مهمة الرئيس القادم مكافحة الفساد وليس توعيتة قضايا يشتم منها روائح كريهة، وتبدو عليها مظاريف الانتماء إلى عوالم الرشوة والفساد الذي ينخر كل مفاصل المؤسسات والمصالح الحكومية بدون إستثناء، وفي اليمن بلاد العربية السعيدة لايمكن أن يجد الانسان مؤشرات أو نوايا حقيقة تهدف إلى إجتثاث الظواهر الخارقة للعادة، مثل الاستيلاء على المال العام والتصرف بالممتلكات العامة والبسط على الأراضي، وممارسة النفوذ بشكل مزعج لايتفق والتطلع لإرساء سيادة النظام والقانون ومايترتب على ذلك من احترام للقوانين والالتزام بالمواطنة الصالحة التي لاتعطي الحق لأي كان في الاستيلاء على شيء ليس من حقه، وعلى هذا الأساس فإن تدشين حملة لمكافحة الفساد لابد وأن تكون من أولى مهام الفترة الرئاسية القادمة. التي يتوقع لها مواجهة مبكرة مع الفساد إذ ماتعدلت الأولويات ومالت نحو كفة بناء الدولة المدنية الحديثة. غير أن ذلك يبدو من أحلام اليقظة في وضع معقد مثل هذا الذي تسير فيه مجريات الأمور في بلد يعتبر الأشد فقراً بين دول العالم، وإلى جانب الفقر هناك«الفساد» الذي يحصد الأخضر واليابس دون هوادة أو مبالاة أو خوف من ردع أو محاسبة قانونية. لماذا وكيف؟ هذا أصبح معروفاً، فمنذ قيام دولة الجمهورية اليمنية في العام 09م لم يقدم أي فاسد أو عابث بالمال العام للمحاسبة أو للمحاكمة. مع أن تقارير الجهاز المركزي تتحدث عن ممارسات عبثية بالمال العام تصل إلى مئات الملايين من الريالات والعملات الأخرى، ومع أن تقارير الجهاز الآنف الذكر ترفع إلى الجهات المعنية بالقرار، إلاَّ أن تأثيرها يبدو عديم الجدوى وغير ذو فائدة على مسار إصلاح النفوس الأمارة بالسوء التي تسكن خفايا بعض المرضى ممن إعتادوا على الكسب السريع بأي طريقة كان ودون مراعاة أن ذلك الفعل المشين يترتب عليه عقاباً أو حساباً لأن هذه المصطلحات هي أقرب إلى التخريف في نظام الخدمة العامة في اليمن وبالبحث عن أرقام حقيقة للذين فصلوا من الخدمة أو تم محاكمتهم بسبب قضايا فساد سيجد الباحث أنه لايوجد أي قضايا مسجلة من هذا النوع باستثناء قضايا بسيطة لموظفين صغار وغير مرغوبين إما لانتماءاتهم الفكرية أو لمواقف ورائهم أما الفاسدون الحقيقيون فهم يرفلون في نعيم الحصانة الكاملة ولديهم ظهوراً تمنع وصول ملفاتهم إلى حيث يجب أن تكون أمام المحاكم المختصة بالأموال العامة وبناء على ماسبق فإن مهمة إجتثاث الفساد ستظل قضية عالقة بفعل ملفها الأكثر خطورة بما يترتب عليه من مواجهة مع رؤوس كبيرة ونافذة إعتادت اللعب على المكشوف دون خوف أو تردد. وأصبحت أقرب إلى«الأفاعي»الأكثر سمية في مفاصل الدولة والحكومة الأمر الذي قد يمكنها من«اللدغ» لكل من يقترب منها ومثل هذه الحسابات هي من أجلت المعركة مع الفساد إلى أجل غير مسمى، مع أن هناك إمكانيات هائلة لدى الدولة تمكنها أن تقلم أظافر الفساد على جرعات مثل ماهو الحال مع جرعات القمح والسكر والأرز وأخيراً البنزين والغاز والديزل، فمن يستطيع تجريع ملايين من الناس لايمكنه أن يخفق في تجريع الفساد رغم الفارق الواضح في الامكانيات والمقومات بين طرفي المعادلة الصعبة وما يملكه الفاسدون من عدة وعتاد تفوق مايملكه الفقراء، غير أنهم مقابل ذلك لايملكون الشجاعة الكافية لمواجهة حسابهم وعقلهم لأن ملفاتهم عامرة بالفضائح والاختلاسات والنهب المنظم، وهذا الأمر هو الذي يجعلهم أقل قدرة على مقاومة الحجج الدامغة ضدهم مما يمهد لمحاكمتهم في ظل تأييد شعبي وجماهيري واسع وملتف حول القيادة السياسية الذي ستكون أكثر قوة عقب الإنتخابات الرئاسية القادمة بامتلاكها تخويلاً شعبياً جديداً يؤهلها دون مواربة أو هوادة للتخلص منه إلى الأبد، فهل هم فاعلون؟أم أن المراحل ماتزال طويلة في حلولة هذه الظاهرة العضال..نسأل الله التوفيق والسداد وتجنيب البلاد شر«الفساد» والفاسدين إنه سميع عليم ولدعاء الفقراء مجيب