يعمل في إحدى الوزارات الحكومية موظف بسيط جداً ويعرفه الكل بأمانته ونزاهته وتفانيه في عمله إضافة إلى تمسكه بالدين والمثل والقيم لا تظنوا بأني أبالغ فهناك الكثيرون على شاكلته ولكنهم يضيعون وسط الزحام فهذا الشخص لديه من الأبناء اثنين مع أنه تمنى أن يكون لديه أكثر من ذلك إلا أن أرحم الراحمين لم يهبه سوى هذينالولدين وكانا كل حياته وعمل على تربيتهما أفضل تربية قد يكون متشدداً نوعاً ما معهم ولكن التشدد من أجل المصلحة فهو يرى أن الزمن قد أختلف وتغير وأصبح كل محرم محلل فيه وزاد خوفه وحرصه أكثر عندما كبرا فخاف عليهما من الفضائيات ومن الإنترنت وما يفعله بعقول الشباب ولكن هذا المسكين كان كلما كبرا ولداه كلما بدأ بمناقشتهما وأحياناً معارضته وهذا ما كان لا يقبله أبداً ونسي هذا الأب أن الأسرة تزرع قيماً ومثلاً معينة والمجتمع الذي يختلط فيه الشباب يزرع لديهم أفكاراً ومثلاً وأخلاق معينة فكان ولده الأكبر أكثر خوفاً على والده فقد كان يسكتاء ولا يتكلم ولا يناقش والده في أمر يصدره علماً بأنه يذهب إلى الإنترنت ولديه أصدقاء من الجامعة وفي حال قال والده إن الإنترنت مثلاً "لا يجب دخوله لما فيه من أشياء تذهب بالعقول". كان الابن الأصغر لم يكن يفعل ما يفعله أخاه وقد كان دائم التشاجر مع والده على أتفه الأمور ووصل به الأمر إلى أن يصف والده بأنه "متخلف ورجعي " فلم يتمالك الأب نفسه فقام بضربه، غضب الابن من تصرف ابيه وغادر المنزل ولم يعد مرت سنة ولم يعد الابن ولم يتصل حتى بأخيه وبأمه. هل تعرفون ماذا فعل الأب ؟ هذا المسكين لم يترك أحداً من أصدقائه لم يسأل عنه وهو لم يتحمل أن يبعد عنه ولده ووصل به الأمر إلى أن ذهب إلى كليته حيث يدرس ولكنه علم بأن ابنه يدرس هناك لم يعرف ماذا يفعل فهو على الرغم من جحود ابنه إلا أنه يتمنى عودته إلى البيت ولكن هذا الولد العاق لم يفكر فيه ولو لحظة ونسي أن هذا الأب هو من حرم نفسه من أي متعة أو شيء لنفسه حتى يسعده هو وأخاه أي نوع من الأبناء هذا الذي يعتبر نوبة غضب من والده نهاية لهذه الرابطة المقدسة؟ ويا ليتها كانت هذه النوبة من دون سبب وإنما كانت نتيجة لقلة أدبه وعدم احترامه لوالده وهل يعتبر هذا سبباً من أجل ترك المنزل؟ إن هذا تصرف أناني وغير مسؤول من هذا الابن فكم غضب علينا آباؤنا وكم ضربونا ؟ ولكننا عرفنا بأنه من أجل المصلحة. لا أقول هذا حتى أشجع الآباء على ضرب الأبناء ولكن هل إذا ما غضب الأب وضرب ولده يترك له المنزل ؟ فعلى الأبناء التحمل فهم أباؤنا ونحاسب عليهم في يوم القيامة وإذا ما نظرنا في الماضي البعيد كان الأبناء يحملون آبائهم على ظهورهم كنوعٍ من رد الجميل وهناك أيضاً الآن شباب يحملون آبائهم على ظهورهم "خصوصاً في مراسيم الحج أو العمرة" فهل تعتقد عزيزي القارئ بأننا إذا حملناهم فوق أكتافنا أو على ظهورنا نوفيهم حقهم ؟ لا أظن ذلك. [email protected]