يمثل الأديب اليمني الكبير فتحي أبو النصر أحد أبرز أعمدة الأدب اليمني الذي يمتلك القدرة على الامتداد نحو العالمية، لما يحويه من أصالة إنسانية في مضمونها وفي تناولها، هاجمته صحف تابعة للنظام بأردأ الأوصاف التي يتعالى الرجل ذاته عن أن يصف بها من وصفوه بما ليس فيه أصلا، وهو شخصية متوازنة، يقف ضد تزييف الإنسان وتحوير فطرته واستقامته، وجعله مجرد شيء تافه لا قيمة له ولا كرامة، ولا وجود سوي، لأن الرجل من الأسوياء الذين لازالوا قادرين على الإيمان أن ثمة يد قادرة تدبر أمر هذا الكون بدقة وإبداع وانتظام، ولأنه يؤمن أن" الصواب لدى الإنسان اختيارا وليس إجبارا" يقظة فكر دائما ما كنت أنظر إلى هذا القلم باحترام، وتقدير ودائما كنت أتابع ما يكتب بشغف، ذلك أن الأديب اليمني الكبير بإنسانيته فتحي أبو النصر هو أحد أبرز فتوح الفطرة في استقامتها، والنقاء في تجلياته، والانتماء الحي لكل قيمة نقية تمانع رغم الرهب والسفك. ولأن فتحي من النوعية التي قلما نجد مثلها في واقعنا يظل كبيرا، كبيرا متعاليا بتواضعه وحضوره الأليف الوارف بالصدق المتناغم مع ذاته بانسجامية لا يسع الزيف إلا أن ينسحب أمامها ويتضاءل قدر ذووه حتى لتظنهم أقزاما أمام هذا القلم النحيف. فتحي الإنسان، الذي تنبؤك عنه ملامحه الطيبة الوقورة، التي لا تستطيع أن تكون أمامها إلا على النحو الذي خلقت عليه ابتداء حين ولدت طفلا لازال بكل طهره وبراءته، إنه من النوعية التي تأنس بها، ويغذيك حضورها بأروع الأفكار وأنقاها، هذا هو فتحي القلم الشجاع، القوي في طرحه المدهش في تناوله، الرفيع بإنسانيته، صديقي الذي مهما اختلفت معه، لن يكون إلا هو السامق بقامته النحيلة، وأدبه الرفيع، الذي تتمنى الحياة ذاتها دفقا مما يكتب وشلالات من حبر هذا القلم الثري جدا جدا بكل ما يكتبه ويرسمه من أشواق كبيرة لا تنتهي.