الرئيس المشاط يعزي في وفاة اللواء محمد عشيش    حكام العرب وأقنعة السلطة    جمعيات المتقاعدين والمبعدين الجنوبيين تعود إلى الواجهة معلنة عن اعتصام في عدن    مي عز الدين تعلن عقد قرانها وتفاجئ جمهورها    الملحق الافريقي المؤهل لمونديال 2026: نيجيريا تتخطى الغابون بعد التمديد وتصعد للنهائي    مبابي يقود فرنسا للتأهل لمونديال 2026 عقب تخطي اوكرانيا برباعية    الحديدة.. مليشيا الحوثي تقطع الكهرباء عن السكان وتطالبهم بدفع متأخرات 10 أعوام    هالاند يقود النرويج لاكتساح إستونيا ويقربها من التأهل لمونديال 2026    الرئيس عون رعى المؤتمر الوطني "نحو استراتيجية وطنية للرياضة في لبنان"    إسرائيل تسلمت رفات أحد الاسرى المتبقين في غزة    إسرائيل تسلمت رفات أحد الاسرى المتبقين في غزة    مصادر: العليمي يوجه الشؤون القانونية باعتماد قرارات أصدرها الزُبيدي    تسجيل أربعة أحداث زلزالية في المياه الإقليمية اليمنية    قراءة تحليلية لنص "فشل ولكن ليس للابد" ل"أحمد سيف حاشد"    قبائل بني نوف في الجوف تُعلن النفير العام والجهوزية لمواجهة الأعداء    الرياض.. توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز الطاقة في اليمن بقدرة 300 ميجاوات بدعم سعودي    جرحى الجيش الوطني يواجهون الإهمال ويطالبون بالوفاء    عدن.. البنك المركزي يغلق منشأة صرافة    تعادل الامارات مع العراق في ذهاب ملحق المونديال    صنعاء.. البنك المركزي يوجه المؤسسات المالية بشأن بطائق الهوية    شرطة العاصمة: نسبة الضبط تجاوزت 91% .. منها 185 جريمة سرقة    أغلبها استقرت بمأرب.. الهجرة الدولية تسجل نزوح 90 أسرة يمنية خلال الأسبوع الماضي    طائرة الاتفاق بالحوطة تتخطى تاربة في ختام الجولة الثانية للبطولة التنشيطية لكرة الطائرة بوادي حضرموت    جوم الإرهاب في زمن البث المباشر    الغرابي.. شيخ قبلي متهم بالتمرد وارتباطات بشبكات تهريب في حضرموت والمهرة    "إيني" تحصل على حق استغلال خليج السويس ودلتا النيل حتى 2040    وزير الصناعية يؤكد على أهمية تمكين المرأة اقتصاديا وتوسيع مشاركتها في القطاعات التجارية    غموض يلف حادثة انتحار مرافِق المخلافي داخل سجنه في تعز    اتحاد كرة القدم يحدد موعد الدوري اليمني للدرجة الأولى والثانية ويقر بطولتي الشباب والناشئين    استهداف العلماء والمساجد.. كيف تسعى مليشيا الحوثي لإعادة هندسة المجتمع طائفيًا؟    صنعاء: تحذيرات من 3 ليالي صقيع    تدشين حملة رش لمكافحة الآفات الزراعية لمحصول القطن في الدريهمي    القصبي.. بين «حلم الحياة» و«طال عمره» 40 عاما على خشبة المسرح    وداعاً للتسوس.. علماء يكتشفون طريقة لإعادة نمو مينا الأسنان    عدن.. انقطاعات الكهرباء تتجاوز 15 ساعة وصهاريج الوقود محتجزة في أبين    شبوة:فعالية تأبينية مهيبة للإعلامي والإذاعي وكروان التعليق الرياضي فائز محروق    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    الذهب يهبط من أعلى مستوياته في 3 أسابيع    مناقشة آليات توفير مادة الغاز المنزلي لمحافظة البيضاء    وزير الصحة: اليمن يواجه أزمات مركبة ومتداخلة والكوارث المناخية تهدد الصحة العامة فيه    واشنطن تكشف عن التنازلات التي قدمها الشرع في البيت الأبيض    قضية الجنوب: هل آن الأوان للعودة إلى الشارع!    حل الدولتين في فلسطين والجنوب الغربي    لماذا قتلوا فيصل وسجنوا الرئيس قحطان؟    عدن تعيش الظلام والعطش.. ساعتان كهرباء كل 12 ساعة ومياه كل ثلاثة أيام    جروندبرغ يقدم احاطة جديدة لمجلس الأمن حول اليمن 5 عصرا    الإعلان عن القائمة النهائية لمنتخب الناشئين استعدادا للتصفيات الآسيوية    احتجاج على تهميش الثقافة: كيف تُقوِّض "أيديولوجيا النجاة العاجلة" بناء المجتمعات المرنة في الوطن العربي    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجوف.. آلام حرب تنتظر الخلاص
نشر في أخبار اليوم يوم 27 - 08 - 2017

تعد الجوف من المحافظات الأكثر عرضة لانتهاكات حقوق الإنسان خلال العامين الماضيين من قبل ميلشيا الحوثي وصالح الانقلابية التي لم تخلف بعدها سوى ألم مفتوح ودمار شامل للحياة والبلاد، ولا زالت حتى اللحظة تزرع الموت بأبشع الطرق والإجرام..
