كثر الخلط في تشخيص اسباب حرب صيف 1994م وملامح هذه الصفحة السوداء في التاريخ اليمني وفقاً للايدلوجية السياسية لكل شخص او حزب يخوض في تحديد المسئول عن تلك الحرب وما انتجته من تراكمات وتداعيات خطيرة شوهت كثير من مفاهيم ومبادئ البنية الإجتماعية والسياسية اليمنية التي خاضتها الحركات الوطنية من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية اليمنية في ظل احتدام الصراعات السياسية في اليمن . لكن تظل الخطوط العريضة لواقعنا اليمني التي رسمها تجار الحروب وامراء القتل والدمار هي من تفرض نفسها بغض النظر عن من يحاول ان يسوق او يسوف حماقة من ارتكبوها ... وبالرجوع الى العليان (الابيض والاحمر) مع اندماج لونيهما لنخرج بلون ثالث وهو اللون الاسود المعبر عن ما وصل اليه الشعب اليمني لتكتمل لوحة فنية تمتزج بألوان العلم اليمني (الاحمر-الابيض-الاسود) . يتحمل علي صالح و البيض جزء كبير من ما وصلنا له اليوم من حال صعبه داخل اليمن وخارجه نتيجه لما ارتكباه في حق الشعب اليمني خصوصا المخلوع علي صالح الذي يحمل تاريخا وارشيف اسود مليء بانتهازيته وفساده واضعافه لليمن اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا . يغلب عند الكثيرين عند ذكر 27 ابريل والخوض في مسبباتها ونتائجها مصطلح حرب الشمال ضد الجنوب وهنا يكون لنا نقطة نظام لا بد من توضيحها وازالة اللبس الحاصل بسبب التسويق الاعلامي والحزبي للبعض متجاهلين صراع المصالح وحرب الإيدلوجيات السياسية والإقصاء الفكري بين مدرستين طرفها الأول المؤتمر الشعبي المتمترس خلف القبيلة وعسكرتها وتخلفها المحاطه بتيارات دينيه اصوليه جعلت من الدين مخرجا سياسيا لتحقيق مكاسب النخبه الحاكمة .. و طرفها الثاني الحزب الاشتراكي الذي ظل متقوقعاً خلف ابجديات العقدية الماركسية والتطرف الفكري الإشتراكي الإقتصادي الذي خالف حقيقه وواقع بنية وتركيب المجتمع اليمني وكان سببا في مشاريع التفكيك السياسي والاجتماعي حتى فقد السيطرة على حكم الدولة بسبب سياسية الرؤية الواحدة التي كلفته الكثير وافقدته توازنه وحتى وصلنا الى صراع النخب داخل اجنحة الحزب من اجل السيطرة و مجزرة 13 يناير 1986م جزء منها . حملت حرب يناير 86م تبعاتها واستخدمها العليان الابيض والاحمر...... فبعد وحده طوعيه في 22 مايو 1990م كان حلم الاستفراد والسيطرة ملازما لنظام صالح وكان الجو السياسي ملائما لعملية إستمرار الإقصاء السياسي وتصارع الأفكار وكل هذا كان ضد استقرار الشعب اليمني الذي ظل دوما وقوداً لإشعال الحروب تحت سلطة تجار الحروب . يحلوا للبعض وصف 27 ابريل وجعله صراع شمالي جنوبي ولكنه ليس بالمفهوم الصحيح والمقبول فمن حسم المعركة على الميدان في اقل من 60 يوما هم من تيار علي ناصر الذين نزحوا بعد حرب 86م الى شمال الوطن... كيف يكون مفهوم حرب الشمال والجنوب صحيحا ومقنعا و علي صالح كان يقاتل بقادة جنوبيين سياسيين وعسكريين ومنهم الرئيس السابق علي ناصر محمد والرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي وعبدالقادر باجمال وغيرهم. فلا يوجد مبررا مقنعا لتسويق الصراع السياسي تحت منطلق مناطقي بين الشمال والجنوب... فأين المصداقيه في تصوير الحرب التي تزعمها حزبيين شموليين ومعسكرين مختلفين سياسيا وجعلها حربا بين الشمال والجنوب . فعند الوقوف عند مثل هذه المحطة التاريخيه يجب الاخلاص المطلق في توضيح كثير من القضايا والملفات السياسيه المرتبطه بها ليفهما ويدركها الجيل الحالي والقادم والتي تكشف وتعكس حقائق من تربعوا على حكم اليمن من اجل الاستفادة من تلك التجارب والحرص على عدم تجريب المجرب في المستقبل . اخيرا..نقول لا يصح الا الصحيح وبعيدا عن العصبية وتداركا لأخطاء الماضي وعدم تكراراها وتتبع خطوات من كانوا سبب فيها ... لابد من استمرار المطالبة بالحقوق بعيدا عن شرار العنصرية والمناطقية والكراهية والعداء حتى لا ندخل جميعا في نفق مظلم يحجب عننا الحصول على حقوقنا ومعالجة جروح الماضي. فاستمرار صناعة الأزمات والتقليل من مخاطرها سيدمر الجميع فلا استقرار في اليمن حتى تكون ثقافة الشراكة هي السائدة على سياسية الحروب المتكررة واسترخاص دماء اليمنيين واستدرار عواطف الناس المظلومة والمكلومة من هيمنة نظام صالح الطغياني بعد حرب 1994 والتي أسهمت في تفريغ الشعب اليمني من مفاهيم العدل والمساواة والشراكة الى مفهوم جديد يوفر المناخ السياسي لمشروع التوريث وتكريس نهج تصفية خصومه بالطرد والابعاد من الوظائف والعزل عن المناصب وتسخيرها حسب مبدا الولاء لمشروع التوريث. وحتى نستعيد معنى الوحدة اليمنية لابد من تنفيذ النقاط العشرين وإعادة الحقوق المسلوبة إلى أهلها لمعالجة الجراح ومعافاة الأرواح وجعل الوطن يعيش بإرتياح في ظل عدالة يحلم بها الجميع.