لانحتاج لسرد قائمة طويلة من الحيثيات لكي نبرر نوبة الأسى التي تجتاحنا إزاء مآلات سبتمبر المحزون. لم يحقق سبتمبر الجميل غاياته الأكثر سموا ؛ هو أسقط الحكم السلالي واسقطه الحكم العائلي ,بطش بسلطة الكهنوت لتجثم فوق صدر الشعب كهنوتية سياسية أشد قبحا منها..أجهز على أسرة حميد الدين لتجهز عليه دون رحمة أسرة علي عبد الله صالح. هي أقدارنا الرديئة تتابع على نحو غريب وعجيب ,تتناسل الأسر الحاكمة قبحها التاريخي على حساب أحلامنا ,حكم الاسرة هو المفهوم الناعم للفاشية العربية, تكون السلطة فاشية حين تقع ضحية أسرة تسطو على كل شيء بإسناد لفيف من المرتزقة والمزمرين والانتهازيين!. دعونا نأخذ استراحة قصيرة ..يكتب أحدهم في فيس بوك : طيلة حكمه ظلت أهداف ثورة سبتمبر نصب عيني صالح ولم يدخر الرجل جهدا في سبيل العمل على تحقيق هذه الاهداف. هذا أحد نشطاء صالح ,الرجل لازال يحظى ببعض الأوفياء في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي لكنهم يعملون على خدمة خصومهم بطريقة غبية ؛فأكذوبة من هذا النوع لم تعد تروق لصالح نفسه فضلا عن أن يتم تسويقها في وسط نخبة من النشطاء والقادة! قطعت الثورة الطريق على صالح وقد أوشك على تزوير التاريخ ..يتحدث بعض السياسيين عن مساع كانت قد بدأت لمنح صالح شرف المشاركة في صناعة أمجاد تاريخية عظيمة وجليلة ؛لانعرف أي مساحة من تاريخنا البارز كان مزورو صالح قد شرعوا في إعادة تدوين أحداثه بما يضع صالح في القلب من ملاحمه لكننا رفعنا من سقف توقعاتنا لتهضم كل الاحتمالات بما في ذلك احتمال حضور صالح في كتب التاريخ كرمز من رموز سبتمبر المجيد!. قد تبدو الفكرة ساذجة بالنسبة لمختل عقليا عاصر حكم الأئمة وشهد سبتمبر وظل يقرأ حيثيات انفجاره بعقلانية صارمة قبل أن يطيح به نظام صالح ويحيله قسرا إلى التقاعد العقلي. صالح ونظامه أطاحوا بعقول كانت تعمل بشكل سليم في ظل الحكم الامامي وحتى بعيد انفجار ثورة سبتمبر ..حشد من اليمنيين تلقوا بفرحة غامرة خبر صياغة اهداف ثورة سبتمبر من قبل قوى الثورة حينها هم الآن مجانين في شوارع المدن بعدما استولى نظام علي عبد الله صالح على السلطة واستأثر بالبلد وأحال أحلامهم إلى رماد. البلد كله صار رمادا بعد هذا الرجل وأهداف سبتمبر التي كان من المفترض ان تنتشل هذا الشعب من واقعه المتخم بالبؤس نحو حياة أخرى تليق به كمجموع انساني صارت مجرد جمل مهملة في الذاكرة الأليمة لشعب استوطنه الألم والمعاناة !. اغتيل سبتمبر برصاصات نظام صالح وأتى فبراير للاقتصاص له ؛غير أنه في حالة كر وفر مع صالح ومن يدري : قد يأخذ الرجل مساحة اضافية من مستقبلنا ايضا بعد أن صادر كل ماضينا !