وفي الوقت الذي توسع الميلشيا من إجرامها بحق المدنيين، تزحف قوات الجيش الوطني بشكل مدروس ومحكم من شأنه حماية حياة المواطن المضطهد واستعادة البلد ودحر الانقلاب النازي في ما تبقى من مناطق المحافظة.
وتخوض قوات الجيش الوطني مواجهات عنيفة على طول السلسلة الجبلية المحاذية لصحراء الربع الخالي ضد ميلشيا الحوثي وصالح الانقلابية التي تنشر مسلحيها على أطول حزام أمني لها في محاولة إحكام القبضة على وكرها الأم بمحافظة صعدة في أقصى الشمال والمتاخمة على أطول شريط حدودي مع المملكة العربية السعودية.
أهداف عسكرية
الجبال الحمراء أهداف تسعى جميع الأطراف لإحكام القبضة عليها لموقعها الاستراتيجي العسكري والجغرافي، ونفوذها المستقبلي والذي يشكل السيطرة عليها خلاص كلي من قوى الانقلاب.
وهو ما أكده ضباط ومشائخ من المنطقة، حيث تربط هذه السلسلة بين جبهتي العقبة شرقا، وحتى جبال الربطة وجربان باتجاه مديرية الحميدات غربا، منها إلى الإشراف المباشر على أولى مناطق مديرية خب والشعف شمالا، ومثلها أيضا مديرية المتون والحزم عاصمة المحافظة جنوبا.
وبحسب المصادر ذاتها، تكمن أهمية هذه السلسلة بكونها قوس متجذر ومترابط يطل على أطول شريط حدودي ودولي مع المملكة العربية السعودية ومنفذ "البقع ". وهو ما كثف العمليات العسكرية لقوات الجيش الوطني مسنودة بقوات تابعة للتحالف العربي، والتي تجري فيها أشد المواجهات المصيرية والفاصلة.
إدراك أهمية المواقع
قوات الجيش الوطني منذ وقت مبكر أدركت أهمية هذه السلسلة الجبلية، والتي تراها طوق الخناق على قوات الميلشيا الانقلابية، بل سهم عملياتها العسكرية باتجاه مخبأ رأس الميلشيا والجغرافيا الأولى لأتباعها، تبدأ من معسكر "حام" وتنتهي بمران بمحافظة صعدة التي يصل طولها الجبلي والوعر ما يقارب 150 كيلو.
الأمر الأهم يتلخص في استماتة ميلشيا الحوثي على طول السلسلة الحمراء ومعسكر "حام" الذي تم تأسيسه في الثمانينيات واتخذ منه زعيم الميلشيا الحوثية مقرا للتدريب الفكري والعقائدي.
بالإضافة إلى الحشد والتجهيز القتالي، كان قد أطلق على منتسبيه ب"الشباب المؤمن" آنذاك، لتتوالى بعدها تخريج ما يسمى بكتائب الموت والحسين التي دفعت بها الميلشيا مطلع العام 2015م إلى القتال في كل من الجوف وتعز ومأرب في محاولة لتحقيق مشروع الانقلاب.
وكر الإمامة
ومعسكر حام من المعسكرات التي احتضنت الإمامة مبكراً ولم تدخله الجمهورية بعد، إذ يتمترس الحوثيون فيه باستماتة، مستفيدين من سلسلة جبال حام التي يتمركزون في بعض مواقعها، لكونها حامية لهذا المعسكر والوكر الكبير، فسقوطه يعني سقوط اكبر قلاعهم في المناطق الشرقية الشمالية.
