كان الأُسبوع المنصرم مزدحما بالأحداث ليشكل مشهدا مليئا بالقبح، مشهدا تنوء بثقله البلاد ويشق على شعب تعذب كثيرا بنخب وقادة يفترض أنهم يعبرون عن آماله وآلامه ويسعون لخدمته وتلبية تطلعاته ويتبارون في أيهم أكثر فهما وإدراكا لمشكلاته والعمل على إيجاد حلول. القرار ليس من المبالغة القول بأن الأزمة والنكبة في هذه البلاد هي أزمة قرار لأن محصلة أداء الأجهزة المختلفة قرار القرار يمكن تصنيفه إلى صنفين، الأول يتصل باتخاذ موقف من قضية ما وغالبا ما تكون في القضايا الخارجية وقد تكون في قضايا داخلية أو اتخاذ إجراءات تجاه حالة ما، أما الصنف الآخر فإنه يتصل بتعيين أشخاص في مواقع سياسية أو إدارية عليا. تعريف القرار يتناول الصنف الأول، القرار هو المقدرة على التنفيذ بأعلى درجة من النجاح والتوفيق وبأقل قدر من الأخطاء والسلبيات ويعبر عن قوة الإرادة، وهنا تعود قوة إرادة من يتخذ القرار إلى قوة الدولة وقوة إرادة الشخص إن كان لديه روح المبادأة في حالة لم تستطع الجهات المنوط بها صنع القرار أن تفعل. والقرار هنا يدرس الظروف المحيطة وتقدير حجم المخاطر المتوقعة وغير المتوقعة في حالة اتخاذ القرار، وهنا قد يمتنع عن اتخاذ القرار أو يؤجله أو يتخذ قرارا بديلا لما كان يراد اتخاذه أو اتخاذ القرار مع إجراءات مصاحبة للتخفيف من مخاطره المتوقعة، وهذه الاحتياطات كلها لأن القرار يتعلق بأمة أو شعب، ومن أمثلة هذه القرارات رفع الدعم عن المشتقات النفطية أو السلع والخدمات إذ قبل اتخاذ القرار تتم دراسة الظروف المحيطة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وأمنيا، ومن أمثلة ذلك التنازع مع دولة أخرى مثل الذي حدث مع أرتيريا. طبعا هنا اتخذ قرار بدون دراسة ولم تكن هناك وثائق حتى قيل إن اليمن دولة بغير وثائق لولا جهود يوسف ندى المفوض السابق للعلاقات الخارجية للإخوان المسلمين، حتى أن الرئيس المخلوع ألقى خطابا وأوحى بأن أرخبيل حنيش قد نفقده قائلا: وماذا نفعل إذا كانت جاءت من فوق رؤوسنا؟ ومن صنف هذه القرارات ذات الطبيعة الأمنية والدفاعية. الصنف الثاني والمتصل بالتعيين في الوظائف العليا، والقرار هنا أسهل وأيسر فالمواقع السياسية وزراء ومن في مستواهم يرشحون من قبل الرئيس أو رئيس الحكومة ويقرون من قبل النواب أو يرفضون وفقا لمعايير. الوظائف الإدارية إن الوظائف الإدارية وكيل وزارة والمدير العام تخضع لهيئة أو مؤسسة خدمة مدنية ويتم الاستناد إلى معايير ومواصفات ويعلن عن الوظيفة الشاغرة ويتقدم المرشحون في الأصل من الجهة التي تتطلب التعيين وقد يتقدم من خارجها على سبيل المثال الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة خلى موقع وكيل الجهاز لقطاع الشئون المالية والإدارية فإن هيئة الخدمة المدنية تعلن عن شغر الموقع ثم تدعو من يرغب في الترشح ويتقدم بملفه الذي يحتوي على الأوراق المتصلة بالشروط الإجرائية المؤهل والتخصص والخبرة أما الشروط الفنية فتتصل بالخضوع لمقابلة والإجابة على أسئلة والمقدرة على حل المشكلات وهنا تلعب تقارير الرقابة وتقويم الآداء دورا رئيسا وتعد الكفاءة والنزاهة من أهم الشروط بل إنها شاملة لمستوى الشخص الفكري والسلوك مع رقابة لاحقة من الجهة التي عينت أي هيئة الخدمة المدنية. تسليط الأضواء على الطرق التي يتخذ فيها رئيس الجمهورية القرار فقد كشفت حالة تعيين وكيل للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن نكبة البلد التي يراد لها أن تبقى أبدية وبدلا من السعي لتحقيق أهداف الثورة التي ضحى فيها الشباب بأرواحهم وأرادوها فداء لبلدهم إلا أن هناك من يريد لها البقاء أسيرة لذوي العاهات المزمنة المرضى بالشللية والمحسوبية والعشائرية والمناطقية والتخلف والفساد. أثبت الرئيس أن التخلف والفساد جزء من الثقافة وأن عمليات التعيين في المواقع العليا والمتوسطة بدائية متخلفة إنها تعتمد على أمزجة أشخاص وعلاقاتهم وليس بناءعلى عمل مؤسسات. مفاجأة نصر طه المفاجأة الأكبر كانت في تعليق نصر طه على إلغاء الرئيس لتعيين معاذ بجاش فقد أثبت أن التخلف والفساد جزء من الثقافة وأن ما حدث لم يكن مجرد خطأ، لقد تحدث عن معرفته بالشخص وأنه عمل معه، هل معرفته بالشخص من المعايير والمواصفات وحيثيات الترشيح؟ وهنا سؤال بسيط: هل يجب على كل المواطنين اليمنيين أن يعرفهم نصر طه أو يكونوا قد عملوا معه حتى يكون أحدهم مؤهلا للترشيح لموقع ما! وهل يوجد في هذا العالم من شروط شغل الوظيفة العامة أن يكون الشخص من معاريف أو محاسيب فلان! وإذا كان هذا مبلغ علم شخص مثقف يشغل منصبا رفيعا فماذا يقال عن الجهلة وأنصاف المتعلمين من وزراء ووكلاء وسفراء! إنها حقا الطامة التي تفسر الحالة الراهنة.. الواقع أن التبرير أكثر صدمة من التعيين. إبن الرئيس إن من حق الثوار أن يسقطوا التقاليد الفاسدة والمتخلفة التي تجعل لابن الرئيس أدوارا لأنه ابن الرئيس، إنها غوغائية. إن الثورة اليمنية التي اندلعت في 2011 لم تكن لإحلال جلال هادي محل أحمد علي، وأن يكون لابن الرئيس صلاحيات وهو غير ذي صفة. إن من واجب الرئيس إبعاد نفسه وأسرته عن الشبهات بإبعاد ابنه عن المطبخ فليس مطبخا للأسرة، إنه قيادة البلاد ورعاية مصالحها. إن هذا لخلط شنيع بين الشئون العامة والخاصة لا يوجد إلا عند من يكون الفساد جزء من ثقافتهم. إن الأخبار التي تتردد عن المقايل والمداكي التي تصنع مستقبل البلاد تعني شرا مستطيرا وأسوأ في المآلات والعواقب. نماذج عربية لقرارات كارثية إنهاء العدوان الثلاثي على مصر الذي قضى بالسماح للسفن (الإسرائيلية) بالملاحة في قناة السويس مقابل الانسحاب من سيناء تم إخفاء بنوده، لقد فوجئ المصريون بإعلان جمال عبد الناصر في 15 مايو أيار 1967 إغلاق قناة السويس أمام ملاحة العدو فاعتبر الصهاينة ذلك قرار حرب ولم تكن مصر مستعدة بأي حال لخوض الحرب، ثم اتخذ ناصر قرارا بتلقي الضربة الأولى في 5 يونيو حزيران قرار شخص أدى إلى تدمير القوات الجوية المصرية واحتلال القدس والضفة الغربية وقطاع غزةوسيناء وشرق قناة السويس والجولان وتحولت الحالة من إزالة إسرائيل إلى إزالة آثار العدوان. والسادات يقرر الدفع بالجيش الثالث إلى موقع كان سببا في تحول الحرب لصالح العدو، لقد اعترض سعد الدين الشاذلي الذي كان رئيسا للأركان والقادة الميدانيين لكن السادات توعد بمحكماتهم بتهمة الخيانة العظمى فاضطروا للتنفيذ وكانت ما عرفت بالثغرة، ووصول وحدات صهيونية إلى مدينة السويس ثم المفاوضات والصلح. ومثل ذلك قرار صدام باجتياح الكويت فقد أدى إلى حصار العراق ثم غزوها وكل الكوارث التي شهدناها لاحقا والسبب واحد الانفراد بالقرار. مسيرة لتأييد بشار إن القوى التي أخرجت مسيرات لتأييد بشار أثبتت أنها مصابة بلوثة جماعية ومصابة بسادية مفرطة -السادية مرض نفسي يجعل صاحبه خارج عن الحالة الطبيعية والفطرية فلا يجد راحة إلا في تعذيب الناس ولا يستمتع إلا بما يشهد من قتل ودمار -وذلك شأن المؤيدين لبشار، إنهم على علم كامل أن بشار وأباه من قبله من أكثر الأنظمة في العالم قسوة ووحشية وهمجية، وأن لديه 15 جهاز مخابرات، وأنه دمر حماه في 82 على رؤوس أهلها، وأن ملايين من المغتربين محرومين من العودة، وأن 200 ألف من الأكراد بلا بطاقة بلا هوية ولا يمكن أن يسافروا، وأن 25 ألف اعتقلوا في الثمانينيات ولم يعرف مصيرهم، وأن الأجهزة الأمنية امتنعت حتى عن الإجابة على سؤال الأمهات والزوجات هل عزيزهم حي أم ميت، ويشهد العالم كيف تسقط الطائرات البراميل المتفجرة عشوائيا وكيف يشترك بشار والكيان الصهيوني بقصف دمشق، وأن المجازر صارت يومية، إن المؤيدين لبشار يشهدون ذلك كله وهو يعني أنهم لو صارت السلطة بأيديهم فلن يترددوا في شن حرب على اليمنيين وتعذيبهم ومن منطلقات عقائدية مسيرة التأييد لبشار كانت من أسوأ ما شهدته العاصمة. عتمة لماذا الإهمال لما يجري من اقتتال؟ أين وزارة الداخلية؟ وأين المحافظ؟ لمصلحة من خلق ثارات هنا؟ إن مديرية عتمة يغلب عليها طابع السكينة ولم تعرف الثأر، وطبيعتها الساحرة أكسبت أهلها اللين والنفور من استخدام القوة في حل المنازعات، لكن يبدو أن طرفا ما لم يكن سعيدا بهذه الحالة فاستغل الحالة الانتقالية التي تمر بها البلد وبساطة الناس فأشعل حربا. إن مسئولية حماية المواطنين والمحافظة على الأمن والسلم تقع على عاتق وزارة الداخلية ومحافظ ذمار، ونقول لهم: قليلا من الشعور بالمسئولية واحترام الإنسان.. ليس من مصلحة أحد خلق ثارات في بلاد خالية منها، ما الذي يفعله المحافظ وماذا صنع وزير الداخلية!