هاهي تتكشف الأهداف الأمريكية الصهيونية في لبنان.. فبعد أن فشلت في إيقاظ وإثارة المواجهة الطائفية باغتيال الرئيس رفيق الحريري، والذي كان اغتياله أيضاً يستهدف سوريا التي وجهت أصابع الاتهام إليها باغتياله بغرض إثارة العداء اللبناني ضد سوريا، ثم معاقبة سوريا دولياً.. كل هذا السيناريو الأمريكي الصهيوني فشل، وفشل معه المخطط الأمريكي الصهيوني في المنطقة. وجاء «السيناريو» الأمريكي الصهيوني الثاني.. لكنه سيناريو عنيف جداً عله يحقق الأهداف المرجوة.. فالعدوان الاسرائيلي والشرس والوحشي على لبنان بتأييد ومباركة من الإدارة الأمريكية واستهدافه المدنيين والبنية التحتية وارتكاب المجازر اليومية بين المدنيين إنما هدفه ليس استعادة الجنديين الصهيونيين من حزب الله الذي أكد أن استعادتهما ممكن سلمياً، وبالمبادلة مع أسرى عند العدو الصهيوني. إن العدوان الصهيوني غرضه تحريض وإثارة الشعب اللبناني ضد حزب الله وإشعال حرب طائفية، وتأجيج العداء ضد سوريا التي تكرر الإدارة الأمريكية مسئوليتها عن دعم ومساندة حزب الله، ولكن المشروع الأمريكي الصهيوني وبعد أسبوعين من العدوان الوحشي التدميري والمجازر ضد الشعب اللبناني يفشل في الشرق الأوسط، وإلا لماذا أقام الغرب الأمريكي الأوروبي الدنيا ولم يقعدها عند اغتيال الحريري.. واليوم يغتال كل الشعب اللبناني ويذبح ويجزر يومياً من قبل الصهاينة دون أن يحرك الغرب ساكناً بل يدعم ويؤيد العدوان، ليؤكد أن الذي اغتال الحريري بالأمس هو الذي يغتال لبنان وشعب لبنان اليوم. على أية حال.. فالذي يؤيد الحرب الصهيونية ضد الشعبين اللبنانيوالفلسطيني من أجل استعادة ثلاثة جنود صهاينة أسروا يعطي الحق إنصافاً وعدلاً للبنانيينوالفلسطينيين أن يحاربوا الكيان الصهيوني لاستعادة الآلاف من الأسرى اللبنانيينوالفلسطينيين والعرب، والبادئ أظلم، وهو كيان العصابات الصهيونية. وليس من حق الإدارة الأمريكية أن تنتقد أو تحاسب سوريا وإيران لدعمهما المقاومة، لأنها أيضاً تدعم عسكرياً وسياسياً ومادياً الكيان الصهيوني.. وليس من حقها انتقاد ومحاسبة الحكومة اللبنانية على عدم استكمال تنفيذ القرار «1559»، لأن عليها أن تنتقد العصابات الصهيونية وتطالبها بتنفيذ عشرات القرارات الدولية التي رفضت تنفيذها.. إن على الإدارة الأمريكية وحلفائها أن يدركوا أن الشعوب تدرك وتفهم أن السياسة والمواقف الأمريكية الأوروبية باستثناء البعض من أوروبا سياسة ومواقف منحازة عنصرية لا يمكن أن تقبل، وسوف تقاوم، وتقاوم، ويستحيل أن تحقق لها أهدافها في المنطقة، لأن المقاومة تقوى أكثر فأكثر.. فهاهي حسب الأخ الرئيس الصالح لصحيفة سبتمبر الأسبوعية يؤكد أن المواجهة اليوم بين الصهيونية والمقاومة اللبنانية تقلب معادلات الحرب لصالح المقاومة. والرئيس الصالح حين يقول ذلك إنما من وحي ما أبدته المقاومة اليوم مع العدوان الصهيوني.. ففي عدة حروب عربية صهيونية لم تصمد الجيوش العربية لأكثر من أسبوع.. بينما المقاومة اليوم أرعبت العدو الصهيوني بصمودها ومواجهتها، بل ووصول ذراعها لضرب العمق الصهيوني في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة.. وهو ما لم يحدث خلال الحروب العربية كلها، إضافة إلى فشل الصهاينة بعنفهم وشراستهم، ووحشيتهم في إيقاف زخات الصواريخ اللبنانية التي تصل المدن والمستعمرات الصهيونية يومياً في فلسطين، بل وفشل الصهاينة من التقدم البري في جنوبلبنان بفعل المقاومة الشديدة التي ألحقت الهزائم بالوحدات المتقدمة وأجبرتها على العودة من حيث أتت، ناهيك عن حديث وسائل الإعلام الصهيونية عن احتمال تسلل فرق عسكرية من حزب الله إلى شمال فلسطين لتفتح المواجهة مع العدو الصهيوني في عقر داره. كل هذا لم يحسب حسابه الصهاينة والأمريكان، ولا شك أنهم