تتصاعد حدة الانتهاكات بحق المدنيين في اليمن، في ظل تصاعد الحرب الدائرة في البلد، ومعها تستمر أهوال النزاع.. مرَّ أكثر من عامين، وما زال المدنيون يدفعون أبهظ الأثمان لهذه الحرب، ويتحملون القسط الأكبر من أوزار الأزمة المنسية في بلادهم.. وتشهد الساحة اليمنية العديد من الحوادث المؤلمة بحق المدنيين في الأحياء السكنية داخل المحافظات التي تشهد مواجهات ونزاع مسلح. وتكشف المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان عن الكثير من الانتهاكات الجسمية التي تمس قانون حقوق الإنسان وكذلك القانون الدولي الإنساني. منذ مطلع العام الجاري 2017م وحتى شهر أبريل وثقت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان 1221 حالة انتهاك بحق المدنيين. وبحسب ما أوردته اللجنة الوطنية- في تقاريرها عن الحالات التي رصدتها وحصلت "أخبار اليوم" على نسخ منها، وتندرج ضمن انتهاكات قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني،- فإن اليمن تشهد انتهاكان لحقوق الإنسان كل أربع ساعات. وفي شهري يناير وفبراير أشارت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان إلى توثيق 309 انتهاك بحق المدنيين. وفي حين رصدت 392 انتهاك بحق المدنيين في اليمن خلال مارس، أوضحت لجنة التحقيق الوطنية أنها وثقت 339 انتهاك بحق المدنيين خلال شهر أبريل. يناير وفبراير قالت الناطق الرسمي للجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان- المحامية/ إشراق المقطري، أن راصدي اللجنة قاموا خلال شهري يناير وفبراير من العام الحالي 2017م برصد وتوثيق عدد 490 انتهاك ارتكبت بحق المدنيين في جميع محافظات الجمهورية اليمنية. وأوضحت إشراق المقطري أن هذه الانتهاكات "وقعت في أوقات مختلفة من الأعوام 2015 و2016 وتضمنت تهجير 186 أسرة، و57 واقعة قتل خارج نطاق القانون، وسقوط 29 ضحية زرع ألغام فردية. إضافة إلى 3 وقائع لحوادث زرع ألغام مضادة للدبابات قتل فيها 30 مدني في أبين والضالع ولحج. كما تضمنت أعمال الرصد 63 واقعة اعتقال وإخفاء قسري، و12 حالة تجنيد أطفال، وتفجير 22 منزل". كما تم رصد وتوثيق وقائع مختلفة لاستهداف المدنيين سقط فيها 543 قتيل بينهم 13 امرأة و6 أطفال وإصابة 67 مدني آخرين بينهم 10 أطفال و5 نساء. إضافة إلى رصد وتوثيق وقائع أحداث 2011 من بينها الاعتداء على المتظاهرين في جولة كنتاكي، وحي القاع، وبنك الدم في صنعاء، وكذا الاعتداء على المعتصمين بمحافظة مأرب. وذكرت إشراق أن اللجنة أنهت التحقيق في 309 واقعة انتهاك حدثت في عدد من محافظات الجمهورية من بينها وقائع استهداف المدنيين والتهجير القسري وزرع الألغام التي حدثت للمدنيين في عدنولحج والضالع في العام 2015. وقال بيان اللجنة أن الساحة اليمنية شهدت خلال فبراير ويناير 2017 العديد من الحوادث المؤلمة بحق المدنيين في الأحياء السكنية داخل المحافظات التي تشهد نزاع مسلح غير دولي كمحافظات: (تعز، البيضاء، ومأرب). مشيرا إلى سقوط مدنيين بحادثة طيارة من دون طيار في قرية "يكلى" بمنطقة "قيفة" التابعة لمحافظة البيضاء نهاية يناير، ومقتل مدنيين في عزلة "شراع" بمديرية أرحب بصنعاء منتصف فبراير الماضي بسبب قصف الطيران. وتحدثت البيان عن استمرار الطائرات الأمريكية باستهداف عدد من القرى والمواقع في محافظاتالبيضاءوأبين مخلفة