ويحاصر الجيش الوطني المعسكر من عدة جهات فارضاً سيطرة نارية عليه، ويرابط في مقدمة جبهات الجيش الوطني حول المعسكر اللواء 122 مشاة الذي حد من أنشطة المعسكر وجعله تحت السيطرة النارية لمدفعية اللواء والجيش الوطني.
ولا تقل أهمية هذا المعسكر في نظر المليشيا عن غيره من معسكراتها التدريبية بل تعتبره من أهم القواعد العسكرية لها في محافظة الجوف.
يقول قائد اللواء 122 مشاه- العميد محمد الحقي: "تستخدم المليشيا معسكر حام كنقطة لإمداد مقاتليهم في جميع جبهات الجوف الثمان نظراً لموقعه بين الجبال المحيطة به من جميع الاتجاهات وتواجد الكهوف الصخرية والمياه بداخله".
فيما يرى ركن توجيه اللواء 122 مشاه المقدم- هلال المشبب أن وقوع المعسكر ضمن سلسلة جبلية تحيط به من كل الجهات وبما فيه من كهوف وخنادق وميادين تدريب وأشجار كثيفة جعل منه ملاذاً آمناً وتحصيناً من التحصينات القوية للمليشيات الانقلابية.
اختيار مكان المعسكر لم يكن بمحض الصدفة بل بدقة كبيرة نظراً لوقوعه بين محافظات فيها أقلية عقائدية، وفق حديث إحدى الشخصيات العسكرية، ومنه تخرجت كتائب الموت وكتائب الحسين اللتين تم سحقهما في مأرب وعدن وتعز، بل ويعتبر ثاني مركز عقائدي بعد مركز صعدة.
وهو ما يؤكده العميد محمد الحقي بقوله: "استخدم الحوثيون هذا المعسكر لتدريس معتقداتهم أولاً لقرب هذا المعسكر من الثلاث المحافظات التي لا يتواجدون فيها إلا كأقليات من أولئك الذين يعتقدون بالفكر الشيعي الإثنى عشري وهي محافظة صعدة والجوف وعمران بحيث كانت أول دفعة لهم هي دفعة الشباب المؤمن التي تأسست في التسعينيات والتي تم تدريب أفرادها داخل هذا المعسكر".
رعب الضربات
ويؤكد قائد اللواء 122 مشاه تمركز قوات الجيش الوطني من منتسبي اللواء 12 على السلسلة الجبلية التي حاولت المليشيات كثيراً أن تستعيدها طوال الأشهر الماضية دون تحقيق أي تقدم يذكر عدا تكبدها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد على أيدي رجال الجيش الوطني الشرفاء الذين يقفون على هذه الجبال من مختلف المحافظات ومن أبناء الجوف الذين سبق لهم الدفاع عن الجمهورية الثانية منذ 2014 واختاروا أن يسلكوا طريق أبائهم الأوائل الذين وقفوا جنباً إلى جنبٍ مع القوات المصرية في مواجهة الملكيين.
منوهاً إلى أن المواجهات مستمرة كون المليشيا تلجأ في بعض الأحيان إلي الجبال الواقعة خلف معسكر حام لغرض توسيع الجبهة وصرف الانتباه عن المعسكر. ويضيف: "لكن هذا لا يهمنا، فنحن ننتظر فقط توجيهات القيادة ومتى وجهتنا بالتقدم سنقوم بمهامنا في استعادة المعسكر".
ويؤكد العميد الحقي أن المليشيا تعيش كابوساً مزعجاً جراء عمليات القصف التي ينفدها أبطال الجيش وطيران التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية على المعسكر أو المواقع المحيطة به حيث أثرت هذه الضربات عليهم وأصبح الرعب يزلزل قلوبهم ولا يستطيعون التحرك بالشكل الذي كانوا عليه.
مصادر عسكرية في الجيش الوطني قالت إن هذه المواقع هي موضع انطلاق عملياتها العسكرية إلى مواقع التماس والحزام الأخير وأولى مناطق الميلشيا في محافظة صعدة. مشيرة إلى شدة المواجهات ضد مسلحي الميلشيا في معسكر حام وتل العنبر والربطة والتي باتت في حالة من التقهقر والانهيار الكبير.
