يحكى أن رجلا قتل جاره, ولكن المجني كان متلبسا بالجن , فبُرئ من الجريمة ..وانتهت القصة ! ويحكى أن هناك فتاة أحبت ابن عمها, الذي لم يلقى لها بالا, ولكنه أجبر على الزواج بها حتى لا يتزوجها الجني الذي كان يتلبسها وخيَر أهلها أما أن يتزوجها هو (الجني ) أو أبن عمها! ويحكى أن هناك طفلا ,احتار الاطباء في تشخيص سبب قطرات الدم التي كانت على فراشه صباح كل يوم مع خلو أي أعراض مرضيه , لتنتهي الحكاية بان مصدر تلك القطرات هي من الأم التي أرادت أن توهم زوجها بكذبة أن طفلها مسكون بالجن حتى ينشغل به و لا يفكر بالزواج بغيرها .. وبعد طول عناء مع المشعوذين والقراء أدخل طفله المستشفى ليكتشف الطبيب لعبة الأم المأزومة نفسيا !! وهكذا.. تتوالى القصص..التي تعكس مأساة مجتمع يعاني من التخلف بصورة موجعه، زرع له أوهام وتعامل معها كحقائق ليلجأ اليها وقت الحاجه ويستخدمها كوسيله ضغط على من يريد لتحقيق مبتغاه ,ولكنه –غالبا – ينسجم مع الدور ليكمل مشوار بؤس مع نفسه وعائلته! وبدل أن يذهب المريض الي طبيب نفساني ,فإن عائلته تتوجه به الى مشعوذ أو ساحر , وفي أحسن الأحوال الى شيخ ليعالجه بالقران على أمل ان يستخرج الجني من عينه أو أصبع رجله أو على الأقل معرفة جنسية الجني التي ستتحدد من خلال حوار الشيخ مع المريض أثناء قراءة القران ! في غياب الوعي والرقابة ,يتعامل المقرؤون والمشعوذون مع مرضاهم كما يحلو لهم, ابتداء من ابتزازهم بالطلبات ووصولا الى صرف أدوية عصبيه أو نفسيه بشكل عشوائي ومخيف فيكون الجنون نهايه لا بد منها. ويزيد الطين بله حينما ترى مثقفين ومتعلمين ممن بنوا معتقداتهم و ثقافتهم على حكايات وحزاوي أمهاتهم وجداتهم ليسيروا على نفس المنوال دون أن يكرموا عقولهم بالترفع عن هذه الأوهام والرجوع الى العلم و المعرفه لا إلى الدجل والخرافات . ويغيب عنهم احتمال أن معدل الاصابة بالامراض النفسية يوازي غالبا نسبة الاصابة بالامراض الاخرى كالضغط والسكري، وقد يكون العامل الوراثي سبب لهذة الامراض . ولا ادري لماذا نذهب الى الطبيب حين نصاب بنزالات البرد والحمى وحين يأتي الامر الى الامراض النفسية نسمية جنون ! على الرغم انها حالة طبية بحتة ونتائج العلاج جيدة إن لم تصل الى ممتازة . كلمة أخيرة : نحن بحاجه الى تصحيح ثقافتنا الصحية