ما الذي نريده؟ لا شك أن هناك بقايا ما لازالت تتحرك تحاول أن تعيد تشكيل المشهد الوطني على النحو الذي يقترب من رؤاها وأهدافها وفلسفاتها ، وهي ذات ارتباطات تعمل في سياق على الضد من العمل الوطني الذي ينجز الدولة والوطن ويكمل ملامح بلد كانت ثورتنا أساسا من أجل وحدته ونهوضه ، واستقراره ، وحين تتحرك الذيول التي فقدت رأسها يصبح من غير الممكن أن تنجز ما تريده أصلا ، لكنها قد تضر ولو جزئيا ، هناك فكر طائفي يعمل بوعي فارز ومشتت يتحالف مع كل ما يمكنه من إنتاج الرؤى الضبابية في محاولة بائسة لخلط المشهد وفق وعي تقسيمي غير مباشر ، وهناك تحالفات ذات ارتباطات فلسفية وفكرية ومتضادة ومتحدة ، وهي تعمل جاهدة على تكريس مفاهيم الاستتباع بداية من الفكر وانتهاء بالواقع ، تجيد التقوقع وتتشرنق في حاضانات تعمل في سياقها معها وضدها ، أي أنها قوى لا تمتاز بالثبات لأنها لا تمتلك قيم ثابتة ومبادئ صلبة منبثقة من ضمير الشعب ومعتقداته، ولأنها ذات تكوين قيمي مادي، لا توجد لديه يقينيات ثابتة. إذا لا يمكن أن نحكم على الثورة بالفشل وفق الوعي الخاسر في رهان التدافع ، ولا يمكن أن نقول أن الثورة أنجزت كل شيء وفق النظرة المثالية ، ولكننا نستطيع أن نقول بثقة أن أساس أهدافنا تحققت ، ولم يتبقى إلا حثالات قليلة مرفوضة لأن وجودها لا ينبع من قناعات الشعب ، الذي أرادت إجباره ذات يوم بكل الأساليب على جعله يقبل بوجودها كواقع ، فكانت إرادة الشعب أقوى من محاولاتها تلك ، ليجعلها تنتهي عند أول إرادة مقتحمة لمتاريسه التي أسس خلفها وجوده ومن خلفها كان يحكمه . لدينا شعب واع تعلم كيف يثور ، وكيف ينتزع ، وكيف ينزع روح من أراد نزع كرامته وتجريده من كيانه الروحي الحي الذي يتعالى على واقعه بحركة حية تمنحه القدرة على التغيير والثبات والفعل الذي جعل القصر يتقصف حين بدأت خطواته الثائرة تزرع في الأرض نبضها ويقينه الأزلي أن الله قوي لا تغلبه إرادة الفراعنة ، وأن إرادة الشعوب من إرادته سبحانه وتعالى. نحن الآن ندخل مرحلة البناء والنهوض ، وتفكيك ما تبقى من ذيول جبانة ، بدأت حركتها تتوقف ، ولن يكون ثمة إرادة بعد إرادة الله إلا إرادة هذا الشعب وكل الأوفياء الانقياء فيه " والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"