أعود إلى المبادرة العربية للسلام في الشرق الأوسط.. المبادرة في حد ذاتها «تماماً» لا تختلف عن الاتفاقات العربية الصهيونية، بما فيها الفلسطينية الصهيونية.. استمرار لتقديم التنازلات، والمكاسب للكيان الصهيوني دون ثمن أو مقابل منه. على أي حال حين تمت صياغة هذه المبادرة العربية ألم يفكروا في رفض الكيان الصهيوني لها، أو على الأقل أن يماطل ويساوم وتكون له مطالب قبل قبوله نقاش المبادرة؟! فالمبادرة تضمنتها قرارات الهيئة الدولية «المجتمع الدولي» التي رفضها الكيان الصهيوني، فلماذا اعتقد القادة العرب أن يقبل العدو الصهيوني بالمبادرة العربية؟! مشكلتنا العرب «الحكام» أننا بكل سذاجة نعتقد أن الصهاينة فعلاً يريدون السلام، وأن الولاياتالمتحدة على استعداد لدعم أية عملية للسلام.. مع أن التجربة خلال نحو 59سنة لم يحدث أن تجاوبت الولاياتالمتحدة والكيان الصهيوني مع أية مبادرة للسلام، أو مع أي قرار دولي للسلام.. وكل ما يتعاملون معه لا يزيد عن الجوانب التي تتفق والأطماع الصهيونية في الاحتلال والاستيطان.. وعمر الولاياتالمتحدة ما كانت مع قرارات المجتمع الدولي إلا إذا كانت لصالح الأطماع الصهيونية، وضد الآخرين دون أية مشروعية.. بل إن الولاياتالمتحدة ضربت بالمجتمع الدولي عرض الحائط، وقامت بغزو العراق واحتلاله وإسقاط نظامه، وإعدام قادة النظام.. كل هذا لم يعلّم العرب «وأقصد القادة» أن السلام الذي يبحثون عنه من الصهاينة أو من الولاياتالمتحدة أو المجتمع الدولي إنما هو وهمٌ في وهم في ظل عدم امتلاكهم للموقف القوي والعملي الموحد لفرض السلام العادل والشامل في المنطقة حسب قرارات الشرعية الدولية الصادرة خلال ال59 سنة الماضية من الاغتصاب الصهيوني لفلسطين. وخلال فترة الصراع الصهيوني الغاصب مع العرب لم يستغل العرب كل الفرص التي كانت أمامهم لفرض السلام العادل.. مثل انتصار أكتوبر عام 1973م، ومثل إقدام الولاياتالمتحدة على غزو العراق.. حيث كان القادة العرب بيدهم ألا يقدموا أية تسهيلات في أراضيهم للأمريكان حتى تُحل القضية العربية الصهيونية، وبحجة أن هذه الحرب ضد العراق غير شرعية والعالم كله يرفضها.. وأخيراً عدوان الصهاينة على جنوبلبنان في تموز 2006م، وصمود المقاومة، كان فرصة لإعلان دعم المقاومة والتنديد بالعدوان، وتأليب رأي عام دولي إلى جانب لبنان، وفتح جسور جوية بين لبنان والعواصم العربية لنقل العلاج والأطباء والأغذية للاجئين من الجنوب، والسعي بهمة وجدية في المجتمع الدولي لإيقاف أية قرارات دولية كتلك التي صدرت ضد لبنان والسودان وإيران في وجه التعنت الأمريكي الصهيوني، ورفض العمل بأية قرارات دولية ضد هذه البلدان حتى تنفذ القرارات الدولية ضد الكيان الصهيوني. بمثل هذه المواقف القوية والجادة والصادقة يمكننا فرض السلام العادل والشامل.. والفرصة مازالت سانحة، لم تفت.. فهل تُستغل؟