بانتظار قرار الاجتياح
ذات المصادر أكدت صلابة قوات الجيش الوطني المنتشرة على طول تلك الجبهات وجاهزيتها القتالية العالية، والتي تنتظر قرار الاجتياح وعملية الحسم من قبل القيادة العسكرية للجيش الوطني والقيادة السياسية، وإعلان الحزام الأخير مناطق عسكرية، الغرض منها منح المدنيين والساكنين فرصة لمغادرتها لتوسيع عملياتها العسكرية الحاسمة.
مواطنون عقبوا على تداول إعلان المنطقة عسكريا ومغادرتهم بالقول إن الميلشيا تمنعهم عن المغادرة وأسرهم، حيث تتخذ منهم دروعا بشرية من شأنها تجنيب الميلشيا ضربات مقاتلات التحالف العربي ومدفعيات الجيش الوطني.
وبالتزامن مع المواجهات العنيفة الدائرة في الجهات الشرقية من المحافظة تزحف قوات الجيش الوطني نحو العقبة الواصلة بالخط الدولي الحدودي مع السعودية منها إلى مركز المحافظة.
حيث تمكنت قوات الجيش من السيطرة على مواقع مهمة شرق وشمال العقبة بعد مواجهات عنيفة مع الميلشيا، أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من مسلحيها بينهم قيادات كبيرة من الصف الأول.
جغرافيا مبتورة من خارطة الجمهورية
في الشمال الشرقي لليمن تقع محافظة الجوف ذات المساحة الأوسع في عمق الربع الخالي وبالقرب من الخط الدولي الحدودي الثاني لليمن مع السعودية، منها إلى تخوم أطول سلسلة جبلية وعرة وصلبة تحيط بوكر مليشيا الحوثي، التي جعلت من سكان هذه المحافظة رقما مهولا من القتل والانتهاك والتشريد مقارنة بشقيقاتها من المحافظات وهو ما يؤكد أهميتها الاستراتيجية والجغرافية.
في منتصف العام 2014 دخلت ميلشيا الحوثي وصالح الانقلابية بشكل فعلي أجزاء واسعة من المحافظة، بغية السيطرة على الهيئات الإدارية والتحكم بموارد وإيرادات واستخدام المواقع العسكرية والمدنية للتحرك نحو المحافظات القريبة منها.
لكن معركة الجوف كانت في يونيو من العام 2015م، وهي معارك اندلعت في فترات متقطعة، بين قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية من طرف والحوثيين والقوات الموالية لعلي عبد الله صالح من طرف آخر، حيث سيطر الحوثيين على مركز محافظة الجوف في يونيو 2015، وبحلول منتصف أكتوبر دخلت القوات الحكومية المحافظة من الشرق قادمة من محافظة مأرب وفرضت حصاراً على مركز المحافظة، واستطاعت القوات الحكومية السيطرة على مركز المحافظة في 18 ديسمبر 2015 ومواقع عسكرية منها معسكر اللبنات التابع للواء 115 مدرع الذي كان خاضع لسيطرة الحوثيين والقوات الموالية لصالح في المحافظة. وذلك بالتزامن مع تقدم الجيش في "مفرق الجوف" الواقع بين محافظتي مأرب والجوف.
في 19 أكتوبر 2015م تقدمت قوات من التحالف صوب "معسكر الخنجر" في مديرية خب والشعف بالقرب من الحدود اليمنية السعودية، وتقدمت قوات أخرى إلى محيط معسكر اللبنات، كبرى المعسكرات التدريبية شمالي مدينة الحزم مركز محافظة الجوف، الذي كان يسيطر عليه الحوثيون والقوات الموالية لصالح، شرقي مدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف ما أوقع عشرات القتلى من الجانبين.
وخلال اليومين التاليين تقدم "لواء النصر" الذي تم تشكيله في الآونة الأخيرة، نحو "معسكر الخنجر" بالقرب من الحدود اليمنية السعودية في محافظة الجوف، خلال الفترة بين 20 - 22 أكتوبر، لمساندة قبائل المرازيق، التي شنت هجوماً على الحوثيين في منطقة "وسط" بمديرية خب والشعف، حيث تقدمت قوة عسكرية مكونة من مئات المقاتلين، ودبابات، وعربات هجومية مدرعة، وآليات، وعدد من كاسحات الألغام، وراجمات صواريخ متوسطة الحجم، وفرضت القوات حصاراً على مدينة الحزم مركز المحافظة.
