مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيد تعز.. غصة وبهجة واحتفاء رغم الوجع

للعام الثالث، استقبلت مدينة تعز، وسط اليمن، عيد الفطر وهي تعاني تداعيات الحرب والحصار، وأطل على سكانها مثل كابوس وهم مطاردون بأزمات لا تهدأ، في ظل أوضاع إنسانية صعبة للغاية..
ابتلع غالبية سكان المدينة غصة في حلوقهم، وأنستهم الحسرة على أوضاعهم الأيام والمناسبات لتمر دون اهتمام أو احتفاء بها..
عيد فطر ثالث، بنكهة الرصاص وأصوات المدافع التي أزاحت مرح الأطفال ومشاكساتهم البريئة المزينة أجواء المناسبة بحضورها، مر على أبناء تعز، وسط غياب المعايدات والتهاني..
ورغم الأوضاع والأوجاع الكثيرة، التي أنهكت سكان المدينة، إلا أنها عاشت بهجتها من بين روائح البارود، ومشاهد الدماء القانية.
ليؤكد التعزيون أن لا أحد قادر على كسر إرادتهم الجماعية لتجاوز تداعيات الخراب الكبير ويوميات النزيف الدامي، بعيد فطر استعادت من خلاله المدينة، قدرتها المتفردة على صياغة الحياة وبهجتها من بين بارود ودم وأنقاض حرب..
الحصار والحرب يسرقان فرحة التعزيين
لا تزال الحرب- التي تشنها مليشيا الحوثي وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح على مدينة تعز جنوبي اليمن- تسرق فرحة العيد من السكان للعام الثالث على التوالي.
وجاء العيد هذا العام في ظل استمرار التصعيد العسكري والحصار الذي يشهده عدد من أحياء المدينة، وارتفاع معدلات الفقر الشديد بين المواطنين بسبب توقف صرف رواتب الموظفين.
وفي حين غيبت الحرب وحصار الحوثيين للمدينة، بهجة الناس بالعيد وإحياء طقوسه المعتادة. سرقت المخاوف الأمنية فرحته من مدينة تعز جنوبي اليمن، إذ يستقبل أهلها عيد الفطر للعام الثالث على التوالي بمزيد من التدهور في الأوضاع الأمنية والاقتصادية والإنسانية.
شراء الملابس الجديدة والحلوى وغيرها من الطقوس التي كان الجميع يحرص عليها في هذا الوقت من العام، لم يعد يقدر عليها إلا عدد قليل من السكان رغم مظاهر الحركة في الشارع.
أما غالبية سكان المدينة فيبتلعون غصة في حلوقهم سببها حصار جعل طموحهم يقتصر على توفير الاحتياجات الأساسية لأسرهم.
ولا تقتصر صعوبة الاحتفال بالعيد في تعز على المخاطر المرتبطة بالقتال والقصف العشوائي للحوثيين، فاستمرار الحصار على المدينة جعلها تفتقر لأبسط الخدمات الأساسية مثل المياه والنظافة والكهرباء، ناهيك عن غياب الحدائق وأماكن الترفيه.
حسرة التعزيين على أوضاعهم مع استمرار الحرب للعام الثالث دون أن تلوح في الأفق بوادر انفراجة للوضع الذي أنساهم كثيرا من ضرورات معيشتهم وحياتهم من قاموسهم وبرنامج حياتهم، جعل الأيام والمناسبات تمر دون اهتمام يذكر بها أو احتفاء مثلما كانوا يبدون قبل نشوب الحرب.
فقد أتي عيد الفطر على سكان أهالي مدينة تعز هذا العام في ظل أوضاع إنسانية صعبة يعانون منها جراء الحرب المستمرة منذ عامين ونصف والحصار المفروض من قبل مليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية.
وشهدت أسواق مدينة تعز قبيل العيد تحرك لا باس به، لكن التسوق اقتصر على شراء ألبسة الأطفال وحاجياتهم والتخلي عن حاجيات الكبار، وفقاً لتجار.
من خلال المتابعة للأسواق شهدت البسطات في شارع 26 سبتمبر إقبالاً كبيراً لما تقدمه من أسعار أقل من المحلات التجارية، فظروف الحرب القاسية ومعاناة الأوضاع المادية الصعبة أفقدت الأهالي فرحتهم وبهجتهم بالعيد.