أضرار في الكثير من الأبرياء. إضافة إلى عمليات ممارسات التهجير القسري التي شردت أكثر من 450 أسرة من مديرية جبل حبشي بمحافظة تعز. مارس أعلنت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان باليمن عن رصد وتوثيق 392 حالة انتهاك ارتكبت بحق المدنيين خلال شهر مارس الماضي 2017. وأوضحت اللجنة في بيانها الصحفي لشهر مارس أن من بين هذه الحالات وقوع 184 مدني بين قتيل وجريح بينهم 10 نساء و8 أطفال سقطوا جراء استهدافهم المباشر داخل الأحياء السكنية. وأيضا 36 حالة قتل خارج نطاق القانون، و20 حالة قتل بألغام فردية، و91 حالة تدمير أعيان مدنية، و19 حالة إخفاء قسري، و3 حالات تعذيب، وحالتين تجنيد أطفال، وحالتين حصار مديريات ومنع وصول المساعدات إليها. وقال البيان أن اللجنة استكملت عملية التحقيق في واقعة التهجير القسري ل 1632 مواطن جرى تهجيرهم من قبل جماعة الحوثي وقوات صالح من مديرية جبل حبشي في محافظة تعز، إضافة إلى تهجير 12 مواطن من محافظة حجة. وحسب البيان فإن أعضاء اللجنة وفريق المحققين المساعدين انهوا عملية التحقيق في 137 واقعة انتهاك من بينها 39 حالة قتل لمدنيين داخل الأحياء السكنية، و18 حالة قتل خارج نطاق القانون، و3 حالات تدمير أعيان مدنية، و67 واقعة إصابة نتيجة استهدافهم العشوائي بالمقذوفات. وأشار البيان إلى انه من خلال التحقيقات تبين للجنة انتهاج الأطراف لنمط الهجمات العشوائية على المدنيين في الأحياء والقرى والتجمعات السكانية، وهو ما يعد انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني الذي ينص على احترام مبدأ التناسب عند القيام بأي هجمات على أهداف عسكرية. وقالت اللجنة أنه اتضح من خلال التحقيقات تورط جهات مسلحة في عمليات إعدام دون إجراءات قانونية، إضافة إلى تبني سياسة تدمير ونهب وإحراق الممتلكات الخاصة. وهو ما أدى بدوره إلى تكثيف حالة النزوح لدى كثير من المواطنين بما يسلبهم الشروط الأساسية للحياة الكريمة. وأكد البيان أنه ثبت لدى اللجنة استمرار جماعة الحوثي وقوات صالح في انتهاج سياسة الإضرار بالمدنيين عن طريق زراعة الألغام المحرمة دولياً، حيث حققت اللجنة في 250 حالة قتل وإصابة لمدنيين بألغام فردية سبق أن تم الإشارة إليها في تقريري اللجنة الأول والثاني. ودعت اللجنة، في بيانها، جميع الأطراف إلى الالتزام بحماية حقوق الإنسان وعدم تعريض السكان المدنيين لأية أخطار أو تصفية حسابات في سياق النزاع المسلح غير الدولي. أبريل أعلنت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان باليمن عن رصد وتوثيق 339 واقعة انتهاك ارتكبت بحق المدنيين خلال شهر ابريل الماضي 2017. وأوضحت اللجنة في بيانها الصحفي لشهر ابريل أنها ومن خلال راصديها في جميع المحافظات استطاعت توثيق 277 واقعة انتهاك بملفات مكتملة أنجزها راصديها بعد قيامهم بسلسة مقابلات للضحايا وأخذ أقوال شهود العيان. وحسب البيان فإن هذه الوقائع جاءت على النحو التالي: استهداف وتدمير 52 من الأعيان المدنية والممتلكات، و20 حالة إخفاء قسري لمدنيين، و41 اعتقال تعسفي، و8 حالات زرع ألغام، وتفجير 10 منازل بالعبوات والمتفجرات، و68 حالة قتل ناتج عن استهداف مدنيين، إضافة إلى 77 حالة إصابة لمواطنين مدنيين، وحالة تدمير دور عباده. وبخصوص أعمال النزول الميداني قال البيان أن اللجنة