اليوم.. لن تجد الكيان الصهيوني أفضل من الظروف الحالية لإقرار السلام مع العرب، ولن يجدوا بعد اليوم ما هو أفضل من المبادرة العربية، وهي مبادرة تضمن للصهاينة العيش بسلام وأمان، لم تضمنها لها قرارات الأممالمتحدة التي تقوم عليها القرارات الأممية. المصداقية الأمريكية والصهيونية بسلام عادل وشامل في المنطقة بين الصهاينة والعرب، وأيضاً ستظهر مصداقية المجتمع الدولي الذي تتشدق به الولاياتالمتحدة، وأنها مع الحق والعدل والسلام والاستقرار الدولي.. فالسلام والاستقرار الدولي يبدأ من فلسطين.. وهاهم العرب يقدمون الحل، لا أقول العادل والشامل، ولكن أقول يقدمون للصهاينة تنازلات فرضها المجتمع الدولي في قراريه «194» و«242».. إضافة إلى الكرم العربي الذي شملته المبادرة العربية من تطبيع للعلاقات العربية الصهيونية، وإقامة علاقات دبلوماسية معها، وما يتبع هذه العلاقات فيما بعد، كالعلاقات الاقتصادية والثقافية وغيرها. إن المتغيرات الدولية والوضع المهترئ للنظام الدولي الناتج عن إغراق نفسه في أفغانستان والعراق، يعد فرصة حقيقية لإحلال السلام في الشرق الأوسط، ليس فرصة للعرب فقط، ولكن للنظام الدولي الذي أراد خلال السنين الماضية أن يفرض سلاماً حسب رغبته ومزاجه وأطماعه في المنطقة، عبر مشاريعه التي فشلت وتردت أمام المقاومة التي ووجهت بها.. وأول هذه المشاريع الشرق الأوسط الكبير، ثم بعد ذلك الشرق الأوسط الجديد «المفتت» والذي انهزم أمام المقاومة العربية ، والمقاومة اللبنانية والفلسطينية والعراقية، وممانعة ورفض الشارع العربي. على النظام العالمي أن يعي ويدرك أن سياساته الإلحاقية، وسياسة الضربات الوقائية العسكرية، وسياسة التهديدات والمؤمرات، وسياسة البوارج والقاذفات الجوية لن تجدي في تحقيق أطماعه في الشرق الأوسط، وحتى في العالم، ولن تنجح هذه السياسات أيضاً في تحقيق السلام والأمن الصهيوني، وهيمنته على المنطقة، بقدر ما ستؤدي إلى نمو المقاومة والعنف والتطرف والإرهاب كأساليب وطرق فُضلى لمواجهة أطماعه، وضد الوجود الصهيوني كلية في المنطقة.. وعلى النظام العالمي أن يعي أن استمرار سياساته الحالية لن تفضي سوى إلى انهياره، نتيجة للاستنزاف الهائل الذي تكلفه هذه السياسات المجنونة والاستقوائية والعدوانية على الشعوب. المصداقية مطلوبة اليوم مع المبادرة العربية لإحلال السلام في الشرق الأوسط ، ضرورة تفرضها مصالح النظام الدولي «العولمة» في المنطقة وفي العالم.. لأن مؤشرات التحولات الدولية والإقليمية بصفة خاصة سوف لن تتيح أي فرصة بعد ذلك أو تترك مكاناً للصهاينة أو للمصالح الغربية الأمريكية بالذات.. وإن النظام العربي يبدو أنه يتعافى ويستنهض قواه من جديد.. والمجتمع الدولي لن يظل أسير الإدارة الغربية الأمريكية وضغوطاتها، وعليه أن يدرك أن المبادرة العربية فرصة ذهبية للسلام ولاستمرار المصالح الغربية في المنطقة.. فهل يعقلون..؟