ورغم ذلك أكد مواطنون أن الحرب لن تثنيهم عن إصرارهم للاحتفاء من وسط ظروف الحرب، وأنهم سيرسمون الفرحة والبهجة على وجوه أطفالهم ، وتوفير لهم مما يتمنون في عيد الفطر.
ويحاول مواطنون وسكان مدينة تعز نسيان آلامهم وأحزانهم وجراحهم، بفعل الحرب المستمرة، والتغلب على الأوضاع الإنسانية الصعبة بإدخال الفرحة على بعضهم البعض خاصة لدى أطفالهم، وأطفال الشهداء والجرحى.
موظفون بلا بهجة
أتي عيد الفطر المبارك هذا العام فاقداً للبهجة بعد انقطاع مرتبات الموظفين منذ أكثر من تسعة أشهر، في ظل ظروف اقتصادية ومعيشية بالغة الصعوبة والتعقيد، جراء الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من عامين.
وأثرت أزمة الرواتب في تعز على جميع نواحي الحياة خاصة مع قدوم مناسبة عيد الفطر المبارك، كون الموظف يحتاج إلى مستلزمات كبيرة، منها كسوة العيد وشراء الأغراض المنزلية والحلويات والعيديات للأقارب و الالتزامات المنزلية الأخرى، إضافة إلى الديون التي باتت حملًا ثقيلًا على كاهل الموظف.
ووقف موظفون حكوميون من تعز عاجزين أمام طلبات أبنائهم الصغار الذين أصروا على ارتداء ملابس جديدة في العيد. ويحمل موظفون الحكومة الشرعية المسئولية بأنها لم تفي بوعدها، كونها المسؤول الأول عن دفع المرتبات، وبالرغم من أن تعز تعتبر محافظة محررة، إلا أن رواتب الموظفين لم تصرف فيها أسوة بالمحافظات المحررة.
وخرج المئات من أبناء مدينة تعز، في التاسع عشر من يونيو المنفرط في مظاهرة حاشدة في شارع جمال وسط المدينة مرددين شعارات تطالب الحكومة بالوفاء بوعودها وسرعة صرف رواتب الموظفين في المدينة المحاصرة.
واتهم الموظفون الذين ساروا في مظاهرة من شارع جمال وسط المدينة إلى مقر المحافظة في شركة النفط، الرئيس هادي ورئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، بالإمعان في تجويع الموظفين، في المحافظة.
وهدد المتظاهرون في المظاهرة التي دعا لها مجلس تنسيق النقابات بتعز "متين"، بتنفيذ اعتصام مفتوح، في أكبر شوارع المدينة، إذا استمرت السلطات المالية في الحكومة بتجاهل مطالبهم.
عيد فقير بلا ملابس جديدة
أطل عيد الفطر على التعزيين كباقي الأيام العادية- بل، أشد بؤساً منها- حزينا وخاليا من مظاهر الفرحة ودون مشاعر البهجة، وقد باتوا غارقين في الفقر ومطوقين باليأس والإحباط الشديد بسبب إطالة أمد الحرب والحصار على المدينة.
واستقبلت مدينة تعز عيد الفطر للعام الثالث وهي تعاني تداعيات الحرب، وأطل على سكانها مثل كابوس وهم مطاردون بأزمات لا تهدأ، يصارعون الفقر والجوع ويعانون من تدهور الأوضاع الاقتصادية وتوقف مصادر الدخل، وفاقم ذلك كله توقف رواتب موظفي الدولة للشهر التاسع.
هموم أمنية واقتصادية متزايدة غيبت فرحة العيد عن تعز بسبب الحرب والحصار الذي تشنه مليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية على المدينة.
وتلخص صورة نشرها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، وضع التعزيين خصوصاً واليمنيين عموما في العيد وكيف أن الحرب أعادتهم إلى العصور الأولى ويعيشون في غابة تغيب عنها الخدمات وكل مظاهر الحضارة الحديثة ومنها الملابس.
حيث قام أحد الآباء من مدينة تعز بنشر صورة لطفلته، وقد قام بتغطية بعض أجزاءها بأوراق كبيرة من الشجر، في تعبير يجسد عدم قدرته على شراء ملابس جديدة للعيد.
وبدت الطفلة شبيهه بشخصية (ماوكلي) فتى الأدغال، وهو شخصية في مسلسل كرتوني للأطفال يحمل نفس الاسم، وبطله طفل يلبس أوراق الشجر ويعيش في الغابة ويتحدث مع حيواناتها.