استعادت القوات الحكومية السيطرة على مدينة الحزم مركز محافظة الجوف في 18 ديسمبر 2015 ومواقع عسكرية منها معسكر اللبنات التابع للواء 115 مدرع الذي كان خاضع لسيطرة الحوثيين والقوات الموالية لصالح في المحافظة. وذلك بالتزامن مع تقدم الجيش في محافظة مأرب وسيطرته على "معسكر ماس" و"وادي الخانق" ومنطقة "مفرق الجوف" الفاصل بين المحافظتين.
وتقدمت قوات الجيش في مديرية "الغيل" جنوب مدينة "الحزم"، وتواصلت الاشتباكات في المواقع التي ما يزال الحوثيون يسيطرون عليها باتجاه منطقة "مفرق الجوف".
وخلال حروبها بالمحافظة مارست المليشيا عمليات إجرامية استخدمت المدنيين دروعا بشرية لتوسيع سيطرتها أمام القوات الشرعية المسنودة بقوات تابعة للتحالف العربي ومقاتلاته الحربية التي انطلقت في الربع الأول من عام 2015م للحد من الانقلاب.
وبحسب تقارير المنظمات الحقوقية، فقد تعددت أنواع الانتهاكات المرتكبة ونسبة حدوثها من منطقة إلى أخرى، كالقتل العشوائي للمدنيين، وتفجير المنازل والمنشئات المدنية والحكومية، والتهجير القسري للسكان المحليين، وإغلاق المدارس والمستشفيات، ونصب النقاط، وتقييد الحريات، وفرض أنماط مختلفة في بعض المناطق الخاضعة لسيطرتها. بالإضافة إلى بث الرعب والخوف في أوساط المدنيين، وزراعة حقول ألغام شاسعة قرب تجمعاتهم السكنية وأماكن معيشتهم.
إجرام المليشيا لا ينتهي
جرائم وانتهاكات المليشيا التي تأتي ضمن تحركاتها وأعمالها التي أقدمت ولازالت تمارسها في المناطق التي تسيطر عليها في محافظة الجوف، شكلت ترديا في الوضع المعيشي والإنساني والأمني، ما أجبر آلاف الأسر من السكان المحلين إلى النزوح وترك منازلها وانقطاع الكهرباء وشبكة الاتصالات.
وتكشف المصادر عن أرقام مهولة لانتهاكات ميلشيا الحوثي وصالح، حيث بلغت ما يقارب 25 ألف انتهاكا، كان الجزء الأكبر منها قتل أكثر من 600 مدني معظمهم من النساء والأطفال.
سكان محليون أوضحوا السلوك الإجرامي الذي انتهجته الميلشيا في مختلف مديريات المحافظة بقطع الطرقات واختطاف المدنيين من منازلهم والطرقات الرئيسة والفرعية إلى أماكن مناطقهم.
ويذكر السكان إن مئات الأشخاص تم اختطافهم واقتيادهم إلى أماكن مجهولة، حيث لا زالوا مفقودين حتى اللحظة بدون تهم موجهة. بالإضافة إلى تشريد مئات الأسر معظمها في مديريتي الغيل وخب والشعف، واضطرار الأسر إلى اتخاذ الخبوت والقفار مواضع لها تحت سقوف من الخيام التي تتعرض للأمطار والرياح الشديدة.
وبحسب روايات السكان أفادوا بأن مسلحين تابعين لميلشيا الحوثي وصالح منهم يرتدون بزة الحرس الجمهوري داهموا عشرات القرى في الجوف بمناطق سيطرتهم وقاموا بزراعة مادة الديناميت في منازل المناوئين لهم من المواطنين ومن ثم تفجيرها بعد إجبارهم على تركها بالقوة. وتأتي مديريتي خب والشعف والغيل في المرتبة الأولى من حيث عدد المنازل التي تم تفجيرها بعد التأكد منها.
مصادر في المحافظة أكدت هي الأخرى البشاعة التي اتبعتها الميلشيا في ترهيب الأهالي بالمداهمات ووضعهم تحت الحصار المتمثلة بزراعة حقول ألغام واسعة أشبه بالسياج من شأنه منع خروجهم من مناطق الحرب المشتعلة.
وتلفت المصادر إلى قيام الميلشيا بتهديد المدنيين وأخذ أبنائهم من حديثي السن والزج بهم تحت قوة السلاح في المعارك الدائرة، بالمقابل منع المساعدات الإنسانية عن الكثير من الأسر التي لا تقر بالولاء لها.