فوجئوا بقدرات وتكتيكات وأساليب المقاومة عسكرياً، وبدأوا يحسون أنهم في ورطة يجب الخروج منها بماء الوجه، فقد بدأت تحذيرات لخبراء وجنرالات وعسكريين اسرائيليين من أية حرب برية مع حزب الله، أو الانجرار إلى إطالة أمد الحرب، لأنها مهلكة للكيان الصهيوني. المشكلة أن الغرب الأمريكي والأوروبي الحليف ما زال يماطل في عملية إصدار قرار لوقف إطلاق النار، ثم بحث المشكلة، وهو بذلك حتى يعطي الصهاينة فرصة أطول لتحقيق انتصارات على الأرض لتقايض بها عند المفاوضات، وهو أمر سوف يورط الصهاينة أكثر، ويكلفهم من الخسائر أكبر، فإلى حد الآن ظهرت قدرات وإمكانات حزب الله العسكرية على غير ما كان متوقعاً.. فحسب عضو كنيست اسرائيلي أن حزب الله لديه مقاتلون جيدون، وأنه يحترمهم لأنهم يتمتعون بكفاءة قتالية عالية، وهو ما لم تفهمه الولاياتالمتحدة وحلفاؤها وكذا حكومة أولمرت الصهيونية.. وعلى كل فإن المساعي الأمريكية، وبعد مرور هذه الفترة على العدوان الذي بدأ في «11يوليو» لإطالة أمد الحرب يؤكد أن إطالة أمد الحرب حسب المعطيات الميدانية للوضع العسكري لن يكون إلا في صالح المقاومة، فالكيان الصهيوني لا يحتمل حرباً لأكثر من أسبوع، وهذا يدلل على عدم فهم وغباء الساسة الغربيين، فالمقاومة على استعداد لمواصلة الحرب بنفس القوة والصلابة، ناهيك عما قد تكون أعدته في العمق الصهيوني شمال فلسطينالمحتلة وسوف يباغت الصهاينة بعمليات عسكرية مؤلمة جداً من داخل العمق الصهيوني في فلسطينالمحتلة، بل سينال بصواريخه ما هو أبعد من ميناء حيفا.. وحينها ستكون المبادرة والخيار بيد المقاومة اللبنانية «حزب الله» بعدها سيفاوض بطريقة مباشرة على أكثر من مبادلة الجنديين بأسرى لبنانيين وعرب وفلسطينيين، لأنه حين ينقل المواجهة إلى داخل المستوطنات والمدن في فلسطينالمحتلة سيكون من الصعب استخدام أي سلاح جوي أو مدفعي أو صاروخي ضده، لأن ذلك يعني ضرب وقصف مواطنين صهاينة، بينما سيستخدم حزب الله أي سلاح بإمكانه لأنه غير مهتم كون المعركة خارج لبنان، وفي مدن ومستعمرات سكانها غير عرب، وإنما صهاينة.. وبالتالي يكون قد حقق ما وعد، وأمسك بخيوط اللعبة، وأصبحت كلها في يده بسبب حسابات الحكومة الصهيونية والإدارة الأمريكية البليدة والغبية، وعدم أخذهم ما جاء في خطاب السيد نصر الله على محمل الجد، مع علمهم أن نصر الله لا يكذب. إن الوضع والمعادلة العسكرية التي حققها حزب الله يجب أن تستغل وتستثمر من قبل القادة العرب بتوحيد الموقف، والضغط على المجتمع الدولي باتجاه حل عادل وشامل في الشرق الأوسط، والسعي لدى روسيا وكذا الصين، وفرنسا، والمانيا لتبني موقف مع الحلول الآتية: 1 إصدار قرار من مجلس الأمن بوقف شامل لإطلاق النار على الجبهتين اللبنانيةوالفلسطينية، وانسحاب الجيش الصهيوني من غزة والضفة. 2 تشكيل لجنة دولية من روسيا، والصين، وتركيا، ومصر، وسوريا لاتمام عملية التفاوض حول تبادل الأسرى الصهاينة مع أسرى عرب لدى الصهاينة. 3 تشكيل لجنة من هيئة الأممالمتحدة، والمؤتمر الإسلامي، وجامعة الدول العربية لتطبيق القرارات الأممية الصادرة في حق فلسطين، خاصة القرار الصادر بعد حرب 1967م متزامناً مع تطبيق القرار «1559» في لبنان. 4 تطبيق قرارات مجلس الأمن في فلسطين في الجوانب التي لم يتضمنها القرار الصادر بعد حرب 1967م. 5 بعد ذلك توقع اتفاقات سلام تحت إشراف دولي بين أقطار المنطقة تضمن السلام والتعايش مع بعض وتحدد فيها الضمانات الدولية للجميع. ونأمل من الإدارة الأمريكية أن تستوعب الوضع الذي فرضه حزب الله، وتكون محضر خير، ومع الحق والعدل والسلام دون انحياز أو تعصب وعنصرية حتى لا تخسر أصدقاءها في المنطقة.هكذا حلول سيكون السلام والاستقرار في المنطقة، والقوة عمرها ما فرضت سلاماً واستقراراً.