخذانه اشكالاً يتسع طيفها . بقى ان نشير هنا الى ان مفهوم الشرق الأوسط لدى الصهاينة قائم على : فرض توسع استيطاني لمناطق شاسعة من المنطقة العربية تحت سطوة صهيونية مباشرة . فرض هيمنة اقتصادية وربط عجلة الاقتصادات العربية جميعها بالرساميل الصهيونية تحت غطاء أوروبي أمريكي . تجريف مستمر للهوية الاسلامية والعربية وطمس أي معالم للوجود الاسلامي في فلسطين والاردن ولبنان وجزء من العراق وجزء من مصر . انهاك المنطقة العربية بصراعات آتية وفرض سيطرة الأقليات العربية والاسلامية على غالب ادارة الحكم . نشر الانفلات الاخلاقي والانحلال وتسييد الانماط الهزيلة في الحكم والادارة في اطار المنطقة العربية التي يجب ان تعيش على الهامش ومحورة تل ابيب. لذا نحن امام مرحلة ترامبية صهيونية .. والتحديات القائمة سوف تشمل الكل ولن يكون أي بلد عربي في منأى عن الاعاصير والصهيونية القادمة .. فهل يمكن أن يفيق العرب من غفوتهم ومن الاوهام التي أوقعوا انفسهم في حبائلها . هذا ما سوف يجيب عنه المستقبل المنظور من هذه المرحلة الضبابية والرمادية في حياة العرب إذ توحي المؤشرات القائمة الى ان ترامب يتماهى مع حسابات الصهيونية وان هناك خطوات مؤلمة تنتظر العرب سواء محور المقاومة أو محور المهادنة .. وقد نشهد انهيارات ملحوظة وحادة في الجغرافية السياسية للمنطقة لصالح الصهيونية التي تبحث عن توسع على حساب جيرانها العرب .. ويتحول الطوق العربي الى حالة ضعف هش يسهل الاختراق الصهيوني نحو جغرافية أوسع لهذا الكيان الغاصب في المنطقة .