وتكشف المصادر عن أجمالي المختطفين من المدنيين لدى ميلشيا الحوثي وصالح الانقلابية ب152 مختطفاً لا صلة لهم بالمعارك تم احتجازهم واختطاف معظمهم من نقاط تفتيش الميلشيا الموزعة على مداخل المحافظة والمديريات.
بالإضافة إلى أخذ أشخاص أثناء اقتحام ومداهمة المنازل واقتيادهم إلى سجون سرية تستخدم فيها كافة أنواع التعذيب والتنكيل. مؤكدة أن عدد المنازل التي اقتحمتها الميلشيا ونهب مقتنياتها بلغت 104 منزلا، فيما مئات من المنشآت العامة استخدمتها الميلشيا ثكنات عسكرية.
ما افقدها صفتها الطبيعة وجعلها هدفا عسكريا لمقاتلات التحالف العربي التي تسند قوات الجيش الوطني في معاركها ضد قوى الانقلاب. وتضيف المصادر إن عدد المختفين قسريا يتجاوزون المائة ولا يعلم بأماكن تواجدهم إلى اللحظة.
زراعة الموت
35 ألف لغم هي إحصائيات أولية زرعتها ميلشيا الحوثي وصالح الانقلابية في المناطق الأكثر احتشادا بالمدنيين في معظم مديريات المحافظة، بحسب إفادة عاملين لدى منظمات حقوقية وإنسانية تعمل على رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في مختلف مناطق الجوف.
ويقدر إجمالي ضحايا الألغام ب200 ضحية، منهم 62 قتيل و19 امرأة، وبقية الحالات إصابات متفاوتة من بينهم أطفال، في الوقت الذي تتعدد الروايات في عدد رؤوس الألغام المزروعة والمنزوعة.
السلطات المحلية في المحافظة أكدت في تقارير رسمية لها إن ميلشيا الحوثي وصالح الانقلابية زرعت ما يقارب 30 ألف لغم، استخرج منها ما يقارب 3000 ألف لغم أرضي نوع روسي وأخرى محلي الصنع.
يأتي بعدها في الترتيب تفجير 190 منشأة حكومية وخاصة من بينها 90 منزلا لمواطنين محليين بحسب راصدين منظمات حقوقية وإنسانية.
وتشير المصادر إلى أن نحو 200 شخص أغلبهم من النساء والأطفال قتلوا بسبب الألغام التي زرعتها الميلشيا في أشد الأماكن الحية والدؤوبة بالمدنيين، حيث تم رصد أكثر من 180 آخرين معاقين ومبتورين بمختلف الحالات.
طفولة مسلوبة
يعد الأطفال أكثر الفئات المعرضة للانتهاكات لعدم قدرتهم عن الدفاع عن أنفسهم ولعدم إدراكهم معنى الصراع المسلح وحماية أنفسهم من أي خطر. حيث لازال يتساقط المدنيين بشكل كبير جراء القصف العشوائي من قبل الميلشيا على الأحياء السكنية والأرياف الآهلة بالسكان بحسب السكان.
في الوقت الذي كشفت مصادر حقوقية عن رصد وتوثيق 206 حالات تجنيد أطفال بمحافظة الجوف، وبحسب روايات الأهالي أن السبب الرئيس في توجه الأطفال للمشاركة في الصراعات المسلحة هو تردي الوضع المعيشي. بالإضافة إلى قتل الميلشيا ل30 طفلا واختفاء العشرات.
وهو ما أكده شهود عيان إن مسلحين تابعين للميلشيا يستغلون أوضاع الأسر الفقيرة ويغررون على الأطفال للقتال في صفوفهم.
تقول آية بنت الثانية عشر راعية الأغنام: "إنها شاهدت زميلتها في رعي الأغنام تتطاير في الجو جراء انفجار لغم". البكاء هو الوسيلة الأخيرة لآية حين تتحدث عن حادثة موت صديقتها في المرعى بلغم أرضي زرعته الميلشيا.
وبحسب آية أنها كانت تعتقد وقتها أن صديقتها تحاول أخافتها في الوقت الذي جسدها أصبح أجزاء وشظايا في المكان.
ولا يتوقف الوجع والألم عند آية فحسب، فعشرات الأسر تعيش ذكريات مؤلمة كل ما شاهدت أطفالها بلا أعضاء منهم الساقين وآخرين الساعدين. فالجميع في المناطق التي خلفتها الميلشيا يعيشون موتهم ببطء، حيث يسكنون العراء ويلتحفون شحوبة الصحراء وطقسها الخانق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.