Ø خروف العيد إن جاز تسميته (حجي خروف) بعد تتويجه صباح العيد بالبسملة والتكبير على حياته.! Ø وثم بالتهليل على مماته.! Ø وهو يناجي ربه مرفرفاً بأقدام مربوطة، يُمعمعُ تحت الخنجر اللامع وكأنها التلبية بلغة "المعماع": (ماع ماع:لبيك لبيك).! Ø فيُكافأه شخصٌ قطرة سلسبيل بارد على قلبه.! Ø ويعاقبه آخرٌ بسكين ساخن على ترقوته.! لم يشعر حجي خروف أنه سيُحال صباح اليوم الى المعاش التقاعدي، بعد أن أدرك انه (مُت قاعداً) وليس متقاعداً .. وعليه يعتبر نفسه شيخ الأضاحي وسيد الضحايا، فهناك عنزة ونعجة بجانبه، وتيس وبقرة بجانب صاحبه .. لكن حجي خروف ظل هو الملبي "المعماع" على خيمة كل من بثوب الإحرام بين منى وعرفات، وعلى كل باب لكل بيت يؤمن بالله من جاكرتا وشنغهاي الى نواكشوط وداكار. هذا الخروف الطائع المطيع لازال هو نفسه بصوفه وجلده، لكن سعره يعلو فيعلو، يتعالى فيتغالى.! ومهما تغالى ظل هو سيد الطقوس التي لا يتركها كل بيت مهما كان معسوراً معدوماً على مدار العام، إذ تراه انقلب ميسورا متعففاً من أجل الخروف يشتريه ولو قبيل فجر العيد بسويعات وبدراهم معدودة، يعسرها فيوفرها، فيحضر(الحاج معماع) على الباب بالتلبية المعهودة (ماع ماع). خروف العيد هذا المطيع الطائع الملبي الماشي خلفنا في أقاليمنا وقاراتنا، غير اتجاهه هذا العام من الضحية الى الجزار في الجزائر الشقيقة، مع شيخ جزائري طاعن في السن بمدينة "عين تموشنت" غرب العاصمة (الجزائر)، عندما سدد الشيخ آخر ديناره الجزائري تسديداً للبائع ثمن الخروف، واراد ان يخرج بالحاج خروف من السوق يجره من قرنه لبيته، تحول الخروف الجزائري، وكأنه بفطنة تعلو الخرفان في حظائرنا.! نطحه ضربة قاضية لم يتحملها الشيخ، ولفظ أنفاسه الأخيرة بالمستشفى، ولا أدري القتيل الجزائري هنا (شهيد العيد)، كما اعتبره الرئيس السوداني كل القتلى وُوروُا الثرىى هم شهداء تحت التراب، ولكن من فوق التراب هم خونة ومُخربون..! ام أن الشيخ الجزائري هو كبش الفداء عن خروف قاتل يكون قد حوكم عليه بالإعدام، بسكين هو الآخر جزائري يحمله الوريث يسقيه الحمم والحديد بدل الماء، قبل الموت وبعد الموت.! وفي أرض الكنانة يقال ان سعر حجي خروف لامس ثلاثة آلاف جنيه ومرشح للارتفاع الى آخر لحظات من فجر الأضحى.. هذا الرقم كان يفوق يوما راتب وزير في مصر الحبيبة.. أيعني خروف اليوم بات أغلى من وزير الأمس.! .. أم ان الشعب المصري لم يشغله السعر مهما ارتفع، كما لم يشغله القرار الامريكي بوقف المساعدات العسكرية والمالية بإيقاف 260 مليون دولار إن لم تنتهج القاهرة الديمقراطية حسب الفهم الامريكي، قدر ما اشغلهم الخروف، بلحمه طريا في كل قدر مصري، وبفروه وجلده وفروه معلقا على كل غص مصري، بينما على الجانب الآخر من الساحل الشمالي، تراجع لكلام في الميدان الليبي عن (حجي خروف) بصدمة الميدان ومن في الميدان على خبر اعتقال رئيس وزراء الحكومة الليبية (علي زيدان) واقتياده الى جهة مجهولة، عسى ان لا يحولوه الشباب الليبيين كبشاً عن خروف العيد.! وفي الصومال صدر قرار حكومي لعله فريد من نوعه (ولأول مرة) بمنع ذبح الخرفان في شوارع هذا البلد المتناحر القبلي الذي اكتظت شوارعها ولازالت بجثث زيد وعبيد، لأنها بجواز قتل زيد ان كان يتبع عبيداً، والعكس صحيح مهما كان زيدُ زيداً وعبيدُ عبيداً.! أما بغداد ودمشق فحدث ولا حرج .. فيهما عباقرة الخرفان القادرون على إقناع القطيع برمته، أن الجحيم هو والجنة هو الجحيم، ولنعراتهما دوىٌ وصدى وتصفيق من الجانب الآخر للعاصمتين، وشلالات الدماء في العاصمتين، فيهما الإنسان أرخص من الخرفان.. وبالتالي دم الخروف فيهما اغلى بكثير من روح المُكرم بالنص القرآني (ولقد كرمنا بني آدم) .. نعم يجوز في العراق وسورية قتل الانسان يوم العيد، إذا كان القتيل فيهما هو الكبش عن كرسىُ الرئاسة في زاوية، وعن كل من غير مكان صلاته في زاوية أخرى، وإن لم يغير ربه المشترك الذي يعبداه، والوطن المشترك الذي يعشقاه، والقبلة المشتركة التي هما لها بالتلبية ولها بالتضحية.! كنت امشي بقلمي المشاغب الى ما لانهاية لولا سمعت الآن صوت زوجتي مع السواق على الباب يعلوهما صوت "المعماع" ولونه أسود، سألتها عن هويته فقالت "باكستاني، هو الأرخص في السوق" .. لا أدري إن كانت تست�'رُ على اللون هو سبب رخصه .. فتذكرت هنا مقطعاً من أبيات الشاعر محمد عبدالغني. وأنشدت لكم على غرار قوافيها وبتصرف كامل هذه الكلمات المتواضعة: وصل الخروف الأسودُ دارنا ... وحسبتُ زوجتي بالغت في تسمينه الله زنةُ الكون بإنسانه وحيوانه ... وجميل صنعه بخروفنا في تزيينه للأسمر المحبوب فضلُ وصوله ... لا تطعنوا المرء في لونه في دينه اقرأ مقالي صباح العيد باسماً .. .وأدعوك إلى طبق الخروف بتلوينه وقبل أن يقفل القلم رجعاً للجيب، والمعدة تجري إلى السفرة، إليكم آخر ما تلقيت من أسعار الخرفان في الكويت الشقيقة العامرة، وصمودها أمام الدينار الكويتي (غير المعفف) للخرفان بأسعارها التراكمية المُتفخخة: من النعيمي السوري ب:140 دينار، إلى الشفالي العراقي:120 دينار، الأردني:110 دنانير، الإيراني:70 دينار، والاسترالي: 55 دينارا..! وبما أن الدينار (كويتيُ الجنسية) والخروف بدون!. فلا حسرة على إقتياده عنق الخروف الى المشرطة بتفاخر ودون تعفف من جانب. وطوبى من الجانب الآخر لذلك الخروف بالجنسية ولم تقطع رقبته اليوم، أن يتجول قيساً يُغني على ليلاه في كل واد، متنقلاً بين البادية والبرور من مواطنة إلى مُتجنسة إلى البدون على حد سواء.! وعساكم من عواده.! *كاتب إماراتي