وقد أعاد عشرات الناشطين نشر الصورة مع عنوان: ملابس العيد في اليمن، وقال الناشط عبد الله مهيوب، في تعليقه على إحدى الصور: "ملابس العيد لهذا العام في اليمن، رجعونا إلى عام 3000 قبل الميلاد (يقصد جماعة الحوثيين).
ووجدت آلاف الأسر نفسها عاجزة عن شراء ملابس جديدة في العيد لأطفالها واعتمدت على مساعدات جمعيات ومؤسسات خيرية تقوم بتوزيع كسوة العيد، وفي حين مر العيد على أخرى حزيناً وباهتاً بلا ملابس وبدون حلويات، لجأت عائلات إلى شراء ملابس قديمة من أسواق "الحراج".
وأعادت الحرب ترتيب أولويات التعزيين، كما هو حال اليمنيين عموما، في عمليات الشراء والتسوق بمناسبة العيد، ولم يعد التسوق وشراء الملابس أولوية، كما غابت الحلويات والمكسرات عن قائمة متطلبات العيد.
ولا تقتصر تداعيات الحرب والأزمات المعيشية على المواطنين الذين فقدوا مصادر دخلهم والموظفين الذين توقفت رواتبهم، فالشركات التجارية والتسويقية عانت أيضا من ركود في نشاطها نتيجة الحرب والصراعات، مقارنة بالأعوام السابقة، فقد تراجعت مبيعات مختلف السلع الكمالية وأولها الملابس بشكل ملحوظ، نظراً لتركيز المستهلكين على شراء احتياجاتهم الضرورية.
وأدى تراجع معدلات الدخل إلى انهيار القدرة الشرائية للمستهلكين لمستويات متدنية خلال الحرب، حيث وصلت نسبة تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين إلى 80%، مقارنة بالأعوام السابقة، وسط تأثير كبير على النشاط الاقتصادي الذي يديره القطاع الخاص في البلاد، حسب دراسات اقتصادية.
وغاب العيد بشكل كلي واختفت مظاهره تماما في مدينة تعز التي تشهد معارك مستمرة ويفرض الحوثيين حصارا عليها بسيطرتهم على المنفذين الشرقي والغربي، فيما تهدد عصابات مسلحة حركة التسوق وأدت إلى إحجام العائلات عن الخروج إلى الأسواق، خاصة بعد اختطاف امرأة خمسينية تعمل مديرة مدرسة أهلية، قبيل العيد، وسرقة مصوغاتها وقتلها ثم رميها في ممر لمجاري السيول.
ووصف مواطنون العيد هذا العام بأنه لا طعم له في تعز، فلا زال الحوثيون يقصفون الأحياء السكنية عشوائيا، والذي بدوره منع الناس من الخروج أو الاحتفال أو القيام بزيارات للأقارب، كما أن حديقة الألعاب الوحيدة التي تمثل متنفس للسكان في العيد لا تزال مهجورة كونها تحت سيطرة الحوثيين الذين حولها إلى موقع عسكري.
رغم اكتظاظ شوارع المدينة بتجار البسطة والمحال، خصوصاً في أواخر شهر رمضان المبارك واقتراب موعد عيد الفطر إلا أن حركة الشراء كانت الأقل منذ سنوات.
وشكا تجار ملابس من ركود السوق الذي لم يشهدوه بهذا الشكل منذ سنوات، وبدت حركة الشراء أضعف مما يتوقعها أحد.
أطفال تعز.. مشاهد وجع
في مدينة تعز بدت أوجاع الطفولة كثيرة في عيد الفطر المبارك.. ولم يجد أطفال تعز سوى الأسلحة البلاستيكية للتعبير عن فرحتهم بالعيد في مشهد يلخص تأثيرات الحرب عليهم.
وبدلاً من الملاهي والحدائق اتجه أطفال إلى مقابر المدينة، التي تحولت إلى مزارات عيدية ملفتة ليلهون ويزاورون أحباء لهم سقطوا في الحرب..
"أطفال ‫‏تعز في السابق كانوا يذهبون حدائق الألعاب ليستمتعوا بفرحه العيد، واليوم يذهبون حدائق الشهداء (القبور) ليتذكروا من كانوا يذهبون بهم إلى الحدائق، وجع": يعلق أحد الناشطين..
وغابت مظاهر الاحتفال بعيد الفطر المبارك هذا العام عن حدائق ومتنزهات مدينة تعز، واقتصرت على زيارة المستشفيات والمقابر. فآلة الحرب التي تدور رحاها في تعز ما زالت تحصد عشرات الضحايا.
