حل على اليمنيين أمس الذكرى السادسة لمجزرة جمعة الكرامة، التي قتل فيها عشرات الثوار السلميين في ساحة التغيير في العاصمة صنعاء. وقتل نظام علي صالح الدموي عشرات المعتصمين السلميين قنصا، في باحة ساحة جامعة صنعاء، والتي اتخذ منها الثوار مكاناً لاعتصامهم، إبان ثورة التغيير في 2011م. وكان اليمنيون قد بدأوا اعتصامات مفتوحة في مختلف المدن اليمنية، وفي حراك شبابي ثوري اجتاح بعض الدول العربية فيما عرف بثورات "الربيع العربي"، مطالبين برحيل رأس النظام. الساحات الثورية شهدت زخماً كبيراً، ترك فيها القبائل أسلحتهم، وانضموا لساحات الاحتجاج السلمي، ينشدون الدولة المدنية. في 18 مارس، أي بعد ما يزيد عن شهر على بدء الاحتجاجات، تجمع مسلحون وقناصة تابعون للنظام على إحدى مداخل ساحة صنعاء، أضرموا النيران وبدأوا بقنص الشباب المعتصمين. ارتقى عشرات الشهداء في هذه الجريمة البشعة، فتوزعت هوياتهم على معظم محافظات الجمهورية، تجسيداً لوحدة الهدف ضد حكم العصابة والعائلة. وشكلت "جمعة الكرامة" نقطة فاصلة في ثورة الشباب الشعبية، شهد نظام صالح بعدها انشقاقات عسكرية ومدنية كبيرة، صنعت توازناً معقولاً في ميزان القوى. في الذكرى السادسة لمجزرة الكرامة، لا يزال ذات القاتل يمارس غوايته كمصاص دماء، ويعكر صفو الوطن عبر الانقلاب على الدولة، وإشعال حرب أكلت الأخضر واليابس، ولكن هذه المرة بالتحالف مع مليشيات طائفية مسلحة، لا تزال تحلم بالعودة إلى عصر الإمامة والقطرنة. ويرى مراقبون أن القطعان المسلحة التي قتلت المعتصمين في الساحة هي ذاتها التي اجتاحت عمران والعاصمة، وأشعلت فتيل حرب عبثية لا تزال تحصد أرواح اليمنيين. ذات الوجوه الملثمة "تلك الظهيرة الماطرة الحارقة، كان الزلزال الكبير (جمعة الكرامة)". وقال "خالد الرويشان" وزير الثقافة السابق: "الذين تلثّموا وقتلوا الشباب في 18 مارس 2011، هم أنفسهم الذين تلثّموا وفتحوا أبواب عمرانوصنعاء والمعسكرات للحوثي بعد ذلك". وأضاف "الرويشان" في صفحته على فيسبوك: "وهم الملثمون أنفسهم مَنْ تحالف مع الحوثي اليوم، يديرون الأحداث باللثام.. يالهم من خونةٍ أغبياء". واستطرد: "رأينا وجوهكم من خلف اللثام. بات الشعب يعرفكم حتى لو تلثّمتم بألف قناعٍ أو لثام". أبشع مجزرة شهدها اليمن "مجزرة ﺟﻤﻌﺔ الكرامة ذﻛﺮﻯ ﻣﺆﻟﻤﺔ، ﻭﻟﻌﻨﺔ ﺳﺘﻈﻞ ﺗﻼﺣﻖ صالح والمنفذين ﻟﻬﺎ". وقال "صلاح قعشة" كاتب صحفي: "ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﺍﻟﺤﺰﻳﻨﺔ، ﺟﻤﻌﺔ ﺍﻟﻤﺂﺳﻲ ﺍﻟﻤﺜﻘﻠﺔ، ﻇﻬﺮ ﺍﻟﻮﺟﻪ اﻷﺳﻮﺩ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ ﻭﻣﺪﻯ ﺣﻘﺪﻩ ﺿﺪ ﺷﺒﺎﺏ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺰﻝ". وأضاف "صلاح" للموقع بوست: "ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺑﺸﻊ ﻣﺠﺰﺭﺓ تشهدها ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﺎ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ليس ﻟﻌﺪﺩ اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻟﺒﺸﺎﻋﺔ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻘﺘﻞ". وتابع: "ما إﻥ ﺗﺮﻓﻊ ناظريك ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺻﻮﺏ اﻟﻤﻨﺎﺯﻝ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ ﺣﺘﻰ تستعيد ﺫﺍﻛﺮﺗﻚ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻤﺠﺰﺭﺓ ﺍﻟﺪﺍﻣﻴﺔ، وتتحفز اﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﻤﺨﺰﻧﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﺎﻫﺪﻧﺎﻫﺎ ﻋﺒﺮ ﺷﺎﺷﺎﺕ ﺍﻟﺘﻠﻔﺰﺓ، لتطفو ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻣﺼﺤﻮﺑﺔ ﺑﺄﻟﻢ ﻭﺣﺰﻥ ﻋﻤﻴﻘﻴﻦ". وأردف: "يرتفع ﻧﻈﺮﻙ ﻗﻠﻴﻼً ﻟﺘﺮﻯ ﻣﻨﺰﻻً ﻣﻦ ﻃﺎﺑﻘﻴﻦ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﻨﺎﺻﺔ ﺍﻟﻤﻠﺜﻤﻮﻥ ﻳﺘﻤﺮﻛﺰﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺤﻪ يصوبون نيران حقدهم ﺑﻼ ﺭﺣﻤﺔ إلى صدور ﺍﻟﻤﻌﺘﺼﻤﻴﻦ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﻴﻦ". جريمة بلا عقاب "تتكرر ذكرى الثامن عشر من مارس في كل عام لتعيد للأذهان الصورة الأكثر بشاعةً في تاريخ اليمن، الذي أفرد في طيّاته صفحات لبدّتها أدخنة مجزرة الكرامة، ودوّنت تفاصيلها دماء شهداء الحرية". وتابعت "المنسقية العليا للثورة" في بيان لها: "نعيش بألمٍ بالغ مع كافة أبناء شعبنا اليمني الثائر الذكرى السادسة لجمعة الكرامة، التي تحل مجدداً في وقت تعيش فيه اليمن مرحلة أخرى من تاريخها النضالي والثوري، وهي تقاوم بقايا التخلف والإجرام". ويواصل البيان: "لقد كشفت مجزرة الكرامة وأخواتها من المجازر والجرائم التي ارتكبها نظام المخلوع صالح بحق اليمنيين، الروح المتعطشة للدماء والتي يتمثل بها نظام المخلوع، الذي ظلّ يمتص مقدرات الوطن وخيراته طيلة عقود من الحكم الاستبدادي". واستطرد: إن المجازر التي ترتكبها مليشيا الحوثي والمخلوع، هي امتداد لتلك المجزرة التي شهدها العالم، وظل عاجزاً حيالها، في حين بقي المجرم يسرح ويمرح في دماء اليمنيين دون عقاب رادع، ونؤكد أن القصاص العادل لشهداء جمعة الكرامة يمثل الخطوة الأولى في استعادة هيبة القانون وعدالته المفقودة مُنذ طفى جيف صالح على سطح الدولة اليمنية".