قامت بالنزول إلى مديرية المخأ بمحافظة تعز وتمكن فريقها الميداني خلال 6 أيام من رصد 62 واقعة انتهاك خلفت 117 قتيل من المدنيين بينهم 17 امرأة و36 طفل، إضافة إلى 48 جريح بينهم 19 امرأة و24 طفل. وتوزعت هذه الوقائع بين 49 واقعة استهداف مدنيين، و6 وقائع زراعة ألغام، و3 وقائع اعتقال تعسفي، و2 وقائع تدمير أعيان مدنية، وواقعة استخدام مدنيين دروع بشرية، وواقعة تعسف إداري. وفيما أشار إلى أن هذه الوقائع حدثت خلال الأعوام 2015، 2016، 2017. أفاد البيان أن فريق اللجنة أجرى خلال نزوله إلى المخأ مقابلات مع الكثير من الضحايا وذوي الضحايا والشهود في كل من مناطق: واحجة، الحالي، الكدحة، والمغيني، كما قام الفريق بالانتقال إلى منطقتي باب المندب، وذوباب لمعاينة الوضع الإنساني للمواطنين هناك. وتطرق البيان إلى الوضع الكارثي في مديرية المخأ الواقعة ضمن مناطق النزاع المسلح المشتعل منذ منتصف العام 2015. ويعاني سكان هذه المناطق، حسب البيان، من انعدام الخدمات الأساسية الضرورية ومنها الكهرباء وشحة وسائل الاتصالات والمواصلات. وعن أعمال التحقيق قال البيان أن اللجنة أنهت عملية التحقيق في 392 واقعة انتهاك حدثت خلال 2015، 2016، 2017. إضافة إلى التحقيق في بعض حوادث الاعتداءات على المعتصمين والمسيرات في العام 2011، وكان أبرزها وقائع استهداف وقتل المدنيين والاعتقالات التعسفية. وأيضا وقائع الألغام التي زرعت في أماكن سير المواطنين وتحركاتهم، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة التي أضرت بالمواطنين وحياتهم اليومية في محافظات: عدن، أمانة العاصمة، تعز، صنعاء، ذمار، مأرب، لحج، صعدة، وحجة. وكشفت اللجنة، في بيانها، أنه اتضح من خلال تلك التحقيقات تواجد عدد من الأطراف المتسببة بانتهاكات جسمية نمطية ثابتة مست قانون حقوق الإنسان وكذلك القانون الدولي الإنساني، مما سبب في الاعتداء على الحق في الحياة والسلامة الشخصية وإعاقة حركة الكثير من المواطنين. وبحسب بيان اللجنة، فإنه رغم من أن توجيهات ومبادئ القانون الدولي الإنساني ألزمت أطراف أي نزاع بالتمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، وذلك للحد من الضرر الناجم عن العمليات العسكرية على السكان. إلا أن اغلب الوقائع التي سقط فيها مدنيين بالأسلحة الثقيلة في وسط الأحياء السكنية في محافظاتتعز، وعدن، ولحج، والضالع، والبيضاء، ومأرب لم تراعي هذا المبدأ. وبالتالي فإن المسئولية عن الانتهاكات ووقوع الضحايا وخسارة الممتلكات تقع، وفقاً للجنة، على عاتق هذه الأطراف، بسبب عدم احترامهم لقواعد القانون الدولي الإنساني. وجددت اللجنة دعوتها كافة أطراف النزاع إلى احترام حقوق المواطنين في كافة المحافظات والمديريات التي تشهد نزاعا مسلحا، وعدم المساس بكرامتهم وسلامتهم الجسدية والعقلية لاسيما حملات الاعتقالات الغير قانونية وتفجير المنازل. كما حثت السلطات المحلية في المحافظات على توفير ضمانات العيش الكريم للمواطنين ولاسيما النازحين والجرحى. داعية جميع المنظمات الإقليمية والدولية العاملة في مجال الإغاثة إلى تكثيف جهودها في إيصال المساعدات للمناطق المتضررة والتي تشهد حالات فقر وسوء تغذية وانتشار الأمراض والأوبئة الفتاكة وغياب تام لجميع الخدمات الأساسية المتمثلة بالصحة والكهرباء والمياه والاتصالات وغيرها.