يؤمن الأربعيني نضال مجيد، بصحة مقولة "شاوروهن وخالفوهن"، ويعتبرها الأساس في تعامله مع زوجته (نهاد)، عندما يختص القرار بالعائلة أو ما يحيط بها من علاقات. ويفسر قناعته بهذه المقولة وتطبيقها في الحياة، بأن مشورة الزوجة لا تكون بالضرورة من دافع عقلاني، لذلك يقوم "بمسايرتها"، حتى لا تشعر أنها "مهمشة". وبعد أن يأخذ برأي زوجته، قد يستعين برأي أكثر من صديق مرجحا صحة آراء الرجال أكثر منها، لأن ما تبديه الزوجة، يكون بعيدا عن الواقع. في حين تناقض الثلاثينية سناء علي، ما هو سائد من تصرفات، وتعترف أن زوجها لا يمكن أن يأخذ أي قرار من دون استشارتها، ولكنه بنفس الوقت يكابر ويرفض الاعتراف، بأنه أخذ برأيها، مع أنه في البداية عندما كانت تخبره بأنها هي من نصحته بهذا الموضوع مثلا، كان يغضب ويفعل العكس تماماً. وفي ضوء ذلك فإن سناء أصبح لديها قناعة بمعرفة طبيعة الرجال، الأمر الذي جعلها تمرر نصائحها بطريقة معينة غير مفروضة، وبعد مدة يعود لها زوجها ويخبرها أنه فكر وقرر عمل الآتي، ليتضح لها أنها نفس النصيحة التي قدمتها له. وتقول "كنت أقف بصمت، وتنتابني ضحكة من داخلي، لكن لا أفصح عنها، حتى يشعر بأنه صاحب القرار والاقتراح، وينفذه، لأن ما يهمني هو الوصول إلى النتيجة المرادة "، مبينة أن "99 % من الرجال لا يعرفون التصرف من دون مشاورة زوجاتهم لكن دون الاعتراف بذلك". اختصاصية العلاقات الزوجية د. نجوى عارف، ترى أن هذا يعود إلى عنصرين؛ الأول أن الرجل عندما يستشير المرأة ويحدثها، فإن على المرأة أن تتعامل بذكاء، ولا تقدم النصيحة بطريقة مباشرة ومفروضه، والثاني عليها أن تقدمها على طريقة الاقتراح أو السؤال، وليست بطريقة مباشرة وتوجيهية. ومع إقرارها بوجود مثل هذه المشكلة عند الرجل بصفة عامة، كونها عندما تقدم له النصيحة المباشرة يشعر وكأنها تخبره بأنها أكثر ذكاء منه، وأكثر قدرة على التعامل من الرجال، ومع الوقت ينفر منها الرجل، ويصر على أن يعمل العكس تماماً من داخله. لذلك على الزوجة عندما تقدم رأيها في موضوع، وفق ما تقول عارف، أن تقدمه على هيئة اقتراح وأن تشعر الزوج، أنه الأقدر على حل الأمور والتعامل معها، واختيار الأفضل، ولا مانع من دعمها ببعض الجمل مثل "أكيد انت أشطر مني"، "أكيد انت أفهم مني في التعامل" . مثل هذه الأمور، بحسب قول عارف، تجعل الرجل يفكر في الاقتراح، وقد ينفذ مشورتها بالرغم من أنه عندما ينفذه، لن يعترف بذلك، إنما سوف ينسبه لنفسه فيكون رده "أنا فكرت وقررت"، مشيرة إلى أن المرأة الذكية عليها أن تساير زوجها بكل ذلك إذا كان يهمها الوصول إلى الهدف فقط. "بينما في حال أخبرته أنه أخذ بنصيحتها، وأن الفضل يعود لها فانها بهذه الطريقة، تغلق كافة قنوات الحوار بينها وبينه، وفي حال لم يأخذ بنصيحتها فإن ذلك لا يعني أنه استخف بها، وعليها أن تتعامل بذكاء مع الموضوع حتى لو لم يعترف الرجل بأنها هي صاحبة الاقتراح كون الهدف أن يشعر بأنها صديقته وليست زوجته، حسب ما تقول عارف. وتستاء العشرينية نهاد جمال من زوجها الذي يتعمد أن يفعل عكس ما تقوله له تماماً، مستغربة أنه في حال لا يريد الاستفادة من رأيها، ويفعل العكس تماماً فلماذا يستشيرها، حتى وصلت بها المرحلة أن تخبره بعكس رأيها تماماً، حتى يفعل ما تريده هي، كونها مقتنعة تماماً، أنه لن يأخذ برأيها، والسبب هو عدم اشعاره أنها تملي عليه رأيها، أو أنها أذكى منه في التعامل مع الأمور، وفق ما تقول. السبب الرئيسي في مثل هذه التصرفات، وفق اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي، يعود إلى التنشئة الاجتماعية الخاطئة، والتقليد الأعمى للأسرة، وبخاصة من الآباء، مبيناً أن الأزواج يقلدون آباءهم بطريقة ممارسة الحقوق، وكذلك عدم فهم الواجبات المشتركة بين الزوجين المبنية على التعاون والغيرة المشتركة والتسامح، مؤكدا أن رأي المرأة أساس لإنجاح العلاقة الزوجية. لكن أكثر ما يتخوف منه الأزواج أن يتحملوا أعباء اتخاذ القرار وخاصة في هذه الفترة التي نجد فيها ارتفاعا في متوسط عمر الزواج عند الشباب ما يؤدي الى طول فترة التنشئة عند الأسرة . الاختصاصي النفسي د. أحمد الشيخ، يرى أنه من حيث المبدأ، فإن المشاركة قانون يجب أن يتم أخذه بعين الاعتبار عند اتخاذ القرارات المتعلقة بشؤون البيت والأسرة، بالتالي فإن توزيع الأدوار بين الزوجين يقتضي وجود معرفة عند الآخر أكثر من الثاني، قد تكون أحيانا من الزوجة بسبب طبيعة مسؤوليتها في المنزل ومعرفتها بالقرار الصائب. ويعتبر الشيخ أن هذه مسألة صحية من أجل اتخاذ القرار، الذي ينعكس على العائلة، لافتا إلا أن هناك أنواعا من الرجال، يعتبرون أن أخذ رأي الزوجة هو أمر منبوذ، مع أنه ليس هناك ما يجعل المشاركة أمرا خاطئا. "ثقة الأنسان بنفسه هي ما يحسم المسألة بين الزوجين، وكلما زادت ثقة الزوج بنفسه، فإن ذلك لن يشكل له أي تهديد بالنسبة لشخصيته"، وفق ما يقول الشيخ.