وفي مقبرة المدينة يترحم الزوار على ذويهم ويستحضرون ذكريات ما برحت تفاصيلها عالقة بأذهانهم، في وقت رسمت وحشة المكان الدهشة على ملامح الأطفال وعكرت عليهم صفو الاحتفال بالعيد.
وبدا تأثير الحرب على أطفال اليمن واضحا، إذ انهمكوا في معارك وهمية فيما بينهم بشوارع تعز مستخدمين أسلحة بلاستيكية، لكنها تشيع البهجة في نفوسهم لا الموت.
ولا يخفى على أحد أن الحرب في المدينة قد تركت آثاراً سلبية كبيرة على الأطفال.. ومن لم تصبه رصاصة قناص، أو قذيفة مليشاوي.. حتما لن يفلت من خطر هذه الحرب.. وسيتضرر نفسيا أو صحياً أو اجتماعيا أو اقتصادياً..
وهو ما بدا واضحاً على بعض أطفال المدينة في طقوس احتفاء عيد الفطر من خلال اقتناء ألعاب من المسدسات والكلاشنكوف وغيرها من لعب الأسلحة المقلدة وتقليدهم لمواجهات أطراف الصراع..
فطول أمدِ الحرب ألقى بظلاله على حياة السكان، وأثر على سلوكيات الأطفال وألعابِهم التي بدت محاكاةً لواقع المدينة بتفاصيلِها المعقدة.
أحزان لفراق الأحبة وصمود بالجبهات
هذا هو عيد الفطر الثالث الذي يمر على أبناء مدينة تعز، وسط غياب المعايدات والتهاني بشكلها التقليدي كما درجت العادة.. ثالث عيد بنكهة الرصاص وصوت المدافع التي أزاحت عن السماء أصوات الطيور ومرح الأطفال ومشاكساتهم العفوية التي تزين أجواء العيد بحضورها.
يعيش سكان مدينة تعز العيد هذا العام وهم يزدادون تحسراً على ما حل بحياتهم، والأمر لا يتعلق فقط بفظاعة الفتك والتدمير الذي يتعرضون له جراء الحرب الدائرة فيها منذ أكثر من ثلاثة أعوام، التي خلفت عشرات آلاف من القتلى والجرحى والنازحين؛ بل الحصار الخانق الذي ساهم في اتساع رقعة معاناتهم والتردي المريع في وضعهم الإنساني.
جولة في شوارع المدينة وحاراتها وجبالها تشعرك بوجع ومعاناتهم في عيد الفطر هذا العام، بين حزن فقدان الأحبة وصمود في الجبهات وبؤس واقع معيشي ووضع إنساني كارثي بكل المقاييس.
ميدانياً لايعرف الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بما يُعرف باستراحة محارب أو بإجازة عيدية في حربهم ضد ميليشيا الانقلاب والتمرد التي لا تؤمن بالمواثيق أو العهود، بينما يتمترسون في جبهات القتال والدفاع عن مدينتهم من مليشيا جماعة الحوثيين وقوات حليفهم المخلوع صالح.
وفيما يؤكد رجال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية صمودهم في المتارس وفي الجبهات لمواجهة المليشيا الانقلابية حتى تحرير مدينة تعز بشكل كامل.
عبر مواطنون عن امتنانهم بتضحيات رجال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية الذين يرابطون في الجبهات القتالية لمواجهة المليشيا الانقلابية، وأكدوا بأن عيدهم لن يكتمل بدون مقاومة وإرادة المقاتلين في الجبهات.
بهجة بين بارود ودم
من بين روائح البارود، ومشاهد الدماء القانية، ودوي القذائف، المتساقطة بجنون سعار قاذفيها، على رؤوس المدنيين، احتفى سكان مدينة تعز اليمنية، وسط البلاد، هذا العام بعيد الفطر..
في تعز، الكثير من الأسر، لم تتمكن، بسبب الظروف المعيشية الصعبة والمتدهورة، من التحضير للعيد، لأنها بالكاد تقاتل من أجل الحصول على القوت الضروري.
لكن أسر عديدة، حاولت جاهدة توفير قليل من المال، لتشتري الملابس الجديدة لأطفالها.. ويكفي أن ترى الأم التعزية أطفالها مبتهجين يوم العيد..
رغم الأوضاع المادية الصعبة، والأوجاع الكثيرة، التي أنهكت سكان المدينة، بسبب الحرب والحصار المفروض عليهم، عاشت المدينة بهجتها..
فشلت قذائف الانقلابيين وانتهاكاتهم المتصاعدة في كسر الإرادة الجماعية لسكان تعز على تجاوز تداعيات الخراب الكبير ويوميات النزيف الدامي.. بعيد فطر استعادت من خلاله تعز، قدرتها المتفردة على صياغة الحياة من بين بارود ودم وأنقاض حرب..
من بين ركام الحرب التي اغتالت الفرحة لدى الناس، وتسببت بنزوح آلاف المدنيين، وتجويع أضعافهم، كانت شوارع المدينة المحاصرة تحتفي بالبهجة بعيد الفطر المبارك. ومن وسط الحصار والأوجاع والمعاناة صنع أبناء تعز الأحرار الشرفاء من الأوجاع والمعاناة فرح وسرور.
في زحام الناس، وضحكاتهم الطاغية على أزيز آلات الموت، ستظن أن المدينة الموجعة قد تعافت من جراحاتها، بينما وجوه المنشغلين بفرحة العيد بدت انعكاساً لحياة تخفي آثار دمار وحرب.
رغم آلة الموت التي تكاد تسرق حياة المدينة، إلا أن فعاليات وأنشطة، مجتمعية وشبابية وترفيهية، أقيمت في المدينة، تأكيداً على أن تعز لم تقهر.. وأنها تحيا من بين الأنقاض..
وبرعاية مكتب الشباب والرياضة بتعز وضمن برنامج صيف تعز إصرار وحياة نفذت مبادرة، آمالنا أعمالنا للتدريب والتنمية، المهرجان العيدي الأول، وذلك بهدف بث روح الفرح لدى المواطنين والأطفال خاصة وإشعارهم بأجواء العيد رغم ما تعيشه المدينة، حيث تخلل فعالية اليوم العديد من المسابقات الثقافية والفنية والفكاهية، بالإضافة لمسابقة لاكتشاف المواهب.
في حين احتضنت مدينة التربة بمحافظة تعز فعاليات مهرجان "عيدنا غير 2" والذي يقام للعام الثاني على التوالي، وسط أجواء بهيجة وبحضور جماهيري كبير.
واحتوى المهرجان على الكثير من الأنشطة والفعاليات الترفيهية والثقافية والفنية إضافة إلى توزيع جوائز قيمة للمشاركين والفائزين بمسابقات المهرجان.
وحظي المهرجان برعاية العديد من الجهات الداعمة كرسالة مضمونها أن جميع أبناء وتجار تعز يسعون لإيصال رسالتهم بان مدينتهم كانت وستضل صاحبة رسالة حياة لا موت، وأنه رغم الوجع إلا أن مساحة الحياة والفرحة ستظل موجودة.
كما نظمت مبادرة فاعل خير عشية العيد في مدرسه مجمع صينه للبنات المهرجان الترفيهي بهجة عيد برعاية مكتب الشباب والرياضة، وذلك ضمن برنامج صيف تعز، الهادف لإدخال السعادة إلى نفوس الأطفال في هذا اليوم، وكسر الوضع الذي تعيشه المدينة، في ظل الحصار والحرب والأوضاع التي تعيشها المحافظة وعدم قدرتهم على الذهاب إلى الأماكن الترفيهية الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين.
لم تقتصر الفعاليات والمبادرات المجتمعية في العيد على الأنشطة الترفيهية، بل شهدت مدينة تعز مشاريع التكافل الإنسانية، كما هي فعاليات أخرى، وتنوعت المبادرات المجتمعية بتنوع أفكار أصحابها.
ومثل حلول عيد الفطر المبارك مناسبة استعادت من خلالها تعز، بفعالياتها المجتمعية، قدرتها المتفردة على صناعة مفردات حالة مؤثرة من التكافل الإنساني أسهمت في التخفيف من معاناة الفئات الأشد فقراً في المدينة والتي تسبب الحصار والقصف اليومي في فرض تعقيدات إضافية على أوضاعها المعيشية الصعبة.
ولتخفيف وطأة الفقر التي يرزح تحتها اليمنيون جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، دأب فاعلو الخير على تقديم ما تجود به أياديهم من هدايا للأطفال ومبالغ مالية لعشرات العائلات التي فقدت أقارب لها بسبب الصراع المحتدم بالبلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.